نص شعري
عذراً فلسطين
أحمد بن عطية الزهراني
عذراً فلسطينُ إذ لم نحمل القُضُبا ... ولم نَقُد نحوك المَهرية النجبا
عذراً فإن سيوف القوم قد صدئت ... وخيلهم لم تعد تستمرئُ التعبا
عذراً فإن السيوف اليوم وا أسفاً ... تخالها العين في أغمادها حطبا
عذراً؛ فإن عتاق الخيل مُنْهَكَةٌ ... قد أورثتها سياط الغاصب الوصبا
عذراً فلسطينُ! إن الذلَّ قيَّدنا ... فكيف نُبقي عليكِ الدُّرَّ والذهبا؟
عذراً؛ فذا الدُّرُّ يُشْوَى خلف والده ... بنار باراك لا يدري لها سببا
عذراً؛ فذا طفلكم يشكو فجيعته ... فلم يجد بيننا أمّاً له وأبا
عذراً فقومكِ قد ماتت شهامتهُمْ ... وثلَّم الذلُّ منهم صارماً عضبا
رأوكِ في الأسر فاحمرّت عيونهُمُ ... لذاك، وانتفخت أوداجهم غضبا
يستنكرون وما يُغنيكِ ما فعلوا ... ويشجبون وما تدرين مَن شجبا
وا حسرتاه على الأقصى يدنّسُهُ ... قردٌ ويهتزُّ في ساحاته طربا
قد كان فيما مضى عِزاً فوا كبدي ... أضحى أسيراً رهين القيد مُغتصَباً
كأنه لم يكن مسرى الرسول ولم ... يُصلِّ فيه يؤمُّ الصفوةَ النُجُبا
كأنه ما أتى الفاروق يُعتقه ... يوماً، وما وطئت أقدامه النَقَبا
كأنه لم يُؤذِّن للصلاة به ... بلال يوماً، ففاض الدمع منسكبا
كأنما الأرض قد أخفت معالمهم ... ومزّقت ما حَوَوْا من عزَّة إرَبا
لهفي على القدس كم جاس الظلوم بها ... وكم تقاسي صروف الدهر والنُوَبا
تعيث فيها اليهود الغُتم مفسدةً ... وتزرع الشرَّ والإرهاب والشغبا
يستأسد القرد فيها بعد خِسَّته ... ويرفع الهامة الخنزير مغتصبا
كم أشعلوا نارهم فيها وكم هدموا ... من منزلٍ، وأهانوا والداً حَدِبا
وكم أسالوا دموع المؤمنات ضحىً ... وكم ظلوم بغى، أو غاصب غصبا
وكم أداروا كؤوس الموت مترَعةً ... فأيتموا طفلة أو شرَّدوا عزَبَا
صبراً فما اسودَّ مِن ذا الليل جانبه ... إلا ليُؤْذن أن الفجر قد قَرُبا
إنِ استضاء بنار الحرب جمعهُمُ ... فعن قليل سيغشى جمعنا اللهبا
لن نستكين ولن نرضى بها بدلاً ... غداً نردُّ أذان الحق والسلبا
غداً نعيد فلسطين التي عُهِدَت ... من قَبلِ خمسين عاماً دوحةً ورُبى
غداً نعيد لها التكبير تسمعه ... أُذْن الدُّنى، ونعيد الفقه والأدبا
غداً نعيد لها الزيتون نغرسه ... غرساً ونزرع فيها التين والعنبا
غداً سنقلع منها كُلَّ غرقدةٍ ... ونضرب الهام كيما نقطع الصخَبَا