[حسن الحكيم وعبد العزيز نصرالله!]
أحمد فهمي
المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، وحزب الله في لبنان، ظاهرتان جديرتان بالدراسة والاعتبار، فكلٌّ منهما يمثِّل بحاله نهجاً مستقلاً في الخطاب والأداء والأثر، ورغم اختلافهما في ذلك إلا أنهما يتكاملان على نحو مدهش، وربما تزول الدهشة لو تناولنا ما يتفقان فيه قبل المختلف.
حزب الله والمجلس الأعلى هما أبرز منظمتين شيعيتين عربيتين تعتنقان مبدأ ولاية الفقيه على الطريقة الإيرانية، وكلاهما يعتبر مُرْشد إيران مرجعهم في التقليد.
وقد تأسس الحزبان في نفس العام ١٩٨٢م، وأشرف على تأسيسهما الحرس الثوري الإيراني برعاية الخميني، ولكل منهما جناح سياسي وآخر عسكري.
أما ما يختلفان فيه أو بالأحرى يتكاملان، فهو الخطاب والأداء، فالمجلس الأعلى ـ الذي يرأسه حالياً عبد العزيز الحكيم ـ يتم إبرازه على أنه زعامة سياسية عراقية مقبولة دولياً، فهو بالأساس مبرمج دولياً، وبالأخص فيما يتعلق بالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، ومرفوض شعبياً لدى الرأي العام العربي، ولذلك ليس غريباً أن يتم استقباله في البيت الأبيض وكأنه زعيم دولة.
بينما سبقه هادي العامري قائد فيلق بدر وسفاح العراق الأكبر إلى زيارة بريطانيا، حيث التقى مسؤولين في حكومة طوني بلير، وعقد ندوة في البرلمان البريطاني.
أما حزب الله فقد تمت برمجته شعبياً، أي: اختراق الرأي العام العربي، ولذلك أصبح مقبولاً من فئات عربية كثيرة، لكنه مرفوض دولياً، ولنتأمل الموقف الأمريكي المتناقض من كلا الحزبين رغم معرفة الأمريكيين أنهما وجهان لعُمْلة واحدة تصدر في طهران.. ألا يُعدّ ذلك نجاحاً لافتاً للمخطط الإيراني؟!
ومن علامات التناقض الأمريكي في المستنقع الإيراني ـ أيضاً ـ أن الحكيم يطالب بوش صراحة بعدم سحب القوات الأمريكية من العراق، بينما يقيم نصر الله لبنان ولا يقعدها ضد حكومة يعتبرها مواليةً للبيت الأبيض، وفي العراق يرفض الحكيم تماماً مناقشة اقتراح السُّنّة إقامة حكومة وطنية، في حين يعتبر نصر الله هدفه الأول في معركته السياسية الأخيرة: إقامة حكومة وحدة وطنية، بينما لا يزال العرب يراوحون ويريحون أنفسهم بالتحذير من الهلال الشيعي الذي أوشك أن يصبح بدراً مكتملاً.
وفيما يتعلق بالخطاب، فإنه يجب أن نثبت تفوق نصر الله في هذا المضمار بمراحل على عبد العزيز الحكيم، فرغم ازدواجية الخطاب لدى كليهما، إلا أن الأول يبدو أكثر احترافاً من الثاني، وربما يكون سبب ذلك اختلاف التخصص، فأحدهما شعبي والآخر دولي.
يتبادل قادة الأحزاب الشيعية هذه التقاسيم والتنويعات انسجاماً مع (المايسترو الإيراني) ، بينما تمارس أحزاب السُّنّة أداءً نشازاً، فلا زعماء مؤثرين للسُّنّة في لبنان، وفي العراق يبدو أكبر زعيمين للسُّنّة على طرفي نقيض، فالحزب الإسلامي أصدر بياناً مقتضباً تعليقاً على قرار توقيف الشيخ حارث الضاري، بينما شارك الأستاذ طارق الهاشمي في البيان المشترك مع الرئيس العراقي وعبد العزيز الحكيم؛ لاستنكار تفجيرات مدينة الصدر، وهو ما شجَّع نوري المالكي ـ رئيس الوزراء العراقي ـ أن يحتجَّ على زيارة الشيخ الضاري للأردن، وكأنه أصبح مطلوباً دولياً، وفي نفس الوقت بدأت المؤامرات على هيئة العلماء، وتناقلت فضائيات الشيعة إشاعات عن انقسامها ورغبة علماء سُّنّة في تشكيل هيئة جديدة.
ولنتأمّل جدياً هذه التراتبية العجيبة، أولاً: مؤامرة ضد الشيخ حارث الضاري لتحويله إلى زعيم للمعارضة العراقية السُّنّية من الخارج، وتهميش دوره في الداخل، ثانياً: بوش يعلن عن استقبال الحكيم في واشنطن، ثالثاً: بعد ذلك بشهر بوش سيستقبل الهاشمي ـ أيضاً ـ في البيت الأبيض، هل أصبحنا في حاجة للبحث عن طهران سُنّية؟!!