[أيام تمضي]
عبد الحميد بن سالم الجهني
عِطاف عليان.. معتقلة فلسطينية سجن الاحتلال الإسرائيلي ابنتها الرضيعة معها رحمةً بها! فكانت هذه الكلمات:
صبراً عِطاف! فإنها أيامُ
تمضي كأن عذابها أحلامُ
ستمر يا أختاه لست أشك في
هذا، ويهوي البغيُ والإجرامُ
وكأن شيئاً لم يكن يوماً إذا
ساد الضياء وشُرِّد الإظلامُ
لكنها سنن الإله بعلمه
تجري ولا يدري بها الظُّلاَّمُ
هجموا عليك بليلة وحشية
وقد احتمت بك طفلة ستنامُ
سحبوك فانفجرت بصدرك صرخةٌ
حرَّى، وأدمت قلبك الآلامُ
وبكت رضيعتك التي لم ترتوِ
فلها على أيدي البغاة فطامُ
ومضيت للسجن الكبير بعبرة
خفيت، وقد عمَّ المكانَ ظلامُ
هذا سبيل لستِ فيه وحيدةً
لكِ فيه أحمدُ قدوةٌ وإمامُ
وشكا به نوحٌ، وإبراهيم لم
تنصره إلا الطيرُ والآرامُ
ومضى عليه المؤمنون وحولهم
تسَّاقط الجبناءُ والأصنامُ
وأراكِ يا أختاه في ظُلَم الدجى
نوراً يضيءُ فتشرق الآكامُ
إن الظلام وقد تمادى بعده
فجرٌ يلوح ورحمة وسلامُ
هي رحلة لله في درب الهدى
أعلامها الإيمان والإسلامُ
حُفَّتْ بكل كريهة حتى يُرى
بين الورى الأعلام والأقزامُ
لكنَّ عقبى الصابرين عظيمة
في الخلد، لا حزنٌ ولا أسقامُ
لا تسألي عنا! فإنا معشرٌ
هانتْ علينا الأرض والأرحامُ!
هانت علينا القدس..! أيُّ مصيبةٍ
بقيت؛ وقد أزرت بنا بغدامُ؟! (*)
كلا، فلا زالت هناك بقية
تزري بنا، فعلى الطريق الشامُ!
يا أيها الغافون أحلاس الونى
قوموا فأهل الرافدين قيامُ!
واستلئموا إن الحياة قصيرة
والحق أبلج والزمان همامُ
لا تركنوا للظالمين تمسكم
نار، وقولوا للطغاة: حرامُ!
(*) بغدام: لغة في بغداد، ذكرها صاحب تاج العروس، وقد ذكر العلماء لبغداد ثلاث عشرة لغة.