للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الورقة الأخيرة

علمهم يا (تشارلز)

CHARLS'.. TEACH THEM!

بقلم: أحمد العويمر

من نافلة القول: التأكيد على أن الإسلام دين له من المعطيات والأحكام

والرؤى ما يحل به مشكلات الحياة جميعها؛ ولذلك كنا وما نزال نؤمن إيماناً قاطعاً

بأن الإسلام هو الحل لواقعنا المعاش، وأن التخبطات التي أبى أفراخ العلمانية في

عالمنا العربي والإسلامي إلا إرغام مجتمعاتنا للولوج فيها لم تزدنا إلا تردياً ويقيناً

أن تغريب مجتمعاتنا ليس المراد به إلا إفسادها وفرنجتها وإبعادها عن الصراط

المستقيم، وهذا ما آل إليه حال كثير من تلك المجتمعات التي ابتليت بحكم من

يسمون بـ (الليبراليين) عسكريين أو مدنيين، أو على الأصح: (العلمانيين

المتطرفين) الذين دأبوا على ترويج مقولة: إن الطريق لنهضة أمتنا ليس سوى

السير وراء الغرب في مسيرته العلمانية، ولسان حالهم جميعاً: ما قاله كبيرهم الذي

علمهم الإفك (لتُؤخَذ الحضارة الغربية بخيرها وشرها، وحلوها ومرها) .

فماذا استفدنا من آرائهم الزائفة تلك سوى أن صرنا في آخر الركب، فلا نحن

الذين تمسكنا بمبادئنا، ولا نحن الذين صارت لنا مكانة مرموقة، مع أن الغرب

نفسه وفي قرارة نفسه يسخر من تلك المجتمعات الممسوخة، ويرفض أن تكون

جزءاً من منظومته الحضارية، كما يفعل الغرب مع تركيا في محاولاتها للدخول في

(السوق الأوروبية المشتركة) أو الاستفادة من معطياتها، وكما هو موقف الغرب

بكافة فئاته من قضايانا الملحة مع ذلك الواقع المؤلم.

يصر العلمانيون في بلادنا على المزيد من التغريب والسقوط، وفي الوقت

نفسه: يصرون على محاربة أسلمة مجتمعاتنا، ومواجهة الدعاة لأسلمة المعرفة،

والإصرار على إبعاد أمتنا عن مصدر عزتها وفخارها، بل وتقنين الأنظمة

والدساتير التي تؤكد علمنة البلدان وإبعادها عن العودة لهويتها الحقيقية.

العجيب: أن رجلاً بمكانة (الأمير تشارلز) مع كونه غير مسلم فهو أعرف

بحقيقة ديننا الحنيف من كثير من علمانيينا؛ إذ له من الوقفات والآراء والمواقف ما

أشاد فيها بالإسلام، حيث دعا إلى الاستفادة من معطياته، وأنحى باللائمة على أمته

بخاصة والغرب بعامة على المادية المفرطة والسقوط الأخلاقي المفجع الذي يتردون

فيه؛ مما يؤذن بخطر عظيم، ومن ذلك: كلمته في (مركز الدراسات الإسلامية في

جامعة إكسفورد) ، التي أشاد فيها بدور الإسلام في نهضة الحضارة الغربية،

ودعوته للاستفادة من الإسلام في عدالته وتسامحه وشموله.

وكذلك: ما أدلى به في كلمته المتميزة التي ألقاها مؤخراً في (مؤتمر بناء

الجسور بين الإسلام والغرب) في لندن، ومما قاله: (إن القيم الإسلامية تساعد على

استعادة الرؤية المتكاملة لما يجري في عالمنا الفسيح) .

فمتى يعي العلمانيون العرب الذين يصرون على تغريب مجتمعاتنا الإسلامية

ولا يعيرون آداب وأخلاق الإسلام أدنى اهتمام.

ومتى يعرفون حقيقة ديننا وأهميته؟ وأنه ليس لنا فقط، وإنما للإنسانية بعامة.

إننا نذكرهم بأهمية العودة للجذور، فنحن أمة أعزنا الله بالإسلام، ومهما

ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله، فهل يعون ذلك، أم على قلوب أقفالها؟