ملف العدد
(متابعات حول نقد الصحوة الإسلامية)
نقد أدب الصحوة.... مقدمة نظرية
بقلم: د. مصطفى السيد
الأدب كتيبة من كتائب الدعوة، والأدباء فصيل طليعي في مشروع التأهيل
الثقافي الإسلامي، والصحوة إذ تطرح رؤيتها الإسلامية، فهي لا تفعل ذلك في
مناخ رخاء واسترخاء، وغياب المنافس الذي يريد من خلال خطابه الأدبي أن يخلو
له وجه القراء، ليكونوا ويكوّنوا بنياناً مرصوصاً، ومنصة حضارية لما يطلق من
أفكار، ويباشر من تطلعات.
فالمنافسة قائمة على قدم وساق، محتدمة بين أطراف مختلفة، وبوسائل
مشروعة وغير مشروعة، موظّفة كل ما امتلكت من منابر وأجادت من أشكال
القول الأدبي وأنواعه، من: مسرح، ورواية، ومقال، وقصيدة.. موظفة ذلك
كله ليكون خط الدفاع الفكري عن معركتها للنهوض بالأمة والرقي بها إلى المستوى
اللائق بها، ولقد سبق خطاب الصحوة الشرعي والفكري والسياسي، سبق خطابها
الأدبي زماناً واهتماماً، كما سبقه كمًّا وكيفاً، ولذلك أسبابه التاريخية والموضوعية
المتعلقة بطبيعة الصحوة بوصفها اتجاهاً يعمل للبعث الإسلامي والتجديد الإيماني،
كما أن الأدب في العالم الإسلامي عامة والبلاد العربية بخاصة لم تكن قد تبلورت
في العصر الحديث أهميته الفكرية والجمالية بصورة واضحة، ولم يتمظهر الدور
الذي ينهض به في إعادة تشكيل عقل القارئ ومعتقده ومعارفه، وتفجيره لآبار
الوعي الذاتي والجمعي في الأمة، وإن كان الشعر قد قارب ستة عشر قرناً من
الحضور في وجدان العربي فأَلِفَ كل منهما صاحبه، فإن الأمر بالنسبة للقصة لم
يكن كذلك؛ فالدكتور (محمد حسين هيكل) عندما كتب أولى قصصه، لم يتجرأ أن
يضع اسمه على صفحة الغلاف، و (محمود تيمور) كان يوقع قصصه بـ (موبسان
المصري) ، نسبة إلى (جي دي موبسان) القاص الفرنسي؛ وإذا كان التخوف قد
لازم هؤلاء العلمانيين فما بالك الإسلاميين، الذين سيتأخر الفن القصصي عندهم
والمسرحي أيضاً إلى وقت لاحق، حيث استطاع القاص والكاتب الإسلامي (على
أحمد باكثير) (١٣٢٨- ١٣٨٩هـ ١٩١٠- ١٩٦٩م) إنجاز إبداعات أكثر من رائعة
في مجالي القصة والمسرحية، جعلته و (توفيق الحكيم) الذي كان سابقاً عمراً وفنًّا
فرسي رهان وقرني ميدان، وربما لو امتد به العمر لطاول (نجيب محفوظ) أيضاً.
لقد كان (باكثير) (رحمه الله تعالى) رائداً ومؤسساً للأدباء الإسلاميين الذين فيما
أحسب وأعلم لم يتمكنوا أن يتابعوا بناءه بالقوة نفسها التي ميزت (باكثير) .
ويوماً بعد يوم شرع الخطاب الأدبي يحرز مكاسب جديدة وجيدة، ويتقدم إلى
مواقع لم يقف عليها من قبل.
واشتعلت معركة التجديد التي انتقل معها الخطاب الأدبي ولا سيما الشعر من
خطاب الأذن إلى خطاب العقل، ومن سيطرة الصوت، إلى سطوة الصورة ليستقر
أخيراً عند تخوم (الرؤيا) [*] ، كما انتقل من التعبير المباشر إلى التراكيب التي
حُفت بالإيهام والغموض، عاكساً الثقافة والهموم للشاعر المثقف الذي غادر
السطحية والارتجال، بادئاً صياغة قصيدته صياغة تدخل القارئ في حوار مع
القصيدة، ينتهي بموقف جديد أو ميلاد جديد للقارئ.
وإذا كان أكثر الشعراء متفقين على أن التشكيل الموسيقي (القيم الصوتية،
والعروض، والإيقاع) عنصر مائز للفن، فإنهم لم يتفقوا على أن العروض الخليلي
هو نهاية المطاف، وأن الخليل جمع ومنع، إنهم مع تقديرهم لهذا العالم الفذ، فإنهم
يرون أن موسيقا الشعر أكبر من أن يُتوصل فيها إلى تشكيل نهائي مستقر.
ولقد جعل كثير من الإسلاميين قضية التشكيل الموسيقي قضية حياة أو موت
بالنسبة للقصيدة، وقاتلوا مع غيرهم في معركة انجلت عن ثبات التيار الجديد في
الساحة الأدبية.
وإذا كنت أعتقد أن دعاة التجديد أكبر أو أكثر من أن تظلهم راية واحدة، وأن
عناصر التجديد ليست محل اتفاق، وأن بعض المجددين كانوا مجترين، وبعضهم
الآخر كانوا مجترئين على لساننا وديننا، فإن بعض الإسلاميين قد دخل غمار
معركة التجديد غير مستكمل لأدواتها وآلياتها، مفتقراً إلى الإلمام بخلفية عميقة
تؤهله للاستفادة من الاتجاه الجديد في الشعر عموماً، وفي الشكل خصوصاً.
فبعضهم يحسب أن مجرد حشر التفاعيل حسب عروض الشكل الجديد دون أن
يتغير ثقافة واهتماماً وذائقة أدبية يجعله في عداد المجددين.
فأكثر الإسلاميين يعرف تراث الأسلاف في الشعر، ولكنه لا يعرف ما يجب
أن يفعل ليكون امتداداً واعياً وواعداً للسلف، ولا يدرك كثير من الإسلاميين أن
التغير يجب أن يتناول شبكة العلاقات مع اللغة والأشخاص والأشياء، فلا تجديد
بعلاقات قديمة لا تتواصل مع ضفيرة العلاقات المعاصرة.
لم تتمكن الإبداعات الأدبية للإسلاميين إلا نادراً من التحليق في الفضاءات
الواسعة، لا سيما أدب الأنين والنشيج، فكانت بكائيات راعفة نازفة، بخلاف
العلمانيين واليساريين، الذين أدى اصطدامهم بالسلطة التي لم يتناقضوا معها من
حيث المبادئ التي قامت عليها، بل من حيث الوسائل والمناهج التي اتبعتها في
أدائها وحضورها أدى هذا الاصطدام غالباً إلى ثورة أدبية وثروة شعرية وقصصية
ومسرحية.
ولقد قُسمت الحرية بين الأديب المسلم والأديب العلماني واليساري قسمة
ضيزى، ففي حين أعطي الأول هامشاً محدوداً تجاه القضايا المطروحة، مُلّك
اليساري فضاءً أوسع من الحرية إزاء السلطة والتراث والعرب والعصر، فاستثمر
ذلك استثماراً مدروساً، مكنه من السيطرة على المنابر الأدبية في الجامعات
والإعلام والندوات والمنتديات، وظهر ذلك جليًّا في المكتبة الأدبية، حيث نجد
النتاج الأدبي للحداثيين واليساريين والعلمانيين في شمال إفريقيا والشام والعراق
والجزيرة العربية يتقدم كمًّا وكيفاً غالباً كتابات الإسلاميين التي أخذت هي الأخرى
تتقدم ولو ببطء ولكن بثبات وثقة لتنتج إبداعات ناضجة وواعدة إن شاء الله.
وليست السلطة هي المسؤولة وحدها عن غياب الحرية وتغييبها وعما يترتب
على ذلك من خنق الإبداع جنيناً، وجني الثمار المرة، لإبعاد الإسلاميين عن أن
يكونوا شركاء أساس في صياغة مشروع الغد، بل شارك السلطة في المسؤولية
غياب التدريس الجاد والعميق في بعض الأوساط الإسلامية للأدب، فتغيرت أسماء
الكليات والأقسام والعنوانات وكأن المشكلة في الأسماء وبقيت الثقافات إياها تدرس
أدباً وتدرسه بأساليب تجاوزها الزمان. توقفت القراءة الواعية لعبد القاهر
الجرجاني وحازم القرطاجني، كما تعثرت الجهود لاستكمال عمل هذين الناقدين
العبقريين في الأوساط الإسلامية أكثرها التي تعد أخلاقيّاً وموضوعيًّا المسؤولة عن
حمل أمانة هذا العلم درساً وتدريساً، فحصاً وتقويماً.
حصل ذلك في الوقت الذي هيمنت بلاغيات النص السكّاكية نسبة إلى السكّاكي
(رحمه الله تعالى) على تأويل الإبداع وتحليله وتعليله، ولتكون أحياناً أشبه بحصار
على الدارس والمدروس في دوائرنا نحن الإسلاميين، ويحصل ذلك أيضاً في
الوقت الذي صارت البلاغة السكّاكية جزءاً محدوداً في الدرس النقدي الحديث الذي
يحاكم فيه النّاص والنّص بمعطيات الألسنية والأسلوبية والبنائية والدراسات المقارنة التي يعاني أكثر الكتاب الإسلاميين فيها من نقص مذهل، لا يتهدد معه دورهم
الأدبي فحسب، بل ووجودهم أيضاً في هذا الميدان، وذلك لأن النقد المقارِن (بكسر
الراء، وهو الاسم الأدق من الأدب المقارَن) يوفر للأدب المحلي عن طريق
الاحتكاك بالآداب الأخرى فرصة ذهبية لاستكمال مواطن النقص في الخطاب الأدبي
المحلي، ولولا هذا الاحتكاك لغرقت الآداب المحلية في محليتها، كما تمنح الدراسة
المقارنة دعاة الإسلام وخطابه الدعوي فرصة أفضل لبث رسالتهم كلما توفرت لهم
عبر القراءات الأدبية المقارنة معلومات أشمل وأدق عن الأمم الأخرى، والدراسة
المقارنة هي التي تكشف الجوهر البنائي للعمل الأدبي، وموارد النص (والتناص
الذي هو تداخل النصوص) كما تؤدي إلى بلورة فلسفة عامة للفنون والآداب، وإذا
كانت أي لغة وحدها لا تحوي منفردة على ميراث الحكمة الإنسانية وموروثها، فإن
الحاجة إلى المقارنة تبدو (لما سيق وسبق من فوائد) ليست كمالاً أدبيًّا ولا ترفاً
معرفيًّا، بل هي ضرورة فكرية وثقافية، بل وسياسية، حتى يكون خيارنا
واختيارنا ومواقفنا نتاج رؤية شاملة واستنطاق تيارات متعددة، بحيث تتحرر من
استيراد الرؤية الفردية واختزال المعرفة الإنسانية.
فلعله يتضح مدى الخسارة التي لحقت بأدب الإسلاميين جراء غياب النقد
المقارن عن دوائرهم الفكرية والجامعية؛ مما جعل الخطاب الإسلامي الأدبي يعاني
غالباً فقراً مزمناً، لافتقاده معطيات المقارنة دارساً ومدروساً، كاتباً ومكتوباً.
ولقد اختلط الأمر على كثير من الإسلاميين في العلاقة مع الغرب، فتداخل
الشعري في الشرعي، والقاعدي في العقدي، وتحامى أكثرهم ولوج محارم الغرب
الأدبية، حفاظاً على الهوية، وتحصيناً للشخصية الإسلامية من أن تجتاح أو تباح
من قبل الأدب الغربي، إن الحفاظ على الهوية المستقلة والشخصية المتميزة، لا
يكون مرادفاً للعزلة والتقوقع والانغلاق والانسحاب من المعترك الثقافي والإبداعي،
إن المحافظة على الهوية يكون بالانفتاح الواعي على الثقافات والحضارات في
تفاعل إبداعي أساسه الثقه بالله، ثم بالنفس، والقدرة على الاستفادة من كل خيّر
ومفيد.
وإذا كان المسلم يشعر بالاكتفاء والامتلاء في أموره الشرعية، فقد لا يكون
عليه ضير أن يحضر في الساحة الأدبية العالمية شريكاً كاملاً آخذاً ومعطياً، عاملاً
على أن يجعل القول الأدبي لا سيما القصة والمسرحية جسراً للحوار الداخلي
للتواصل مع القراء المسلمين بمختلف شرائحهم الاجتماعية وإمكاناتهم الفكرية، ثم
الطيران إلى مطارات العالم حاملاً عبر الكلمة مُؤَدْلَجَةً بالفكر الإسلامي، مدججةً
بمقومات تحميها من السقوط في مدافن الآنية وحُفَر الذاتية، وتتجافى عن السكوت
عن كل صور الانتهاك للدين والعقل والثروات الإسلامية في الإنسان والمال العام
والبيئة.
ولقد تُرجم الكثير من أدب العلمانيين واليساريين والحداثيين العرب إلى القارئ
الغربي، في حين ظل أكثر الكتاب الإسلاميين مقروئين في لغاتهم المحلية وفي
أوساطهم المحلية أيضاً، وهذا الأمر حرم الخطاب الأدبي الإسلامي من مهمة الحوار
التي ينهض بها الخطاب بين جميع القراء، بغض الطرف عن أوطانهم واتجاهاتهم
العقدية والسياسية والفكرية، فـ (شكسبير) كتب بالإنجليزية ولكن قُرِئ في كل
اللغات الحية تقريباً، وكذلك (ديكنز) ، و (موليير) ، و (هوجو) ، و (جوته) ، ...
و (همنجواي) ، و (دوستوفسكي) ، و (تولستوي) ، و (ماركيز) الكولمومبي الذي
ينتمي إلى بلاد هي أكثر تأخراً من البلاد العربية، وكذلك (أكتوبات) المكسيكي
الحائز على جائزة نوبل ١٩٩٣م.
ولقد افتقر أدب الإسلاميين أكثرهم إلى مقومات بنائية وفنية حالت بين خطابهم
الأدبي ونماذج النخبة من القراء، كما أفقد ذلك الدعوة الإسلامية التغلغل عبر
الخطاب الأدبي إلى مختلف العقول والقلوب، لتكون جزءاً من النسج الوجداني
والفكري لأكبر عدد من المتلقين، ومن هذه المقومات التي افتقر إليها أدبنا:
ثقافة إسلامية عميقة:
لا سيما تاريخ الإسلام وسير أبطاله، بوصف التاريخ من المنابع المهمة التي
تمد العمل الأدبي بكنز لا ينفد من الموضوعات (ولا بد من التوكيد على المصادر
الغضة كالقرآن الكريم) وقد حفظه (باكثير) (رحمه الله) في وقت مبكر، والحديث
الشريف، وألاّ يتلقى الأديب هذه الثقافة من مصادر آسنة مشوبة بكدرة الاستشراق،
أو من موارد ملفقة كنتاجات المهزومين والتلفيقيين.
ثقافة أجنبية:
وحبذا لو كانت أداتها إحدى اللغات الأوروبية الحية، وذلك كي يتمكن من
الإبحار في محيطات روائع الأدب العالمي (بادر (باكثير) بوصفه نموذجاً يتيماً
للأدباء المسلمين إلى الالتحاق بقسم اللغة الإنجليزية في جامعة القاهرة، كي تسلم
ثقافته الأدبية من جهل مزر بالخطاب الأدبي العالمي) أو من الادعاء بإحاطة كاذبة
بمكونات هذا الخطاب، أو الرفض المطلق له، عبر نفيه وتجاهله سدًّا لذرائع
السلبيات المتوقعة من الاطلاع عليه.
رؤيا متكاملة:
تجسد مثل خريطة ضوئية ورسوم بيانية مواطن الضعف والقوة في الجسد
الإسلامي، وذلك حماية للإبداع من تكرار ممجوج، وسطحية ممرورة، وليكون
إضافة تشبع ذائقة المتلقي وتترعها، وتمده بما يضاعف رصيده الجمالي ويعمق
لذاذته الوجدانية، ويسلحه بمعرفة يتصدى بها بعد عون الله (سبحانه وتعالى) لكل
محاولات إفقاره معرفيًّا، وإفلاسه ثقافيًّا، ويواجه الحملات الشرسة على قيمه
الإسلامية التي تتمنهج بالعنف طوراً، وبالتحيل والمكر مراراً وأطواراً.
التمكن المقتدر الجسور من التعامل مع الأداة التعبيرية:
(اللغة) التي تجسد تلاحم الأفكار والمشاعر، والشكل والمضمون، والذات
والموضوع، بحيث تتوزع خلالها عناصر (الأدبية) توزعاً دقيقاً، عاكساً موهبة
الكاتب وخبرته وثقافته انعكاساً رُؤيًّا لا عوج فيه ولا أمتى، فلا إسراف في خدمة
الشكل، ولا إجحاف في حق المضمون.
طموح الكاتب المسلم إلى تجاوز ما قبله ومن قبله:
فلا ينظر إلى الماضي والحاضر كسقف ليس ممنوعاً تجاوزه فقط، بل
ومستحيلاً أيضاً، بل عليه وإن استوقفه الماضى والحاضر ألا يوقفاه ويُثْبِتَاهُ في
أبهائهما وتخومها، وأن يعتقد أن الفن معطاء ولود إذا وفق في استدراجه إلى البوح
بأسراره، وتمكن من فتح مغاليقه التي تتأبى على دعاة الفن الرخيص والأدب الفج
والرؤيا المهلهلة.
إذا نظرنا إلى ما كان عليه أدب الإسلاميين قبل ثلث قرن، وما بلغه الآن
بفضل الله، ثم بفضل بعض الأقلام الجادة، إذا فعلنا ذلك فسنجد أننا قد تجاوزنا
الكثير من السطحية، وحزنا حزماً من الوعي، وامتلكنا مقومات طيبة، وبدأ
إبداعنا يتألق ويتألق، وإني لأبصر شباباً يكتبون على صفحات (البيان) وشقيقاتها
العربيات الإسلاميات، يكتبون أدباً مبشراً وواعداً إن شاء الله.
وإذا كان خطاب الصحوة الفكري قد انتزع مكانته المميزة في ساحة كادت أن
تكون محجوزة للخطاب المنشق عن تجربة الأمة ومسيرتها، فإن خطاب الصحوة
الأدبي مطلوب منه بإلحاح أن يساير شقيقه الفكري، ابتغاء حضور (إسلامية)
متكاملة في سوح الصراع المتلاطمة التي تموج بالأفكار وتزدحم بالطروحات.
والله المستعان، وعليه التكلان.
(*) يرى البعض أن (الرؤيا) للحلم والخيال، و (الرؤية) للفكر.