للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصفحة الأخيرة

[خطبة الحاجة على الطريقة العلمانية]

جمال سلطان

يتأدب المسلمون - عادة - عندما يبدأون الكلام ذا البال، أو الأحاديث الهامة، أو الخطب المطولة، فيبدؤون بحمد الله تعالى، والثناء عليه بما هو أهله، يلي

ذلك إعلان كلمة التوحيد والتصديق بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وتلاوة

آيات من القرآن الكريم، على النحو الذي يعرف باسم " خطبة الحاجة " اهتداءً

بهدى النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -، ثم يدخلون في الموضوع المقصود.

لقد أصبح للعلمانيين العرب في - أيامنا هذه - ما يشبه " خطبة الحاجة " عند

المسلمين، غير أن خطبتهم تبدأ بسب الإسلاميين والتعريض بهم، وإعلان

التصديق بأنهم إرهابيون، وتأييد خطوات " الحكومات الديموقراطية " التي تبطش

بهم، ووصفهم بأنهم أعداء الحضارة، وأعداء التقدم والاستنارة، ودعاة الفتنة..

إلى آخر قائمة المغالطات الإعلامية المعروفة.

ويندر أن نجد اليوم مقالاً في صحيفة، أو بحثاً في مجلة، أو حواراً بين

أصحاب الفكر العلماني المنحرف، في أي مكان، وعبر أي منبر، يتعرض

للأحوال العامة في المنطقة العربية، إلا ويبدأ بسب الإسلاميين، والهجوم عليهم،

والدعوة إلى عزلهم، والتنكيل بهم ونحو ذلك.

اليساريون في مصر، كتبوا مقالاً هاجموا فيه أحد الكتاب في صحيفة ...

(الأهرام) بدعوى أنه يتعاطف مع الإسلاميين، وقدموا للمقالة بالديباجة المعروفة فلم

يقصروا في شتم الإسلاميين ولعنهم والتأكيد على أنهم سبب كل بلاء، ولكن الكاتب

المقصود، لم يتأخر، حيث نشر مقالاً ينفي فيه " تهمة " تعاطفه مع الإسلاميين،

ولم ينس أن يبدأ مقاله بالديباجة أو " خطبة الحاجة العلمانية " من سب وتجريح

وتشهير بالإسلاميين، ثم دخل في موضوعه مدعياً: أن " التطرف اليساري " هو

الذي يغذي " التطرف " الإسلامي، فأصبح الأمر مثيراً للضحك حيناً، وللشفقة

أحياناً أخرى، في زمن الهوان والضعة، زمن انحدار أصحاب الأقلام العربية

العلمانية.