[ما بعد عرفات: وأزمة السلطة الفلسطينية]
باسل النيرب
عندما سقطت طائرة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في الصحراء الليبية شعر الفلسطينيون بالجزع، وعندما مرض الرئيس أواخر عام ٢٠٠٣م أصيب الفلسطينيون بالذعر ولم يعرف المسؤولون الفلسطينيون كيف يعالجون الأمر؛ فالصلاحيات المطلقة بيد الرئيس وحده ولا يشاركه فيها أحد، وفي مرضه الأخير الذي استدعى نقله إلى باريس للعلاج شاهدنا اضطراب المشهد السياسي الفلسطيني والتصريحات التي تدور كلها في أن الوضع الصحي للرئيس الفلسطيني صعب جداً؛ ولكن دون أن يلجأ أحد من قادة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير إلى بحث مسألة ما بعد عرفات، وحتى من حاول السفر إلى باريس ظهرت بحقهم اتهامات صريحة من (سُهى عرفات) ووصفتهم بأنهم «حفنة من المستورثين يريدون دفن الرئيس حياً» ومن ثم أعلن مستشفى (برسيه) وفاة الرئيس عرفات ليسود المشهد الفلسطيني حالة من الحزن والخوف من المستقبل.
- الوضع القانوني:
مما لا شك فيه أن رحيل عرفات ترك فراغاً واضحاً في عمل أجهزة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير على اختلافها؛ بمعنى أن عرفات هو السلطة كما يؤكد ذلك العديد من التقارير، والعديد من المشاهدات اليومية لهذا الأمر، وأن من سيخلفه في السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير لن يستطيع الموافقة على أمر كان قد رفضه ياسر عرفات أو حتى القيام بالأدوار المتعددة التي كان يقوم بها، وتشمل مناصب عرفات: رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية، ورئاسة السلطة الفلسطينية، ورئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئاسة اللجنة المركزية لفتح، وكان هو ذاته من يقوم باختيار المسؤولين في كل هذه الهيئات، بالإضافة إلى وكالات الأمن الفلسطينية المتعددة.
ودستورياً، وفق مسودة الدستور الفلسطيني الذي لم يصبح قانوناً بعد يتولى رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني وهو (روحي فتوح) القيادة المؤقتة في حال وفاة الرئيس. وعلى خلاف التوقعات التي كانت غير متفائلة بالانتقال السلس للسلطة فقد عين (روحي فتوح) رئيساً للسلطة الفلسطينية لمدة ٦٠ يوماً على أن تجري بعد ذلك انتخابات رئاسية خلال تلك الفترة.
ومع تعدد الاحتمالات التي أصبحت تراوح مكانها في الساحة الفلسطينية بعد وفاة الرئيس الراحل يبدو أن الوضع الفلسطيني مقبل على مزيد من التعقيدات؛ فكل الأمور التي كانت في الماضي مناطة برجل واحد، ستؤول اليوم إلى أشخاص ربما لم يجدوا إجماعاً فلسطينياً حولهم، وهذا ليس بسبب موقف ياسر عرفات الذي لم يساعد على نشوء الرجل الثاني بعد استشهاد كلٍّ من خليل الوزير (أبو جهاد) وصلاح خلف (أبو إياد) فحسب؛ ولكن بسبب تعقيدات الوضع الإداري والقانوني للمؤسسات الفلسطينية؛ فعلى سبيل المثال لا يوجد ما يشير إلى نظام الخلافة في بناء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ ففي عام ١٩٦٨ تم إلغاء منصب نائب الرئيس من هيكل منظمة التحرير قانونياً، أما منصب السكرتير فلا يعطي حامله أي ميزة. ووفقاً لنظام منظمة التحرير الفلسطينية فإن منصب رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية يجب شغله بالانتخاب من بين أعضاء اللجنة. ونتيجة لما تتمتع به حركة فتح من سيطرة على القرار الفلسطيني الرسمي فقد جاء (محمود عباس) وهو عضو اللجنة التنفيذية خلفاً للرئيس الفلسطيني.
هذا الوضع القانوني المعقد لبنية منظمة التحرير الفلسطينية لم يمنع من احتدام المنافسة في أوقات سابقة، ولكن اليوم مع وفاة عرفات يجري التنافس في غرف مغلقة وخلف (الكواليس) لاختيار المرشح، ويحضرنا هنا قول الأستاذ (علي الجرباوي) في شأن الصراع على خلافة عرفات عندما كانت الأوساط السياسية الإسرائيلية تروج لفكرة عزله حين قال: «صحيح أنه لا يوجد من بين الشخصيات الفلسطينية من يملك الجرأة ولا حتى الرغبة في مناكفة عرفات وتحدي سلطته، ولكن هناك نوع من حرب الإزاحة والتنافس تجري من وراء (الكواليس) بين من يعتقدون أنهم أهل لخلافة عرفات» وكان هذا قبل وفاته، أما وقد توفي الرئيس الفلسطيني فحركة فتح باعتبارها «الحزب الحاكم» تشهد تكتلات سياسية وجهوية وتنافسات أدت إلى إطلاق النار على موكب أبو مازن في سرادق عزاء عرفات في غزة من قِبَل بعض الفئات التي توصف بأنها تعارض رئاسة أبو مازن للجنة التنفيذية وحتى الترشيح عن حركة فتح للانتخابات الرئاسية.
- المترشحون في الميزان:
وفي مسألة خلافة عرفات تتنوع الأسماء التي تقدم نفسها لهذا الأمر؛ فمن العميد جبريل الرجوب، إلى العقيد محمد دحلان إلى رئيس الحكومة الفلسطينية الحالي أحمد قريع أبو العلاء، وكذلك رئيس الحكومة الفلسطينية السابق محمود عباس أبو مازن الذي أصبح اليوم رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، إلى محمد رشيد وغيرهم، وهذه الأسماء وعلى اختلاف درجة قبولها لدى الجانب الرسمي الإسرائيلي فهي لا تحظى بجانب كبير من الشعبية على المستوى الفلسطيني. يقول المحلل السياسي الإسرائيلي (آلون بن مائير) : إن نسبة التأييد الشعبي لهم لا تتعدى الـ ٣٥%. وإن كفة الترجيح هنا سيحسمها أمران: أولهما هو علاقة المرشحين بدائرتين أساسيتين عربيتين هما: مصر، والأردن، ومستوى قبول الولايات المتحدة (وإسرائيل) لهذا الترشيح، وفيما يلي نحاول لملمة بعض مواقف المتنافسين على خلافة عرفات على النحو التالي:
ـ محمد دحلان: وهو رجل الأمن القوي في غزة، والذي يعرف كيف يحادث الغربيين، هو الخيار المفضل لأجهزة الأمن الأمريكية، والمقبول على المستوى الأمني في القاهرة وعمان، وصاحب العلاقة الطيبة بالإسرائيليين.
وهو له مواقفه المعروفة ضد حركات المقاومة الإسلامية وضد الانتفاضة الفلسطينية، وليس المجال لسردها إلا تذكيراً بعموميات الموقف، وهو ـ دحلان ـ رافض للعمليات المسلحة، ومع جمع السلاح الموجه ضد الإسرائيليين، ويؤيد أية ترتيبات أمنية تقوم بها الحكومة الفلسطينية لوقف الأعمال الجهادية ضد الإسرائيليين.
ـ جبريل الرجوب: مستشار مجلس الأمن القومي يبدو أقل دبلوماسية في المظهر والتعامل مع الغربيين، واتصالاته المتعددة مع الإسرائيليين معروفة، وهو المسؤول عن تسليم العديد من المجاهدين إلى قوات الاحتلال الإسرائيلية.
ـ أحمد قريع: هو مرشح قوي لرئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية، وهو عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، اشتراك مع (أبو مازن) في قيادة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، إلا أنه لا يملك الدعم الكافي داخل حركة فتح.
ـ محمود عباس: الذي يعرف بأنه رجل العلاقات الفلسطينية ـ الإسرائيلية ـ الأمريكية، ومرشح قوي، ويحظى بدعم واضح من جانب الأردن، وإن كانت علاقاته مع مصر غير إيجابية في بعض الأوقات، وسوريا ترفضه لدوره في عملية اتفاقية أوسلو، ويتمتع بدعم بعض التحالفات في القيادات السياسية والأمنية في حركة فتح، وتحيط به مجموعة من الاتهامات، ولا يجد قبولاً في الشارع الفلسطيني، ويعتبر أن اتفاق أوسلو كان التتويج الأهم لنضال الشعب الفلسطيني على مدى القرن العشرين؛ لأن هذا الاتفاق هو الذي ثبت الشعب الفلسطيني على الخارطة السياسية بعدما تقرر شطبه منذ مطلع القرن، فقال إن أهمية أوسلو أنها كرست وجود الشعب الفلسطيني على أرضه، وفرضت على أمريكا و (إسرائيل) الاعتراف به وبمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً لهذا الشعب.
ـ وهناك مروان البرغوثي أو (منديلا فلسطين) حسب رأي بعضهم، كما تحاول الدول الغربية أن تروج له؛ فالبرغوثي يتمتع بمصداقية بين الشباب والمقاتلين، وحتى داخل بعض أطر حركة حماس، رغم أنه من دعاة التعايش السلمي مع (إسرائيل) في إطار الدولتين؛ لأنه حمل السلاح في انتفاضة ٢٠٠٠م، وهو يقضي عقوبة بالسجن بعد أن أدانته محكمة إسرائيلية بتهمة التآمر وتدبير عدة جرائم قتل بحق يهود، وترجح بعض الأوساط السياسية أن يعود إلى الشارع الفلسطيني؛ وخاصة أن دوره مؤثر في كتائب شهداء الأقصى تحديداً، كما أن هناك الكثير من الجماعات التي تعقِّد المسألة «فزعيم كل وكالة أمنية عنده طموح بالسلطة، والتنافس بين المناطق، ولا سيما بين الضفة والقطاع، يجب أخذها بعين الاعتبار» عند الحديث عن خليفة عرفات المتوقع.
- صعوبة الاختيار:
في الحالة الفلسطينية لا تكمن المشكلة في صعوبة وجود البدائل المتاحة عند الاختيار والمفاصلة بينهم أو أن الرئيس الفلسطيني لم يضع خليفة له؛ المشكلة أن عرفات أغلق الطريق على إمكانية وصول أحد ما ليصبح خليفة له، وأعاق نشوء مؤسسات من شأنها أن تسهل مرحلة الانتقال، أو تحث على إيجاد قائد جديد.
إن أزمة القيادة في الساحة الفلسطينية بعد وفاة عرفات هي أزمة نظام الزعيم الوحيد، وهي أزمة في مجمل النظم السياسية المحيطة، وفي الشق الفلسطيني منها نتيجة غياب المؤسسات القيادية الفاعلة، وهي أزمة لها معطياتها التاريخية.
إن هذه المرحلة الانتقالية التي يترأسها رئيس المجلس الوطني الفلسطيني (روحي فتوح) لن تعتمد بأي درجة من الدرجات على المقررات الداخلية للأنظمة، وهي سوف تحتكم إلى من هو قادر على الإمساك بزمام المبادرة ويكون مقبولاً بالدرجة الأساسية فلسطينياً وعربياً وعالمياً وإسرائيلياً بلا شك، وسوف تشهد هذه المرحلة بوادر التدخل وتلحظ من توالي التصريحات في العالم العربي؛ فقد نقل الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في مصر (صفوت الشريف) عن الرئيس (حسني مبارك) قوله في اجتماع لأعضاء مجلس الشعب من الحزب: «لا بد أن تجتمع الفصائل الفلسطينية، وسوف نساعد كثيراً (في ترتيب اجتماعها) وفي الأغلب سوف تجتمع هذه الفصائل في مصر، وستبدأ حواراً لتحديد مجلس لإدارة شؤون البلاد، وإدارة عملية السلام» . وأكد (صفوت الشريف) أن الرئيس مبارك مضى إلى القول إن «هناك اتصالات من جانب مصر ودول أخرى للتوصل إلى عقد هذا الاجتماع» .
في الحالة الفلسطينية بعد عرفات قد يظهر الصراع الفلسطيني ـ الفلسطيني إلى دائرة الحدث، ولكن بأي حال من الأحوال لن يصل الأمر إلى حد الاحتراب الداخلي؛ فالوعي الفلسطيني طالما أحبط هذا الأمر في الأوقات السابقة التي تعد أصعب وأخطر من فقدان أو غياب زعيم سياسي عن الحياة. أما حالة التدافع، أو إطلاق النار على (أبو مازن) ومقتل اثنين من حرسه الخاص فما هي إلا رسالة خاصة من حركة فتح لـ (أبو مازن) والدعوة إلى الالتزام بخط الرئيس عرفات الذي يحظى بإجماع كبير داخل أطر الحركة.
إن الهجمة الحقيقية التي يُخشى منها في الحالة الفلسطينية ما أشار لها الكاتب (علي أبو النعمة) بأن هدف أريل شارون أنه لا يريد فلسطينيين وإنما غزاويين وضفاويين وممثلي أطياف وطوائف، وهذا ما سيحول دونه الواقع الفلسطيني، ومع أن الظروف التي سيعيشها الشارع الفلسطيني ستكون حبلى بأسباب الشقاق، إلا أن الفوضى المسلحة التي يراهن عليها شارون لإسقاط السلطة الفلسطينية نهائياً لن تكون متاحة، كما أن الدول العربية وغيرها ستحاول أن تدلي بدلوها في الشأن الفلسطيني ـ الفلسطيني، وقد تحاول أن تدعم أحد الخيارات المطروحة من الورثة الشرعيين لسلطة الرئيس الفلسطيني؛ مما يعني عودة التدخلات العربية والعالمية إلى الشأن الفلسطيني.
- الانتفاضة والانتخابات:
إن من المؤكد أن الانتفاضة لن تتأثر بغياب الرئيس ياسر عرفات، وبالعكس فقد تزداد وتيرتها عندما يشعر الجانب الفلسطيني ـ كتائب الأقصى تحديداً ـ أن ما حدث للرئيس كان بسبب الحصار المفروض عليه في رام الله، أو أنه توفي نتيجة السم الإسرائيلي. أما السؤال الذي يتبادر إلى الذهن فهو: ما مستقبل حماس وعلاقتها مع السلطة الجديدة، والوضع الداخلي لحركة فتح بعد غياب ابرز مؤسسيها؟
فيما يخص حماس والدور المحتمل فإن الحركة قد لا تكون بوضع يسمح لها بالسيطرة على القرار الفلسطيني لاعتبارات عالمية وإقليمية، ولكنها يمكن أن تلعب دوراً حاسماً كحليف لفتح مثلاً أو غيرها من الحركات الفلسطينية؛ فقد استطاع ياسر عرفات بعد سنوات الانقطاع والشقاق أن يكسب حركة حماس، ونشهد فصولاً من التعاون بين كتائب شهداء الأقصى مع حركة حماس، وهذا ما يخشاه بعض من في السلطة الفلسطينية وبخاصة ما يعرف بـ (تيار أبو مازن ـ دحلان ـ روحي فتوح) من أن تعزز حماس موقعها في السلطة وتكون لها الرياسة.
كما أن حركة حماس ذاتها تدعو إلى تشكيل قيادة موحدة لتسيِّر دفة الأمور. ويقول الدكتور (نزار الريان) : (إن الحركة وسائر المجاهدين غير مرتهنين بقائد معين؛ فإذا كان القائد الجديد مع خيار الأمة والمجاهدين فلله الحمد، وإن أراد الوقوف في وجه المقاومة، فالمقاومة ليست عاجزة وباستطاعتها التعاطي مع كل جديد بما يناسبه) .
أما مصير حركة فتح بعد غياب زعيمها فستكون هي قبلة الصراع المصيري، وستواجه الخطر الأكبر بالانشقاق أو التفكك وبخاصة بين قيادات الصف الأول. ويقول (الدكتور عبد الستار قاسم) أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح ـ وهو مرشح حالي لانتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية ـ: «إن فتح ستتفكك بالتأكيد وتُستقطب في جماعات وفئات. في فتح يوجد وطنيون حقيقيون، ولكن فيها أيضاً الكثير من الطفيليين والانتهازيين الذين يؤيدون عرفات من أجل المصلحة المادية فقط» . وأما أمام تشعب وامتداد الحركة والطموحات عند أبنائها فقد تواجه الحركة صراعات مسلحة محدودة بين الفئات المختلفة وبخاصة من بين الذين جاؤوا إلى فلسطين بعد أوسلو، وبين الذين كانوا داخل فلسطين، ويؤكد هذا ما كتبه (أيا بيرمان) وهو نائب رئيس قسم السياسات في المجلس الأمريكي للسياسة الخارجية من أن رحيل عرفات سوف يؤدي إلى تعميق الجرح القديم في السياسة الفلسطينية، وهو صراع النفوذ بين الحرس القديم في منظمة التحرير وبين أهالي ومواطني الضفة الغربية وقطاع غزة.
أما الانتخابات الفلسطينية فسوف تشهد الساحة الفلسطينية مزيداً من الراغبين للترشيح؛ فقد أعلن عبد الستار قاسم ترشيح نفسه، وكذلك طلال سدر وهو وزير الرياضة والشباب السابق، أما موقف حركة حماس فقد لخصه رئيس المكتب السياسي للحركة (خالد مشعل) بقوله: إن الحركة ليس لديها نية للمشاركة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية؛ وذلك لأنها انتخابات قائمة على أساس اتفاق أوسلو الذي تعتبره حماس باطلاً ومنتهياً وغير شرعي. وأكد أن الحركة تدعو لانتخابات حقيقية تشارك فيها جميع فئات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج؛ وذلك للوصول فعلاً إلى إصلاح حقيقي، من خلال إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية. أما الانتخابات المحلية فحماس ستشارك فيها، وتجري الاستعدادات الكاملة لخوضها، والموقف ذاته ينطبق على حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، كما تحاول الفصائل اليسارية الفلسطينية تسمية (حيدر عبد الشافي) مرشحاً لها وهو من الشخصيات المستقلة، ولكن لا يحظى بالتأييد اللازم.
وفيما يخص عودة قطار التسوية إلى مساره فتشهد الساحة السياسية عودة (كولن باول) وزير الخارجية الأمريكي المستقيل إلى المنطقة والتقاءه بالجانبين الفلسطيني والإسرائيلي؛ فعملية إنعاش مسار التسوية واردة في الخطة الأمريكية للسنوات الأربع القادمة، وما بيان الاتحاد الأوروبي في التعامل مع مرحلة ما بعد عرفات وما قاله رئيس الوزراء البريطاني (توني بلير) من أنه سيجعل من (قضية الشرق الأوسط) في صلب زيارته للتهنئة للرئيس الأمريكي جورج بوش إلا ملامح لهذا التنسيق، كما أن الجانب الإسرائيلي موافق من ناحية مبدئية على التفاوض مع خليفة عرفات، شريطة أن يبدي التزامه بمكافحة «الإرهاب الفلسطيني» . أما الجانب الفلسطيني فإنه موافق على البدء في الانتخابات، شريطة أن يعي الأمريكيون والإسرائيليون أنه ليس في موقع التصادم مع أحد.
وأخيراً: ما بين المأمول والمتوقع اختلاف كبير، ولكن الحالة الفلسطينية يلخصها ما قاله عجوز فلسطيني عندما بدأت الدوريات الإسرائيلية الاقتراب أكثر فأكثر من مقر المقاطعة المحاصر منذ ثلاث سنوات فقال: «لماذا الاحتراب على السلطة وليست هناك سلطة؟ السلطة نفسها تحت الاحتلال. الاحتلال والاستيطان وممارسات (إسرائيل) ضدنا هي التي توحدنا، وتجعلنا لا نفكر حتى في إمكان الاقتتال» . فهل يعي أبناء فلسطين الدرس؟ هذا ما نرجوه.