للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الدين منهاج شامل للحياة]

أ. د. عماد الدين خليل

(١)

كل دين سماوي منهج حياة يحكمها ويهيمن عليها بتشريع من عند الله ـ سبحانه ـ يتضمن كل التفاصيل والكليات التي من شأنها أن ترتقي بالحياة

منهج شامل للحياة.. ذلك باختصار هو تعريف كل دين بعث به الله ـ سبحانه ـ رسله إلى هذا المكان من العالم أو ذاك، أو إلى العالم كله.. في هذه الفترة من التاريخ أو تلك.. أو عبر التاريخ كله.

منهج شامل للحياة، ولذلك حدثت المصادمات الحاسمة بين كل دعوة دينية وبين الوضع العام الذي جاءت لكي (تعدله) وتعيد صياغته من جديد وفق الأطروحات التي تنزلت من السماء.

إنه ما من (دين) سماوي إلا وجد قادته من الأنبياء الكرام أنفسهم يصطدمون، طال الوقت أم قصر، مع القيادات الوضعية التي تريد بنظمها وتشريعاتها أن تعبِّد الناس لزعاماتها الجائرة بدلاً من تعبيدهم لله. وإذا كان كل نبي يجيء حاملاً معه منهاجه المتمثل بالدعوة إلى عبادة الله وحده ورفض عبادة العباد بالانتماء إلى حكم الله وحده، والانشقاق عن الحاكمين بغير ما أنزل الله، والالتزام بتشريع الله وحده، والتحرر من نظم العبيد (التي ما أنزل الله بها من سلطان) .

كان لا بد من المجابهة والصدام؛ فليس ثمة تهاون أو تعايش أو تصالح بين الطرفين. ليس ثمة أيما جسر يصل بينهما، ولا أيما فسحة للمساومة وتقديم التنازلات من قِبَل هذا الجانب أو ذاك؛ إنه صراع بين موقفين لا لقاء بينهما على الإطلاق: الحق والباطل.. الهدى والضلال.. الإيمان والكفر.. الاستقامة والالتواء.. النور والظلام.

إن الحكم إما أن يكون لله، أو للطاغوت. وما كان لرسل الله ـ سبحانه ـ إلا أن ينفذوا كلمته في العالم أو تنفرد سوالفهم؛ وقد كان.

ونتذكر جيداً موسى ـ عليه السلام ـ وقومه وهم يتعرضون لطغيان فرعون تقتيلاً وتعذيباً وتنكيلاً وتصليباً في جذوع النخل، وتقطيعاً من خلاف، وعيسى ـ عليه السلام ـ وتلامذته وهم يتعرضون لطغيان قيصر وحملات الإرهاب والإفناء التي سلطها عليهم من كل مكان، ومحمداً ـ عليه السلام ـ وأصحابه وهم يتعرضون لطغيان الوثنية العربية ومطارداتها وحصارها وتعذيبها المرير.

موسى وهو يتحدى فرعون: {وَإنِّي لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [الإسراء: ١٠٢] ، وعيسى وهو يعلن بمواجهة روما: (لقد جئت بالسيف إلى هذا العالم) .. ومحمد (وهو يجابه الوثنية العربية بالحسم الذي يليق بجدية الأديان (والله يا عم! لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه) (١) .

لقد كانت الأديان السماوية جميعاً مناهج حياة جاءت لكي تبني الحياة على عين الله وبتشريعه، وتعلن انقلابها على نظم الأرباب والكهنة والمشعوذين والزعماء الذين كانوا وسيظلون يمارسون عملية تشويه الحياة، وقتلها، وتخريبها.

(٢)

إن الله ـ سبحانه ـ لا يمكن أن يناقض نفسه؛ وحاشاه ـ سبحانه ـ وهو القائل في كتابه الكريم: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} [الأنعام: ٣] ، {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إلَهٌ} [الزخرف: ٨٤] . وهو القائل أيضاً في أكثر من موضع: {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} [يس: ٨٣] . {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْض} [الزمر: ٦٣] .

هل ثمة أكثر وضوحاً من هذه الآيات بصدد حقيقة الدين، وكونه (تنظيماً) شاملاً للحياة البشرية على هذه الأرض وفق تشريع الله؟

إن ألوهية الله ـ سبحانه ـ أي ربوبيته وحاكميته، تمتد ـ بالضرورة ـ إلى أقطار الكون الأربعة: تحكم هذا الكون، وتنظم مسيرته، وترسم مصيره، لا يند عليها زمن أو مكان، أو حتى حيز من زمن أو مكان.. هيمنة مطلقة تمتد إلى الأجرام الهائلة فتسيرها في مداراتها الشاسعة، وتتوغل إلى قلب الهباءات الصغيرة في قلب الذرة، فتديرها في مساراتها التي لا تحس ولا ترى {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [الأنعام: ٥٩] .

أفيعقل أن تشذ كرتنا الأرضية الصغيرة وعالمنا المحدود عن هذه الهيمنة والحاكمية؟ ولماذا؟ أوَ يعقل أن تطوي إرادة الله ونظامه السماوات كلها وتترك الأرض تفلت من قبضته لكي يتولاها حفنة من الأرباب الزائفين الذين يسعون بنظمهم القاصرة، وتشريعاتهم الملأى بالتناقضات والأخطاء، وأحكامهم النسبية المنبثقة عن رؤيتهم المحدودة ذات الوجه الواحد، ومصالحهم، ومصالح المحيطين بهم والمقربين إليهم فحسب.. يسعون إلى تعبيد الناس لهم من دون الله؟ ثم: أيعقل أن يبعث الله أنبياءه إلى العالم لكي يعيدوا (روح) الإنسان إلى مسارها الطبيعي تاركين كل ما عدا هذا لاؤلئكم الأرباب الزائفين لكي يعمقوا الشرخ، ويزيدوا الفوضى، ويقوموا بعملية تطويق سهلة، ميسورة، لكافة الإنجازات الروحية للأنبياء ما دامت أنها لا تستند إلى قاعدة مادية صلبة، ونظرة شمولية في العمل، وتشريع يكفل تسيير كل صغيرة وكبيرة وفق المسار أو الناموس الذي يتوافق وينسجم مع قوانين الكون كله حيث لا حاكم، ولا مشرع إلا الله؟

أبداً ولن يقول بهذا مخلوق يملك ذرة من احترام للعقل البشري. إنه إذا كان الحكام الوضعيون لا يرتضون إلا أن تخضع كافة الممارسات وسائر الفاعليات في ممالكهم الصغيرة لنظامهم وتشريعهم وحاكميتهم، ويعتبرون الأخذ عن أي مصدر آخر للتشريع انشقاقاً على (شريعتهم) وتمرداً على حاكميتهم يستوجب الإيقاف والعقاب؛ فكيف تكون حاكمية الله خالق الإنسان والعالم، نسبية محدودة تمتد إلى هذه الجهة من الكون، وتترك تلك، وتهيمن بنظامها وقوانينها على هذا الجانب من الحياة وتترك ذاك؟

إن المنطق الديني يتجاوز هذا العبث الذي يصدر عن الجهل والسذاجة حيناً، ويرسم بمكر وخبث حيناً آخر لفتح الطريق أمام الانتهازيين والدجالين لكي يسوسوا الناس ويتعبدوهم على هواهم، ومن أجل تحقيق مصالحهم فحسب. يتجاوز هذا العبث ويطرح مقولاته بالصرامة والجدية والوضوح والحسم الذي يتطلبه الموقف الديني بما أنه صادر عن الله سبحانه.

إنها مقولة صارمة لا تقبل نقضاً ولا جدلاً؛ لأنها فوق التناقضات والمجادلات، ومعادلة دقيقة لا تقبل خطأ؛ لأن قيمتها موزونة محسوبة، ثابتة، وحقيقة واضحة لا تقبل تشويهاً وتزييفاً؛ لأنها امتداد للسنن والنواميس.

إن الله ـ سبحانه ـ هو حاكم الكون كله، ورب الكون كله، وإله الكون كله، لن يشذ عن حكمه وربوبيته وألوهيته نيوترون أو إلكترون، ولا حبة في ظلمات الأرض، ولا ورقة تسقط من شجرتها، ولا رطب ولا يابس. لا يشذ عن حاكميته شيء؛ فهل تشذ الكرة الأرضية، بطولها وعرضها، عنها؟ هل يشذ بنو آدم الذين سُخِّرت لهم هذه الأرض وينطلقون على هواهم في مناكبها؟

إنه الجهل والسذاجة، أو المكر والخبث والمصلحة، وليس ثمة شيء وراء هذا وذاك.

(٣)

منذ لحظة هبوط آدم ـ عليه السلام ـ إلى هذا العالم كان (الدين) بمثابة الخلاص الوحيد؛ الخلاص على إطلاقه: الخلاص من التعاسة والشقاء والتمزق والتقاتل والتناقض والاضطهاد والاستغلال والامتهان والجوع والجهل والمذلة، الخلاص من كل ما من شأنه أن ينزل بالإنسان درجات عن المكانة الكريمة التي أرادها الله ـ سبحانه ـ يوم خَلْقِهِ وتكريمه {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [الإسراء: ٧٠] .

الخلاص على إطلاقه؛ ولن يتحقق هذا إلا بدين شامل يقود الناس عبر الطرق الملتوية المعوجة إلى الصراط. وكيف يعرف الناس الصراط ويلتزمون السير عليه إلى أهدافهم عبر رحلتهم الأرضية الطويلة المتشعبة المضنية الملأى باحتمالات الانحراف والمروق، إن لم يكن بشريعة شاملة فيها تبيان كل شيء وتتضمن {وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْء} [يوسف: ١١١] ؟ ؟!

إن مجابهة الانحراف لن تكون بكلمات تقال، ولا بدعوة مسالمة لتطهير روح الإنسان من الشر والخطيئة، ولا بدين تقتصر مفرداته على الصلاة والحج والصيام. لن تكون إلا بتشريع مفصل، ودعوة شاملة، ودين يتولى معالجة كل شيء. وإن تخليص الناس مما يعانونه، وتحريرهم منه، وصياغة عالم سعيد جدير بكرامة الإنسان لن تصنعه إلا حركة تسير على أرض الواقع وتستمد من ثقله ومواضعاته وسائل قدرتها على الانتقال بالناس من ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن عبادة العباد إلى عبادة الله وحده.

إنها مهمة ثقيلة مبهظة تحتاج إلى جهد مبهظ ثقيل، وبرنامج عمل مرسوم لا تند عنه صغيرة ولا كبيرة، ولا تنسحب من تحت قدميه أرضية العالم بكل ثقلها وصلابتها. تُرى أبمقدور حركة جادة أن تسير في الفضاء؟

لقد كان الدين منذ لحظة هبوط آدم وحتى مبعث الرسول الكريم ـ عليهما السلام ـ طريقاً للخلاص بهذا المعنى وحده، وليس بأي معنى آخر على الإطلاق: {وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إلَى حِينٍ * فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون} [البقرة: ٣٦ - ٣٩] .. {إنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [آل عمران: ١٩] .

والدين هو المنهج والشريعة والنظام، وهو يأتي هنا لتأكيد حقيقة كونه المنهج الوحيد بمواجهة سائر المناهج الوضعية التي تقوم على التحريف والتزييف والتزوير لحقائق الكون والوجود والإنسان؛ فإما هذا أو ذاك، وليس ثمة اختيار ـ هاهنا ـ بين المنهجين. بمعنى آخر: ليس ثمة مجال (للتلفيق) بأخذ هذا الجانب من المنهج الديني، وذلك الجانب من المنهج الوضعي؛ إذ كيف يكتمل ويتوافق ما هو غير متوافق بطبيعته وبحكم انبثاقه عن مصدرين للمعرفة مختلفين ابتداء؟ {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} [الأنعام: ١٥٣] .

فهو اختيار واحد حاسم أخير بين (الصراط) الذي يقود إلى الله؛ لأنه من شرع الله، وبين (السبل) التي تفرق الناس عن سبيل الله؛ لأنها من صنع الناس. وإذا كان الطريق الأول يقود إلى التحرر والكرامة والخلاص؛ فإن الطريق الثاني يقود ـ يقيناً ـ إلى العبودية والامتهان والشقاء.

ذلك؛ لأن معطيات التاريخ وأطروحاته لا تقول بغير هذا.

(٤)

وقد قيل في ذلك الكثير، وكتب الكثير. ولن نرجع هنا إلى شهادة التاريخ على امتداده ولا إلى أولئك (الشهود) الذين حدثونا عن أزمة الحضارة المعاصرة فأطالوا الحديث (١) ؛ حيث التأكيد الدائب المستمر على حاجة العالم المعاصر للدين، وعلى أنه (الحل) الوحيد لمعاناته ومرارته وعذابه.

ولكننا سنقف بعض الشيء عند حدث لا يزال قائماً، وهو بلا ريب واحد من أشد الأحداث المعاصرة إثارة وأهمية ذلك هو ثورة الطبقة العاملة في بولندة..

نعم الطبقة العاملة؛ حيث يفترض أن تعض بنواجذها على النظام الشيوعي باعتبارها صاحبة المصلحة الحقيقية فيه أولاً وأخيراً، وباعتبار أن الماركسية تنفيذ تاريخي لإرادة الطبقة العاملة بالذات، وهو الأمر الذي وجه ضربة قاسية للعمود الفقري للفكر الشيوعي، وزرع بذور القلق والشك في صدق المقولات الماركسية ابتداء.

ويبدو أن تحوُّل النظم والأحزاب الشيوعية إلى أدوات هينة لتحقيق أهداف (روسيا) وتبريرها، وإضفاء طابع (العقائدية) عليها على حساب الشعوب التي حكمت ـ عن غير اختيار ـ من قِبَل هذه النظم والأحزاب هو الذي أثار هذه الشعوب بكافة طبقاتها، بما فيها الطبقة العاملة صاحبة المصلحة الحقيقية في الشيوعية، فقامت بسلسلة من الانتفاضات والحركات الثورية للتحرر من الهيمنة الروسية التي دمغتها الصين بالإمبريالية (وهو الأمر الذي شهدناه في المجر وألمانيا الشرقية وتشيكوسلوفاكيا وبولندة ... ) .

والذي يهمنا هاهنا ما حدث في بولندة في أواخر القرن الماضي؛ لأن فيه بُعداً واضحاً وملحّاً، بُعداً دينياً في كيان حركة عمالية كانت قد رُبِّيَتْ منذ نعومة أظافرها على المادية والإلحاد.

نعم! وليس ثمة في الأمر ما يدهش، بل إن العكس هو الذي يثير الدهشة؛ فلا تستطيع قوة في العالم مهما أوتيت من أسلحة فكرية أو إمكانيات مادية أو فن في التنظيم أن تقتل النزوع الديني في نفس الإنسان فرداً وجماعة، بَلْهَ أن تحجبه وتضيق الخناق عليه؛ لأن هناك في المقابل كل المتاعب والمآسي والمنغصات والمرارات التي تتمخض ـ بالضرورة ـ عن غياب الدين، وهي تملك من الثقل والامتداد والتأثير ما يدفع الناس دفعاً إلى البحث والخلاص بالرجوع ثانية إلى مرافئ الطمأنينة والأمن والتوازن والاستقرار.. المرافئ الآمنة التي ساقتهم بعيداً عن رياح المادية والإلحاد وعواصفهما المترعة بالغبار والتراب.

وفي يوم قام العمال الثائرون بصلاة جماعية من أقصى البلاد إلى أقصاها، وفي يوم آخر ذهب زعيمهم (ليش فاليسا) لمقابلة (البابا) في الفاتيكان وركع ـ على عادتهم ـ عند قدميه! لكي يتلقى منه البركات!! فضرب بسلوكه هذا مقولات الماركسية عرض الحائط؛ لأن المفروض والبديهي أن يذهب إلى الكرملين لكي يركع هناك ويأخذ مكانه في الطابور الطويل منتظراً دوره في إلقاء التحية وأداء مراسم التبجيل لجثمان الراحل العظيم (لينين) . ولن يستطيع أحد من تلامذة (لينين) أن يقول إن (فاليسا) شخص بورجوازي مهرطق؛ لأن الطبقة العمالية في طول البلاد البولوندية وعرضها هي التي اختارته وباركته. وإنها لمحنة بالنسبة للفكر والنظام الشيوعيين، وتحدٍّ تصعب الاستجابة له. ولكن من قال بأن الدين قد قُضي عليه إلى الأبد، وأنه لن يرجع ثانية وثالثة ورابعة لكي يتحدى المادية والإلحاد ويمتحنهما، ويقف قبالتهما قوياً، راسخاً، عميق الجذور؟

ولقد جاء انتخاب (البابا يوحنا) ، وهو الرجل البولوني، بمثابة دفعة جديدة قوية للنزوع الديني للثورة البولونية، وتعميق للعناق الحار بين الدين والثورة هناك.

فهاهنا.. في قلب المجتمعات ذات العلاقات المادية الصرفة، والتربية والتثقيف المبرمجين على أساس رؤية إلحادية بحتة ينتفض نداء الإيمان، ويتحرك الوازع الديني (١) من تحت ركام عشرات السنين المترعة بعمليات القتل والتدمير والاستئصال.

هنا نجد كيف تعمل حتميات التاريخ عملها؛ فليس الصراع الطبقي هو الحتمية الوحيدة؛ فهناك حتميات أخرى تكاد تطوي في جناحيها هذا الصراع، وتشق له مجرى آخر مغايراً تماماً.

وفي روسيا (الأم) نفسها لعبت (الحتمية) الدينية دورها في إرغام القيادة الفكرية على الاعتراف بهذا الكائن الحي الرابض في الأعماق، المتشابك مع الخلايا، المتوحد في صميم التجربة، فتراجعت بعض الشيء على مستوى المجتمعات النصرانية في الاتحاد السوفييتي أو على مستوى المجتمعات الإسلامية هناك، وأقر دستورها ما لم يكن يخطر على بال (ماركس) أو (لينين) .. ولا نقول (ستالين) لأن هذا وجد نفسه مضطراً هو الآخر لدى هبوب عاصفة الهجمة النازية لكي ينحني أمام المقولة الدينية ويطلقها من الأسر لكي تمنح الناس القدرة على المقاومة والصمود بعد إذ عجزت عنها مقولات التبدل في وسائل الإنتاج.

وفي الصين الشيوعية يحدث لأول مرة، وبعد مرور ما يقرب من نصف القرن على قيام تجربتها الماركسية أن تمنح المجتمعات الدينية حريتها المهضومة، وأن يتحرك ملايين المسلمين صبيحة عيد الفطر المبارك لكي يؤدوا صلواتهم كما كان يؤديها ـ يوماً ـ الآباء والأجداد.

ترى: أين ذهبت جهود نصف قرن في صياغة أجيال جديدة استُلت من كينونتها كل النزعات الدينية وشُحنت شحناً بتيارات الكفر والإلحاد؟

هذه لمحات مما حدث ـ هناك ـ في نسيج المجتمعات الشيوعية المادية؛ فكيف بغيرها من المجتمعات؟

مرة أخرى: إن معطيات التاريخ وأطروحاته لا تقول بغير ثِقَل الحقيقة الدينية وأصالتها وديمومتها وقدرتها على الفعل والتحقق والانتشار يقيناً.

(٥)

إن فطرة الأفراد، أو تكوينهم الذاتي، وتركيب المجتمعات، أو طبيعة العلاقات الاجتماعية، ومناهج البحث العلمي، تؤكد اليوم، وسيزداد تأكيدها، أطروحات الدين كضرورة نفسية، واجتماعية، وحضارية.

اليوم ندرك أكثر فأكثر إحدى مقولات القرآن الكريم: {وَإذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ #١٧٢#) أَوْ تَقُولُوا إنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: ١٧٢ - ١٧٣] .

إنها الشهادة المركوزة في الأعماق على ربوبية الله: عهداً ومسؤولية والتزاماً، وإنه نسيج للفطرة قد تتشابك النزوع الديني في لُحمته وسداه.

إن فطرة الإنسان (متدينة) ابتداء، ولكن فقدانها التوازن لهذا السبب أو ذاك، وكنتيجة لهذه السلسلة من الضغوط أو القسر أو تلك، هو الذي يجنح بها باتجاه الإلحاد. والجنوح حالة مرضية، حالة استثنائية، ولن يؤخذ به مقياساً على أي وجه من الوجوه، إنما المقياس هو حالة التوازن، وحالة التوازن تلك قد محضت بالدين.

فمن خلال هزة نفسية عنيفة، أو خطر جاثم مخيف، أو نازلة مفجعة، أو خسارة مبهظة، ومن خلال إحساس مرير بالفراغ، أو التمزق، أو التشتت، أو الملل، أو التخمة، أو اليأس، أو الاكتئاب، أو الضيق، أو الاختناق: يجد الإنسان نفسه وهو يُهرَع لطرْق الأبواب التي أُقفلت على وجدانه الديني، وهز النوافذ التي سُدت على إحساسه الإيماني، وتمزيق الستائر التي أُسدلت على نزوعه الغيبي؛ حتى إذا ما فتحت الأبواب والنوافذ الموصدة، وأزيحت الستائر المسدَلة، وجد الإنسان نفسه يعود ثانية إلى فطرته التي فطر الله الناس عليها، ويتحقق ذلك بالتوازن المفقود.

وثمة حشود لا يحصيها عد لشهادات أناس عانوا من تجربة الجنوح المبهظة، ثم عادوا بعد فترات تطول أو تقصُر إلى مرافئ الإيمان في نفوسهم، فانقلب العالم في أعينهم بعد أن اضطرب وتفكك وتأرجح طويلاً: إلى سلام وود ومحبة وثقة وسكينة واطمئنان وفرح وتعاطف وتناغم وانسجام.

إن العودة إلى الدين ليست عودة إلى النبع الصافي والجذور الموغلة في الأعماق فحسب، وليست لقاء بالفطرة النقية بعد ضياع وتخبط طويلين في دروب الضلال المترعة بالغبار فحسب، ولكنها ـ فوق هذا وذاك ـ لقاء بالناموس الذي يسيِّر السماوات والأرض والحياة والأشياء.. تجانس معه ووفاق وتناغم؛ هنالك حيث يتوحد إيقاع الخليقة وهي تتحرك فاعلة معطاء، متوجهة صوب المصدر الواحد متعبدة إياه، مسبحة بحمده وجلاله.

ومن خلال هذا الإيقاع المتجانس.. هذا التوافق في الحركة، والتوجه المتوحد نحو المصدر والمصير يتحقق الكسب الكبير الواعد الذي يمنحه الله ـ سبحانه ـ لعباده الأوابين إلى فطرتهم على مستويين: مستوى الإحساس الذاتي بالانسجام والفرح والوفاق وهو إحساس حلو المذاق يصعب وصفه، ومستوى القدرة على الحركة والفاعلية والعطاء.

فإن إنساناً يلتقي بالناموس في حركته المتوحدة غير ذلك الذي يرتطم به ويتعارض معه. هاهنا تجميع للطاقة، واستجاشة لها، واستمداد من ارتباطاتها الكونية التي ما لها من حدود.. وهناك تفتيت لها، وتجميد لفاعليتها، وقطيعة مريرة بينها وبين الكون على مداه.

إن المُنْبَتَّ لن يستطيع أن يفعل شيئاً؛ إنه مقطوع من شجرة الخليقة الكبرى، متيبس حتى النخاع؛ أينما توجهه لا يأتي بخير.

وما لم يرجع الإنسان إلى فطرته، فلن يفضُلَ ـ بحال ـ ورقة مهشمة صفراء لفظتها الشجرة الكبيرة التي لا تمنح نسغها إلا لمن تحس أنه منها وإليها.

(٦)

فماذا عن البعد الديني في المجتمع؟ ماذا عن النزوع الإيماني في شبكة العلاقات الاجتماعية المعقدة الشاملة؟

لقد جربنا وجرب الناس في مشارق الأرض ومغاربها حياة وعلاقات اجتماعية أريد للدين أن ينفض يديه منها، طلب منه حيناً وأرغم أحياناً، على عدم التدخل في هذه المسألة أو تلك، وفي هذه المعضلة أو تلك، وبمرور الوقت ازداد الطلب واتسع نطاق الإرغام، حتى جاء اليوم الذي ضيق فيه الخناق على (الحل الديني) للمشاكل الاجتماعية، و (الموقف الديني) من المعضلات العامة، ووجد الدين نفسه مضطراً للانزواء في المساجد والجوامع والتكايا؛ فإذا ما أتيح له أن يغادرها إلى الحياة العامة لم يسمح له بأكثر من الإدلاء برأيه في مسائل الأحوال الشخصية، ثم يقفل بعدها عائداً إلى زاويته لكي يأوي إليها.

ماذا كانت النتيجة؟

الفوضى، والفساد، ومن ورائهما حشود من الأخطاء والشرور والمآسي والمتاعب والمنغصات والآلام.

ابتداء بعلاقة الزوج بزوجته، والأب بأبنائه والرجل بالمرأة، وانتهاء بالعلاقة بين المجتمعات البشرية على مدى العالم كله، مروراً بشبكة واسعة معقدة من العلاقات الاجتماعية بين عدد لا يحصيه عد من الأطراف التي تعمل في المجتمع الواحد.

وكل النظم الوضعية المادية أو العلمانية التي سعت لتنظيم العلاقات الاجتماعية من خلال منظورها المذهبي أو التشريعي ما لبثت بعد فترة قد تطول وقد تقصر، أن وجدت تنظيمها يتعرض للاهتزاز والتفكك، وتنفتح فيه ثغرات تتسع يوماً بعد يوم لكي تدخل المزيد من الهواء الفاسد الذي يسمم الحياة الاجتماعية ويملؤها بالأكدار. وعبثاً حاولت سد تلك الثغرات وترصين السدود الاجتماعية كيلا يكتسحها الفيضان؛ ولكنه قدر الله؛ فإن من اختار أن يتجاوز تشريعاته المعجزة للعلاقات الاجتماعية واستبدلها بقوانين بشرية تتسم بالنسبية والعجز والقصور والخضوع لمقولات الزمن والمكان المحدودين: لا بد أن يتلقى جراء فعلته تلك اهتزازاً في النظام يفتح على من فيه ثغرات يتسلل منها الماء الذي يكسر كل الموانع والحواجز ليغمر التجربة كلها بالفوضى والفساد. ولقد حذر الرسول # من هذا المصير المفجع عندما شبه التجربة الاجتماعية بمجموعة من الناس تبحر في سفينة إلى هدفها المنشود، ويبيح بعض ركابها لأنفسهم أن يعبثوا فيها حيث يجلسون؛ فإن لم يأخذ الآخرون على أيديهم هلكوا جميعاً، وإن أوقفوهم في اللحظة المناسبة نجوا جميعاً.

ولكن أحداً لم يسعَ إلى وقف أولئك الذين يعبثون في سفن حياتنا المعاصرة، أولئك الذين منعوا الدين من أن يقوم بدوره كاملاً في مجابهة تحديات الحياة، وأحلوا بدلاً منه أهواءهم ومصالحهم وظنونهم، فكانت الكسور، وكان تسلل الماء والغرق الوشيك.

ونقرأ في كتاب الله هذه الدعوة الحاسمة: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب} [الأنفال: ٢٥] ، فنضع أيدينا على المفتاح، وندرك السر الذي يكمن وراء كل المتاعب والآلام التي تغطي حياتنا الاجتماعية وراء هذا البحر الطامي من الفوضى والفساد. إن أحداً لم يتحرك لوقف الفتنة، والذين تحركوا لم يُسمع لندائهم، وكان ما كان.

ونقرأ: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: ٤١] .

وإنه لتحدٍّ هذا الفساد الذي يأخذ اليوم بخناق العالم، وإن بوادر الاستجابة الناجحة له قد لاحت في الأفق لحسن الحظ. إنها الرجوع إلى الدين؛ وذلك هو المؤشر الذي يَسِمُ الكثير من المواقف والدعوات والحركات في العقود الأخيرة من القرن الفائت.

ومعنى هذا أن التنظيم الديني للحياة الاجتماعية يمثل (حتمية) لا بد من الاعتراف بها والإذعان لمقولاتها؛ وإلا اكتسحنا الفساد، وليس ثمة اختيار: إما هذا أو ذاك، إما (النظام) وإما (الفساد) .

فما شرعه الله للمجتمعات البشرية هو غير ما يشرعه العبيد؛ وليس ثمة وجه للقياس والمقارنة على الإطلاق.

شريعة الله ـ سبحانه ـ تنبثق عن العلم الكامل المحيط والرؤية الشاملة والنفاذ إلى أعماق الأشياء والظواهر؛ إنها تضع النظم والضوابط والقيم والمعايير لجماعة هي من خلق الله وصنعه {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: ١٤] .

إن شريعة الله هي الصياغة المثلى لحياة اجتماعية يسودها التوازن والعطاء، وما دونها من الشرائع الوضعية لا تعدو أن تكون محاولات يحكمها الهوى والظن والتخمين، وتسودها تجارب الخطأ والصواب، فتفقد بمرور الوقت توازنها وقدرتها على الإبداع.

وشتان بين تشريع الله ـ سبحانه ـ للعلاقات الاجتماعية وبين تقنين هذا الفرد أو ذاك من عباده ذوي القدرات المحدودة والرؤى النسبية والأحكام التي تطيش معها الموازين. شتان بين تشريع يمتلك ضمانات الحماية والرقابة والتنفيذ الأمين بسبب من انبثاقها من الداخل، من الضمير المؤمن الذي يستشعر رقابة خالقه في كل ممارسة مهما كان حجمها صغيراً أم كبيراً، وبين تقنين لا يملك سوى ضمانات الرقابة الخارجية والحماية المادية والتنفيذ المنظور؛ وهي كلها لا تمنع (التجربة) من أن تنحرف عن مسارها الصحيح، وتتجاوز الخط المرسوم.

وكلنا يعرف ـ على سبيل المثال ـ ما حدث بالنسبة لواحدة من العلاقات الاجتماعية، بل بالنسبة لجانب صغير منها، تلك هي مسألة إباحة الطلاق وفق شروطها المعروفة؛ فإن النظم الوضعية وكهنتها أدانوا هذه الإباحة، وملأت إدانتهم آلاف الصفحات في بطون الكتب والدوريات، وعلت أصواتهم في قاعات الدرس والمحاضرات، وما حدث بعد هذا معروف؛ حيث عاد الكثير من هذه النظم، بعد عشرات من تجارب الخطأ والصواب، وبعد مسيرة طويلة مترعة بالتخبط، لكي تبيح الطلاق، وما قصة التصويت على الإباحة في البرلمان الإيطالي، على بعد خطوات من (الفاتيكان) معقل الكاثوليكية، عنا ببعيدة: صوّت أكثرية الأعضاء على الإباحة بعد سنوات من النقاش والجدل، واعتبر تحقيق الإباحة مكسباً شعبياً، ووصفته الصحف اليسارية بأنه خطوة تقدمية.

هذا مثل واحد من مئات، ولن يتسع المجال للمزيد. وثمة ما نقوله على وجه الجزم والحسم: إنه حيثما كانت هناك قضية أو معضلة اجتماعية، كان حلها الأوحد هو ذلك القادم من عند الله، وطاش ما عداها من محاولات؛ فأصحابها {إن يَتَّبِعُونَ إلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم: ٢٣] ، والهدى واحد لا يتعدد، وما عداه فهو الضلال.

(٧)

وماذا عن الدين ـ أخيراً ـ كضرورة حضارية؟

لن يتسع المجال هنا للحديث عن هذا الجانب؛ فقد سبق أن أفضت القول فيه في ثلاث من الكتب (١) ، وليس ثمة ضرورة لتكرار ما قلته هناك؛ إذ يمكن الرجوع إليه في مظانه (٢) ..

ويبقى (الدين) قبل هذا كله، وبعد هذا كله الحتمية الوحيدة في مسيرة الإنسان فرداً وجماعة، وهو يصنع وجوده ويتحرك صوب مصيره.


(*) مؤرخ ومفكر عراقي.
(١) هذه الرواية مستمرة في كتب السيرة لكن العلاَّمة الألباني ضعفها. ينظر ذلك في سلسلة (الأحاديث الضعفه) ـ البيان ـ
(١) سبق أن عرضت بالتحليل لشهادات عدد من هؤلاء (ولسون، شبلنغر، توينبي، برناردشو، جيوروجيو، محمد أسد.. إلى آخره) في كتاب (تهافت العلمانية) الفصول ٥، ٦، ٧.
(١) لكنهم مع ذلك لم يهتدوا إلى الدين الحق وهو الإسلام، وإنما عادوا إلى النصرانية (البيان) .
(١) تهافت العلمانية، التفسير الإسلامي للتاريخ، حول إعادة تشكيل العقل المسلم.
(٢) انظر على وجه الخصوص: التفسير الإسلامي للتاريخ، الفصل الثالث، الصفحات ١٩٢ ـ ١٩٨، ٢١٣ ـ ٢٣٠، ٢٦١ ـ ٢٦٢، ٢٨٥ ـ ٢٩٣، ٢٩٥ ـ ٣٠٤ (دار العلم للملايين، بيروت ـ ١٩٧٤) .