للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شؤون العالم الإسلامي ومشكلاته

مصر إلى أين؟ !

أهي هي ديمقراطية السادات؟ !

إشراف: محمد عبد الله

لمصر مكانة متميزة في قلوب المسلمين، في مختلف بلدان العالم الإسلامي،

فتراهم يهتمون بأخبارها أشد الاهتمام، ويفرحون لفرحها ويحزنون لحزنها..

وكيف لا يكون الأمر كذلك، وما من بلد في العالم الإسلامي إلا ونجد نفراً عن ... كبار المثقفين فيه قد درسوا في معاهد مصر وجامعاتها، وبشكل أخص (الأزهر) ...

وتتلمذوا على فحول علمائه الذين قاوموا الاستعمار الفرنسي كما قاوموا الاستعمار

الإنكليزي، وقاوموا -بالأدلة والبراهين- سموم وأباطيل دعاة التغريب من ... الملاحدة الذين كانوا يدعون إلى الزندقة والفجور، وينادون بتقليد أوربا والسير ورائها حذو القذة بالقذة.

ونحن في (البيان) نشعر بأن هناك مؤامرة رهيبة تستهدف وحدة مصر

وأمنها وعقيدة شعبها، وأول طرف في هذه المؤامرة الولايات المتحدة الأمريكية

وسيدتها إسرائيل، ومن شاء الاطلاع على ما تدبره إسرائيل ونصيرتها أمريكا

فليقراً كتاب (خنجر إسرائيل) الذي نشره الكاتب الهندي (ر. ك. كارانجيا)

صاحب مجلة (بليتز) الهندية..

وجاء نشر الكتاب عام ١٩٥٧، وفيه وثيقة سرية أعدتها الأركان الإسرائيلية، وقد جاء فيها:

«.. دولة أو منطقة ذات استقلال ذاتي قبطي» .. أي سوف يقيمون في

مصر دولة قبطية، وكان كارانجيا صديقاً لفرعون الخمسينيات والستينيات، وقد

أطلعه على الوثيقة، ورغم ذلك نفذت إسرائيل جزءاً من المؤامرة التي وردت في

الوثيقة في مسرحية ما يسمى بحرب حزيران وثبت بما لا يدع مجالاً للشك تواطؤ

السوفييت والأمريكان مع إسرائيل. والوثائق تشهد على ذلك.

ومن شاء مزيداً من المعلومات على ما تدبره إسرائيل كذلك فليعد إلى (استراتيجية إسرائيل في الثمانينات) وهو المقال الذي كتبه الموظف السابق ... في السلك الدبلوماسي الصهيوني في مجلة (كيفونيم - شباط ١٩٨٢ -. وقد جاء ... ... فيه:

«إن مصر بسبب أزماتها الداخلية لا يجب أن تشكل خطراً استراتيجياً ... علينا، فإذا أخذنا بعين الاعتبار القطيعة المتزايدة بين المسلمين والمسيحيين فيها.. فإن تفكك مصر والعمل على تفتيتها إلى دويلات منفصلة عن بعضها يجب

أن يكون الهدف الأساسي لإسرائيل على جبهتها الغربية» .

وجاءت تحركات قيادة الأقباط منذ أكثر من عقد ونصف لتؤكد لنا حقيقة

الخطر الذي يهدد مصر.. لقد زار بعضهم الولايات المتحدة الأمريكية، واجتمعوا

بكبار المسؤولين في البيت الأبيض.. وقبل ذلك فقد تم اكتشاف وثيقة خطيرة وفيها

محضر اجتماع تزعمه البابا شنودة، وكانت أجهزة الأمن المصرية على علم بمعظم

ما يدبره الأقباط، ومع ذلك فما استطاعت أن تفعل شيئاً يستحق الذكر، لأنها تخشى

من اعتراض الذين يحركون الأقباط من الخارج، وفضلاً عن ذلك فليست

متخصصة بمتابعتهم وإنما هي متخصصة بمتابعة الدعاة إلى الله -جل وعلا- من

أعضاء وقيادات الجماعات الإسلامية.

والطرف الثاني في المؤامرة التي تهدد مصر: العبيديون الجدد الذين يتطلعون

إلى احتلال مصر مرة أخرى، ومنها يحاولون التسلل إلى دول شمال أفريقيا،

وللعبيديين وسائل لا تقل خبثاً ودهاء ولؤماً عن وسائل اليهود، وهم الذين

يصافحون اليهود في الخفاء وينسقون معهم، أما في العلن فيعلنون أنهم ضد اليهود،

وهم الذين سيحررون القدس وما حولها من الأراضي المباركة التي احتلها اليهود..

وللعبيديين نفوذ في البلدان العربية لا يستهان به، ويشن العبيديون وأعوانهم حملة

شعواء ضد مصر وشعب مصر، ويستغلون (كامب ديفيد) ونحن لا نقلل من

خطورة اتفاقية كامب ديفيد، والذين وقعوا على بنودها طعنوا أمتهم طعنة موجعة،

ولكن ليس العبيديون أحسن حالاً منهم، فتعاونهم مع اليهود أقدم وأمتن، وعلى

أحسن الاحتمالات فكلهم سواء.. فكيف ينجح العبيديون في عزل شعب مصر المسلم

الأبي عن قضاياه المصيرية في العالمين: العربي والإسلامي؟ ! . وشعب مصر

بريء من كامب ديفيد وأطرافها براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام - كما

يقولون-.

ومن الآثار المدمرة التي فرضها اليهود والأمريكان والسوفييت والعبيديون

نتيجة مؤامراتهم على مصر: عزلتها وسوء أوضاعها الاقتصادية..

لقد زعم فرعون الهالك أن مصر ستكون -بعد كامب ديفيد- جنات تجري من

تحتها الأنهار، وأن المال الأمريكي والخبرة اليهودية سيجعلان من سيناء وغيرها

من الأراضي المصرية مصدراً أساسياً من مصادر التغذية والتصدير في الشرق

الأوسط، وفي عام ١٩٨٦ م وجدت مصر نفسها عاجزة عن سداد ديونها البالغة

[٣٥ مليار دولار] ، وبلغ سعر الدولار في السوق الحرة [٢. ٢٥ جنيه مصري] ،

ووقفت البنوك والشركات الدولية من هذه الأزمة موقفاً مؤسفاً، وتخلت الولايات

المتحدة كعادتها عن مصر وشعب مصر، وقال خبراء البنوك والاقتصاد في العالم

رأيهم بكل صراحة:

لا ثقة لنا بالذين يشرفون على دفة الاقتصاد في مصر، وبدأوا يلوحون بأنهم

يريدون إشرافاً مباشراً على المشاريع الاقتصادية فيها، وبشكل آخر يريدون تكرار

المأساة التي فعلها الخديوي إسماعيل.

وقد يقول الشيوعيون المصريون: هذا هو جزاء الذين ابتعدوا عن السوفييت

وساروا في فلك الأمريكان! ! فنقول:

لقد استغل السوفييت اقتصاد مصر أبشع استغلال فربع مبيعات السوفييت

الخارجية من الأسلحة في العالم كله كانت تشتريها مصر بالعملة الصعبة، وكان

الخبراء السوفييت يُسّيرون سياسة الجيش المصري، وأخيراً قضي على هذه

الأسلحة خلال ساعات فقط في ٦ حزيران ١٩٦٧م، وليعد من شاء إلى ما قاله عبد

الناصر تلميحاً، وكبار العسكريين تصريحاً عن تورط السوفييت في هذه ... المؤامرة.. وورثت مصر في عام ١٩٨٧ ديوناً عسكرية وعسكرية فقط للسوفييت مقدارها [ثلاثة مليارات دولار] ، وقبل بضعة أشهر تم الاتفاق على سداد هذه الديون خلال ٢٥ عاماً مع فترة سماح ست سنوات، وأن يكون سدادها عن طريق سلع مصرية، ولكن السوفييت طالبوا بسعر جديد للدولار وأذعنت مصر لطلبها، فلقد كان سعر الدولار سابقاً ٧٠ قرشاً مصرياً وأصبح الدولار - بموجب الاتفاق ... الجديد- يعادل أكثر من جنيه تقريباً.. وطبعاً كانت هذه مكرمة سوفييتية، وإيذاناً بتعاون اقتصادي جديد بين البلدين، ومما يجدر ذكره أن هذه الديون كلها ورثتها مصر من أيام عبد الناصر.

وقصارى القول: فإننا ننظر بعين القلق إلى واقع مصر ومستقبلها.. ونحذر

من مؤامرات أعداء الإسلام داخلها وخارجها، ونتساءل بكل محبة وشفقة:

هل مشكلة مصر مع دعاة الإسلام وحملته؟ ! :

شهدت مصر أحداثاً متلاحقة خلال الأشهر الماضية من أشهرها:

- اعتداء الأقباط على مسجد من مساجد المسلمين.

- محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق حسن أبو باشا.

- الاعتداء على سيارة مسؤول الأمن الإقليمي بالسفارة الأمريكية، والمشرف على أمن السفارات الأمريكية في مصر والأردن والسودان [دانيس وليامز] .

- محاولة اغتيال مكرم محمد أحمد، رئيس تحرير المصور.

- انتخابات عامة فاز فيها عدد غير قليل من الإسلاميين.

وبعد كل حدث تتجه أصابع الاتهام إلى الجماعات الإسلامية [على الإطلاق!] يعني يستطيع موسى صبري القبطي أو من أراد من الحاقدين على الإسلام فور سماعه الخبر أن يكتب تعليقاً يتهم فيه الجماعات الإسلامية، ويتحدث عن ماضيها الأسود [على حد زعمه] في الإرهاب والاغتيالات ... ويتباكى على مستقبل مصر، وينادي الدولة طالباً منها الضرب بيد من حديد.

وفي الصباح نقرأ العجب العجاب في الصحف المصرية، فهذا يتحدث عن (لحية) المجرم الذي أطلق النار، وذاك يكتب عن (جلبابه) الطويل الأبيض، والثالث يجري استطلاعاً عن الجماعات الإسلامية وأسمائها ومبادئها وخلافاتها، والرابع يتحدث عن الإرهاب، والخامس يتخيل طريقة إلقاء القبض على المجرم الملتحي نقول يتخيل مجرد تخيل! ! .

ويتحرك اليساريون، والأقباط، والقوميون العلمانيون وغيرهم من الملاحدة يتحركون وينظمون هجمة شرسة ضد الإسلام والمسلمين، ومن مزاعمهم التي

يكثرون من ترديدها قولهم: إن السادات أفرج عن الجماعات الإسلامية، وأطلق

الحبل لهم على غاربيه في الجامعات والمعاهد وعقد حلفاً معهم ضد اليساريين

والناصريين! ! .

ما أكذبهم وأقل حياءهم! ! إن سجون مصر كانت مزدحمة بالدعاة إلى الله في

عهد السادات وفي العهود التي سبقته سواء كان العهد ثورياً أو ملكياً، والعهد الذي

جاء بعده.. وأعدم السادات مجموعتين من الدعاة وأهلكه الله في وقت كانت سجونه

ومعتقلاته غاصة بقادة وأعضاء الجماعات الإسلامية على مختلف اتجاهاتهم

وانتماءاتهم.. واستشهد نفر منهم تحت التعذيب الساداتي.

وهؤلاء الذين ينتقدون السادات لأنه أفرج عن المعتقلين بعد انتهاء مدة سجنهم

هم الذين يزعمون بأنهم ديمقراطيون ويحاربون التسلط والاستبداد والعنف! ! ولكن

العنف والاستبداد والإرهاب يكون مقبولاً عندهم إذا كان الضحايا من الدعاة إلى الله

الذين لا ذنب لهم إلا أن قالوا: ربنا الله.. ولا يريد هؤلاء الملاحدة أن يفهموا بأن

الله جلت قدرته فضحهم، وفضح أسيادهم من السوفييت والأمريكان والناصريين،

وأدرك شعب مصر الأبي بعد رحلة مضنية أنه لا عزة ولا كرامة ولا نصر لنا إلا

بالإسلام، فأسلموا زمام أمرهم لله تعالى وأذعنوا له غاية الإذعان.

نعود إلى الحديث عن الموقف العام بعد كل حدث يحدث.. فالنظام يستنفر

مختلف أجهزته ومؤسساته: الإذاعة، والتلفاز، والصحف والمجلات، وتنقل عنهم

وكالات الأنباء وكبريات الصحف والمجلات العالمية، ورجال الأمن والمباحث

يعودون إلى القوائم المعدة، ويلقون القبض على قيادات وأعضاء الجماعات

الإسلامية، ومعظمهم يكون قد غادر السجن خلال أيام أو أشهر أو عام أو عامين

على أبعد تقدير.

وخطباء الجمعة الرسميون ينفذون تعليمات وزارة الأوقاف أو الداخلية وكلاهما

سواء، وخطبهم لا تختلتف عما يكتب في الصحف اللهم إلا الاستدلال بالآيات

الكريمة والأحاديث الشريفة، ويكون هذا الاستدلال في غير موضعه المناسب.

والذين يؤثرون السلامة من الإسلاميين يسارعون إلى إصدار التصريحات

التي تعبر عن تأييدهم للنظام، واستنكارهم للعنف والإرهاب، وإيمانهم ... بالديمقراطية - أي ديمقراطية النظام-، وإذا كانت المشكلة مع الأقباط، فإنهم يسعون إلى كنائسهم، ويعقدون معهم الندوات، ويقولون بهذه المناسبات كلاماً لا ينبغي أن يقال شرعاً.

أية ديمقراطية هذه؟ !

إننا لا نعلق آمالاً على العمل الديمقراطي، ولم نتسرع في اتخاذ هذا الموقف.

لقد درسنا الأنظمة الديمقراطية دراسة دقيقة، وتبين لنا من خلال هذه الدراسة أنها

تصطدم مع النظام الإسلامي جملة وتفصيلاً، صحيح بأن الإسلام يعتمد على نظام

الشورى، ويضمن للفرد حرية التعبير عن رأيه، ولكن الشورى شيء والنظام

الديمقراطي شيء آخر، فالدستور والقانون جزء من نظام شامل في الإسلام، ولا

يجوز للشعب ولا لممثليه أن يشرعوا لأن التشريع حق لله وحده لا شريك له.

واعتمدنا في اتخاذنا لهذا الموقف على دراسة عميقة لتجارب الإسلاميين، لا

نقول: في البلاد العربية وحدها، ولكن في العالم الإسلامي من أدناه إلى أقصاه..

ووصلنا إلى نتيجة أن مثل هذا العمل مضيعة للوقت وهدر للطاقة.. ومع ذلك فإننا

لا نغالي في موقفنا، وسنظل نلتمس العذر لغيرنا، ولو كانت الديمقراطية في عالمنا

الإسلامي كالأنظمة الديمقراطية في ديار الغرب لقلنا: فليبق النظام الديمقراطي -

رغم فساده- فذلك أفضل من تسلط العسكريين ومن هم على شاكلتهم.

وإذا سلمنا جدلاً بأن النظام المصري ديمقراطي.. لكان من حقنا أن نتساءل:

لماذا لا يطبقون ديمقراطيتهم في تعاملهم مع الجماعات الإسلامية؟ ! ..

* هناك أحزاب انتهازية تافهة وتافهة جداً تعد شرعية، أي مرخص بها من

قبل السلطة، ولها مراكز، بما في ذلك اليسار.. أما الإسلاميين على مختلف

انتماءاتهم وحتى الذين يتعاملون مع النظام بمرونة وإيجابية فغير مسموح لهم بفتح

مراكز، ونشاطهم لا يزال غير قانوني.. ومن المتوقع في كل يوم يمر أن تصدر

السلطة مرسوماً باعتقال قيادة وأعضاء جماعة إسلامية -متجاهلة عدد أعضائها في

المجلس النيابي- لأنها غير شرعية وغير مرخص بها، ومثل هذا الموقف ليس

مستغرباً على الإطلاق، وهناك أمثلة مشابهة حدثت في مصر نفسها..

فما الذي جعل السلطة تسمح بقيام أحزاب تافهة يمينية ويسارية! ! وتمنع

الجماعات الإسلامية وحدها؟ ! .

وفي جميع بلدان العالم التي تؤمن بالديمقراطية هناك أحزاب دينية، مسيحية، أو يهودية، أو هندوسية، فلماذا الإسلام وحده رغم اختلافه في شموليته وعدله

ومساواته عن الأديان الأخرى التي ضل دعاتها وانحرفوا عن منهج الله تعالى.

* من أبسط معاني الديمقراطية أن كل متهم بريء حتى تثب إدانته بعد أن

تتوافر له ضمانات المحاكمة العادلة أو القضاء العادي.

وفي ظل الديمقراطية المزيفة التي اخترعها السادات: كل بريء من الدعاة

إلى الله مدان حتى تثبت براءته.. والبراءة تثبت بعد تعذيب لا يطاق في معتقلات

مظلمة، وبعد سجن يستمر بضعة أشهر أو بضعة أعوام، والمحاكمة تتم أمام محاكم

عسكرية، وهذا النظام لا يطبق على غير الإسلاميين.. ويخرج الداعية من هذه

السجون متهماً وهو الذي قد ثبتت براءته، وأقوال القضاة لا تساوي شيئاً أمام أقوال

رجال المباحث.

وقد يقول الذين يبالغون في حسن الظن: في هذه الأقوال مبالغة! ! لهؤلاء

ولغيرهم نقول:

عودوا إن شئتم إلى محاضر جلسات المحاكم وأقوال الشهود واعترافات الذين

نالهم التعذيب وفي جميع العهود لا نستثنى من ذلك عهداً منها، وسوف تجدون أننا

ما قلنا شيئاً يستحق الذكر في وصف التعذيب الذي يتعرض له الإسلاميون داخل

هذه السجون.. ومن حقنا هنا أن نتساءل بمرارة. أية ديمقراطية هذه التي يتحدثون

عنها؟ ! .

وفي الأحداث الماضية اعتدى الأقباط على مسجد من مساجد المسلمين في

الصعيد، واعتدوا على غير المسجد تنفيذاً للأوامر التي جاءتهم من تل أبيب

وواشنطن وغيرهما فما الذي حدث؟ !

تم اعتقال قادة وأعضاء الجماعات الإسلامية، واستنفرت كافة الأجهزة ...

ضدهم، ولم نسمع أن إجراء رادعاً قد اتخذ ضد الأقباط، لا بل كان الناس ... من أبناء جلدتنا يتسابقون في الثناء على مواقفهم الوطنية، وهي شهادات تفوح ... منها رائحة النفاق والكذب على الله، ثم على التاريخ.

وسارعت السلطة إلى اعتقال الأشخاص أنفسهم قبل الانتخابات بأيام ولماذا؟! قالت السلطة: وزعوا مناشير يقولون فيها بأن النظام الديمقراطي

ليس من الإسلام!

غريب هذا والله! ! لو أن إنساناً أو جماعة أو صحيفة في بريطانيا أو

الولايات المتحدة أو غيرهما من الدول الديمقراطية قالوا: نحن لا نؤمن

بالديمقراطية، هل يعتقلون؟ ! . الطبيعي: لا. وتقارع الحجة بمثلها، فالصحيفة

ترد عليها صحيفة، والكاتب يرد عليه كاتب آخر، وهكذا أو يهملون..

ومن ثم لماذا تخشى السلطة في مصر من أفراد يوزعون مناشير يقولون بأن

الديمقراطية ليست من الإسلام.. والسلطة تملك الأزهر، وجاد الحق، وشعراوي،

وغيرهم وغيرهم، وكل هؤلاء يقولون: الديمقراطية من الإسلام، والاشتراكية من

الإسلام، والصلح مع إسرائيل من الإسلام، ويملكون إذاعات، وتلفاز، وصحفاً،

ومجلات، ومساجد، ونوادي، والعالم ينقل كل ما يريدون، ولولا اعتقالاتهم لما

سمع الناس أن هناك شباباً وزعوا مناشير يقولون فيها بأن الديمقراطية ليست من

الإسلام.

وتكررت الاعتقالات بعد محاولة اغتيال وزير الخارجية السابق -أبو باشا-،

وبعد الاعتداء على سيارة مسؤول الأمن الإقليمي بالسفارة الأمريكية، وبعد الاعتداء

على رئيس تحرير المصور.

* ومن أبسط معاني الديمقراطية: سيادة القانون. والمحاكم المصرية التي لا

تُحكِّم شرع الله -جلّ وعلا-، ورغم واقعها المؤسف.. فقد اعترفت رسمياً بأن

المعتقلين من أعضاء الجماعات الدينية -على حد قولهم- قد تعرضوا للتعذيب

الجسدي والنفسي داخل السجون، وقررت المحكمة المختصة إحالة عدد كبير من

ضباط وجنود الشرطة إلى المحاكم بتهمة تعذيب هؤلاء المعتقلين.. ولكن ما الذي

حدث؟ ! .

١- أعلنت السلطة أنها سوف تحمي هؤلاء الضباط والجنود، وزعمت أن ما

نسب إليهم ليس صحيحاً.

٢- قرار الإحالة تم إلى محاكم عادية وليست عسكرية لأن المحاكم الأخيرة

مختصة بقضايا أمن الدولة وهؤلاء المجرمون حماة الدولة.

٣- الإحالة جاءت قاصرة على صغار الضباط والجنود، أما قيادتهم كوزير

الداخلية السابق حسن أبو باشا فلم تتعرض لهم المحكمة لأنهم فوق القانون. فكيف

يكون المأمور مجرماً وآمره بريئاً، وأين سيادة القانون التي يجعجعون بها؟ ! .

لقد كان قرار المحاكم الأخير، بل قرار النائب العام صورة طبق الأصل عن

قرار المحاكم المماثل في السبعينيات.. وتبين أن ذاك القرار كان دعاية إعلامية

للنظام السابق ضد مراكز القوى.. وبكل أسف فمن عادة كثير من الدعاة التسرع في

هذه المناسبات فيبادرون إلى إصدار التصريحات التي تعبر عن إعجابهم وتقديرهم

للمحاكم المصرية لأنها أثبتت استقلاليتها ولم تتأثر بضغط السلطة وهيمنتها.. وكم

نتمنى أن يتريث إخواننا، ولا يزكون من لا يستحق التزكية.. كم نتمنى أن يتقوا

الله بكل كلمة يتفوهون بها، أو كل موقف يقفونه.. ولو فكروا ملياً لعلموا علم

اليقين أنه لا عدل ولا مساواة إلا في ظل هيمنة شريعة الله --سبحانه وتعالى-..

وقرار المحاكم المصرية لم يرفع عنا ظلماً ولا استبداداً، ولم ينقذنا من المجرمين

الجناة، ولا نريد أن يستغلنا ظالم ضد ظالم آخر.

محاولة اغتيال (أبو باشا) :

سارعت أجهزة الإعلام المصرية إلى اتهام الإسلاميين، وتحركت أجهزة

الأمن والمباحث والمخابرات، فاعتقلت من لم يكن قد اعتقل منهم قبل أن يظهر أي

دليل على تورط أية جهة بهذا الحادث.. وقلنا فيما مضى: أن هذا الموقف من

السلطة يخالف أبسط معاني الديمقراطية، ويتعارض مع سيادة القانون.

وبعد هذه المحاولة بأيام نشرت صحيفة القبس الدولي خبراً في صفحتها

الأخيرة وتحت عنوان (أسرار العرب) قالت فيه: (إن عصابة من عصابات

تهريب المخدرات كان حسن أبو باشا وعدها بتمرير صفقة من صفقاتها الكبيرة

ونكث بوعده فحاولت قتله) ، ولصحيفة القبس مصادرها المهمة، وفضلاً عن ذلك

فما من أحد يتهمها بتعاطفها مع الجماعات الإسلامية.. وما الذي يمنع أن يكون الذي

أطلق النار على وزير الداخلية السابق أطلق لحيته لتتجه الأنظار إلى غير الجهة

التي أقدمت على اغتياله؟ ! .

إن اللحية اليوم ليست وقفاً على الإسلاميين وحدهم، فكثير من الوجوديين

وغيرهم يطلقون لحاهم، ولبس (الجلباب) ليس مستغرباً في مصر، فكيف تتجاهل

السلطة هذه المسلمات وتلصق المحاولة بالإسلاميين؟ ! .

ولنفترض جدلاً بأن مجموعة من مجموعات الجهاد هي التي نفذت هذه العملية، فهذا الافتراض يضعنا أمام سيل من الأسئلة:

تعلم السلطة -وعلمها واسع في ذلك- بأن المنتسبين للجهاد مجموعات وليسوا

مجموعة واحدة، وكل مجموعة تضم عشرات أو مئات من الأفراد، وليس لهذه

المجموعات صلات تنظيمية مع بعضها البعض، والذين نفذوا العملية اثنان

ويستحيل انتسابهم إلى عدة مجموعات.. فلماذا أقدمت السلطة على اعتقال

المجموعات كلها؟ ! بل إن الذي نعلمه أنها قد اعتقلت مجموعات كبيرة لا علاقة لها

بمجموعات الجهاد، وإذن فالقضية عندهم ليست محاسبة الذين نفذوا العملية ومن

وراءهم، وإنما القضية إعلان حرب ضد العاملين للإسلام.

ومن جهة ثانية فنحن لا نعرف عدد الذين اعتقلوا ولا أحد يعرف ذلك، وإن

كنا نعلم بأن العدد كبير بسبب كثرة الذين يشتكون من اعتقال أقربائهم، وتذكر

الصحف أن عدد الذين اعتقلوا يتراوح بين (٢٥٠٠) إلى (٥٠٠٠) والذين ينتظرون

الاعتقال ضعف هذا العدد أو يزيد، ومن الأعراف الديمقراطية أن السلطة تعلن

أسماء الذين اعتقلتهم، فأين وزير الداخلية من مراعاة هذه الأعراف؟ ! ...

ولكن النظام البوليسي الإرهابي يسمي الأمور بغير مسمياتها! ! .

ومن جهة ثالثة فمما فُطِر عليه المسلم حب الخير، وكره الإرهاب والعنف

والبطش، ولكن الذين يتحدثون عن موقف الإسلام من الإرهاب عليهم أن ينظروا

إلى الأمور نظرة شاملة عميقة ليست فيها سطحية ولا خداع.. وهذه النظرة تفرض

علينا أن نقلب صفحات تاريخ وزير الداخلية السابق، ونبين حقيقة موقفه من

الجماعات الإسلامية:

- منذ بداية السبعينيات كان اللواء حسن أبو باشا من كبار الضباط في مباحث

أمن الدولة، وفي عام ١٩٧٥ جرى تعيينه مديراً عاماً لمباحث أمن الدولة.

- كان اللواء حسن أبو باشا المسؤول الأول عن تصفية تنظيم ما يسمى بـ (التكفير والهجرة) ، وأثبت براعة نادرة عندما ورَّط هذا التنظيم في مقتل الشيخ الذهبي -رحمه الله- عام ١٩٧٧م.

- أصبح اللواء حسن أبو باشا مساعداً لوزير الداخلية -النبوي إسماعيل-

لشؤون مباحث أمن الدولة، وكان المسؤول عن تعذيب الذين تم اعتقالهم إثر هلاك

السادات.

- وعندما أصبح وزيراً للداخلية عام ١٩٨٢, استعمل أساليب كثيرة في تعذيب

المعتقلين منها ما أسماه المواجهة الفكرية مع المعتقلين، وكان يستخدم التلفاز

والصحف وعلماء السلطة في شتم المعتقلين والإساءة إليهم.. وقد أقدم على فصل

عدد غير قليل من رجال الشرطة لأنهم رفضوا تنفيذ أوامره الجهنمية في تعذيب

الدعاة المعتقلين..

كان (أبو باشا) يزاول مع رجاله تعذيب المعتقلين بالصعق الكهربائي،

وبالضرب بالعصي الغليظة والكابلات والأسلاك المفتولة والكرابيج.. وقد هتكوا

أعراض بعضهم من الرجال والنساء..

وليست هذه اتهامات يطلقها خصومه بدون دليل.. لقد أكدت المحاكم المصرية

صحة ما ذكرناه.. ومن شاء فليعد إلى محاضر هذه المحاكم.. فكيف يتناسى أدعياء

الديمقراطية جرائم حسن أبو باشا ويستنكرون دفاع الشباب عن أنفسهم وأعراضهم

ضد هذا الوحش الكاسر؟ ! .

يا أصحاب العقول، ويا أهل المروءة: أرأيتم هذا الاستهتار بعقول الناس..

أرأيتم هؤلاء الذين يتباكون على حسن أبو باشا الذي مارس الإجرام طوال عمره..

هذا الذي حاول القضاء على أعز ما تملكه مصر -العقيدة والرجال-، وبعد ذلك كله

فنحن لا ندري -وكما قلنا قبل صفحات- هل الذين حاولوا اغتيال وزير الداخلية

السابق هم من الإسلاميين أم لا ولا نثق بما تقوله السلطة المصرية، ولا نبرر

العنف.. ولكن العنف يقود إلى العنف، والمسألة يجب أن تعالج بكل أبعادها

ونتائجها.

زكي بدر.. وعام الحسم:

قال وزير الداخلية المصري زكي بدر [وهو أحد تلامذة حسن أبو باشا] :

إن عام ١٩٨٧ هو عام الحسم مع الجماعات الدينية المتطرفة -على حد ... زعمه - ويعنى بذلك طبعاً: الجماعات الإسلامية على الإطلاق.

والحديث عما يسمى بعام الحسم اصطلاح مؤسف أكثر من ترداده أساتذة زكي

بدر فيما مضى، وحسم الله سني عمرهم وأراح المسلمين من شرورهم وأكاذيبهم..

ونحن نسأل الله أن يصلح زكي بدر ويشرح صدره للحق، وسنكون من السعداء

بتوبته وعودته إلى كنف ربه -إن شاء الله-.. وهكذا الدعاة يفكر زكي بدر وأمثاله

كيف يقضون عليهم، ونحن نسأل الله أن يهدي هذا الظالم وغيره إلى الحق، ولهذا

فنحن نقول له ولمن هم وراءه:

إن مشكلة مصر ليست مع الدعاة إلى الله -سبحانه وتعالى-، وإنما مشكلتها

مع المجرمين الذين سرقوا أموال الأمة وخيراتها، وتركوها قاعاً صفصفاً، وليس

هذا أيضاً اتهاماً نتهم به السلطة، إن القضايا التي رفعت في المحاكم المصرية ضد

بعض الوزراء تشهد على ذلك، وإن الوثائق التي تنشر ضد أسرة فرعون وأصهاره

في واشنطن وغيرها تشهد على ذلك أيضاً.

ومشكلة مصر ليست مع الدعاة إلى الله -جل وعلا-، وإنما مشكلتها مع تجار

المخدرات، ومعظمهم من كبار ضباط المباحث والمخابرات والشرطة وأهل الرقص

والغناء.. وهؤلاء من أهم أسباب تدهور الاقتصاد المصري، ولو حُلت هذه القضية

لانتعش الاقتصاد من جديد ولكن (حاميها حراميها) . والمخدرات تصدرها إسر ائيل، ... وهذه سياسة قديمة منذ أيام نائب (هُبل) في الخمسينيات والستينيات. ...

- مشكلة مصر مع الخونة العملاء الذين زينوا لها الباطل، وزعموا أنها ...

سوف تتحول إلى جنات تجري من تحتها الأنهار إذا هي استسلمت لإسرائيل..

وبعد هذا الإذلال تراهم يحرصون أشد الحرص على عزلة مصر وضعفها وهوانها، وهؤلاء أول من يعلم أنه ليس هناك من داعية إسلامي صادق يقبل الصلح مع

إسرائيل، وسوف يقود هؤلاء الأبطال كتائب محمد -صلى الله عليه وسلم- وأبي

بكر وعمر، وليس كتائب كسرى وأشباه كسرى.. سيقود هؤلاء الأبطال كتائب

الجهاد لتحرير الأقصى مهما طال الليل وادلهم الخطب.

- والذين أوهموا زكي بدر أن عام ١٩٨٧ هو عام الحسم مع الجماعات

الإسلامية لا يريدون الخير لمصر ولا لشعب مصر.. ومشكلة أكثر [العساكر] ،

أنهم لا يقرأون التاريخ ولا حتى الجغرافيا، ولا يتعظون بما حل بأقرب الناس إليهم.

لقد ظن الإنكليز وعملاء الإنكليز في مصر أن إبعاد الداعية الإسلامي

المجدد الشيخ حسن البنا -رحمه الله- عن الانتخابات في الأربعينيات يعنى القضاء عليه وعلى جماعته.. وظنوا أن عام الحسم عندهم سيكون في قتل حسن البنا -رحمه الله-.. وفي الثمانينات أي بعد أربعين عاماً نجح في الانتخابات ستة وثلاثون نائباً من حملة دعوة البنا، ومنهم ابنه.. ورحل الإنكليز وعملاء الإنكليز، ونسأل الله أن يلحق بهم الأمريكان وعملاؤهم (وليس بين هذا المثال وموقفنا من الانتخابات والديمقراطية أي تناقض) .

وظن الذين أعدموا الداعية الإسلامي الأستاذ سيد قطب -رحمه الله- أن عام

١٩٦٥ هو عام الحسم فحسمهم الله وبقيت أفكار سيد قطب، وهو القائل -رحمه

الله-:

«إن كلماتنا ستبقى عرائس من الشموع، فإذا متنا في سبيل الله دبت فيها

الحياة، وانتفضت حية بين الأحياء» .

وفعلاً دبت الحياة في ما كان يدعو إليه بعد استشهاده، وكانت كتبه في

الستينيات تكتب داخل مصر بخط اليد ويتناقلها الشباب.

لا يتسع المقام لمزيد من الاستطراد.. ومسكين -والله- زكي بدر، كيف

يجهل أو يتجاهل تاريخ بلده القريب والبعيد.. يجهل أو يتجاهل وزير الداخلية أن

الشعب المصري لا يتمسك بشيء كما يتمسك بعقيدته الإسلامية، ولا يقبل المساومة

عليها بحال من الأحوال.

يجهل أو يتجاهل هذا المسكين أن مصر التي لفظت العبيديين والشيوعيين

والفراعنة والإنكليز.. هي مصر التي سوف تلفظ اليهود والأمريكان وعملاءهم في

الداخل -إن شاء الله-.

- وتزعم السلطة أن مجموعة أو بعض مجموعات الجهاد اتصلوا بالعبيديين

خارج مصر، ومع شكنا بكل ما يقولون ويرددون؛ فسوف نفترض جدلاً أن هذا

الاتصال قد تم فعلاً.. وهو عند العلماء الدعاة المخلصين داخل مصر وخارجها

انحراف غير مقبول مهما كانت تبريراته وأسبابه، وكما قلنا في بداية هذا المقال:

إن العبيديين وعملاءهم في البلدان العربية يتطلعون إلى احتلال مصر من جديد أو

إلى إشعال الفتن والاضطرابات فيها.. ولكن كيف تطوق هذه الفتنة؟ ! فالذين

يتعاملون حقيقة مع اليهود والأمريكان ومع الشيطان.. هؤلاء أعجز وأضعف عن

مواجهة الذين يُتهمون بالتعامل مع العبيديين.

ونؤكد مرة أخرى: إن القادرين على تطويق هذه الفتنة هم العلماء المخلصون

من الدعاة داخل مصر وخارجها عندما تتاح لهم حرية مخاطبة المغرر بهم من

الشباب بصورة مستقلة ليس فيها مباحث ولا إرهاب.. وعندئذ سوف يفضح هؤلاء

العلماء تاريخ العبيديين، وتعاونهم في القديم والحديث مع كل عدو للإسلام..

وسيبينون للمغرر بهم عقائد وتصورات هؤلاء الغلاة، وسيكون هذا الحديث بالأرقام

والأدلة والبراهين، وعندما يقول هؤلاء الشباب المغرر بهم: إن إرهاب زكي بدر

وغيره ألجأنا إلى اتخاذ هذا الموقف نقول لهم:

هؤلاء أشد ظلماً وأكثر لؤماً ممن تشكون منهم، فأنتم كالمستجير من الرمضاء

بالنار.. وإذا كان هناك من يقبل التعاون مع العبيديين فهم قلة والحمد لله، ومعظم

الشباب في مصر يفهمون دينهم، ويمتازون بسلامة العقيدة والحمد لله.

وبعد:

هذه خواطر كتبناها على عجل، آملين أن يعيد العقلاء النظر بمواقفهم،

فالعصاة المجرمون نسأل الله أن يرزقهم التوبة، وينصرفوا إلى تتبع المخربين

الهدامين، ويمدوا يد العون والمساعدة للشباب الدعاة الذين لا يريدون مغانم ولا

مكاسب في هذه الدنيا الفانية.

والذين يعلقون آمالاً عريضة على النظام الديمقراطي نقول لهم:

اتعظوا بتجارب غيركم، ولا تستسمنوا ذا ورم! والخطاب يفهم من عنوانه،

فانظروا كيف تم استقبالكم.. ولعل الله أن ينفع بكم، ولكن لا تكونوا شهود زور

على نظام يسمي الاستبداد ديمقراطية.

والشباب الذين يتسرعون في اتخاذ مواقف تحتاج إلى روية وإلى خبرة في

الأمور.. لهؤلاء نقول:

كفاكم فوضى وتخبط، ولا تظنوا أنكم تعيشون على هذا الكوكب وحدكم، ولا

تسيئوا الظن بإخوانكم من الذين يختلفون معكم فيما تذهبون إليه.. واعلموا بأن

المسلمين لن يحققوا أهدافهم إلا بوحدة كلمتهم، وصدقهم مع ربهم، والتزامهم بكتاب

الله -جل وعلا- وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

إن ظروف مصر الاقتصادية تزداد سوءاً يوماً بعد آخر، والسلطة ضعيفة

وسوف تركع أخيراً أمام أوامر صندوق النقد الدولي، وسوف تكون هذه الأوامر

على حساب مصالح الفقراء المعدمين، وأعداء الإسلام داخل النظام سوف يزينون

للظلمة أهمية ضرب الاتجاه الإسلامي ليكسبوا عطف اليهود والأمريكان والسوفييت

والتصدي لهذا الموقف يحتاج إلى رواد وعقول وتجرد لله، وأخذ بالأسباب

الشرعية، والذي أقدم على حل المجلس النيابي فجأة، وقبل بضعة أشهر، قد يحله

مرة أخرى فأمر هذا المجلس بيده، أما أمرنا فبيد الله -سبحانه وتعالى-، وما علينا

إلا فعل الأسباب.

[ويَمْكُرُونَ ويَمْكُرُ اللَّهُ واللَّهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ]