أيا قمرَ القدسِ كيف تنام؟
عز الدين سليمان سليمان
- ١-
يطير الحمامُ، يطير الحمامْ
ومئذنةُ القدسِ تعلو، وتعلو
ويشربُ من راحتيها الغمامْ
سئمنا الكلامْ
وجرحُ العروبة يبكي ويضحكُ
أين السّلامْ؟
شهيدٌ يغيبُ، ويأتي شهيدٌ
يفجّر شمسَ الحياة بكهف الظَّلامْ
فيا قمرَ القدسِ كيف تنام؟
ـ ٢ ـ
تغنِّي العصافيرُ رغم الحصار
ورغم الدمار
وتنمو السَّنابلْ
وخلفَ المتاريس طفلٌ
وخلفَ النَّوافذ شيخٌ
وخلفَ الرَّماد عيونٌ تقاتلْ
و (آياتُ) تمضي
وزغردةُ الأمِّ حين أعادوا إليها
ثيابَ العروس، وساعتَها، وبقايا الجدائلْ
وحين أعادوا خلاخيلها
أكان الرَّبيع يغنّي بعرس الزَّلازلْ؟
وأشجار غزَّة صارت صبايا
تهزُّ سياط البروق، وتجلد جلادها
وترمي على الغافلين القنابلْ
وتوقظ كلَّ النّيامْ
فيا قمر القدس كيف تنام؟
ـ ٣ ـ
أَمِنْ لغة الصَّمتِ؟
من أبجديّة موت الينابيع والأغنياتِ
ورعشة هذا التراب الحزينْ؟
ومن زغردات النّساء،
وجرح القرنفل والياسمين؟
وكوفيّةٍ قبَّلتها الشّموسُ
ورشّاسِ طفلٍ يرى الموت حلماً جميلاً
على صدر «يافا»
ودفتر رسمٍ، وقطعة حلوى
يسافر في موكب الخالدينْ
أَمِنْ ضحكة النَّهر فكَّ إسار يديه يلوِّح بالماء
حين يعود الجنود إلى موتهم سالمين؟
ومن عطر ليمونةٍ حرستْها عيونُ العصافير
أخفَتْ حِزامَ القناديل في صدرها
وراحت تظلِّل أبطالنا العائدينْ
أَتعرفُ/آياتُ/ إلاّ الرحيلَ إلى مدن الموت والعاشقين؟
ولفّتْ على شعرها بيرقاً من لهيبٍ
وتهتف: الله أكبر، تمضي على موجةٍ من حنينْ
وتشعل قنديلها في الظّلامْ
فيا قمر القدس كيف تنامْ؟
ـ ٤ ـ
عَصِيٌّ على الموت أنتَ
أيا وطنَ المكرمات الطَّريفَ التّليْد
فمن كلِّ بيتٍ
ومن كلِّ حقلٍ، وتلٍّ ووادٍ، ودفتر طفلٍ
ومدخنةٍ وكتابٍ وجمرٍ
وصحوٍ وغيمٍ
يطلّ الشَّهيدْ
و (آيات) تمضي على غيمةٍ من إباء
وترسم نهراً جميلاً، وسجّادة للصَّلاةِ
وتفَّاحةً من دماءْ
وتكتب في دفتر العشق أشعارها، وتزيّن وجه السَّماءْ
وتكتب: يا قدسُ تأبى الهوانَ نفوسُ الكرامْ
فيا قمر القدس كيف تنام؟