تتداعى قوى الشر الغربية وطلائعها من أبناء جلدتنا في بلداننا الإسلامية، وتتضافر جهودها؛ لتبديل كلام الله وإطفاء نوره، ومع يقيننا التام بأن الله ـ تعالى ـ حافظٌ دينه ومتمٌّ نوره ولو كره الكافرون، إلا أن حملة القوم الشرسة الرامية إلى إضعاف فرص تعلُّم الإسلام الصحيح وإلى تقديم معاني وتفسيرات جديدة للمفاهيم والمصطلحات الإسلامية قد تؤتي ثمارها النكدة، وبخاصة مع عمل القوم على احتواء جملة من دعاة الإسلام والتضييق على من يتأبى على ذلك.
كما تتوالى جهود القوم في محاربة التعليم الديني وتغيير مناهجه، وفي السعي للحيلولة دون تواصل المسلمين وتكاتفهم الإيماني، ودون استمرار مؤسساتهم التعليمية والدعوية التي تعمل على نشره والتعبير العملي عن يسره ورحمته وسماحته في الآفاق.
وفي المقابل يتم إفساح المجال أمام ما يُدْعى بالتيار التنويري وأهل البدع والأهواء، والذين يمكن احتواء رموزهم أو الالتقاء في المصالح معهم؛ لبث الأفكار التي يمكن أن تخدم تلك الحملة الظالمة ولو في إطار مرحلي.
وأمام تيار التفريط أو العمالة يمكن أن ينشأ تيار غالٍٍ في تفسير نصوص الشرع وعرض مفاهيمه؛ بحيث يستثمر الأعداء ذلك الغلو في التنفير من الدين وتشويه صورة أهله.
ولذا فقد أصبح علماء الإسلام ودعاته أمام مرحلة جديدة تتطلب النفرة لتبليغ دين الله ـ عز وجل ـ وبيان مراده للناس كافة، وإن لم يُبذل الوسع وتُستفرغ الطاقة في هذا المجال فإن الدعوة لدين الإسلام الصافي النقي الخالي من الإفراط والتفريط قد تتراجع ـ لا سمح الله ـ من مرحلة العرض والبلاغ ومطالبة المسلمين بالامتثال إلى مرحلة الدفاع ونقض الشبه والدعاوى التي ترددها هذه الجهة أو تلك، ومن مرحلة انحسار التيارين البدعي والعصراني المطاوعين للغرب إلى مرحلة تَصَدُّرهما في الساحة الإسلامية وهيمنتهما على الخطاب الديني والدعوي الموجه عبر المسجد ومؤسسات التعليم والإعلام ودوائر التوجيه المختلفة كافة.
والأمل بعد الله ـ تعالى ـ كبير في أن يدرك علماء الإسلام الربانيون، ودعاته الصادقون، وأبناؤه المخلصون طبيعة المرحلة القادمة، والجهد الضخم الذي تتطلبه؛ فيقوموا بواجب البيان المتحتم، مستثمرين كل فرصة متاحة ووسيلة ممكنة، كلٌ حسب علمه وطاقته، امتثالاً لقول إمام المرسلين:«بلِّغوا عني ولو آية» ، وتلك قضية لا تحتمل التأجيل، ولا يُقبل فيها الارتجال، والأمل في الله ـ تعالى ـ كبير؛ إذ هو منجزٌ وعده، وغالبٌ على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.