عفوًا أستاذي
ساير هليل المسباح
عذرًا أيها الأستاذ الفاضل، فما كانت الكتابة يومًا سبيلي في التعبير، ولم ألجأ
إليها إلا بعد أن سدت أمام طرق هي أولى وبالبيان أحرى.
طالما نظرت إليك بعين الإكبار والاقتداء، فلا تجعلني أنظر إليك بعين ملؤها
الإهمال والازدراء، ولا يكن قبولي لك القبول المبطن بالرفض.
أيها الأستاذ: لست ناكرًأ جميلك يوم دللتني على طريق الخير وقدتني إلى
درب الهداية، فأشرقت أركان قلبي، وابتهجت كل ذرة في كياني، أشكر لك ذلك
وأرجو لك الخير في صلواتي ودعواتي.
فقد قمت بدورك فأحسنت العمل حين انتشلتني من طرق الضلال في وقت لم
أجد توجيهًا لا من قريب بعيد، فجئت أنت في وقت تاه وانجرف كثير ن زملائي
وأقراني مع تيار الحرية الضالة، والركض خلف الشهوات المؤقتة، ولا زلت أذكر
تلك الأوقات التي كنت فيها تأخذني من يدي ناصحًا، وتطوف بي بعيدًأ عن الناس
وانحرافاتهم بينما كان زملائي ييممون الطرف يحثون الخطى نحو ملهى أو مسرح.
هم القليل مثلي الذين سعدوا بأستاذ مثلك عرف الحق فدل عليه، وعلم الباطل
فحذر منه، وأخرج فتية مؤمنين يكملون الدرب، ويحملون مشعل الهداية، غير
أني اليوم أيها الأستاذ لم أعد ذلك التلميذ المراهق، ولا ذاك الصبي الطائش الذي
تخاف عليه خوف الأمس، إني زوج وأب ورب عمل، فلا تلمني إذا خالفت لك
رأيًا، ولا تغضب مني إذا لم أوافقك في كثير مما تفعل، فأنت قد اخترت طريقك
في العمل فدع لي طرقًا أخرى لعلي أن أكون فيها أجدى وأنفع.
أيها المربون الفضلاء: أقولها بكل صراحة: أرفض الوصايا حتى لا أكون
نسخة منك؛ إني لا أخالفكم في الهدف إن لم يكن في طريقي إثم ولا خطأ، والجنة
واحدة والأبواب ثمانية، أو لم تقل لي يا أستاذي الفاضل: لكل زمن دولة ورجال؛
فاجعلني من رجال هذا الزمن، وأنا تارك لك ما مضى، ولست بمزاحمك فيه
وأرجو أن يكون كلانا على خير.