للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نص شعري

[ثورة ألم]

صالح علي العَمري

العينُ تبكي على إخوانها ألما ... والقلب في هذه الدُّنيا ينزُّ دما

والكون مكتئب الأنفاس منتكسٌ ... وكان في سالف الأيام مبتسما

كان الهدى والتقى والنصر مؤتلقاً ... فأصبح البؤسَ والآهاتِ والندما

ما غيّر الكون لا خسفٌ ولا غرقٌ ... إلا معاصٍ فَشَت في الكون فاضطرما

يا عينُ جودي بدمعٍ صادقٍ ودمٍ ... وابكي المآثر والأمجاد والقيما

وارْثي دياراً من الإسلام خاليةً ... كانت تشعُّ الهدى والحبَّ والكرما

وساحة الحق تشكو الظلم في أسفٍ ... ألاّ ترى من عدو الله منتقما

كأننا ما ركبنا الخيل مُسرجةً ... وجيشنا في سبيل الله ما انتظما

كنا نصون على حصبائها ذمماً ... فانظر لأعدائنا لا تحفظ الذمما

أجدادنا طوّعوا الدنيا لخالقها ... وعلّموها معاني خلقها قِدَما

تألقوا في رؤى الأخلاق كوكبةً ... وإن شدا البأس كانوا الشهب والرجما

تحدثي يا رُبا الشيشان وانتحبي ... ويا فلسطين أفدي ذلك الحرما

يا روضة الصين. . يا كشمير عزتنا ... قولا لقلبي المعنَّى كيف حالكما؟!

وهل يجيبك في البلقان من أحدٍ ... إلا دماءٌ زكياتٌ وأيُّ دِمَا؟!

ما با لنا ما حفظنا عهد خالقنا ... وما رعينا عرى الإيمان والرحما؟!

كأن في العين عن أشلائكم حجباً!! ... أو أن في السمع عن آهاتكم صمما!!

ماذا أُسطّر والتاريخ يشهدني ... وقد قتلنا على أشداقنا الكلما؟ !

نوح الأرامل يا تاريخ يفضحني ... قد مُتن في البيد من جوعٍ وطول ظما

كم زهرةٍ في يد الطغيان ذابلةٍ ... باتت تناجي الغضا والريم والسلما

هل من ثرى نجد من يهفو لنجدتنا ... أو من ربا النيل من يستنهض الهمما

أو حملة من بني عثمان صادقة ... تحمي حمانا فيغدو شعثنا لمما

الله. . يا رهبة الأشلاء داميةً!! ... يا شيبةً لم يجد في الأرض من رحما

يا مرضعاً قتلت في جوف مسكنها!! ... يا طفلةً هُتكت لم تبلغ الحُلُما!!

يا ألف أمٍّ أهان العِلْجُ عفّتها ... وطفلها بلظى الرشَّاش قد فُطما

لو أُنطقت قسوة الأحجار في زمني ... لأسمعتنا الأسى والحزن والألما

تصيح مهتوكة الأستار في فزعٍ ... فما نقلنا إلى إنقاذها قدما

ويجأر الشيخ في ضعفٍ وفي قلقٍ ... ويشعل الضير في أعماقه حمما

ما بال إخوتنا. . هانت مصيبتنا ... إن المصيبة ألا يرفعوا علما

يدحرجون على آلامنا كرةً ... ويعزفون على أشلائنا نغما

من أين للعين أن تُجلى بدمعتها ... وفي العيون عن النور المبين عمَى!!

لقد قُتلت فما أبكيت ذا كبدٍ ... وقد صرخت فما أسمعت معتصما

أدعوك يا رب دعوى من يموت أسى ... ومن رآك تزيل الضرّ فاعتصما

أدعوك دعوة من تنهلّ عبرته ... من كان في عزّةٍ فانذل وانظلما

أن تكشف الكرب يا ربي وتنصرنا ... وأن تسخّر للثارات منتقما

ما لي سوى الله والدنيا تناوشني ... والأرض تقذف من بركانها حمما

ما لي سوى الله والأمواج تصرعني ... وقاربي في لجاج الهمّ قد هُزما

ظننت أني بكُثر القوم مغتبطٌ ... فصرت من بعض قومي أبتغي العدما

لو كنت أمضي بشرع الله معتصماً ... لكان ذكري على الأيام محترما!!

قد يصمد السدُّ يثني كل هائجةٍ ... لكنْ إذا شيك في أركانه انهدما!!