المسلمون والعالم
[نحو معالجة أعمق للوضع في اليمن]
بقلم:أيمن بن سعيد
رفعت الحكومة اليمنية في الآونة الأخيرة شعار محاربة الفساد والقضاء عليه،
ومع أنه شعار جميل براق لايسع مخلص رفضه، إلا أن تحليلات المتابعين للساحة
اليمنية اختلفت في تحديد الدوافع الحقيقية التي حدت بالحكومة اليمنية إلى رفعه:
فطائفة ترى أنه مجرد محاولة امتصاص لغضبة الشعب نتيجة المعاناة الكبيرة
التي لحقته من جراء تردي قيمة الريال اليمني وإنخفاض معدل دخل الفرد بصورة
مفزعة.
وطائفة ترى أنه مجرد تحسين للصورة ونكاية بـ (التجمع اليمني للإصلاح)
الشريك الثاني في الحكم الذي انسحب وزراؤه من جلسة مجلس الوزراء التي أقرت
فيها الحكومة تنفيذ المرحلة الثانية من ما يدعى بـ (عملية الإصلاح الاقتصادي) ،
وأصدر مجلس شورى الإصلاح بياناً اعتبر تنفيذ الحكومة للمرحلة الثانية من
الإصلاحات الاقتصادية مجرد إجراءات تنحصر فقط في جباية الأموال؛ مما يثقل
كاهل المواطن ويشغله بلقمة عيشه وذويه، فضلاً على أن الإصلاحات لاتأتي ضمن
برنامج للإصلاحات جاد وشامل.
وطائفة ثالثة ترى أن صناع القرار الغربي قد أغاظهم توجه الجماهير اليمنية
القوي نحو الإسلام، وما يوجد في التركيبة القبلية اليمنية من عزة ونخوة وخلال
حميدة؛ فأوحوا إلى رموز (التيار الليبرالي) داخل الحكومة اليمنية بالقيام بتنفيذ
مخططاتها لإذلال أهل اليمن وتركيعهم والحط من كرامتهم؛ تحت ستار تنفيذ شروط
صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمتطلبات الدولية للمرحلة الراهنة، وبالتالي:
قاموا برفع هذا الشعار (محاربة الفساد) لتحسين صورتهم أمام العامة وتعليق نفوس
الأمة بذلك؛ بغرض إلهائها عن المخطط الذي يقومون بتنفيذه نيابة عن صناع
القرار في تلك العواصم التي تسوءها التركيبة الاجتماعية للشعب اليمني والتوجه
الإسلامي لديه.
وترى طائفة رابعة أن عملية رفع شعار محاربة الفساد جزء من حملة
انتخابية مبكرة يقوم بها المؤتمر الشعبي العام، وذلك باعتبار أن قضية الفساد وسبل
القضاء عليه ستكون محوراً مهمّاً من محاور الحملات الانتخابية للأحزاب اليمنية
عام ١٩٩٧م، الذي من المتوقع أن يكشف كثيراً من غسيل الحكومة الراهنة، التي
يعتبر المؤتمر الشعبي الحاكم الفعلي داخلها وصاحب النفوذ الحقيقي فيها؛ مما يعني
إلصاق تهمة الفساد به وتعرية كوادره، ففي رفعه المبكر لهذا الشعار قبل طرحه من
قبل الأحزاب الأخرى تبرئة له ومبادرة منه في كسب عواطف كثير من عامة
الشعب اليمني قبل غيره، وإذا صاحب ذلك تغيير للحكومة اليمنية الحالية، وإيكال
إدارة دفة البلاد إلى حكومة جديدة، فإن ذلك يعني إفشالاً للدعايات الانتخابية لكثير
من الأحزاب اليمينة؛ نظراً لكون التهمة بتعاطي الفساد وحمايته ستوجه الى حكومة
منحلة.
ومع هذا التشكيك القوي من قبل المتابعين للساحة اليمنية في مصداقية طرح
محاربة الفساد والقضاء عليه، إلا أنه لايسعنا إلا تأييد هذا الشعار والمطالبة الجادة
بتنفيذه؛ باعتبار أن من رسالة علماء الصحوة الإسلامية وأبنائها محاربة الفساد
والعمل على استئصاله؛ ولذا: فسأحاول في هذه المقالة -مستعيناً بالله (تعالى) -
العمل على تحديد طبيعة ذلك الفساد المستشري ذاكراً بعض صوره ومجالاته البارزة، التي في ظني لو استوعبتها الحكومة اليمنية واتخذت خطوات جادة وكافية
لمحاربتها: فإن مواجتها للفساد ستكون أعمق وأبعد عن المهاترات الحزبية والتسابق
الانتخابي على رجل الشارع اليمني لجذبه وكسب صوته.
تحديد طبيعة الفساد وصوره:
الفساد هو الخروج عن الاستقامة وتغير الشيء عما كان عليه من الصلاح،
ونظراً لاختلاف الأفراد والدول والمجتمعات في تحديد الضوابط التي يُتعرّف
بواسطتها على صلاح الأشياء من فسادها؛ نتيجة الاختلاف في القيم والمبادئ التي
يُسار عليها، فإن الحكومة اليمنية وهي في بلاد الإيمان والحكمة، وفي دولة تعلن
في دستورها أن دينها الإسلام وأن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريعات التي
تسير عليها مطالبة بأن تجعل النصوص الشرعية الصحيحة والأدلة الشرعية التي
اعتبرتها هي المعيار التي تتعرف به على صلاح الأشياء في اليمن من فسادها.
وحين يتم تطبيق هذا المعيار على الوضع في اليمن وقضاياه سنجد صوراً
ومجالات كثيرة للفساد ولعل من أوضحها وأضخمها:
١- الانحراف العقدي:
ويأخذ هذا الانحراف في اليمن اتجاهين:
أ- غيبة المفاهيم والقيم الإسلامية الصحيحة لدي كثير من أبناء الشعب اليمني
المسلم، ابتداءً بمفهوم (لا إله إلا الله) الذي تلقاه المسلمون الأولون على أنه مفهوم
يبلغ من الضخامة أن يزيل واقعاً بشرياً فاسداً بأكمله من حياة الأفراد والمجتمعات،
وينشيء بدلاً منه واقعاً جديداً مختلفاً عنه كل الاختلاف في كافة جوانب الحياة لايند
منها شيء ... إلى أن صار ذلك المفهوم العظيم في عصرنا مجرد كلمة ينطقها
بعضهم بلسانه دون فهم لمعناها، فكيف بالعمل بمقتضاها: من التسليم بما جاء من
عند الله (تعالى) ، والعمل بقدر الطاقة بمقتضي ما أنزل سبحانه، ومروراً بمفهوم
العبادة، الذي قصره بعضهم على شعائر تعبدية يؤدونها بشكل خال من التدبر
والخشوع بعد أن أخرجوا منه الأخلاق والأعمال.
ومروراً بمفهوم الولاء والبراء الذي حوله كثيرون من حب لعباد الله المتقين،
مهما نأت ديارهم واختلفت ألسنتهم وأنسابهم، إلى حب على أساس العرق والأرض
والحزب.
ومروراً بمفهوم القضاء والقدر، الذي كان يعني التوكل على الله (عز وجل)
مع الأخذ بالأسباب إلى أن صار في حياة كثيرين تواكلاً وإهمالاً للأخذ بمسببات
القوة والطرق المؤدية للنجاح.
وغاب استيعاب كثير من الأفراد والتجمعات لرسالتهم في الحياة من خضوع
وانقياد لله (تعالى) ، ودعوة للخلق إلى ذلك، وصار الهمّ الأعظم والجهد الأكبر
متجهاً نحو تحقيق شهوات البطن والفرج.
كما غاب ذلك التوازن الجميل بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة؛ الذي كان فيه
عمل الدنيا جزء من عمل الآخرة، وكان الفرد فيه مطالب بأن يعمل لآخرته كأنه
يموت غداً، ومطالب بأن يعمل لدنياه كأنه يعيش أبداً، وصار الحال إلى مجرد
تعلق بالملذات أو ارتباط بالخرافات بشكل أهملت فيه عمارة الأرض وطلب العلم
والأخذ بأسباب النهوض والقوة.
ب- تفشي العديد من المنكرات العقدية الضخمة ابتداء بشرك الجاهلية الأولى: من طواف حول القبور، والذبح، والنذر، والدعاء لها، إلى وجود طوائف
وأحزاب ومؤسسات تقوم على مبادئ وأسس مناقضة للإسلام، وتسعى بجد وعزم
إلى نشرها.
٢- الخلل الاقتصادي:
ويتمثل ذلك في جوانب متعددة من أبرزها:
أ- قيام اقتصاد الدولة على الربا إذ البنوك الربوية هي الركيزة، والمعاملات
الربوية داخلة في أكثر معاملات الدولة المالية الداخلية والخارجية، والحكومة تحث
الناس وتشجعهم بمارسة ذلك مع ما فيه من محاربة الله (تعالى) .
ب- اعتماد الدولة في توفير قوت شعبها على الاستيراد، مع أن اليمن بلد
زراعي بالدرجة الأولى تتوافر فيه كافة المناخات، ويملك ساحلاً بحرياً يزيد على
٢٠٠٠كم.
وبإمكان اليمن -لو صدقت النوايا- وتم الأخذ بأسباب النجاح أن تكتفي في
هذا الجانب محلياً، بل وتقوم بالتصدير خارجياً.
ج- احتكار الاستيراد وسيطرة حفنة لاتتجاوز أصابع اليدين على أقوات الناس
ومصالحهم.
د- العبث بالمال العام واختلاس بعضهم لجزء كبير منه قبل أن يدخل في
خزينة الدولة وبعد دخوله بطرق كثيرة مباشرة وغير مباشرة.
هـ- إسناد إدارة دفة الاقتصاد في اليمن غالباً الى حفنة متهمة من قبل قطاع
عريض من الشعب بالضلوع في الفساد وحمايته وإقصاء المخلصين ومضايقتهم عن
الإسهام في إدارته بطرق جلية وملتوية تضطرهم للاستقاله.
٣- خلل مؤسسات التربية والتوجيه:
لا تقوم مؤسسات التربية والتوجية في اليمن بدورها المنشود في إعداد الإنسان
الصالح وتكوينه، فمثلاً:
في القطاع التعليمي نجد:
أ- المناهج التعليمية باستثناء مناهج المعاهد العلمية جلها غير مؤهلة بشكل
جيد للإسهام في تنشئة الإنسان الصالح القوي إيمانياً وفكرياً ومادياً، وهي مع ذلك
غير ميسرة في أيدي الطلبة في مناطق كثيرة من اليمن.
ب- الكوادر القائمة على العملية التعليمية تدريساً وإدارة وإشرافاً غير مؤهلة
في كثير من المدارس والمعاهد والكليات اليمنية للقيام بالدور المنوط بها، بالإضافة
إلى أن كثيراً منهم لديه توجهات فكرية منحرفة وسلوكيات سيئة.
ج - تنتشر في القطاع التعليمي اليمني ظاهرة بيع الشهادات بشكل يجعلها
تتجاوز حد الظاهرة ويوصلها الى مرحلة المشكلة مما يلزم المعالجة العاجلة.
د- كثير من المباني المدرسية غير صالحة وجل الوسائل التعليمية غير
متوفرة.
وفي القطاع الإعلامي نجد:
أن مؤسسات الدولة الإعلامية والكثرة الكاثرة من المؤسسات الإعلامية الحزبية
والأهلية، لا تتبنى، ولا تعمل على نشر قيم الشعب اليمني ومبادئه الإسلامية، ولا
تقوم بالدفاع عنها؛ بل نجدها منشغلة في متابعة ذهاب وإياب وتصريحات رجالات
الدولة والمعارضة والثناء أو الذم لأقوالهم وتصرفاتهم.
بالإضافة الى تبني كثير منها للفساد الفكري والأخلاقي المنافي لأصل الإسلام
أو القادح في كماله، هذا مع ندرة البرامج والكتابات الجادة التي تسعي للبناء
والمعالجة حتى ولو من منطلقات قومية أو وطنية فكيف بالبرامج والكتابات
المنضبطة بالضوابط والمعايير الشرعية.
٤- الخلل الإداري:
وله صور عديدة منها:
أ- قوانين الدولة وأنظمتها قديمة عفا عليها الزمن، ولم يدخلها التحديث، فهي: إما إرث من قوانين ما كان يدعى (الجمهورية العربية اليمنية) والمأخوذة بدورها
من القوانين المصرية المستوردة من القوانين الفرنسية والإنجليزية، وإما إرث من
القوانين الاشتراكية فيما كان يدعى بـ (جمهورية اليمن الديمقراطية) .
ب- المركزية العقيمة في وزارات الدولة المختلفة، التي تجعل المواطن في
جل معاملاته الحكومية المهمة محتاجاً لمراجعة العاصمة صنعاء لإنهائها.
ج- الأثر القبلي والحزبي والمناطقي الملموس في التوظيف والتعيين والترقية
في المؤسسات العسكرية والمدنية وغياب مبدأ وضع الرجل المناسب في المكان
المناسب؛ مما جعل كثيراً من مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية تقوم في الغالب
على تكتلات قبلية أو حزبية أو مناطقية.
د- ما استفاض من العبث في سجلات الدولة بحيث تصرف بعض المرتبات
لأموات أو لشخصيات وهمية أو يقوم الفرد الواحد بشغل الكثير من الوظائف بأسماء
وبطاقات شخصية متعددة.
هـ الوضع المتردي في مؤسسات الدولة الرقابية: إما نتيجة لوجود أشخاص
غير مؤهلين على رأسها، أو لعدم توفر الإمكانات اللازمة للقيام بالدور الرقابي على
مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية على الأقل بشكل مقبول، وقد نتج عن ذلك:
عدم التزام جل موظفي الدولة بالدوام الرسمي بحيث لا تكاد مدة عمل أحدهم
يومياً في جل مؤسسات الدولة تتجاوز ثلاث ساعات.
تلاعب الموظفين في إنجاز معاملات المراجعين والعنت الكبير الذي يلاقية
عامة الشعب من جراء ذلك.
تفشي ظاهرة الرشوة في أوساط بعض الموظفين صغاراً وكباراً الى حد جعل
منها مشكلة كبيرة، وما تنتجه من ثمار نكدة من ظلم للعباد وأكل لأموال الناس
بالباطل.
٥- صور أخرى للخلل:
أ- تفلت جل تعاملات الدولة الخارجية وعلاقاتها الدولية من أحكام الشريعة
الإسلامية.
ب- ما تقوم به بعض الجهات من أندية رياضية ومؤسسات فنية من إبعاد
شباب الأمة ذكوراً وإناثاً عن الواجب الشرعي الملقى على عواتقهم في التربية
والبناء.
ج- التفلت الأمني وارتفاع معدلات الجريمة بصورة ملحوظة وتكون عصابات
جماعية لممارسة السرقة والنهب ... إلخ.
د- تسخير موارد الدولة وإمكاناتها المختلفة لخدمة رموز وكوادر الحزب
الأقوى في الحكومة، والعمل من خلالها على زيادة المنتسبين والمؤيدين له من
العامة عن طريق الإغراء تارة والتهديد تارة أخرى تمهيداً كما يبدو للانتخابات
القادمة.
هـ- المنكرات والمعاصي المتفشية داخل قطاع كبير من المجتمع اليمني:
كإضاعة الصلاة وعدم إخراج الزكاة، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
والظلم للخلق، وأكل أموالهم بالباطل؛ مما يثير الأحقاد والضغائن بين الناس.
وليس الهدف هنا استقصاء صور الفساد الموجودة، وإنما لفت أنظار
الصادقين الى جزء منها للعمل العاجل لعلاجها.
كيف تصلح الأوضاع؟
إذا كان الواقع بهذا الشكل المخيف فإن المعالجة الجادة له لابد أن تكون عميقة
بعيدة عن السطحية والارتجال والتعامل الجزئى. بحيث يبحث عن الأسباب
الحقيقية التي أدت الى تلك المشكلة الضخمة من إعراض عن تعلم الشرع الصحيح
وتطبيقه في جل جوانب الحياة وقصره على قضايا الأحوال الشخصية كناحية
تطبيقة، أو جعله دستورياً دين الدولة ومصدر تشريعاتها كناحية دعائية.
ومن فشو الجهل والأمية الكتابية والفكرية، ومن الركون إلى الذين ظلموا
وإيساد للأمر (تخطيطاً وتنفيذاً ومتابعة) في جل المواقع الى غير أهله.
ومن ذنوب ومعاصٍ كبيرة وصغيرة يحارب بها الله (عز وجل) على مستوى
المؤسسات الحكومية والأهلية وعلى مستوى الأفراد.
نعم: لابد من دراسات توصيفية تأصيلية لقضية الفساد (طبيعة، وأسباباً،
وآثاراً، ومعالجة) بحيث تكون محاربته جزءاً من مشروع نهضوي متكامل، يعالج
فيه فساد الفرد، كما يعالج فيه فساد المؤسسات والمجتمعات، ويعالج فيه فساد
الحكومة، كما يعالج فيه الفساد الموجود لدى كثير من طوائف وطبقات الشعب.
ويحرص فيه على تصحيح الفساد العقدي والأخلاقي والتربوي، كالحرص
على تصحيح الفساد الاقتصادي والإداري والمالي أو أشد.
وإذا بان ذلك عزيزي القارئ ظهر لك أن شعار الفساد يصبح شهاراً أجوفاً إذا
كانت المعالجه تتم بطرق جزئية وسطحية: كفصل مرتشٍ صغير، أو سجن
مختلس ضعيف لا حماية حزبية أو قبلية له، أو نقل موظف من موقع الى آخر،
وحيث لم يتم بعد وضع العلاج الناجع والبدأ في الطريق الصحيح لمحاربة الفساد
ومعالجته؛ فإني أدعو كافة أهل اليمن الى عقد مؤتمر شعبي عام يشارك فيه علماء
اليمن الأخيار في كافة التخصصات ودعاتها الأبرار ورجالاتها المخلصون من كافة
شرائح المجتمع اليمني ومناطقه مهمته: توصيف قضية الفساد ومجالاته وتحديد
أسبابه وآثاره السيئة والطرق الصحيحة لمحاربته والقضاء عليه.
على أن يهيأ لمثل هذا المؤتمر رسمياً وشعبياً كافة سبل النجاح البشرية
والإدارية والمالية والإعلامية؛ ليكون خطوة تتبعه خطوات عملية مدروسة لمحاربة
الفساد والقضاء عليه.
وختاماً: فإن هذه السطور لا تعني القول بإطباق الفساد في اليمن كله فالخير
فيه كثير ولله الحمد. فهو بلد الإيمان والفقه والحكمة وموطن تنتشر فيه العادات
الحسنة والأخلاق والخلال الكريمة.
ولا يمكن لمتابع منصف أن يغض الطرف عن الجهود المبذولة في هذا السبيل
من قبل علماء اليمن ودعاتها والنخب المثقفة الغيورة على دينها وبعض رجال المال
والأعمال وشيوخ القبائل داخل التجمع اليمني للإصلاح وخارجه والجمعيات الخيرية
بفروعها المنتشرة في كافة محافظات الجمهورية، كما أن للحكومة جهد ملحوظ في
التنمية والتطوير لا يمكن تجاهله. وندعو الله أن تتضافر الجهود المخلصة
والأعمال الصادقة في كشف حقيقة الفساد ومحاربته فعلياً من قبل كافة أبناء اليمن:
علماء، ودعاة، وعامة.
كما أسأله أن يصون اليمن ويحميه ويحفظ عليه دينه النقي الخالص من
شوائب الشرك والخرافة، وأن يجنبه المخططات العلمانية الخارجية والداخلية التي
تطمح الى صرف الناس عن دينهم وإبعادهم عن شريعتهم وإلهائهم عن رسالتهم التي
خلقهم الله (تعالى) من أجلها عن طريق اتباع سياسة التجويع، وبالتالي: الإذلال
تارة وسياسة الإغراق في الفتن والشهوات تارة أخري.
... ... ... ... والله العاصم والهادي الى سواء السبيل،،