[زوجة الداعية]
عبد الله الشرايده
إن محاسبة النفس مراراً وتكراراً تساعد على الرقي بمستوى الداعية وبالتالي
دعوته، ومن محاسبة النفس أن يسأل الداعية نفسه:
ما هو دوري تجاه زوجتي؟
هل قمت بنصحها وإرشادها؟
قد يظن ظان أن دور الداعية ينتهي منذ أن يعثر على تلك الشابة الملتزمة
بدين الإسلام والتي ارتضاها شريكة حياته دون سائر الفتيات. ولكن هذا هو جزء
من الدور، والدور الحقيقي هو متابعة النصح والإرشاد بعد الزواج، بالأسلوب
المناسب وبالقدوة الصالحة.
ومتابعة النصح والإرشاد لا تعني المطالبة بأن تكون الزوجة كاملة ولكننا
بحاجة، في هذه الفترة بالذات (فترة بداية الدعوة) ، إلى أن تكون زوجة الداعية
قدوة بمعنى الكلمة وإلا فإن أول أثر سيئ لها سيكون على زوجها حيث ستعيقه عن
الاستمرار في حمل دعوته.
ثم إنّ الداعية الذي يخل بتربية زوجته، أو يتساهل في تعليمها المبادئ
الأساسية في حياة الدعاة إلى الله ستخذله هذه الزوجة في وسط الطريق وهو في
أمس الحاجة إليها، وسيضطر إلى أن يلتفت إليها ويعاود نصحها وإرشادها بعد أن
خسر الكثير. كما أن نقص المفاهيم الأساسية عندها قد يتسرب إلى زوجات الدعاة
الآخرين، وبذلك يكون الداعية قد أضر بدعوته من حيث لا يدري، كما أنه من
الواضح أنّ الداعية الذي يصلح نفسه وزوجته، سيشجع الآخرين ولا شك علي
إصلاح زوجاتهم، لذا فإن مسؤولية تربية الزوجة مسؤولية عظيمة.
إنّ بعض الدعاة يظن أن الرحمة والرأفة يتعارضان مع النصح والإرشاد وهذا
بلا شك فهم خاطئ، لأن الرأفة والرحمة هما من أساليب التربية وليستا مانعين لها
أو متعارضين معها. بل أنّ بعض الدعاة يظن أنّ تربية الزوجة على الأخلاق
الاجتماعية الفاضلة مثل صلة الأرحام وبر الوالدين والإحسان إلى الناس والقيام
بحقهم وإيثارهم وتحمّل أذاهم و ... ، قد يعدّ ذلك تدخلاً في شؤون النساء الداخلية،
وهذا أيضاً فهم خاطئ لأن ذلك من تمام القوامة التي أمر الله بها والله أعلم، ولأن
الزوجة التي تخل بالأخلاق الفاضلة ستكون عائقاً في وجه اقتداء الناس بها وبزوجها.
إن المفاهيم التي يجب أن تعيها زوجة الداعية كثيرة، نذكر منها ما يلي
باختصار:
أولاً: اقتضاء العلم العمل. وهذا مطلب للجميع وإن تطبيقه في الواقع مما
يشجج الداعية وزوجته ويشيع روح التفاؤل في الأسرة.
ثانياً: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» وهو حديث شريف إن
عمل به الداعية وزوجته عصمهما الله من كثير من الذنوب والمعاصي كالغيبة
والنميمة والحسد وما سوى ذلك.
ثالثاً: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» وهذا أيضاً حديث
شريف يعين على مكارم الأخلاق كالإيثار ومحبة الخير للناس والفرح لفرحهم
والحزن لخزنهم ... إلى غير ذلك من الخصال الاجتماعية الطيبة.