للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشاهداتي في بريطانيا

عندما تصطدم المرأة

مع فطرتها! !

د. عبد الله مبارك الخاطر

إن نسيت فلن أنسى خلال إقامتي؛ في ديار الغرب صورتين متناقضتين غاية

التناقض لامرأة مشهورة تعمل في المحاماة.

الصورة الأولى: توفرت في هذه المرأة الصفات التالية: قوة البنية، ذرابة

اللسان، الحماسة لما تؤمن به وتعتقده، النشاط الدائب: فمرة تقرأ مقالاتها في

الصحف، ومرة أخرى تسمعها تتحدث في التلفاز وتقارع فحول الرجال الحجة

بالحجة.. ومرة ثالثة تستمع إليها في المحاكم تدافع عن القضية التي نذرت نفسها

من أجلها.

قد يظن القارئ الكريم أنها محامية لشركة من الشركات أو لمؤسسة من

المؤسسات. لا يا أخي. إن عملها الوحيد الدفاع عن حقوق المرأة ومساواتها

بالرجل، ولهذا تجد عندها إحصائيات عجيبة عن الوزارات والمؤسسات والشركات

وعن نسبة الرجال والنساء في كل منها.. وكم أرغمت هذه الجهة أو تلك على قبول

عدد من النساء وفصل الزيادة من الرجال.. وكم ربحت الحكم ضد شركات أقدمت

على تسريح مجموعة من النساء بسبب عدم الحاجة إليهن..

كانت هذه المرأة ذائعة الصيت، ولها مكانة كبيرة في المجتمع الغربي، كما

كانت مثالاً يحتذى به للنساء بل وللرجال الذين ينادون بالمساواة المطلقة بين

الجنسين.

الصورة الثانية: صورة هذه المرأة وهى مريضة، وقد حولها طبيبها الخاص

إلى قسم الطوارئ في مستشفى الأمراض النفسية الذي كنت أعمل به.. وقد شاهدت

بعيني مشهداً يختلف تماماً عن المشهد الذي يراه الناس على شاشة التلفاز أو في

قاعة المحكمة:

شاهدت امرأة ضعيفة منهارة محطمة تشعر أنها تعيش وحدها في هذه الدنيا،

ليس لها ابن ولا زوج ولا أخ ولا والد.. أما النساء فيعرفنها محامية قوية تدافع عن

حقوقهن، ولا حاجة لهن بها إذا كانت مريضة في المستشفى، أو مقعدة في بيتها،

أو في مأوى العجزة.. كنت أعرف مشكلتها قبل أن أسألها ومع ذلك سألتها حيث

لابد من سؤال المريض والاهتمام بكل ما يقوله.. قلت لها: ما مرضك وبماذا

تشعرين؟ فأجابت:

«أريد رجلاً يشاركني الحياة ويقول لي: لا! ! .. لقد مللت الحياة التي

عشتها، والعمل الذي اخترته» .

هذا مرضها أنقله بأمانة ودقة.. وقد قمت بواجبي وأعطيتها العلاج اللازم

للمصاب بحالة (اكتئاب) ولكنني أشعر بأنها لن تشفى من هذا المرض لأنها لن تجد

رجلاً عاقلاً يغامر بحياته وعقله ويتزوجها، وإذا وجدت فسوف يكون من أشباه

الرجال ولن يقول لها. (لا! !) ومثل هذا الرجل لا يحل مشكلتها.. ومن جهة

ثانية، فلو شفيت من مرضها وعادت إلى عملها السابق، فسوف تعيد سيرتها

الأولى لأن أمثالها يبحثن عن الشهرة والطبع عندهن يغلب التطبع.. فهي تريد أن

يتحدث الناس عنها مهما كانت النتائج. أرأيتم المرأة عندما تصطدم مع الفطرة التي

فطر الله الناس عليها؟ ! .

قال تعالى: [فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللهِ الَتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا

تَبْدِيلَ لِخَلْقِِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ] [الروم: ٣٠] .

والمشكلة أن الناس شاهدوا هذه المرأة بكامل قوتها وذرابة لسانها ولم يروها

وهي على فراش المرض تشكو من المرض النفسي: [الاكتئاب] ، وكان إعجاب

الخادعين والمخدوعين بها هو سبب مرضها، ومصدر شقائها وبؤسها وقهرها،

وهذا الذي شاهدته بنفسي، والأمثلة على ذلك كثيرة، ومن أراد مزيداً من الأدلة

فليبحث عن نسبة الذين يعانون من أمراض نفسية من النساء الشهيرات في ديار

الغرب، بل وفي ديارنا.

إن قوامة الرجل في بيته خير له ولزوجه وأولاده، والتنازل عن هذه القوامة

للمرأة جحيم لها لا يطاق، ومساواة المرأة مع الرجل أكذوبة ابتدعها أعداء المرأة

من اليهود والصليبيين والشيوعيين وسائر العلمانيين الملاحدة، وجميع الإحصائيات

الحديثة تؤكد فشل هذه الأسطورة.

[فَلْيَحْذَرِ الَذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ]

[النور: ٦٣] .