للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنتدى

[تعقيب]

الجوهرة سعد المطرب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وبعد:

فلقد شهدتُ انبثاق فجر وتابعتُها منذ وطئت قدماها الساحة الإعلامية فوجدت

فيها غذاءاً فكرياً صافياً: ارتقاءاً بالفهم، وتنقية للذهن، واتباعاً للكتاب والسنة،

وسيراً على نهج السلف الصالح رضي الله عنهم.

كنت أقرؤها من الغلاف إلى الغلاف حتى وإن أخذ مني ذلك وقتاً طويلاً؛ فلا

بأس (فهي المجلة الوحيدة التي تمدني بالتصور الصحيح للأوضاع في بعض البلاد

الإسلامية) فكل باب من أبوابها يحوي علماً قيماً وكنزاً ثميناً، وكان خط سيرها

مستقيماً لا تحيد عنه على مدى الأربعة عشر عاماً الماضية، فلا أذكر أنني خلال

تلك السنوات قرأت فيها طرحاً شاذاً أو فكرة غير سليمة أو حتى مسألة مشتبهة،

وأنَّى لها ذلك ومنهجها الكتاب والسنة؟ ! !

ولكن في عدد رجب ١٤٢٠هـ اصطدمت برأيين غريبين في مقالين اثنين ...

يمس كل منهما قضية ساخنة من قضايا عالمنا الإسلامي المتشابكة:

الأول: قراءات هادئة في القنوات الفضائية عبد العزيز الخضر.

الثاني: الأطروحات الدعوية الموجهة للمرأة المسلمة.. وقفة ودعوة للمراجعة - فاطمة البطاح.

حيث قلل الكاتب عبد العزيز الخضر من أهمية أسلوب الوعظ، والتحذير

والتحريم بالنسبة لمضار الفضائيات، وهوّن من تأثيرها على الأطفال بدعوته إلى

تركهم يشاهدون الشخصيات الكرتونية والبرامج المخصصة لهم حتى يشاركوا

أصدقاءهم في المدرسة الحديث عنها، ثم هوّل من تأثير عدم المشاركة على

نفسياتهم.

ثم تساءل: (هل الطفل لديه القدرة على فهم الإشكالية بصورة طبيعية

وموضوعية من الناحية الدينية؟) .

وأقول: ولِمَ لا؟ فحين يتربى الطفل على قواعد سليمة ويعرف الحلال من

الحرام، ويُبيَّن له مقدار السم المدسوس في هذه الوجبات الشهية، ويُعطى تصوراً

مبسَّطاً عن الغزو الفكري ودور وسائل الإعلام في ذلك، ثم تشبع حاجاته النفسية

لمثل هذه الأشياء عن طريق ألعاب الكمبيوتر الخالية من المحاذير وأشرطة الفيديو

النافعة أو على الأقل غير الضارة؟ فإن في هذا إن شاء الله غنية عن الحرام.

ثم ما المانع من هجر القنوات هجراً كاملاً؟ ! أليس الدين يحثنا على البعد

عن الفتن، خاصة لمن لا يجد في نفسه القدرة والكفاءة على مجابهة المتغيرات مع

الثبات على دينه؟ فالناس لا يزالون مختلفين في هذه القدرات.

وكما قرأنا في (العدد نفسه ص ٧٨) فإن هناك دعوة في بلاد الغرب لترك

التلفزيون وهجره وإخراجه من البيت لما وجدوا له من آثار سلبية (! !) فلماذا نبدأ

من حيث بدؤوا؟ !

والحل الذي طرحه الكاتب حل مثالي! ! بالرغم من أنه عاب على أصحاب

الحلول المثالية في جزء من مقاله! ! فهل جميع المربين على قدر من الفهم

والإدراك، وقدرة على التوجيه والنصح والإقناع؟ ! !

وهل جميع المتلقين بهذا المستوى الراقي من القدرة على تمييز الطيب من

الخبيث أو هجر السيِّئ ومقاطعته وتشجيع الحسن ودعمه؟ !

إن هم إلا قليل في وسط تموج فيه الكثرة الكاثرة! ! !

وأين الهوى والشيطان والنفس الأمارة بالسوء وصديق السوء و.... وغيرها

مما له أثر كبير وظاهر على المتلقي؟ !

وفي مقال الأخت فاطمة: عابت أيضاً على الحلول المثالية المتفق على

صحتها وعلى جاهزيتها للعرض، ويبدو أن هذه المثالية هي المنتقاة من الكتاب

والسنة، وضربت مثلاً على ذلك بقرار المرأة في بيتها وقالت: (إنه معالجة مثالية

مغرقة في الحيطة والحذر للتخلص من بعض المزالق التي قد تعترض المرأة عند

خروجها) .

أليس هذا كلاماً عائماً يوحي بالتقليل من أهمية قرار المرأة في بيتها وأنه حلٌّ

لم يعد صالحاً لهذا الزمن؟ هذا ما فهمته أنا على الأقل.

إن قرار المرأة في بيتها (وإن كانت داعية) هو وحي سماوي لا يأتيه الباطل

من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد يعلم ما يصلح شأن هذه الأمة في

أول أمرها وآخره.

أليس في قرار المرأة في بيتها حل لكثير من المشكلات المعاصرة التي

تعترضها؟ ولا تنسي أنه خطاب لأمهات المؤمنين، وفيهن الفقيهة العالمة والداعية

الحكيمة التي لو كانت في هذا الزمن لقيل: لماذا تجلس في بيتها وتحرم الناس من

علمها وفقهها؟ أتمنى ألا تعمينا بعض الهالات الإعلامية الكبيرة عن مسلَّمات في

ديننا لن يصلح شأننا إلا بها.

أنا أؤيدك في بقية مقالك لكنني واجهت إشكالاً في هذه النقطة عجزت عن

توجيهه.

أتمنى ألا أكون قد أسأت الفهم للكاتبين جزاهما الله خيراً وغفر لنا ولهما،

وللبيان مني ألف شكر ودعاء خالص بالتوفيق والسداد، آمين.