الانتفاضة
من وجهة نظر العدو
عندما انطلق الشعب الفلسطيني الأعزل في انتفاضته في مواجهة عساكر
اليهود المدججين بالسلاح، طلع قادة اليهود بتهديدهم ووعيدهم من أنهم سيضربون
هذه المرة يبد من حديد، وسيسحقون الانتفاضة ويستأصلونها من جذورها وأنهم
على يقين من أن " أعمال الشغب " غير المجدية هذه سوف لن تلبث أن تنطفئ في
غضون أيام معدودة، كما توجه الزعماء اليهود بالنصيحة إلى الفلسطينيين من أجل
وقف أعمالهم تلك التي لن تحقق لهم أي هدف مهما صغر، وأن هذه الانتفاضة من
المستحيل أن تؤثر في إسرائيل وقوتها.
وبعد انقضاء ما يزيد على ستة عشر شهراً على تلك التصريحات والتهديدات
، فإن الانتفاضة مازالت مستمرة وبنفس الاندفاعة الأولى إن لم تكن أشد، على
الرغم من كثرة الضحايا الذين سقطوا بالرصاص اليهودي، وبالرغم من كل المآسي
التي لحقت بالشعب الفلسطيني طوال تلك الفترة فما زال ذلك الشعب بكل فئاته،
شبابه وشيوخه ونسائه وأطفاله، واقفاً راسخ القدمين، يداً واحدة يرجم اليهود غير
آبه بعددهم ولا عدتهم.
ولنا - في هذا المقام - أن نلقي نظرة مماثلة على الطرف الآخر من معادلة
الانتفاضة هذه حتى نرى الصورة الواضحة لما يجري على أرض فلسطين.
وإلى القارئ الكريم طرفاً من تصريحات أولئك القادة والضباط والمفكرين
والعساكر، ولكن بعد مرور ستة عشر شهراً من عمر الانتفاضة، اقتطفناها من
بعض الصحف والمجلات العالمية، ونتبعها بتعليقات موجزة لمراسلي هذه الصحف
ممن وقفوا على جانب من الأحداث هناك:
" إننا في مقاومتنا للانتفاضة نعمل على تآكل طاقات الجيش البدنية والفكرية ".
يوش ساريد، عضو في الكنيست - مجلة التايم ٣٠/١/١٩٨٩
" إنه من غير الممكن القضاء على الانتفاضة، ذلك أنها تعبر في جوهرها
عن كفاح أمة ".
دان شومرون، رئيس الأركان الإسرائيلي - الإيكونومست ٢٨/١/١٩٨٩
" إن بمقدرة دولة إسرائيل التغلب على خمسة جيوش عربية، إلا أنه ليس
بمقدورها التغلب على الانتفاضة ".
موشي قعوز، بروفيسور في الجامعة العبرية -التايمز ١/٢/١٩٨٩
" إن العنف الذي نستخدمه ضد الأهالي يُذكي لدى الفلسطينيين روح
الإحساس بالقومية، ويقوي من شأن العرب، في حين أن إسرائيل آخذة بالضعف ".
جنود إسرائيليون - الإيكونومست ٢٨/١/١٩٨٩
" إنها (الانتفاضة) تمزقنا إرباً وتقوي العرب، الحل السياسي هو المخرج
الوحيد الذي ينقذنا من هذه المهانة ".
جنود إسرائيليون - مجلة التايم ٣٠/١/١٩٨٩
" إنني كإنسان أشعر بالإنهاك بسبب الانتفاضة، إنها تحطمني ".
جندي إسرائيلي - مجلة التايم ٣٠/١/١٩٨٩
" ما من شيء قد التهم قلب المؤسسة العسكرية الإسرائيلية - منذ غزو لبنان
- مثلما فعلت الأشهر الأربعة عشر الماضية من القتال المر ضد الأطفال وحجارتهم
".
" في العام الماضي صدرت توجيهات إلى الجنود:
بضرب المتظاهرين.
إسقاط الحجارة عليهم من طائرات مروحية.
ضربهم بالقنابل المسيلة للدموع.
ضربهم بالأعيرة المطاطية والبلاستيكية.
إلا أنه ما من واحد من تلك الأساليب أدى مفعوله في إيقاف الانتفاضة، حتى
إن بعضاً من أعضاء حزب (ليكود) أخذوا يشككون في جدية أية إجراءات جديدة ".
" إن الجيش لا يواجه هزيمة عسكرية، بل هزيمة معنوية ".
ماك جيري-مجلة التايم
" لاخلاف في مدى الإحساس بالقلق والاحباط المتزايدين اللذين تواجههما
إسرائيل في مواجهتها للانتفاضة ".
" يبدو أن الآمال في وضع نهاية للانتفاضة في أوساط الجيش قد انهارت ".
مراسل الايكونومست