[الطريق إلى الله]
فهد أبو عمرو
هل أحسست مرة وأنت تقدم مساعدة لشخص لا تعرفه، فتقيله من عثرة، أو
ترفع له حملاً لا يقوى على رفعه، أو تناوله شيئاً لا تناله يده، أو تدلُّه على حل
لإحدى مشكلاته، أو تقوم له بعمل هو في حاجة إليه.. هل أحسست بالخِفة تملأ
نفسك، فتكاد تحمل جسمك حملاً في الهواء؟ هل أحسست روحك ترفرف عالية
مستبشرة، ونشوة خفية تملأ جناحيك؟ إنها الطريق إلى الله.
.. هل أحسست نحو إنسان أنك تحبه؟ تحبه ولست في حاجة إليه ولا تنتظر
نفعاً على يديه؟ تحبه بلا ضغينة له في نفسك ولا غيرة ولا حقد؟ تحبه فلا تقيس
نفسك - سراً -إليه وتقول: ألم أكن أنا أولى منه بما هو فيه؟ تحبه فلا تحسده على
مزاياه ومواهبه بل تحبها كأنما هي ملكك، وتتمنى له المزيد؟ أنها الطريق إلى الله.
هل أحسست بالألم يعتصر فؤادك؟ ألم من كل نوع.. آلام شتى كلها مؤلم
وكلها شديد.. هل أحسست أنك تتهاوى تحت وطأتها وأنك لا تستطيع احتمالها؟
هل أحسست وخزها يدفعك إلى الصياح.. إلى التأوه.. إلى الانفطار.. إلى انهيار
الأعصاب وانهيار السلطان على النفس؟ وهل تمالكت نفسك رغم هذا، وقلت
تواسي نفسك وتجمع شتاتها تصبِّرها: فليكن ذلك في سبيل الله؟ إنها الطريق إلى
الله.
هل أحنقك الشر يمرح في الأرض؟ هل أحسست بهزة الغضب وأنت ترى
الظلم يقع عليك وعلى غيرك من بني البشر.. هل ضاقت نفسك بالحياة فما عدت
تطيق آلامها وقسوتها؟ هل تملكك الضجر واليأس، وأحسست بالحاجة إلى الشكوى؟ هل تلفت حولك فلم تجد من تشكو إليه؟ لم تجد الصفي الذي يخلص لك حتى
لتفتح له نفسك دون تحرج وتطلعه على كل خفاياك؟ أو لم تجد راحة في شكواك
إلى الناس؟ ثم هل تطلعت إلى السماء وانفجرت بالشكوى؟ هل وجدت الله
وشكوت له بثك ونجواك؟ ، إنها الطريق إلى الله.