للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حوار مع الشيخ: رائد حليحل رئيس اللجنة الأروبية لنصرة خير البرية]

حاوره: خباب بن مروان الحمد

يعمُّ العالم الإسلامي حالة حقد وكراهية شبَّ أوارها، وازداد اشتعالها، إثر الحملة المسعورة الدانماركيَّة؛ التي انتهكت حقوق أعظم إنسان على وجه الأرض، محمد -صلى الله عليه وسلم-، فقد انتفض المسلمون وهبُّوا هبَّة جماعية، استنكاراً لما فعلته الصحيفة الدانماركيَّة (يلاندز بوسطن) بالسخرية برسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- وزاد الطين بلَّة، حين لم تعتذر الحكومة الدانماركيَّة الصليبيَّة رسميّاً من فعلة تلك الصحيفة الشنعاء، قبالة السخرية برسولنا ـ عليه الصلاة والسلام ـ وأحسب أنَّ هؤلاء القوم الكفرة لم يكن يدر في خلَدِهم، أن يشتعل المسلمون غيرة وحماساً، كما شاهدوا من قِبَلِهِم، حتى أسقط في أيديهم.

فقد علم العالم الإسلامي حقيقة حقد ما يسميه بعضهم بالآخر على الإسلام ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وكانت تلك المحنة والأزمة منحة إلهيَّة جعلت جلَّ الناس وبالأخص المسلمين، يلتفتون إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحثاً عن سيرته، وقراءة عن شخصه؛ فرب ضارَّة نافعة!

كما ظهر أنَّ في الأمَّة الإسلامية خيراً كثيراً، لم يزل أثره يتجدَّد حيناً بعد حين، ولعلَّ في هذه الإساءة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- تنبيهاً لبعض السادرين في لهوهم، أو الجالسين فوق التل يرقبون ما يحدث للإسلام ورسوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ من إهانة وسخرية من قِبَلِ أعداء الله، لعلَّها تثير بقايا صدق طاهر في الولاء لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالذب عنه ونصرته والغيرة عليه ...

وبما أنَّ هذه القضيَّة أضرمت نيرانها بدءاً من ذلك البلد الصليبي، بحجَّة حريَّة الرأي! فقد اتَّجهتُ إلى أحد العاملين في حقل الدعوة الإسلامية في الدانمارك، ونثرت أمامه شيئاً من التساؤلات التي يجيش بها قلب كلِّ مسلم يحبُّ الله ورسوله ليجيب عنها؛ ذلكم هو الشيخ الداعية: رائد حليحل ـ رئيس اللجنة الأوروبيَّة لمناصرة خير البريَّة -صلى الله عليه وسلم-؛ وقد أثرانا ـ جزاه الله خيراً ـ بإجابته عن الأسئلة التي طرحتها عليه، فبيَّن الحقَّ والحقيقة، وأوضح ملابسات الحدث، وما وراء السديم.

نسأل الله ـ عزَّ وجل ـ أن يجزل له الأجر والمثوبة، وأن يحفظنا وإيَّاه وجميع المسلمين من كيد الكائدين، ومكر الماكرين، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

وإلى نصّ الحوار:

البيان: فضيلةَ الشيخ رائد! نرحب بك في مستهَلًّ هذا اللقاء، ونرجو من فضيلتكم أن تعطينا لمحة موجزة عن المسلمين في الدانمارك ـ أصولهم ـ عددهم ـ وظائفهم ـ سبب وجودهم ـ موقف الدانمارك من المسلمين وأوضاعهم فيها؟

٣ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وإمام المرسلين. أما بعد:

فإني أتقدم لمجلتكم الموقرة بشكري على إتاحة هذه الفرصة من أجل إطلاع قرائكم الكرام على تفاصيل قضية مهمة وحساسة لطالما سعيت أن يشاركنا العالم الإسلامي كله في معالجتها؛ وذلك لأهميتها البالغة؛ إحقاقاً للحق ونصرة لسيد الخلق -صلى الله عليه وسلم-؛ فبارك الله فيكم وجزاكم خيراً على ما تبذلونه من تنوير ودعوة مباركة عبر منبر ـ البيان ـ.

وَفَدَ المسلمون إلى مملكة الدانمارك من فترات ليست بعيدة، وكانت وفادتهم لأسباب شتى وأغراض متباينة، ويتميَّز المجتمع الدانمركي بعمومه بعدم التواصل مع الآخرين والانكفاء على الذات، وهناك مشاعر مخزونة في تفكيرهم تجعلهم يتوجسون دائماً من الآخر وينظرون له وكأنه يريد أن يسلبهم ما في أيديهم؛ علماً أن تجربة التواصل مع شعوب من ديانات وأعراف مختلفة تعتبر بالنسبة للدانمركيين حديثة وليست كغيرها من بعض البلاد الأوروبية التي لها سابق احتكاك مع الشعوب، مما جعل إمكانية التعايش وقبول الآخر تتعثر في كل محطة من محطات حياتهم.

ومن أقدم الجاليات المسلمة وفوداً للدانمرك هم الأتراك الذين قدموا للعمل، ثم المغاربة والباكستانيون، وأغلب هؤلاء قدم طمعاً ورغبة في تحسين مستوى عيشه، ثم بدأت حملة لجوء واسعة ابتدأت من ثمانينيات القرن الميلادي الماضي إثر حروب ونكبات، والأبرز من هؤلاء هم من لبنان، وأغلبهم من اللاجئين الفلسطينيين. ثم أناس من العراق وكذلك البوسنة والصومال.

وهناك قاسم مشترك بين الوافدين وهو أنهم ليسوا من أصحاب الأموال ليشكلوا قوة اقتصاديةً ضاغطةً، ومن جهة أخرى فإن من أتى فارّاً من ويلات الحروب، لا بد أن تكون بصمات تلك الحروب ظاهرة عليه؛ فعندما يصل إلى بلد مرفَّه نوعاً ما، يخلد للعيش المطمئن، وهو الشيء الذي حال دون بزوغ نوعيات متميِّزة في مجالات العلوم اللهم إلا بعض الظواهر الشابة التي استفادت مما يتاح هنا من إمكانية البروز العلمي ونحوه، وهذا يبشر بخير في مستقبل الأيام - إن شاء الله - فلا بد من تقرير مسألة وهي: أن الذي حالَ دون ظهور شخصيات - كما في بعض البلاد - على المستوى السياسي والاقتصادي والعلمي، مرده إلى أن الجالية تعد ناشئة في هذه الديار، وإذا ما نظرنا إلى خلفية أبناء البلد الأصليين الثقافية والاجتماعية فإنها قد تجلِّي سبب هذا التأخر في بروز دور واضح؛ هذا إذا ما أضفنا عليه اختلاف أجناس وأعراق وخلفيات أبناء هذه الجالية مما حال دون غاية موحدة مشتركة يسعى الجميع لتحقيقها، ولكن لعل تتالي المحن ـ وهذه آخرها ـ تسهم في ضرورة توحد ظهرت بوادره باجتماع المسلمين صوماليين وعرباً وأتراكاً وباكستانيين، راجين أن يكون لهذا اللقاء استمرار نافع.

علماً أن عدم الاعتراف الرسمي بالإسلام، ومع تراكم الأحداث العالمية والحملة الشعواء على المسلمين في العالم، إلى جانب النظر إلى الخلفية (ثقافية أو اجتماعية) لدى المجتمع الدانمركي فإن هذا كله أسهم في حالة توجس من المسلمين، وقد انعكس ذلك على الواقع لا سيما عندما يصل للحكم بعض الأحزاب اليمينية كما هو الحال اليوم من وصول الحزب الليبرالي إلى الحكم.

البيان: تناقلت وكالات الأنباء خبر الاستهزاء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إحدى الصحف الدانماركيَّة بالرسوم الهزليَّة؛ فكيف بدأت هذه القضيَّة؟ وماذا تنقم الصحف الدانماركيَّة من رسول الله؟ وهل الدافع ديني أم سياسي؟ وهل نظرة الغرب عموماً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتلك الطريقة؟

٣ لقد أساءنا جداً ما تجرأت على نشره - عن سابق إصرار وترصد - تلك الجريدة الآثمة صاحبة التوجه المعادي للمسلمين؛ فقد نشرت ما لا يقبله عقل من جرأة على مقام النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- وكان ذلك على خلفية امتناع الرسَّامين عن رسم صورة ساخرة بنبينا لتوضع على غلاف كتاب للأطفال نُشر في الأسواق (٢٤/١/٢٠٠٦) مما عُدّ نسفاً لمبدأ حرية التعبير (!) فقد قامت هذه الجريدة الغيورة على الديمقراطية وحامية حمى الرأي والتعبير! بتحدي مشاعر المسلمين عبر نشر تلك الصور بقصد التهكم زاعمة أنَّه ينبغي أن يلاقَى ذلك من قِبَل المسلمين برحابة صدر.

وإن هذا الفعل الذي كان واضحاً في كونه استفزازاً ظاهراً حركه جانبان: الأول: نظرة راسخة في العقل الباطن من نظرة تكذيب وخوف وازدراء بالإسلام ونبيه -صلى الله عليه وسلم-. ودافع آخر: لعله سياسي، والمقصود منه التنبيه على الخطر المتنامي في الغرب بسبب وجود الإسلام، وكأن المقصود بنشر تلك الصور هو محاولة جس لنبض الساحة، وكيف سيكون تفاعلها مع هذه القضية، ومحاولة إيجاد جو انهزامي لدى المسلمين يمكنه قبول أي شيء مهما كان، بحجة مراعاة حرية الرأي والتعبير. وهذا لا يتنافى مع وجود أصوات أنصفت عندما أقرت بعظمة الدين ولا سيما بإنصافها لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ إلا أن الجو العام والذي ساعده على الظهور هو التشويه الإعلامي واستغلال كل حدث لتوظيفه في هذا السياق من التوجس خيفةً من الإسلام إن لم نقل العداء له. والله المستعان.

البيان: ما سبب عدم اعتذار الصحف الدانماركيَّة للمسلمين من سخريتها برسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ وهل تراه كافياً لو حدث تجاه تصرُّفهم الأرعن؟

٣ حتى نعرف هل يمكن لهؤلاء أن يعتذروا؛ فإنه لا بد من تسليط الضوء على أمر مهم ألا وهو أن مما يميز الشعب الدانمركي أنه معتز بنفسه كثيراً لا يقبل النقد لما يقوله، ويصعب عليه الاعتذار، وينظر لغيره لا سيما إذا كان مخالفاً له في ثقافته نظرة ازدراء، وكأنهم يقولون: مَنْ هؤلاء حتى يعلِّمونا ما يجب علينا؟ ولكأني بهم يريدون (أنا خير منه) . هذا من ناحية، ثم ناحية ثانية: إذا علمنا لماذا فعل هؤلاء هذه الفعلة (ما دوافعهم وما النتائج التي يصبون إليها) فإني أستبعد جداً أن يعتذروا؛ لأنهم جعلوا القضية قضية قيم ومبادئ وطنيَّة ناضلوا من أجلها، ومن ثَم ليسوا على استعداد لاعتذار يعدُّونه هزيمة وتراجعاً؛ فالمسألة عندهم معركة وجود والعياذ بالله؛ علماً أن مطلب الاعتذار يعد مناسباً لحجم وفداحة تلك الجريمة، ولكن لخطورة الفعل من جهة ولعلمنا بطبع هؤلاء وثقافتهم اكتفينا بهذا الطلب على أن يصحبه شيء من إصلاح تلك الصورة السيئة التي وصلت للقارئ الدانمركي بأن يسمحوا لنا بإخراج بعض الصور المشرقة التي تسلِّط الضوء على جوانب مشرقة من حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن يكون منهم ضمانة بعدم تكرار مثل هذا الفعل، ولكن للأسف الاعتذار عن ذلك يعد عندهم بمثابة الردة عندنا. فالله المستعان.

البيان: ما دور الحكَّام ـ العلماء ـ رجال الأعمال ـ الشعوب ـ الهيئات، تجاه تلك الحملة الشرسة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ وهل ترى أنَّ موقف المسلمين كان مناسباً؟

٣ إن حق الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- كبير جداً، ولئن كان يجب على المسلم الذب عن أخيه المسلم ونصرته، ولا يجوز له أن يسلمه ولا أن يخذله؛ فما بالكم بحق المصطفى -صلى الله عليه وسلم-؟ وإننا نهيب بعالمنا الإسلامي كله أن يتحرك حركة تناسب الحدث من جهة شناعة الفعلة ومن جهة حرمة النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- وضرورة نصرته، ولقد طالبنا من أول أيام تلك المحنة أن يناضل كل بحسبه؛ فما يُطلب من الحكام يعجز عنه العامة، وما يطلب من العلماء ويتوقع منهم لا يجيده دهماء الناس، وما ننتظر من أهل الدثور لا يحسنه من قُدِرَ عليه رزقه؛ وهكذا أقول للجميع: كل منكم أدرى بنفسه وقدرته فلا يتوانَ أحد عن هذه النصرة الواجبة: {بَلِ الإنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} [القيامة: ١٤] والله ـ عز وجل ـ لا يكلف نفساً إلا وسعها، فاستعينوا بالله ولا تعجزوا، واعلموا أنكم إن ساهمتم فأنتم في معركة معلومة العواقب فاتقوا الله في رسوله علكم تنالون بذلك شفاعته يوم القيامة.

وإنني أقولها بصراحة على قدر ما كنت حزيناً أول أيام الأزمة؛ لأننا سعينا جاهدين أن نوصل القضية للعالم ليتحرك، وقد تناولت بعض القنوات الفضائية ذلك في مطلع شهر رمضان ومع ذلك لم نسمع ما يثلج صدورنا حتى إني كنت أقول لنفسي: أيعقل هذا من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- أن تخذله، وقد لمتُ وعاتبتُ البعض، ولكنَّ ما رأيته في هذه الأيام أعاد لي الأمل في هذه الأمة وأنها ما زالت بخير والحمد لله، ولكني أهيب بالجميع أن لا يكون ذلك ردة فعل عاطفية مع أن العواطف مطلوبة، لكن نأمل أن نضع خطة متكاملة فيها الذب عن النبي قولاً وفعلاً فنواجه من يعتدي عليه، وعلينا أن نجتهد في تعريف العالم بشخصية النبي الكريم على شتى الصعد، ولعلنا بذلك إن اجتهدنا أن نكفِّر عن تقصيرنا، ونساهم في رفع العقاب عنا لو سكتنا عن منكر عظيم كهذا.

البيان: ما رأيك بالمقاطعة الإسلاميَّة لمنتجات الدانمارك: هل ستؤثر سلبياً على المنتجات الدانماركيَّة؟ لأنَّ بعضهم يقول إنَّ المقاطعة فكرة غير ذات جدوى اقتصادياً؛ لأنَّ هذه المنتجات الدانماركيَّة تندرج تحت قائمة الامتياز التجاري، فالمتضرر من المقاطعة هم الوكلاء التجاريون، الذين يحملون امتياز بيعها في البلاد، فما رأيكم بهذا القول؟

٣ موضوع المقاطعة من باب: (آخرُ الدواء الكيّ) ، واسمحوا لي أن أقول إن المقاطعة ستؤثر دون شك اقتصادياً على الدانمرك، لكن خسارة الدانمرك القيمية والمعنوية أكبر بكثير من خسارتها المادية؛ لأن خسارة المال قد تعوض مثلاً من الاتحاد الأوروبي أو غير ذلك، لكن الذي خسرته الدانمرك اليوم هو سمعتها التي ينبغي أن تكون جميلة على مستوى العالم وهي التي لديها مقدرات تعينها على أن تتبوأ منزلة قويَّة في عالمنا اليوم.

ونحن حذرنا الدانمرك أن عواقب العناد على هذه الإساءة قد تكون أكبر من كل التوقعات، وما حصل اليوم خير دليل على صدق نصحنا للمجتمع الدانماركي وحتى لا يتضرر بسبب فعلة الجريدة تغاضي الحكومة.

لذا فإن ضرر هذه الحملة لن يقتصر على وكلاء الشركات، بل على الشركات نفسها؛ ولو لم يكن لها فعل في ذلك، لكنا نعلم أنه ما من أسلوب يراد منه الضغط لانتزاع حق إلا وسيكون معه مثل ذلك ولكنه مفيد عندما يتأثر المتضرر مادياً فيضغط مع المسلمين المتضررين معنوياً لانتزاع الحق بالقهر بعد أن سلب ولم يرجع بالنقاش والحوار.

البيان: ما العوامل الدافعة للنيْل من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ وهل ذلك يمثِّل مخطَّطاً صليبياً للكيد للإسلام؟

٣ أرى ـ والله أعلم ـ أنه في المخزون الفكري لدى غالبية الأوروبيين نوع من توارث عداء تقليدي للإسلام وللنبي -صلى الله عليه وسلم- ولو اتصفوا بالعلمانية؛ لذا لا أستطيع أن أنفي وجود دوافع دينية غير ظاهرة، إلا أن الدافع السياسي أظهر؛ وذلك من تصريحات عدة تدل على أن الغاية منها هو تحدي المسلمين لاستفزازهم تمشياً مع نغمة الجرأة على الإسلام على وقع أنغام (الحرب على الإرهاب) ، واختيار النبي -صلى الله عليه وسلم- بالذات للطعن به، وذاك مقدمة للطعن بدينه كله، ولعلمهم بمكانته وقدسيته؛ فهو أفضل اختيار لاستفزاز المسلمين عبره.

البيان: هل ترى أنَّ هذه السخرية لجسِّ نبض المسلمين، تجاه دفاعهم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟

٣ إن التأمل في الواقع ليس داخل الدانمرك فحسب بل على صعيد أوروبا قاطبة، إن لم نقل العالم؛ يدفع إلى الخشية من أن تكون هذه الفعلة عبارة عن (بالون اختبار) لجس نبض الساحة داخلياً وخارجياً، ومن ثَم سيكون مستوى الرد مؤشراً على حجم وقوة وتفاعل المسلمين ومدى بقاء الإسلام حياً في نفوسهم. ثم يتبع ذلك تعميم لهذه التجربة ونتائجها. وهذا ما نخشاه أن يُجعَلَ النبي -صلى الله عليه وسلم- محل تجربة (والعياذ بالله) ويعقب ذلك خطوت متبنَّاة في الغرب حسب إيحاءات مستوى ردة الفعل الإسلامي.

البيان: ألا يتعارض ذلك مع حرية التعبير؟ وهل تجرؤ الصحف الدانماركيَّة بفتح المجال لنقد الصهاينة وبخاصَّة مسألة (الهولوكوست) التي استُغلَّت أيما استغلال مما يفضح ديموقراطيَّتهم المزعومة؟

٣ المشكلة أن التخفي وراء شعار حرية التعبير، يعتبر حيدة عن الحقيقة، وذلك أننا نجد المعايير مزدوجة، وإننا لنعجب لما تكون الحرية في أوسع مجالاتها عندما يتعلق الأمر بالإساءة للإسلام، أما في غيره فإنَّا نجد لها حدوداُ، فإن الكلام عن السامية عموماً فضلاً عن التشكيك في المحرقة أصلاً أو وصفها حجماً وكمّاً، ومجرد الحديث عن ذلك لا يُسمح به تحت ذريعة حرية الرأي والتعبير؛ فهذه الأمور ريب وشكوك؛ علماً أن الحرية بمعناها المعروف أنها التي تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين.

وقد يكون حسناً هنا التنبيه في وقت يراد أن يصوَّر فيه المسلمون على أنهم الأعداء العظام للحرية، فنقول إن الحرية أمر قد نادى به ديننا حتى في أدق الأمور، بل أجلِّها وهو التوحيد: {لا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: ٢٥٦] فالخلاصة أن الحرية تكفل لك أن تدين بما تشاء لا أن تتهكم بمن تشاء.

ومن العجب أن يطالب المسلمون دائماً باحترام الآخرين وقيمهم ومقدساتهم مهما كانت باطلة ونجد في الوقت نفسه محل هجمة شرسة علينا، فنطالب إذاً بعمل متناقض أن لا ننتقدهم، وأن نقبل في اللحظة ذاتها إساءتهم فتأمل!

البيان: ما دور عقلاء النصارى أمام هذه الهجمة؟ ولماذا هذا السكوت الكنسي عن سب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟

٣ إن ديننا علمنا الإنصاف {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨] وقد سمعنا بعض الأصوات المستنكرة هنا لهذا الفعل، لكنها كانت خافتة، وهذا طبيعي فلن تكون بحجم ردة فعل المسلم، وما كان منها وإن كان قليلاً هادئاً ليس فيه الحماسة الكافية إلا أنه لم يبرز بالشكل الكافي حتى لا يعكر على الجو العام السائد الذي يريد تفعيل هذه الأزمة - للأسف -.

البيان: ألا ترى أنَّ ذلك يسبِّب مشكلة وخطورة على الدانمارك، بمعنى أنه سيفتح عليها جبهات قد تؤذيها ممَّا يؤجِّج ويزيد حال العداوة من المسلمين تجاه الغرب؟

٣ لقد حذرنا مراراً الدانمارك من مغبة تلك الفعلة النكراء، ولكن للأسف بدل أن يحمل كلامنا محمل المشفق الناصح الأمين، حُوِّر الكلام حتى صُوِّر وكأنه تهديد، وقلنا مراراً إن هذا سيزيد الإحساس بالغبن مما يضاعف من مشاعر الكراهية من المسلمين للغرب والعكس أيضاً، ولكن العناد لم يكن يوماً طريقاً صحيحاً للحوار والتفاهم، ويكرس الهوة الكبيرة بين الثقافتين إن لم يكن مقدمة عملية لتأجيج حرب حضارات.

البيان: ما رأيك ببعض المواقع على الإنترنت وتدَّعي الانتساب للإسلام، تضع استفتاء عن سب الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهل هو مقبول بدعوى حرية الرأي أم لا؟

٣ إن قضية تعظيم الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- عموماً لا سيما مقابل أي إساءة أو إرادة انتقاص فإنه ينبغي أن لا تحمل في ثناياها أي ضعف، بل ينبغي أن تكون كل المؤشرات في سياق واحد وهو التعظيم، وإني أرى أنه من الخطأ أصلاً التقليل من شأنها لتُجعل محل نقاش، بل ينبغي أن يكون مستقراً أنها لا دخل لها إطلاقاً بمبدأ حرية الرأي، بل كان ينبغي أن يكون التساؤل حاملاً في طياته النكير الكبير وليس هذا الأسلوب الذي يوهم أنه من الممكن أن تكون هذه القضية قابلة للنقاش.

البيان: كلمتكم تجاه رجال الأعمال الكبار الذين قاطعوا المنتجات الدانماركيَّة؟

٣ من الأمور القطعية التي لا مرية فيها أن حب النبي -صلى الله عليه وسلم- أعظم من حب الولد والوالد والمال بل والنفس؛ وعليه فإنَّنا نفديه بآبائنا وأمهاتنا وكل شيء يرخص فدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإن كل من ضحى بشيء إكراماً لرسول الله فإني أقول له: عوَّضك الله خيراً، بل قد عوَّضك؛ لأن مجرد حبك للنبي هو أخير وأفضل من الدنيا وما فيها. وأقول للجميع إن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً في الدنيا والآخرة، وإنه لجميل جداً أن نرى أن الكل يعبر عن حبه لرسول الله؛ كل بحسبه، وكل بطريقته، وإنه ما دامت النوايا خالصة فإنه لا يضيع شيء عند الله، ويكفي من يفدي رسول الله أن يطمح إلى نيل شفاعته يوم القيامة وصحبته في جنات النعيم - اللهم آمين.

البيان: سمعنا أنَّ الدانماركيين بيَّتوا نيَّة إحراق المصاحف في أكبر ساحة في كوبنهاجن نرجو منك التوضيح لملابسات هذا الحدث؟

٣ الحمد والمنة لله وحده أنه لم يحصل شيء من ذلك أبداً، والقضية قد بدأت بالظهور بعد إحراق العلم الدانمركي - أول مرة في فلسطين - والعَلَم عندهم له قدسية مما مكَّننا أن نحتجَّ عليهم ألا ينكروا علينا انزعاجنا من إهانة مقدساتنا كما حصل لهم عند إحراق علمهم.

المهم أنه بُعَيْد ذلك انتشرت رسالة قصيرة عبر الجوال وكان انتشارها سريعاً جداً - كعادة الفتن - ولم يعرف مصدرها الأصلي وطبعاً لم تتجرأ أي جهة على تبنيها وكان فيها دعوة الشباب الدانمركي للتجمع في الساحة العامة يوم السبت في ٤/٢/٢٠٠٦ وذلك لإحراق المصحف الشريف ـ عياذاً بالله ـ ولكن وبعد إبلاغنا الجهات الأمنية وتحذيرنا لهم من كون هذا العمل سيحدث ردة فعل أعظم مما أحدثته الرسومات، فإنهم وعدوا بملاحقة الأمر ومنع حدوثه، ونحن بدورنا نصحنا بعدم تناقل تلك الرسالة حتى لا تشيع بل تخبت، ونعمل على وأدها، وفي هذا اليوم الموعود احتشد عدد كبير من المسلمين لا سيما الشباب مع وجود مكثف للشرطة، بل مع وجود بعض الدانمركيين المتعاطفين أو الخائفين من عواقب هذا الفعل، وقد حصلت هناك مواجهات ولغط أعقبه توقيف البعض، وتحولت الحشود من ساحة لأخرى ولكن باءت كل المحاولات بإحراق المصحف بالفشل الذريع؛ فالحمد لله على ذلك؛ علماً أن شعار المسلمين يومها كان (لا يمكن أن يحرق المصحف وفينا عرق ينبض) وطبعاً كلنا يعلم أن الحكومة ليس من مصلحتها الإذن بمثل هذا الأمر حتى لا تدخل نفسها في أزمة أكبر.

البيان: هل صحيح أن الجريدة التي رسمت صور مسيئة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- رفضت قبل سنتين أن ترسم صوراً للمسيح عيسى بن مريم، وإذا كان ذلك صحيحاً أفلا ترى أنَّ في ذلك تناقضاً صارخاً في دعاوى الحريَّة؟

٣ نعم! لقد صرح غير واحد من المطلعين بل المتخصصين أن الجريدة في عام ٢٠٠٣ عُرضت عليها رسومات للمسيح ـ عليه السلام ـ تحكي قيامته - عندهم - إلا أنهم بادروا برفضها، وعللوا ذلك أنهم سيغضبون القراء، ولن يروق لهم مشاهدة تلك الرسومات وقد تثير احتجاجات هم بغنى عنها، وقد أوردت هذا الخبر جريدة محلية دانمركية إلى جانب المواقع العالمية.

وقد شاع خبر أن الصحيفة ستنشر هذه الصور ورسومات عن اليهود يوم الأحد القادم، ولعل ذلك مرده إلى مقابلة أجرتها (CNN) مع المحرر الثقافي الذي نشر الرسومات المسيئة لنبينا -صلى الله عليه وسلم-. وقد رفع أثناء المقابلة رسم قنبلة عليها نجمة الصهاينة؛ إلا أنه بُعَيْد المقابلة وعلى موقع جريدتهم ظهر اعتذار واضح وصريح على لسان هذا الشخص امتثالاً لأمر رئيس التحرير يقول: لا يمكن أن ننشر شيئاً عن المسيح أو الهولوكوست. والأعجب من ذلك كله ـ وهو آخر خبر ـ أن المخطئ - رغم اعتذاره - قد أُعطِيَ في إجازة مفتوحة. فتأمل مدى حرية الرأي والتعبير، وكيف أنها تطبق في مجال وتمنع في آخر، ألا ينبغي بعد ذلك كله أخذ إجراءات صارمة لمنع مثل هذه الترهات تحت هذه الشعارات الزائفة؟

البيان: هل الشعب الدانماركي يجهل حقيقة المصطفى ـ عليه الصلاة والسلام ـ وبماذا توصي المسلمين لتبيين حقيقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للشعب الدانماركي؟

٣ إنما جرى ويجري وما واكب ذلك من مواقف يدل بوضوح على جهل القوم بشخصية نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- ولكن ليس هذا هو السبب الوحيد، بل الخلفية الفكرية والثقافية التي أقصت الدين عن كل مناحي الحياة وأضعفت في النفوس معاني الاحترام والقداسة، كل ذلك لعب دوراً كبيراً في الجرأة على نشر تلك الرسومات يدل عليه موافقة أكثرية (حسب إحصائهم) وعدم مبالاة الباقين؛ لأن القضية لا تعنيهم، وكأن شيئاً لم يكن؛ لذا فإنه ولا سيما بعد تكرار نشر تلك الرسومات في أغلب البلاد الأوروبية فإنه لا بد من السعي على جهتين:

الأولى: جهة دعوية تُعنَى بتوصيل رسالة الإسلام وسماحته لهؤلاء عبر كل الوسائل المتاحة، بل ابتكار كل ما من شأنه أن يوصل هذا الصوت المبارك. وهنا أنصح بالتنسيق الكامل بين العلماء الربانيين وبين المثقفين المأمونين الذين يعون الغرب تماماً وكيف يمكن مخاطبته.

الثانية: الجهة القانونية؛ وذلك بالعمل لاستصدار قانون دانمراكي، بل أوروبي إن لم أقل عالمياً، يحرم نشر مثل تلك الأمور بل يعاقب ويجرم مرتكبيها؛ لأنه إن غابت القداسة لم يعد ثَّمَ وازع يردع، ولم يبق إلا الجانب القانوني؛ لأنه يُحترَم في الغرب ويردع كثيراً لخوفهم من عواقب المخالفة؛ فإن تحقق فهو خير عظيم؛ لأنه يجلب مصلحة ويدفع مفسدة.

البيان: السؤال الأخير: سمعنا أنَّ رئيس تحرير إحدى الجرائد المتورِّطة قدَّم اعتذاراً شفهيّاً للجالية المسلمة بالدانمارك، وأنَّ الدانمارك نفسها قدَّمت اعتذاراً للمسلمين، برأيكم هل هذا صحيح، وهل آتى هذا الاعتذار أُكُله، وخصوصاً أنَّ الاستهزاء عاد مرَّة أخرى في يوم ٢٢ و٢٣ من الشهر الجاري؟

٣ أخي الكريم أحب أن أشهد شهادة للتاريخ أُسأل عنها أمام الله أنه حتى هذه اللحظة ١١/١/١٤٢٧هـ لم يصدر أي اعتذار من جانب الدانماركيين على الصعيدين الرسمي أو الإعلامي من قِبَل الجريدة، عما نشر من إساءة لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.

أما من جهة الجريدة فإنها إبَّان ظهور الضجة العارمة، ولا سيما المقاطعة التي نودي بها في بلاد الحرمين، فإنَّ الجريدة وجَّهت خطاباً - باللغة العربية - على صفحتها في الإنترنت عنونته بـ (إلى مواطني المملكة العربية السعودية المحترمين) وقد تضمن هذا المقال أغاليط كثيرة، كنت قد رددت عليها بمقال هو على صفحتنا www.islamudeni.net عنونته (ردود موثقة على مزاعم ملفقة) وغاية ما في خطابهم الأسف لمشاعر الحزن التي لحقت بالمسلمين جراء نشر تلك الرسومات، وليس فيه أي اعتذار عنها أو عن نشرها. وكان ذلك محاولة ماكرة من الجريدة بعد ضغوط كثيرة عليها من داخل الدانمارك (سياسياً واقتصادياً) بتحميلها مسؤولية ما يجري على الدانمارك، فأرادت بذلك تخفيف الحملة ظناً منها أنها بذلك ستنهي المشكلة. ولا ينقضي عجبنا هنا من هذا الإصرار على معاملة المسلمين وكأنهم غير عقلاء لا يفهمون ما بين السطور.

ولما لم تجد أن رسالتها هذه قد أفادت، ومع تزايد الضغوطات المترامية الأطراف عمدت الجريدة إلى حيلة عجيبة سبقت خروج رئيس تحريرها على التلفاز الدانماركي بلحظات وهو يتبجح قائلاً: إنَّ الرسومات لا تخالف القانون وأنه لن يعتذر عن نشرها، ولكن بعد لحظات تفاجأ المراقبون بمقالهم باللغتين العربية والدانماركية وعلى موقعهم بعنوان صريح وواضح (صحيفة اليولاند بوستن تعتذر عن الإساءة للمسلمين) وقدم لمقال أرسله رئيس التحرير لوكالة الأنباء الأردنية بجملة ليست فيه أصلاً (تعتذر صحيفة اليولاند بوستن، وبما لا يدع مجالاً للشك على أنها أهانت العديد من المسلمين من خلال رسومات للنبي محمد) .

ولكن الريبة من هذا الكلام كان سيد الموقف؛ لأنه في ثنايا المقال ليس هناك اعتذار واضح، بل تلاعب مُرِّر معه التدليل على قانونية نشر تلك الرسومات، ولكن انجلت الأمور بعد أربعين دقيقة تماماً عندما سحبوا هذا المقال ووضعوا الكلام الأصلي بعنوان مغاير تماماً (حضرات المواطنين العرب) وليس فيه تلك الجمل المصرحة بالاعتذار، وقد حصل ذلك كله يوم الإثنين ليلاً في ٣٠/١/٢٠٠٦ وكأنها مخادعة إعلامية من أجل تمرير الخبر ليهدأ العالم الإسلامي وللأسف تلقفت بعض القنوات هذا الاعتذار المزعوم، وقامت بدور مشبوه في إقناع المشاهد أن الاعتذار قد حصل، وأن الله قد كفى المؤمنين القتال.

ولما لم يُجْدِ ذلك نفعاً غيَّروا عنوان المقال فقط (حضرات المواطنين المسلمين) وهكذا أصبح مقال رئيس التحرير وكأنه نص من كتابهم المقدس له عدة شروحات وتفسيرات! كيف وقد طالعنا رئيس التحرير مراراً عبر التلفاز وعلى صفحات جريدته بما يتعارض مع مزاعم الاعتذار كان من آخرها مقال يوم ٩/١١/١٤٢٧هـ حاول فيه إقناع الرأي العام عن مدى إيجابيته ومدى استعداده لحوار المسلمين كي تنتهي الأزمة وقد ضمن رسالته هذه ثلاثة شروط:

الأول: قد يعتذر ولكن عن الإساءة الناتجة عن نشر الرسومات، وليس عن الرسومات نفسها ولا عن نشرها.

الثاني: مطالبته المسلمين بتوقيع على إقرار (الديمقراطية الدانمركية) والتي أخبرنا مراراً أنها تبيح له فعلته هذه، وأن عمله على ضوئها قانوني تماماً وكأنه يريد منا ما قاله الله: {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا} . [النساء: ٢٧]

الثالث وهو الأدهى - وقد سحب بعد سويعة من هذا المقال -: أنه لا يستطيع أن يعد المسلمين بعدم تكرار إهانتهم مرة أخرى!!

فتأمل بارك الله فيك! أيعقل بعد ذلك كله أن يقال إنهم قد اعتذروا؟!

أما من الجهة الرسمية فهناك إصرار على أنهم لا يمكنهم الاعتذار عن عمل الصحيفة ولا حتى التنديد بعملها. والذي التبس على الناس ما قاله رئيس الوزراء أنه يرحب باعتذار الجريدة (الذي بينَّا حاله سابقاً) بينما في صبيحة تلك الليلة المخادعة عنونت الصحف نقلاً عن رئيس الوزراء: (لن نعتذر) فهل يعقل قبول اعتذار خجول وغير واضح ولا ثابت ولو لساعات، بل حتى لم ينشر على صحيفتهم اليومية، بل نشروه على موقعهم لغاية غير مخفية؟