معضلة التاء المربوطة والهاء!
منصور الأحمد
يشيع اليوم على أقلام الكاتبين: طلاباً، ومدرسين، وصحفيين، وحتى أدباء
خطأ يحسبونه بسيطًا ولكنه ليس بذلك، إذ إنه يوقع في عدم الدقة والالتباس وهو
عدم الاهتمام وقلة الاكتراث بالتفريق بين حرف الهاء (هـ، ـه) والتاء المربوطة
(ة، ـة) وعندما تحاول لفت نظر من يقع في مثل ذلك في كتابته يجيبك في استغراب
وكثيراً في عدم اكتراث: ما الفرق؟ !
فتقول له: الفرق أنهما حرفان مختلفان لكل منهما وظيفته، وشتان ما بينهما،
وإن تشابها في الظاهر، ويجب أن يكون أحدهما منقوطًا، وهو (التاء المربوطة)
والآخر غير منقوط، وهو (الهاء) .
وللتمثيل لذلك فإن: شجرة، مكتبة، وجميع الأسماء التي تنتهي بتاء مربوطة
يجب نَقْط تائها وصلاً ووقفاً، غاية ما في الأمر أننا عندما نقف عليها نلفظ التاء
هاءً (وهذا هو الذي يوهم من لا تدقيق عنده ومن لا يعير ذلك انتباهه أنها هاء
فيتركها بدون نقط) .
أما الكلمات: جباه (جمع جبهة) وجوه، الله، تنبيه، معتوه ... فهذه الكلمات
تنتهي بالحرف (هـ) ولا يصح بحال نقطه لأننا نقرؤه هاء في حالتي الوصل والوقف
وكذلك الكلمات: كتابه، قوله، دوره- تكتب هاء لا تاء مربوطة (أعنى هاء
دون نقط) لأنها هنا هاء الضمير وتقرأ هاء وصلاً ووقفاً، ولو نقطناها لربما حسبت: كتابة (مصدر كتب) قولة (المرة من القول) دورة (المرة من الدوران) .
وهناك خطأ آخر (وهو متفرع من عدم التفريق بين التاء المربوطة والهاء)
ولكنه لا يظهر إلا في القراءة وهو لفظ التاء المربوطة أثناء القراءة هاء ساكنة مثل: (عاد الطلاب إلى المدرسه بعد انتهاء العطلهْ الصيفيهْ) والواجب أن تقرأ (عاد
الطلاب إلى المدرسة بعد انتهاء العطلةِ الصيفيةِ) وقد يلجأ بعض الناس إلى لفظ
التاء هاء ساكنة أثناء القراءة لأنه لا يعرف حركة التاء أهي: ضمة أم فتحة أم
كسرة؟ وهنا يصبح الخطأ الإملائي هروبًا من الخطأ الإعرابي، ولا يظن من يفعل
ذلك أنه ارتكب خطأين وتداوى من الداء بداء آخر.
إن هذه الملاحظات ربما تقابل بهز الكتف من فئتين:
أ - فئة غير مقتنعة بأن هذا الأمر ذو بال ومهم إلى درجة التنبيه عليه، بل
لا تعتبر أمر اللغة العربية كله من الأمور التي ينبغي صرف الجهد إليها ونحن هنا
لا نعني غير المسلمين، أو أعداء الإسلام بل نعني كثيراً من المسلمين ذوي النوايا
الطيبة.
ب - وفئة أخرى تعتبره تحصيل حاصل، وهناك من أمور اللغة ما هو أهم
منه لبذل الجهود، وقد يستكثرون أن ينبه على موضوع كهذا في مجلة.
ولنا أمل في كل من يقرأ هذه الملاحظات من الفريقين أن يغيروا من رأيهم
ويعطوها شيئاً من الجدية، فضعف العربية ليس إلا ضعفاً لأهلها، والخطأ فيها منها
كبائر ومنه صغائر، ولكن الصغائر إذا صاحبها التكرار والإصرار أصبحت كبائر.