عندما تكيل الصحف الغربية بصاعين!
أدى رئيس الوزراء التركي فريضة الحج العام المنصرم، وهو حدث كان
ينبغي أن يكون عادياً جداً وأن يمر دون الوقوف عنده، ولكن الصحف الغربية التي
عودتنا على الكيل بصاعين، فيما يخص الأمور الدينية، وعلى سلوك سبيل
التهويل وتحميل تصرفات بعض الناس دلالات بعيدة لم يعجبها هذا الأمر، كما لم
يعجب العلمانيين داخل تركيا، فمن جهة أشارت هذه الصحف إلى أن أوزال أول
رئيس وزراء تركي بعد زوال الدولة العثمانية يؤدي فريضة الحج، ومن جهة تبدي
أسفها لذلك العمل الذي " لابد أنه قد سبب آلاماً لروح كمال أتاتورك في قبره " كما
عبرت عن ذلك بعض الصحف البريطانية.
والغريب أن هذه الصحف لا تستغرب إذا قام أي زعيم غربي بأي عمل له
دلالة دينية، بل تنوه بذلك وتشيد به، فقد أفردت كافة الصحف الغربية صفحات
للصور والتعليقات التي رافقت زيارة تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا للاتحاد
السوفييتي وأكثر تلك الاهتمامات انصرف إلى زيارتها للكنائس التي رفع عنها
الحظر، وكذلك أحيط تعاطفها مع جماعة التضامن في بولندا بدعاية كبيرة، وكذلك
حجها إلى قبر القس الذي قتلته الشرطة هناك لتعاطفه مع حركة التضامن، بل إنها
استشارت بابا الفاتيكان قبل زيارتها لبولندا.
هل للوقاحة حد عند هؤلاء الذين يسرهم أن يكون المسؤول المسلم لا دين له
خشية أن يؤذي قيامه بشعائر دينيه روح طاغية في قبره، وما الذي يجعل لهؤلاء
حقاً في إظهار عواطفهم الدينية، بينما يعتبر ذلك مستهجناً من مسؤول في بلد يدين
أهله بالإسلام؟ أم أن للعلمانية في المجتمعات الإسلامية معاني أخرى؟ ! .