للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تأملات دعوية

[الإسلاميون والتخصصات المطلوبة]

محمد بن عبد الله الدويش

من يتأمل اليوم في تخصصات الإسلاميين يجد أنه باستثناء التخصصات

الشرعية ينتشر معظم هؤلاء في تخصصات الطب والمحاماة والهندسة وما يماثلها.

وهذا الأمر له دلالات عدة، منها:

* خطأ المقولة الشائعة بأن الصحوة الإسلامية إفراز للأوضاع الاجتماعية

والاقتصادية المتردية؛ فمعظم قادة الحركات الإسلامية اليوم هم بين أصحاب هذه

التخصصات الذين هم في الأغلب من طبقات اقتصادية واجتماعية عالية.

* الجدية عند الشباب الإسلاميين؛ إذ معظم هذه التخصصات لا ينجح فيها إلا

الجادون.

* أن الدعوة الإسلامية قد نجحت في استقطاب عدد من المتميزين؛ فهذه

التخصصات يقبل فيها في الأغلب حملة المعدلات الدراسية العالية، ويتيح لها كثرة

المتقدمين اختيار العناصر المتميزة.

ومن الطبيعي أن تنتشر الدعوة الإسلامية في كافة المجالات، وأن تستوعب

كافة الفئات والتخصصات وسائر شرائح المجتمع، ولا اعتراض على اتجاه طائفة

من الشباب إلى هذه التخصصات وإقبالهم عليها.

ومع ما في هذه التخصصات من إيجابيات إلا أنها تحصر صاحبها في ميدان

عمله، وقلَّ أن يستثمرها صاحبها في دعوته، بل ربما استغرقت جزءاً كبيراً من

وقت صاحبها أثناء دراسته وأثناء عمله، فلا يبقى لدعوته إلا اليسير.

ويبقى مجالان مهمان ينبغي أن تكون لهما الأولوية في توجه الإسلاميين

ودراساتهم وهما - على الترتيب -:

المجال الأول: التخصصات الشرعية، فالعلم الشرعي لا غنى للدعوة عنه،

وحين تفتقده تتسع دائرة الآراء الشخصية، فتزيد الشطحات والانحرافات،

والشعور بأهمية العلم الشرعي موجود بحمد الله عند فئة عريضة من الإسلاميين -

على المستوى النظري على الأقل - لكنه يحتاج إلى مزيد اهتمام ورعاية.

المجال الثاني: الدراسات الإنسانية التي لها أثرها في النظرة للإنسان

والمجتمعات، والدراسات الإعلامية التي لها أثرها في توجيه الرأي العام وصياغته،

ومما يبرز الحاجة لهذه التخصصات ما يلي:

* حاجة الدعوة الإسلامية إلى برامج تربوية لرعاية أبنائها وتربيتهم، ومع

أهمية الجهد التربوي الذي تقوم به الصحوة وتقدمه لأبنائها وضخامته، فلا تزال في

كثير من الأحيان تعتمد على التجارب الشخصية والمحاولة والخطأ، وتفتقر إلى

الاستفادة المثلى من أهل الاختصاص في هذا الميدان.

* أهمية المواقع والأدوار الاجتماعية التي يتولاها أهل هذه التخصصات،

وخطورة هذه المواقع؛ فالمؤسسات التعليمية والتربوية والإعلامية والتخطيطية في

المجتمع تعتمد على مثل هذه التخصصات.

* يحتاج الدعاة إلى الله كثيراً إلى هذه التخصصات؛ في دعوتهم: فهي

تعينهم على الفهم الصحيح للمجتمعات وآليات التغير الاجتماعي، وإلى فهم اتجاهات

التغريب والإفساد في المجتمعات فهماً أشمل وأدق، ويحتاجون إليها حتى يملكوا

الأدوات الصحيحة لدراسة الظواهر التربوية والاجتماعية.

* يحتاج الدعاة إلى الله إلى هذه التخصصات؛ لأنها منطلق لكثير من الأعمال

الدعوية، كالأعمال الإعلامية، والخدمات الاجتماعية، والمؤسسات التربوية

والدعوية.

هذه الاعتبارات وغيرها تؤكد على الدعاة إلى الله - تعالى - الاعتناء بهذه

التخصصات، وفي العدد القادم بإذن الله مزيد حديث حول هذا الموضوع.