ملفات
ماذا يريدون من المرأة..؟ !
(٢-٢)
[ندوة عن: واقع المرأة في الغرب]
أشرف على إعدادها وترجمتها في بريطانيا
براق البياتي، وعبد السلام عبد اللطيف
المرأة الغربية هي الأنموذج والمثل الذي يُحتذى من قِبَلِ أدعياء التحرر
والتغريب؛ فهي بزعمهم قد وصلت إلى قمة السعادة، وحصلت على كافة حقوقها
الإنسانية، ولكن هل هذا الزعم صحيح حقاً؟ ! أم أنه مجرد وهْم كبير يريدون أن
يوقعونا في شراكه؟
هذا ما سوف نراه في هذه الندوة التي شاركنا فيها مجموعة من الأخوات
الغربيات المسلمات، كلهن من أصول إنجليزية وويلزية، عشن في الغرب،
وتربين في أحضانه، ثم عرفن حقيقته بعد أن شرح الله صدورهن للإسلام.
الأخوات المشاركات:
١ - فاطمة أم إسماعيل، واسمها قبل الإسلام: فيكتوريا كيب وول.
٢ - عائشة أم سعدية، واسمها قبل الإسلام: راشيل بريتشرد.
٣ - خديجة أم عارف، واسمها قبل الإسلام: ويندي بووث.
٤ - أم يوسف، واسمها قبل الإسلام: آشلي داينتي.
٥ - خديجة أم محمد، واسمها قبل الإسلام: جوان توماس.
٦ - نبيلة أم إسماعيل، واسمها قبل الإسلام: روبين رييد.
البيان: مفهوم الأخلاق مرَّ بتغيرات جذرية متعددة: فكرية واجتماعية،
حتى وصل إلى مرحلته الحالية، فما مفهوم الأخلاق في الغرب؟
الأخت: خديجة أم عارف: تختلف الأخلاق في الغرب من شخص إلى شخص ومن بيت إلى بيت، وهناك تصور عام أن كل التصرفات الشخصية مصونة
مهما كانت هذه التصرفات إذا لم تؤثر على شخص آخر. ومن هذه التصرفات
المقبولة عند الغرب مثلاً: أن ينتحل الرجل شخصية المرأة بزيها وعلاقاتها وأن يُظْهِرَ
ذلك أمام أطفاله، ومثال آخر: هو الكَمُّ الهائل من المواد والعروض الإباحية في شتى
وسائل الإعلام والتي أصبحت متقبلة. وبالرغم من أن هناك فئة من الناس تشعر
بالخجل من هذه التصرفات إلا أنها لا تستطيع الانتقاد العلني خوفاً من أن
توصف بالتحجر والتخلف. وتحت ضغط الإعلام أصبح الكثير من هؤلاء ومنهم
أرباب الكنيسة يقبلون بالقيم الجديدة، ومثاله: السماح بزواج الشواذ داخل الكنيسة.
نعم! الأخلاق في انحدار عجيب؛ وهناك ذلك المفهوم السائد بأن تفعل ما يحلو لك ما
دمت تشعر بالسعادة، وما دام مقبولاً عندك، هذا المفهوم الذي بدأ ينتشر من
الستينيات حتى الآن.
الأخت: فاطمة أم إسماعيل: أنا لا أعتقد أن هناك قيماً باقية في الغرب؛
فالنساء أصبحن كالرجال، والرجال كالنساء، حتى الكنيسة التي كانت أساس القيم
الغربية غيَّرت كلام الله لتكثر حضور الناس، فصاروا يجعلون الحرام حلالاً.. فالقيم
الغربية قد انهدمت!
الأخت: خديجة أم محمد: لقد فُقِدَت فكرة القيم في الغرب؛ والأحوال تقزز
النفس أكثر وأكثر، فالأفعال التي تحصل هنا من هذه الأنواع كثيرة، والناس
المسؤولون عنها لا يوجد لديهم قيم، فهم لا يعتنون بتصحيح الأخلاق للناس
والأطفال هذه الأيام، المسلمون الملتزمون هم فقط الذين لهم قيم هنا في الغرب.
الأخت: نبيلة عبد الله: لم تعد فكرة القيم موجودة في الغرب، فالغرب يؤمن بأن حرية الاعتقاد الشخصي أهم من مسألة الالتزام بقيم معينة. وبهذا فإن
الغرب سمح للمجتمع أن ينقلب ضد نفسه؛ حيث إن كل فرد يعتقد بأن ما يؤمن به
هو الصحيح، كما أن من المسلك الحسن عندهم أن يترك الأمر لكل فرد يدعو لما يعتقد به بغض النظر عما قد يحمله من أفكار ومعتقدات شاذة. لقد مضى عهد طويل
منذ أن كان الغرب يهتم بالقيم؛ حيث إن الاهتمام بالماديات أصبح بمثابة الإله
المعبود.
البيان: دعوات تحرير المرأة في الغرب قديمة جداً، فهل استطاعت تلك
الدعوات أن تستنقذ المرأة الغربية وتنصفها وتكرمها؟ وهل استطاعت أن تسعدها
حقاً؟
الأخت: عائشة أم سعدية:أنا شخصياً لا أعتقد أن المرأة المسماة «محررة»
بأنها سعيدة، فالشيء الذي حصلت عليه هو الغرور بأن تعتبر مساوية للرجل فقط؛
إذ ليس لها وقت أو إحساس لتحيا حقيقة أنها زوجة أو أم، وهذا مما يُحزِن؛ لأن
الله سبحانه وتعالى خلق المرأة زوجة للرجل وأمّاً لأولاده لتراعي بيت الأسرة
والأطفال وحاجات زوجها، ولمَّا لم يتحقق ذلك للمرأة المتحررة فقد ضاع عليها أهم
شيء في الحياة؛ ويوماً مَّا سوف تشعر بهذا، ولكن بعد فوات الأوان! كيف يوجد
للمرأة ذرة من الكرامة وهي تريد أن تكون كالرجل؟
الأخت: خديجة أم محمد: لا ... تحرر المرأة في الغرب لم يستطع أن
ينقذ المرأة أو يكرمها، فقط استطاع أن يضغط على النساء ليخرجن من البيوت
من غير رقيب ولا حسيب، يكون لهن هواياتهن وحياتهن الخاصة، لا يردن العمل
فقط بل دفعن بأنفسهن للوصول إلى أعلى مرتبة في العمل، والوصول إلى هذه
(القمة) ليس بالسهل للنساء، ولهذا هن دائماً تحت ضغوطات محاولاتهن للتنافس مع الرجال، وفي النهاية إذا وصلن إلى أعمال ووظائف فعادةً لا يرقين إلى ما يحققه
الرجال؛ فبعد كل هذا العمل، والوقت، والجهد والضغط ما زالت النساء هنا
مثلاً لا يحصلن على المرتبات نفسها لنظائرهن من الرجال، وهذا يؤدي إلى
نتيجة سلبية!
بعض الشركات لا تقبل النساء للعمل عندهم إذا كن حوامل ولا يوظفون
النساء اللاتي لديهن أطفال، وهذا يزيد التعقيدات للنساء اللائي يسعين للتساوي التام
مع الرجال، وهذا التعقيد هن اللواتي جلبنه؛ فبدلاً من أن يرفعن مكانتهن جعلن
حياتهن مضطربة وتحت ضغوط جمة هذا لا بد أن يؤدي إلى الحزن والأسى.
الأخت: نبيلة عبد الله: أنا أرى أن النساء في الغرب عشن مراحل (التحرر)
واستُعبدن من قِبَلِ أفكار المجتمع الداعية لتحرير المرأة. ولقد ناضل النساء لنيل ما يسمى: (حقوق المساواة في أماكن العمل) وطالبن بالمعاملة بالمثل مساواة بالرجل ولكن هؤلاء النساء أنفسهن سمعناهن فيما بعد يصرخن مطالبات بحقوق تختلف عن
الرجال العاملين، مثل مطالبتهن بإجازات وضع الحمل، وتفريغهن للبقاء في رعاية
أطفالهن الرضع، وفي هذا تناقض مع دعوات المساواة، حيث إن الرجال ليس لهم مثل تلك الحقوق، وهناك أمور أخرى مثل ترقيات العمل، فالمرأة عادة لا تمنح مثل تلك الترقيات ما لم تكن مستعدة لتقبل التحرشات المخدشة للعرض من قِبَلِ
رؤسائها في العمل. ثم إذا ما نظرنا إلى واقع المرأة العاملة فسنجد مثلاً أن عليها
التضحية في مسائل مثل تربية أطفالها والتي تلجئها ظروف العمل في كثير من
الأحيان إلى إيكال تلك المهمة إلى مربيات؛ وقد أثبتت تجربة استخدام المربيات أنها
قد تسيء إلى الأطفال؛ حيث تم ضبط كثير من الحالات التي يعنف فيها الأطفال
ويُضربون، بل وكان منها حالات أدت إلى قتل الأطفال!
أما عن وضع أزواج النساء العاملات فهي الأخرى لا تخلو من خلل؛ فكثير
من هؤلاء الأزواج قد يعاني من إهمال وتقصير زوجته تجاهه خصوصاً من الناحية
العاطفية مما قد يؤدي به إلى العزوف عنها، والبحث عن امرأة أخرى، فينتهي الأمر
إلى الطلاق وتفسخ العائلة؛ ولذا فالمحصلة الكلية لمثل تلك الدعوات التحررية
وبشكل عام لم تؤدِّ إلى السعادة.
البيان: خرجت المرأة الغربية للعمل في شتى الميادين مع الرجل جنباً إلى
جنب؛ فهل تجربة العمل هذه ناجحة؟ وما أثرها على الأسرة والأبناء؟
الأخت: فاطمة أم إسماعيل: لا أصدق أن من النجاح أن يعمل الرجال
والنساء جنباً إلى جنب؛ فمن فطرة الرجل أن يكون القائم والأقوى، ومن الطبيعي
أن يرفض منافسة المرأة في مكان العمل، وعليه فسيصعب عليها العمل في مثل
هذه الأجواء، وسيؤثر هذا بدوره على حياتها الأسرية، وذلك عندما تنقل تأثرها
بمشاكل العمل إلى البيت وتؤثر بذلك على الأسرة.
وهناك أيضاً: الدعوة للوقوع في العلاقات المحرمة في العمل، إذا كانت
الأحوال في البيت تمر في ظروف صعبة.
الأخت: عائشة أم سعدية: كثير من النساء خرجن للعمل مع الرجال،
ولكن تسمية ذلك نجاحاً شيء يحزن؛ والتنافس مع الرجال خطأ بالكلية، ولعل
المرأة العاملة تعتقد أنها ناجحة بالتمكن من نفس مكانة الرجل، أو أعلى منه، ولكنها
في الحقيقة هي الخاسرة؛ فمن مشاكل الاختلاط مع الرجال أنها تخاطر بنفسها في
الوقوع بعلاقات محرمة معهم، وطبيعي أن يؤدي هذا إلى الطلاق فتخسر زوجها
وأطفالها.. ونحو ذلك. أيضاً عدم وجودها مع زوجها قد يقلل من اكتراثها به،
ويمكن أن يجعله هو الآخر يدخل في علاقات جنسية غير مشروعة، حينئذ الأطفال
حتماً سيعانون؛ لأن الأم ليست موجودة لتعلمهم ولترعاهم. وعادة ما يؤدي هذا إلى
أن يخرج الأطفال إلى الشوارع، فيزيد احتمال وقوعهم في مشاكل عويصة، ومن
تلك المشاكل الحمل المبكر غير الشرعي للبنات. وللمعلومية فيوجد في المجتمعات
الغربية أكثر عدد من حالات الطلاق في العالم، وكذلك حالات حمل المراهقات
من علاقات جنسية غير مشروعة.
الأخت: خديجة أم عارف: في مجتمع العمل المختلط ينظر إلى العلاقات التي تنشأ بين الرجال والنساء على أنها علاقات من قبيل المتعة غير الضارة، ولكن
ينسى هؤلاء أن هذه العلاقات قادت إلى الزنا وإلى تفكك الأسرة والقضاء على الكثير
من الزيجات. هذا الاختلاط خلق كثيراً من الشك بين الأزواج حول العلاقات غير
المشروعة التي يقيمها كلا الطرفين من خلال العمل، كما أنه ورَّث كثيراً من
المضايقات والتحرشات الجنسية في العمل من قِبَل الرجال للمرأة، تلك المرأة التي
تبدي نصف جسدها أثناء العمل. إن دور المرأة أمّاً ومربية للأطفال
لم يعد له قيمة في الغرب، بل إن المرأة تُلقي بأطفالها في الحضانة أو إلى شخص
آخر ربما يكون غريباً، وتنطلق للعمل وبأجر أقل من أجر الرجل. أعتقد أنه ليست
هناك وظيفة أكثر ربحاً، وأجراً من وظيفة الأم التي تربي أطفالها في بيئة متزنة
حانية. كل طفل يحتاج أن يشعر بالحنان والطمأنينة، وهل يستطيع أحد أن يعطيه
هذا الشعور مثل الأم؟ ! على الرجال في الغرب أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه أسرهم
وأن يقوموا على الأسرة معيلين لها، وأن يشعروا بأخطائهم عندما يدفعون
نساءهم للعمل خارج البيت.
الأخت: أم يوسف: عمل النساء بجانب الرجال خطر جداً وهو ليس بناجح
حتماً، والخاسرون منه هم الأسرة عموماً والأطفال بالذات؛ فعندما تعمل المرأة
فإنها تهمل البيت الذي هو مسؤوليتها، ولعل إحدى آثار عمل المرأة أن الأكل
الجاهز أصبح الوجبة الأساسية للأطفال، مما يدعو إلى تدهور صحة الأطفال
بمرور السنين، وهناك أثر ثانٍ وهو أن الأمهات يصبحن غير متفرغات لأطفالهن
مائة في المائة، والأطفال يشعرون بذلك؛ وبهذا يظهر النقص في الاتزان
والتصرف وتنشأ مشكلات سلوكية.
أما الأثر الثالث فهو أن المرأة تبدأ في لبس زي معين لكي تجذب الرجال
داخل العمل، كما يؤدي اختلاطها بالرجال إلى عدم الرضا عن زوجها. ولعل
وجود المرأة في محيط عمل الرجال من الأسباب التي أدت إلى ارتفاع
نسبة الطلاق.
البيان: التعليم المختلط وخاصة في سنوات المراهقة من خصائص التعليم في
البلاد الغربية؛ فما تقويم هذه التجربة؟
الأخت: عائشة أم سعدية: التعليم المختلط يشجع على العلاقات بين الأولاد
والبنات، وإذا أُحصي عدد المراهقات الحوامل من مدارس مختلطة ومن مدارس
بدون اختلاط (خصوصاً المدارس الإسلامية) لوجدنا في الغالب أن النسبة في
المدارس المختلطة ستكون ٥٧ % على الأقل مقارنة بالمدارس التي تطبق الفصل
بين الجنسين بنسبة لعلها تقرب من ٥% (في حين ستجد أن النسبة في
المدارس الإسلامية هي الصفر) ، كما أنني أعتقد أن اختلاط الجنسين يؤدي
إلى عدم تركيزهم من الناحية الدراسية؛ لأن اهتمامهم سيكون موجهاً
للجنس الآخر.
الأخت: خديجة أم محمد: لتقويم التربية المختلطة في المدارس الغربية أقول: إن اختلاط الأولاد والبنات مثلاً في هذه المدارس شيء في غاية التهديم؛
فعندما يكبر الأطفال وينمون سوف يبدؤون يفهمون أمور النساء في المدرسة، وهم
ليسوا تحت رعاية دائمة، والآن غدت مواضيع الحياة يُتحدَّث فيها علانية، وعند
ذلك فإن الأطفال سوف يُشجَّعون على الفعل القبيح من زناً وما شابه ذلك، والذي
يجري في الصفوف العُليا (الفصول المتقدمة) في هذه المدارس أن ترتب النشاطات
للبنين والبنات معاً ويتركوا للاختلاط بحريَّة، والنتيجة التي لا مفر منها أن البنات
والبنين يبدؤون بعلاقات الحب والغرام، وهذا يؤدي إلى الزنا وحالات حمل البنات
الصغار، وبعد ذلك تُترك البنت لتربية الأطفال وحدها، وهذا هو سبيل
تفكك المجتمع!
الأخت: نبيلة عبد الله: التعليم المختلط خطر يهدد المجتمع؛ فالمربون
(المعلمون والمعلمات هنا) يؤمنون بمشروعية إقامة العلاقات بين الجنسين من الطلبة
المراهقين، متناسين الأبعاد الخلقية والصحية والجنسية لهذا الأمر، وهم أنفسهم
(الهيئة التعليمية) قد يكونون متورطين في أعمال غير خلقية، مثل تعاطي
المخدرات والعلاقات غير الخلقية بل وحتى الزنا. الشغل الشاغل للمراهقين في
مثل هذه الحال هو معايشة هذه الأجواء وبذلك يصبحون معرضين لمختلف الأخطاء
التي تحيق بهم في مجتمع تحطمت فيه القيم الخلقية، والمجتمع نفسه هو الخاسر في
نهاية الأمر.
البيان: تعاني الفتاة الغربية المراهقة من مشكلات اجتماعية ونفسية متعددة
نتيجة انتشار الشذوذ والزنا والاغتصاب ونكاح المحارم.. ونحو ذلك؛ فهل هذه
المشكلات موجودة حقاً؟ وما حجمها؟ وهل يدرك الغربيون خطورة ذلك؟
الأخت: خديجة أم عارف: لا أعتقد أن نكاح المحارم منتشر، ولكن الزنا
منتشر؛ فالأولاد يُعَلَّمون في المدارس أن العلاقات الجنسية مسموح بها بشرط أن
يُستخدَم الواقي، أو ما يسمى بالجنس الآمن؛ ولكنهم لا يعلمون القيم الأخلاقية أو
أهمية الزواج. وهذه الأشياء لم تؤدِّ إلى أعداد كثيرة من الحمل المبكر غير
المرغوب فيه، وإلى أعداد من الأمهات بدون أزواج فحسب؛ بل أدت إلى مجتمع
يفتقر إلى الاتزان الأخلاقي والذي هو من الضرورات لتربية الأطفال في أي مجتمع.
كثير من الفتيات أصبن بصدمة نفسية نتيجة الحمل المبكر (بطريق الزنا) وأدى
ذلك إلى الإجهاض، ولا تسأل عن آباء صغار السن والذين يتنكرون
للمسؤولية عادة. إن الصدمة النفسية والمعاناة المترتبة على هذه المشاكل خيالية. الإعلام يدفع الفتاة إلى التجمُّل والخروج بشكل سافر وهو ما يؤدي غالباً إلى الاعتداء
الجنسي، والقتل أحياناً. كل ذلك له تأثير سيئ على المجتمع؛ فالفرد الذي
اعتاد الخلاعة والإباحية يصعب عليه أن يقيم علاقة متزنة من خلال أسرة وأن يربي
أطفالاً. المجتمع والمربون والآباء لا يقدمون إلا القليل في مواجهة هذه المشاكل.
الأخت: نبيلة عبد الله: أنَّى للمربين أن يُقدِّروا خطر هذه الانحرافات وهم
أنفسهم من ضحاياها؟ ! لقد انضم كثير من ذوي الانحرافات وبمختلف أصنافها إلى
فئة المربين، وهذا يشجع المراهقين على ممارسة ما يسمى بالطرق المأمونة
لتعاطي المخدرات وممارسة العلاقات الجنسية وهم في عمر يافع لا يعون معه
المخاطر التي تحيق بهم!
الأخت: أم يوسف: هذه المشاكل موجودة، وأعتقد أن حجمها أكبر من أن
يتخيله أحد. أنا أعتقد أن المربين واعون لأخطار هذه الانحرافات السلوكية ولكن لا
يعرفون كيف يوقفونها.
الأخت: خديجة أم محمد: نعم! هذه المشاكل موجودة، ومدى هذه المشاكل
يؤدي إلى خلخلة أسرية؛ فعندما يكبر الأطفال يغدون مختلين وينقلون مشاكلهم
وخللهم الاجتماعي إلى مراهقين آخرين أو حتى أطفالهم؛ وهذا ينتج قلة الاحترام
في المجتمع، ولهذا فإن هناك تفككاً كبيراً في الحياة الأسرية، وفي القدرة على
التعامل الاجتماعي الجيد.
الأخت: فاطمة أم إسماعيل: نعم هذه المشاكل موجودة، ولكن أنا أشعر أن الموضوع في غاية البشاعة، ولا أريد أن أعلق أكثر.
البيان: للإعلام دور بارز في صناعة الأخلاق والقيم؛ فكيف يصور الإعلام
الغربي المرأة الغربية؟ وهل لهذه الصورة دور في إفساد المجتمع وتفككه؟
الأخت: فاطمة أم إسماعيل: الإعلام يستخدم النساء معظم الوقت أدوات
للنظر إليهن، والبنات الصغيرات يشاهدن هؤلاء النساء ويرغبن في الظهور
مثلهن، ولذلك فإن المشكلات كثيرة منها تخلي المرأة عن عملها البيتي كالطبخ وغيره من الخدمات وانشغالها بجسمها.
الأخت: خديجة أم عارف: الإعلام يركز على منظر المرأة ومظهرها؛
فالمرأة الجميلة ذات الجسم الرشيق تغطي صورتها الصفحات، وتعرض جسمها
بطريقة مقززة، والمرأة تفاخر بجمالها وتعتبره سلعة ناجحة. وتعتقد بعض النساء أن
الحرية للمرأة هي في التعليم وفي تحقيق المنصب والشهرة، ولا يخفى أن هذه الحرية
هي التي أنتجت صناعة الجنس والتي تعتبر من أكثر الصناعات نمواً في الغرب.
نعم! لقد امتُهِنَت المرأة في الغرب وهي التي سمحت للعابثين بذلك. غسيل الدماغ
مستمر في الإعلام من خلال طرح نماذج على أنها مثال أعلى؛ إذ تقدم حياتهم
الجنسية على أنها المثال، مثل نجوم الموسيقى والغناء مع عدم تقديمهم أمثلة
إيجابية يمكن الاقتداء بها.
الأخت: خديجة أم محمد: الإعلام الغربي يصور المرأة الغربية على أنها
قوية، مستقلة، جميلة ومثالية؛ لأن النساء يرغبن بذلك كما يقول الإعلام،
وإذا لم يكن عندها أي من تلك الصفات فستفعل أي شيء للحصول على ما يتوقعه
الناس من هذه المظاهر مثل لون الشعر، ولون البشرة، وإذا لم تستطع أن تحقق
ذلك فسوف تكون في غاية من الضيق؛ لأنها لم تبلغ (المثالية) التي يصوِّرها
الإعلام! وهذا يؤدي بها إلى الكآبة الشديدة والإحباط بل، وأحياناً إلى قتل النفس.
صورة الإعلام هذه شر ماحق يمكن أن يدفع المرأة إلى أن تحطم عزتها
بنفسها، وإذا فقدت عزة النفس فلن تُكرَم أو تراعي أي أحد، أو أي شيء آخر،
وهذا يمكن أن يؤدي إلى الإجرام واللامبالاة بين أفراد المجتمع.
الأخت: نبيلة عبد الله: إن الإعلام في تصويره للمرأة في الغرب يهمل
دورها في المجتمع زوجةً وأمّاً، ويركز على مسائل مظهرها وهيئتها ودوافعها إلى
كسب المال. الغالب هنا أن البنات الناشئات لم يعد لهن قدوة حسنة في أمهاتهن اللائي
أصبحن يعلمنهن أن قيمة المرأة تكمن في اهتمامها بالملبس وقابليتها على جذب وإبهار
الرجال. ومن المفاهيم المنحرفة التي أصبحت مترسخة عند كثير من النساء أن
الاهتمام برشاقة الجسم مثلاً مقدم على الإنجاب والاعتناء ببيتها. كذلك فإن نظرة
المرأة الغربية للرجل أصبحت تتسم بقلة الاكتراث لدوره في المجتمع، حيث إنها
ما عادت في حاجة ملحة للارتباط بزوج؛ فالحرية الجنسية تصور لها أن الزواج
أضحى من عادات الماضي وتقاليده وأن الزواج يؤدي إلى استعبادها من قِبَل رجل
واحد!
الأخت: عائشة أم سعدية: الإعلام بارع في إبراز قضية تحرر المرأة
الغربية.. الحرية في الذهاب إلى العمل، السياحة، السوق.. ونحوها. النساء في
خطر كبير وهو: الاقتناع بأن كل شيء في الحياة رائع ويُشْرَع لها نيله؛ فلماذا
تتزوج، وفي استطاعتها نيل المتعة من غير زواج؟ ! ولماذا تجلس في البيت وفي
استطاعتها أن تعمل وتختلط بحرية مع الرجال، وتحصل على أي عدد من
الأخلاء كما تريد؟ ! المرأة في الغرب اليوم لا يوجد عندها قيم لنفسها، وليس لها كرامة البتة، وسوف تهلك نفسها بنفسها.
البيان: التفكك الأسري، والتمزق الاجتماعي يعده بعض الناس أحد سمات
المجتمع الغربي، فهل هذا صحيح؟ وهل له أثر على تربية الأبناء؟
الأخت: خديجة أم عارف: من أهم أسباب تفكك الأسرة في الغرب كثرة
الطلاق وارتفاع نسبته، وقلة الزواج؛ فالكثير لا يتزوج. ومن آثار هذا التفكك الآثار
السلبية على الأطفال الذين يقعون ضحية للطلاق. ومن مظاهر التفكك كثرة
الأمهات العزاب التي يكون لديهن أطفال من غير زواج، ولكن من علاقات غير
مشروعة، وعدد هؤلاء في ارتفاع مع ما يواجهن من صعوبات في تربية الأطفال
وفقدان للعطف والرعاية من الآباء. وهذا يفسر انحراف كثير من الأطفال في هذا
المجتمع. إن تعاليم الإسلام تحفظ للمرأة كرامتها وأي حدود توضع لها هي لحفظها
وصيانتها؛ ولكن للأسف فإن هناك جهلاً بحقوق المرأة في الإسلام؛ فمثلاً واجب
الإنفاق من قِبَلِ الزوج على المرأة والأطفال والبيت هو حق لهم مقرر في الإسلام؛
فعلى الزوج أن ينفق ومع ذلك يحق للمرأة أن تحتفظ بما تمتلك لنفسها إلا إذا أرادت
المساعدة في حال العسر مثلاً. المرأة في الإسلام ليست تحت ضغط يدفعها للخروج
من المنزل للعمل، بل لها الحرية في البقاء في البيت لتربية أطفالها دون الشعور
بالذنب الذي تشعره الكثيرات من النساء غير المسلمات في الغرب. وللمرأة حق
التعلُّم وخاصة في أمور دينها وأن تسد الحاجة في مجال الطب والتدريس حتى تقوم
بخدمة أخواتها المسلمات في بيئة تعمل فيها بعيداً عن الاختلاط وتحكم بأحكام
الإسلام.
إن نظرة الذين لم يذوقوا حلاوة الإسلام والإيمان بأننا لسنا سعداء بطريقتنا
الإسلامية في الحياة هذه النظرة غير صحيحة ولا واقعية؛ فأنا مثلاً أشعر بسعادة
غامرة عندما التقي بأخواتي المسلمات بعيداً عن الرجال في مجتمع نسائي منفصل؛
حيث لا تحاسُد ولا تباغُض كما يحدث في المجتمعات المختلطة؛ حيث الغيرة
والتباغض. كما أن الإسلام يحث المرأة على الاهتمام بالمنزل والأسرة؛ فإنه يفتح
المجال لتعارف النساء، وفتح باب التعلم لهن، وخاصة العلم الشرعي. النساء غير
المسلمات اللائي يحضرن أحياناً معنا في الحلقة بغرض التعرف على الإسلام يفاجأن
بالتواد والتراحم الموجود بين المسلمات.
أما الحجاب الذي يتصور الغرب أنه حاجز أو عائق فقد كان تحرراً بالنسبة
لي، تحرراً من أن يُنظَر إليَّ تلك النظرة المادية نظرة الجسد الخالي من العقل،
وكان الحجاب دافعاً لأن أعامل باحترام وكرامة.
الأخت: أم يوسف: هذا صحيح، والآثار على تربية الأطفال بالغة؛ ففي
المجتمع الغربي لا يربى الأفراد في أسرة تعتني بهم؛ لأن كل عضو في الأسرة منشغل بنفسه، ولهذا عندما يصل الأطفال إلى سن البلوع فإنهم يمرون بهذه المرحلة
الحساسة (سن المراهقة) وحدهم دون رقيب ولا حسيب ولا قلب حانٍ شفوق،
وحتماً فإن المجتمع سيتدهور عندما يعاني الناس من المشاكل، وهذه نتيجة طبيعية لا مفر منها.
الأخت: خديجة أم محمد: نعم! ما ذكر صحيح وله تأثير على الأطفال؛
فالأطفال إذا ما نشؤوا في أسرة مفككة فلربما أدى ذلك إلى مرورهم بطفولة مؤلمة.
كما أنهم عندما يكبرون ربما تنشأ عندهم مشكلة بخصوص تحمل مسؤوليات الزواج،
هذا إذا لم يعدلوا عن فكرة الزواج أصلاً خوفاً من الوقوع في زيجات غير موفقة، مما
يدفعهم إلى أن يخوضوا في العلاقات المحرمة التي بدورها ستنتج أطفالاً غير
شرعيين في بيوت لا تربطها الأنظمة الأسرية؛ وهكذا دواليك.
الأخت: نبيلة عبد الله: إن التفكك الأسري من سمات العائلة الغربية؛
فمصطلح (العائلة) أصبح يعني مجموعة من الأفراد الذين يتقاسمون مكاناً معيناً،
ولكن ليس عندهم هموم ولا أهداف ولا قيم مشتركة، وتُرِكَ الأمر للصحافة والتلفاز
والحاسب لتثقيف العائلة. والغربيون يصدقون ما تبثه لهم هذه الوسائل على أنها
الحقيقة الخالصة ولا يلتفتون كثيراً إلى ما قد يبث عبرها من حملات إعلامية
تضليلية. كما انشغل أفراد العائلة الغربية فأصبحوا نادراً ما يأكلون سوياً، وقلما
يتخاطبون فيما بينهم، بل وقد ينعدم اكتراث بعضهم ببعض، وأصبحت الأنانية
وحب الذات من سمات المعيشة في المجتمع الغربي، ومن أساسيات البقاء فيه على
(هامش الحياة) . كما صار العزوف عن القيم الأخلاقية من قِبَلِ الأبوين ينعكس على
أولادهم فينشؤون هم بدورهم أفراداً بعيدين عن المعايير الخلقية ينقصهم احترام
الذات واحترام الآخرين.
البيان: بعد هذه الندوة اللطيفة هل لنا أن نسأل عمَّا جعلكن تهتدين إلى
الإسلام؟ !
الأخت: خديجة أم عارف: ما زلت أتذكر أني كنت أؤمن بالإله منذ الثامنة
من عمري، وكنت أذهب إلى الكنيسة مع وجود لَبْس وعدم وضوح لديَّ لمفهوم
التثليث ومفاهيم أخرى، ثم توقفت عن ذلك في سن التاسعة عشرة وعشت حياة
الغربيين. سمعت لأول مرة عن الإسلام في سن الرابعة والعشرين، وبعد سنوات
قابلت رجلاً مسلماً في العمل، وعرفني على زوجته، ثم بدأت أتعلم الإسلام، كل
شيء كان بالنسبة لي صحيحاً ويقع في الموقع الصحيح، لقد كنت أؤمن بالتوحيد
بأن الله واحد؛ وما ذُكِرَ في القرآن والسُّنَّة عن عيسى عليه الصلاة والسلام كان منطقيا ومقبولاً لي. كثير من تفاصيل الإسلام جذبتني كالرفق بالحيوان والاهتمام بالبيئة والأدلة العلمية في القرآن وأصبحت أكثر وضوحاً عندي الآن. ثم بدأت
بالتحدث مع عائلتي والأصدقاء عن الإسلام والمسلمين، وبعد سنتين من
القراءة والتأمل والتفكير وهذا التأخر ليس لتشككي في صحة الإسلام ولكن
كان بسبب التأمل بقدرتي على تحمل الأعباء والتحولات التي سوف تنتج عن
إسلامي بعد ذلك كله أعلنت الشهادة وأصبحت مسلمة والحمد لله.
الأخت: خديجة أم محمد: كان لديَّ صديقات مسلمات كثيرات، وكنت
دائماً أحب أن أسمع تعاليم النبي، وأحببت كثيراً من الأشياء المذكورة في القرآن
والحديث، لقد قرأت كتاباً يشرح الحياة الأسرية في الإسلام وهذا ما أردته. أيضاً
لقد انجذبت للإسلام؛ لأن المسلم الصالح أمين، ومن ناحيتي فإني أحب الاجتماع مع
الناس، والحياة مع زوج أمين يتقي الله سبحانه وتعالى، وأنا أرى أن المسلمين هم
الناس الوحيدون الذين يستحقون الاجتماع معهم.
الأخت: نبيلة عبد الله: لقد تقبلت معتقد الإسلام بعد أن وجدت أن الله تعالى
أنه قد وضع نظاماً شاملاً لحياة البشر رحمة بالعالمين. وهذا النظام الشامل الذي يتيح
للبشر أن يتعبدوا ربهم الخالق من خلال تطبيقه في نواحي حياتهم المختلفة؛ فهو نظام
مهذِّب يغطي جميع القيم الخلقية والحريات والتربية وأسس العلاقات الزوجية، بل
وعلاقات البشر بعضهم ببعض. كنت أشعر بأن حياتي كان ينقصها شيء معتبر،
وكنت أفتش في قرارة نفسي عمن يستحق الثناء والشكر، متناسية من هو أهل للثناء
والشكر وهو الخالق المنان. وكنت دائمة الاستجابة لتوقعات الآخرين مني، وفي الوقت نفسه غير آبهة بالأحكام والسنن الإلهية المفروضة على العباد. أمَّا الآن وقد
هداني الله تعالى للإسلام فسعيي حثيث للقبول بتوجيهاته، والاستسلام لحكمه
وتعاليمه جل شأنه وأدعو الله ألا أنسى أبداً أن الفضل والحمد كله يعود له
وحده سبحانه وتعالى. أسأل الله أن يتقبل صالح أعمالنا وأن يشملنا برحمته جميعاً.
البيان: الحمد لله على نعمة الإسلام. والآن نود لو تحدِّثْنَنا عن تجربتكن في
الإسلام: هل وجدتن في التعاليم الإسلامية ما يُقيد المرأة أو ينتقص من كرامتها، أم
أن الأمر مغاير لذلك؟
الأخت: فاطمة أم إسماعيل: لا، نحن محميون ونعامَل بأعلى كرامة.
الأخت: عائشة أم سعدية: لا يوجد شيء في الإسلام يقلل من كرامة المرأة،
الإسلام يعطيها الكرامة، إنها لا تعرض على أي شيء سيئ، إنها تحفظ نفسها
بالستر والكرامة وتغض نظرها وتخفض صوتها ولا تكون مصدراً للمشاكل لا داخل
البيت ولا خارجه، إنها محدودة فقط داخل نطاق الإسلام، ولكن ليس كما يصوره
الإعلام الغربي؛ فالمرأة المسلمة تعامل بالود والكرامة التي تستحقها، وإذا عرفت
النساء الغربيات كيف تُعامَل المرأة المسلمة كما يأمر الله سبحانه وتعالى فسوف
يسرعن لاعتناق الإسلام إن شاء الله.
الأخت: نبيلة عبد الله: إن الإسلام لا يقيد ولا يصادر أي شيء من كرامة
المرأة. والحقيقة أن الإسلام يرفع من منزلة المرأة إلى درجة لا يمكن التعرف عليها
ما لم تعتنق المرأة الإسلام فعلياً. عند دخولي في الإسلام دهشت لما يتمتع به النساء
من منزلة رفيعة. فالصورة مغايرة لتلك التي عند الغربيين؛ فالمرأة عندهم زينة في
ذراع الرجل يتباهى بها ثم يلقيها أرضاً بعد حين. إن التزام المسلمة بالحجاب
والنقاب يُعد بمثابة حماية داخلية، وأخرى خارجية لها. فلسان حال مظهرها
الخارجي يقول: إنني أغطي جسدي لأحميه من قلة الستر المستشرية في المجتمع،
وحتى لا أدع مجالاً للآخرين كي ينجذبوا لعورتي؛ ومن دون ذلك ربما كانوا
سيهينونني بنظراتهم أو لمساتهم التي كان من الممكن أن تنشأ نتيجة سوء فَهْمٍ
لمظهري أو حركاتي فيما لو كنت غير ملتزمة بالزي الإسلامي. إنني أعتز بكوني
مسلمة، والآن وقد تزوجت فأحس بالمشاعر الخاصة كوني امرأة لها زوج يعتني
بها، وإن شاء الله يكون ممن يتذكر تعاليم الله تعالى وأحكامه بخصوص معاملة
الزوج لزوجته.