تحريض وإثارة ضد الإسلام
مقتطفات من مقال افتتاحي في جريدة الصندي تايمز
في ١٠ / ٦ /١٩٩٠
... إن ٦٠ مليون مسلم في الاتحاد السوفييتي ينزعون من أعناقهم نير
العبودية المفروض عليهم من قبل روسيا، وينعطفون نحو الإسلام، الأمر الذي
سيمزق الاتحاد السوفييتي، ويشكل أكبر تهديد لمصالح الغرب قبل نهاية هذا القرن.
وفي الوقت الذي يتناقص فيه التهديد الصادر من حلف وارسو شهراً بعد شهر؛ إلا أن التهديد الإسلامي سيتنامى سنة بعد سنة، وهذا التهديد مختلف في النوعية
والدرجة عن التهديد الذي كان للحرب الباردة، وعلى الغرب أن يتعلم كيف يحتوي
ذلك التهديد، كما تعلم كيف يحتوي الشيوعية.
إن جميع الجمهوريات الإسلامية السوفييتية الجنوبية تتطلع بإلحاح إلى
الاستقلال، وسكانها يمثلون ٢٠% من سكان الاتحاد السوفييتي، ومجندوها يمثلون
٣٣% من الجيش السوفييتي.
إن الحوادث العرقية التي حدثت في بعض الجمهوريات المسلمة هذه تشير إلى
أن موسكو لن تستطيع الاحتفاظ بالوضع كما كان عليه سابقاً، وإذا ما حاولت
فسينجم عن ذلك فوضى عارمة تؤدي إلى حوادث عنف بشكل لم يعهده الاتحاد
السوفييتي، وإن الشيوعيين الروس (الذين ينظرون إلى رفاقهم المسلمين بازدراء)
سوف يطلبون من قادتهم ترك هذه الجمهوريات وشأنها.
إن موجة كاسحة من الشعور القومي والديني تجرف المسلمين نحو الاستقلال
لينضموا إلى باقي العالم الإسلامي في وقت يرتفع فيه إيقاع التطرف الإسلامي.
إن احتمالات السلام بين العرب وإسرائيل تبدو الآن بعيدة أكثر من أي وقت
مضى، بسبب إصرار الحكومة الإسرائيلية على الاحتفاظ بقطاع غزة والضفة
الغربية، وبسبب تدفق المهاجرين اليهود السوفييت من جديد، وهكذا فإن إسرائيل
لن تخشى بعد الآن النمو السكاني العربي داخلها.
وعلى الرغم من أن هذا كله لا يعني نشوب الحرب - بسبب فرقة العرب
وتشتتهم - فإن اللجوء إلى العنف أمر لا مفر منه في ظل تصلب إسرائيل.
والأجنحة المتصلبة من الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية ولبنان يعودون للتمسك
وبشكل متزايد بالقرآن (! !) .
إن الأصوليين اليوم يمثلون أكبر خطر لقيادة ياسر عرفات لمنظمة التحرير،
وحتى الكويت المعتدلة رأت من الحكمة إعطاء اغلب معونتها التي وعدت بها
الفلسطينيين السنة الماضية والمقدرة بـ ٥٠ مليون جنيه استرليني (لحماس) بدلاً
من منظمة التحرير ...
إن على الغرب والاتحاد السوفييتي الإعداد لمواجهة هذا الإسفين الإسلامي
الهائل الممتد من شواطئ البحر المتوسط وشمال أفريقيا عبر أواسط آسيا إلى حدود
الصين مشتملاً على الجمهوريات الإسلامية السوفييتية التي في طريقها إلى التحرر. نعم، إن هذا العالم الإسلامي لن يمثل وحدة سياسية أو عسكرية كما كان حلف
وارسو مثلاً؛ ولكنه لن يكون أقل تهديداً وخطراً على مصالح الغرب ( ... ) .
إن مهمة الغرب الأولى في أن يدرك مدى وطبيعة التهديد الجديد، ثم البدء
بالتخطيط للخطوات الضرورية لحماية المصالح الغربية، كتطوير إمكانية حلف
الأطلسي للقيام بعمليات عسكرية خارج الساحة الأوربية - كما اقترحت تاتشر أمام
وزراء حلف الأطلسي في لقائهم في اسكوتلندة - سيكون ضرورياً، ومع الوضع في
الاعتبار أن بعضاً من أخطر الدول الإسلامية ستمتلك قريباً الأسلحة النووية
والوسائل لإنتاجها؛ فإن نوعاً ولو محدوداً من مبادرة ريغان الدفاعية - والتي
تتضمن القدرة على تدمير صواريخ العدو أثناء انطلاقها - لا تبدو الآن سخيفة كما
بدت لمنتقديها في وقتها.
وعلى الغرب أيضاً تنمية علاقاته مع أصدقائه في العالم الإسلامي الذين يفضل
الكثير منهم التعايش السلمي مع الغرب، وأن يفهم أعداءه بما لا يقبل الشك، أن أي
تهديد لمصالح الغرب سيواجه بكل تصميم وإن اضطره إلى استخدام القوة ( ... ) .
* * *
تعليق المجلة:
إن الموضوعين السابقين يمثلان وجهة نظر الغرب تجاه الإسلام والمسلمين،
والموضوع الأول هو رأي رسمي صادر عن أعلى مؤسسة استراتيجية للحضارة
الغربية وهي حلف الأطلسي، الذي تقترح تاتشر - وهي من مهندسي خططه - أن
يظل حذراً من التحركات الإسلامية، التي لاتذكرها بالاسم، بل بالإشارة إلى
المنطقة - على عادة الانكليز بتسمية الأسماء بغير أسمائها الحقيقية - وأن لا يتردد
في التدخل العسكري في أي مكان من العالم، للقضاء على أي تهديد متوقع.
وأبسط ما يقال في هذه النظرة أنها تعتبر العالم كله مجالاً حيوياً خلق لخدمة
الحضارة الأوربية، فأي عنصرية أكبر من هذه العنصرية، وأي استهانة بالشعوب
الأخرى أشد من هذه الاستهانة؟ !
أما الموضوع الثاني فيعتبر كشرح وكحاشية لإشارة تاتشر، ويبين مبررات
الطبيعة العدائية الكامنة في الفكر الغربي، والتعصب والشوفينية والاستعلاء ضد
جميع المسلمين في شتى بقاع العالم. وهذا واضح من الضيق والضجر الذي يشعر
به هؤلاء الغربيون عندما يفكر المسلمون ولو مجرد تفكير في نزع الظلم المفروض
عليهم، وحتى لو أن مناخاً عاماً واعداً بإزالة ظلم مخيم يعم الناس: مسلمهم
ومسيحيهم وبوذيهم وملحدهم فإن هذا المناخ ينبغي أن يقتصر على غير المسلمين،
ويستثني المسلمون من نعمة تأثيره، لا لشيء إلا لأنهم مسلمون لا يستحقون جدارة
العيش أحراراً.
إن كاتب المقال الثاني الذي لم تذكر الصحيفة اسمه (وقد يكون يهودياً أو مؤيداً
للصهيونية بشدة) تغيظه المساعدات التي تقدم من بعض العرب إلى إخوتهم في
فلسطين ويضيق ذرعاً بذلك، ويتناسى ويتجاهل المبالغ التي لاحصر لها التي قدمت
ولا تزال تقدم إلى المنظمات الصهيونية، وكذلك المساعدات الهائلة التي تقدمها
الولايات المتحدة ودول أوربا للدولة اليهودية والتي لولاها لما كتب لها الحياة.
إن الفقرتين المقتبستين نموذج لهذه الحملة المسعورة على المسلمين كلما بدت
في الأفق بوادر يشم منها عودة المسلمين إلى دينهم.