للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشاهداتي في بريطانيا

[حادثان لهما معنى واحد]

د. عبد الله مبارك الخاطر

الحادثة الأولى:

بطل هذا الحادث - إن جاز أن نطلق عليه كلمة بطل - شاب عربي من

عصاة المسلمين كان يدرس في بريطانيا ثم أنهى دراسته وكره العودة إلى بلده بسبب

الحرب التي لا يريد أن يكون جندياً فيها لا لشيء إلا لأنه لا يحب أن يموت،

وليس أمامه للإقامة في بريطانيا إلا الزواج، وتزوج فعلاً من امرأة نصرانية

إنكليزية من مقاطعة (ويلز) ، وأهل هذه المقاطعة يحتفظون بشيء من الأخلاق

والعادات الطيبة..

وكان الزوج وديعاً في بداية حياته الزوجية، وكانت المسكينة تظن أنها سوف

تعيش حياة سعيدة معه، وطالما حلمت بالأولاد والمستقبل والاستقرار والهناء والنعيم.

والزوج كان ممثلاً يظهر خلاف ما يبطن، والزوجة عنده وسيلة للإقامة..

وبعد حين من الزمن عاد إلى الحياة التي ألفها.. عاد إلى الكاس والطاس..

عاد إلى استقبال وصحبة حثالة الناس.. عاد إلى الأفلام الماجنة المثيرة! !

رفضت المرأة سلوك زوجها، وحاولت إقناعه بتغيير مسلكه، وذكرته بما

كان بينهما من وعود قبل الزواج، ولكن الطبع غلب التطبع، ولم تجد المرأة أمامها

إلا الانفصال عن هذا الرجل، فانفصلت غاضبة حانقة عليه وعلى بلده الذي ينتمى

إليه، وعلى الدين الذي يدين به.

استغل أقرباؤها المتعصبون هذا الموقف أبشع استغلال، وألصقوا عيوب

زوجها السابق بالإسلام، ودفعتها كثرة الحديث عن الإسلام إلى دراسته لتشهر به

وبكل من يدين به، وعند الغربيين جلد ومثابرة إذا بحثوا مسألة من المسائل..

وبعد أن قرأت مجموعة من الكتب التي أتيح لها الحصول عليها، وبعد أن

زارت أكثر من مركز إسلامي وقابلت عدداً من المسلمين تبين لها عظمة الإسلام

وصفاءه وأنه دين الفطرة فأسلمت وحسن إسلامها وعلمت خطورة من ينتسب

للإسلام ثم يتخلق بأمثال أخلاق زوجها السابق، وأصبحت بحمد الله من العاملات

للإسلام.

الحادثة الثانية:

شاب عربي مسلم كان يدرس في لندن، ولم يستطع إقناع نفسه أنه يعيش في

لندن فعلاً، ومن الأمثلة على ذلك أنه كان يقود سيارته في الشوارع العامة المزدحمة

وكأنه في صحراء مقفرة وليس له من يشاركه السير فيها، ولهذا فالرجل يسير

بالسرعة التي يريدها ولا يهتم بالإشارات الضوئية، وكانت له حوادث كثيرة..

وذات مرة صدم امرأة مسنة وكان الحق معها، وكان صاحبنا المخطئ، ثم أطلق

العنان لذلوله - عفواً لسيارته - وأدرك أن المرأة هلكت في أرضها، ولم يحاول

إسعافها، وخشي من المحاكمة فهرب إلى بلده وترك دراسته وجاء ابن المرأة

العجوز إلى المستشفى فوجد أمه قد فارقت الحياة، وبعد البحث والتحقيق علم أن

الذي تسبب في الحادث عربي مسلم وأنه هرب وغادر بريطانيا، وكان الرجل لأول

مرة يسمع بكلمة مسلم وإسلام - كما ذكر فيما بعد - فدفعه الغضب والفضول إلى

دراسة شيء عن هذا الدين الذي خرج أمثال هذا الذي قتل أمه، وشاء الله له الخير

والهداية، وشرح صدره للحق، وعلم أن الإسلام يأمر بغير ما فعله قاتل أمه وأنه

دين الحق والعدالة والحرية والمساواة، فأعلن إسلامه، وصلح حاله، وكان لسان

حاله ير دد كما كان لسان حال التي ذكرناها في الحادث الأول يردد:

ظلمته ألسنة تؤاخذه بكم ... وظلمتموه مقصرين كسالى