[في ملتقى رابطة الأدب الإسلامي العالمية:]
كيف نحقق هويتنا الثقافية؟!
محمد شلال الحناحنة
أقام المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية في الرّياض ملتقاه الشهري مساء الأربعاء ٢٦/١/١٤٢٥هـ، وكان ضيف الملتقى الناقد د. أحمد محمد السعدني الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، ومحاضرته بعنوان: (الهوية الثقافية والأدب الإسلامي) ، وأدار اللقاء الأديب د. ناصر بن عبد الرحمن الخنين نائب رئيس المكتب الإقليمي، للرابطة في المملكة، واحتشد في الملتقى جمهور من الأدباء والمثقفين.
` ماذا عن هويّتنا الثقافّية؟!
بدأ المحاضر محاضرته طارحاً ثلاثة أسئلة هي:
ـ ما هويّتنا الثقافية؟
ـ ما الأدب الإسلاميّ؟
ـ كيف نحقق هويتنا الثقافية في الأدب الإسلاميّ؟
ثمَّ أجاب المحاضر قائلاً: إنَّ هويتنا الثقافية هي عربية اللغة إسلاميّة الفكر والعقيدة، أمّا الأدب الإسلاميّ فَهو يمثّل هذه الهويّة؛ لأنّه التعبير الفنّي الهادف الجميل عن الإنسان والكون والحياة وفق التصوّر الإسلاميّ.
وقد تشكّلت الهويّة الثقافية من خلال دائرتين: الدائرة العربية والدائرة الإسلاميّة، وقد نقل الإسلام العقل العربيّ نقلة نوعيّة.
ثمّ استعرض الناقد د. أحمد السعدني مظاهر من التاريخ القديم مقارناً بين الهوية العربيّة والهويّة العبريّة، فبيّن أنَّ الهوية الأخيرة كانت تخفق في ديمومتها، بل لم تحافظ على اللغة العبرية من خلال الكتاب المقدس لديهم؛ لعدّة أسباب من أهمّها:
ـ تحريف التوراة.
ـ تحريف الإنجيل.
ـ العودة إلى التجسيد للإله في هاتين الديانتين.
وليس من لغة حُفظت، وحافظت على هويتها كما هي اللغة العربية، ويعود ذلك إلى نزول القرآن الكريم بهذه اللغة، والقرآن العظيم محفوظ إلى يوم القيامة كما أخبرنا الله سبحانه وتعالى.
ولذلك حين أرادت اليهودية والصليبية إبعاد الخلافة العثمانية عن الإسلام، كان أولى توصياتها ودعواتها ترك اللغة العربية وإبراز اللغة التركية قراءة وكتابة ومحادثة في جميع مناحي الحياة، فتحوّل الإسلام إلى طقوس وشعائر، وليس فكراً وعقيدة ومنهاجاً للحياة، حتّى إن التفسير للقرآن الكريم دُرّس بالتركية، وكان هذا من أعظم المصائب!
` الفراغ الرّوحي في الحضارة الغربيّة:
ما الأدب الإسلاميّ المؤثّر الذي نريده؟ إنَّه الأدب الذي ينطلق من الهويّة الإسلامية مراعياً الرّقي الفنّي كي لا يكون خطابيّاً مباشراً، وأن يكون معبّراً عن القيم الإسلاميّة من خلال الجمال الأدبي الأخّاذ.
أمّا الالتزام في أدبنا الإسلاميّ فلا بدَّ أنْ يكون نابعاً من داخل النصّ الأدبي، وفرق كبير بين الإلزام والالتزام، والسؤال الذي ينبغي أنْ يُطرح: لماذا استطاع اليهود إقناع العالم بباطلهم ونحن نعجز عن إقناع العالم بحقّنا؟ وهناك مثالٌ حيٌّ لذلك هو رواية (طوبى للخائفين) للكاتبة اليهودية يائيل ديَّان؛ فقد انتشرت هذه الرواية، وراجت عالميّاً مع أنّها تقوم على مغالطات دينيّة وفكرية وواقعيّة، ولكن استطاع اليهود توظيف أدبهم إعلاميّاً بما يخدم مصالحهم، بينما لدينا أعمال أدبيّة راقية في الشعر والقصّة والرواية تجلو الكثير من الحقائق الثابتة والقيم الفاضلة والفكر السويّ، لكن لم تنتشر كما نريد، والسبب هو التعتيم الإعلاميّ، وتشويه الهويّة الإسلاميّة، ولا شكّ أنّ عندنا قصوراً في تقديم أعمالنا، ولم نستطع الاستفادة من الفراغ الروحي في الحضارة الغربيّة، كما لا ننسى أن الغرب يعمل جاهداً لجعل ثقافتنا ثقافة استهلاك كي يقتل فينا الابتكار والإبداع، وليست محاولة تغيير المناهج وصنع الشرق الأوسط الكبير إلاّ مدخلاً لفرض الهيمنة السياسية والفكرية والثقافية، ولا نجد مخرجاً إلاّ بالتمسّك بديننا وعقيدتنا الثابتة الصافية؛ فهلْ نتحمّل المسؤولية أمام الله، وأمام أنفسنا وأمام الأجيال القادمة؟
` الإسلام واللغة العربيّة لا ينفصلان:
وفي نهاية اللّقاء أثير الكثير من الأسئلة اشترك فيها مجموعة من الأدباء والإخوة والحضور منهم: الدكتور حافظ المغربي، الدكتور سمير عبد الحميد، والدكتور محمد أحمد، والدكتور حمدي حسين، والدكتور حسين علي محمد، وسعيد عاشور، والدكتور عبد الجبار ديّة، وغيرهم.
كما خُتم الملتقى بأمسية شعرية للشاعرين: الدكتور عبد الجبار دية، والدكتور أحمد حسبو، وقصّتين لأيمن ذو الغنى، وسعد جبر، وقد عبّرت القصيدتان عن شجون فلسطين الجريحة والعراق الأسير.