[اللوبي اللبناني النصراني في أمريكا والمحافظون الجدد]
علي حسين باكير
يضم «اللوبي» اللبناني كبار المسؤولين في «الجامعة الثقافية في العالم» (جامعة المغتربين) وهم: الرئيس العالمي للجامعة (جو بعيني) امينها العام (الدكتور وليد فارس) (من المحافظين الجدد، وباحث رئيسي Senior Fellow في مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات Foundation for the defuse DEFENSE of Democracies في واشنطن) ، أمينها العام السابق (سامي الخوري) . بالإضافة إلى اثنين من أركانها في مقاطعة أمريكا الشمالية هما: (المهندس طوم حرب) ، و (فادي برق) . أضف إلى هؤلاء عدداً من الأشخاص ذوي العلاقات القويّة بالمحافظين الجدد والصهاينة في البيت الأبيض وأجهزة الاستخبارات الأمريكيّة، ومن بينهم (زياد عبد النور) الذي أسّس بالتعاون مع المحافظين الجدد «اللجنة الامريكيّة للبنان حر» (USCFL) وقد جاءت هذه اللجنة استجابة لرغبات المحافظين الجدد وطموحاتهم في ما يعرف بـ «إعادة تشكيل الشرق الأوسط» ، أنشأت اللجنة ـ التي تعتبر مركز استقطاب أيضا للفاعليات اللبنانيّة ذات الصلة بهذا الاتّجاه ـ عام ١٩٩٩م (نشرة استخبارات الشرق الأوسط) . يتكون فريق تحرير هذه الشهرية من: (ميكاييل روبان) و (توماس باتريك كارول) ، تحت رئاسة (غاري. سي. غامبيل) . ويعرف هؤلاء الثلاثة بعلاقاتهم الوطيدة بجهاز المخابرات الأمريكية سي آي إيه؛ إذ شغل (ميكاييل روبان) وظيفة المستشار الخاص لـ (دونالد رامسفيلد) و (بول بريمر) أثناء العام ونصف العام اللذين تليا غزو العراق. أما (توماس باتريك كارول) فهو عميل سابق للسي آي إيه. ويشغل منصب رئيس التحرير (غاري سي. غامبيل) وهو أجير في هيئة Freedom House فرع سري للسي آي إيه، وأصبحت هذه النشرة تصدر بالتعاون مع منتدى الشرق الأوسط، فقامت اللجنة الامريكيّة والمنتدى بإصدار تقرير في مايو عام ٢٠٠٠م تحت عنوان (وضع نهاية لاحتلال سورية للبنان: دور الولايات المتحدة) . في هذا التقرير يشير الكاتبان إلى أن مصلحة الولايات المتحدة تكمن في استخدام لبنان كوسيلة للضغط على سوريا من أجل إجبارها على القبول بحقيقة الاحتلال الصهيوني لهضبة الجولان، والتوقف عن دعم العمليات الفلسطينية. وهذا التقرير يمهد لدعم المعارضة اللبنانية، واتخاذ عقوبات اقتصادية ضد سوريا، بل وربما إلى حد اللجوء إلى عملية عسكرية ضدها.
وبهذا الخصوص فالتقرير يشير إلى أن واشنطن يجب عليها أن لا تتأخر؛ لأن سوريا في طور تملكها لأسلحة الدمار الشامل. لكن التقرير آنذاك مر دون رد فعل أو اهتمام يذكر، لكن أحداث أيلول ووصول عدد كبير من قائمة الـ ٣١ شخصاً الأعضاء الذين وقّعوا على التقرير إلى سلطة القرار (إليوت أبرامس يعد الرقم الثاني في مجلس الأمن القومي، بولا دوبريانسكي نائب سكرتير الدولة، دوغلاس فيت نائب سكرتير الدفاع، جين كيرباتريك سفيرة الولايات المتحدة بجنيف، ريتشارد بيرل مستشار الظل في البنتاغون، وديفيد فورمزر الذي صار مستشار نائب الرئيس ديك تشيني) ذلك كله أعاد التقرير إلى الواجهة من جديد، واستخدم هذا التقرير في ١٢/٤/٢٠٠٣م بعد تعديله وجعله موغلاً بالتعصّب من قِبَل إيليوت إنجل (عضو في مجموعة العمل المختصة بالشأن اللبناني الـ MEF واللجنة الأمريكية من أجل لبنان الحر الـ USCFL، وقد اشتهر اسمه عندما خاض حملة من أجل الاعتراف بالقدس عاصمة لليهود) لإقناع الكونغرس بتمرير قانون مسؤولية سوريا، وقانون استعادة السيادة اللبنانية في عام ٢٠٠٣م، وتوصّل التقرير إلى أن الحكم السوري في لبنان يعارض بشكل مباشر مصالح وخطط أمريكا، وهاجم سياسة واشنطن تجاه سوريا القائمة على الاحتواء بدل المواجهة.
تلا ذلك قيام الجنرال عون (اللبناني الذي رفض اتّفاق الطائف وأقام تحت الرعاية الفرنسية) في أيلول من العام ٢٠٠٣م بالإدلاء بشهادته أمام النواب في الكونغرس، وطلب من الولايات المتحدة التدخل العسكري من أجل استرجاع الحكم له. ثمّ تمّ التصويت على القانون في ١٥ أكتوبر.
ومن يومها عمل أعضاءالـ USCFL وخاصّة أعضاء اللوبي اللبناني النصراني على تضخيم ملف ضد سوريا؛ إذ اتُّهمت سوريا بإيواء صدام حسين بعد فراره، ثم بتهمة إخفاء أسلحة الدمار الشامل العراقية التي لم يعثر عليها، وبتهمة التحريض على «الإرهاب الفلسطيني» وبتخريب العملية الديمقراطيّة في العراق ودعم الإرهابيين وتحريض حزب الله على الدولة العبرية ... إلخ. واعتمدت هذه اللجنة على الدعم السياسي الخارجي الذي تفعله أجهزة العلاقات العامة، وقد تم اختيار بعثة تضم (فريد غاردي) ، ممثلاً عن الجنرال عون، و (وليد فارس) لتلتقي في فرنسا بفاعليات مهمة عام ٢٠٠٤م بهذا الخصوص، وللتحضير للمبررات القانونيّة اللازمة لتأديب سوريا وتحرير لبنان. وبدأ اللوبي اللبناني النصراني والتحالف الأمريكي اللبناني ينشط في مراكز صنع القرار في أمريكا وفي الأمم المتّحدة ولدى جميع الفعاليات الدوليّة من أجل إعداد مشروع قرار قانوني لانسحاب سوريا من لبنان، والضغط عليها عبر تقديمه إلى مجلس الأمن. وفي هذا الإطار عبرت مصادر حكومية ودبلوماسية في بيروت آنذاك عن استغرابها لعدم احترام البعثات الدولية لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وفي مقدمتها البعثة الأمريكية لرسالة بعثت بها الحكومة اللبنانية من قبل وطالبت فيها بعدم التعاون واستقبال أو التنسيق مع مجموعة من كبار المغتربين اللبنانيين في الولايات المتحدة الذين ينشطون سياسياً باسم اللوبي اللبناني، ويتحدثون أحياناً باسم الحكومة دون أي تكليف رسمي، وسط تشجيع واضح من واشنطن التي استقبلت بعثتها أعضاء اللوبي، وأشارت المصادر إلى أن البعثة الدبلوماسية الجزائرية وحدها التي استجابت للطلب اللبناني الرسمي، ورفضت استقبال أعضاء اللوبي.
وفي هذا الإطار يذكر (وليد فارس) نفسه في مقابلة أجرتها صحيفة النهار اللبنانيّة معه عن الموضوع والجهود المبذولة لإعداد مشروع قرار ضدّ سوريا (أصبح فيما بعد القرار ١٥٥٩) ما يلي:
«اتخذت قيادة الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم والتحالف الأميركي ـ اللبناني قراراً بالطلب إلى الحكومة الأميركية ثم مجلس الأمن طرح مشروع على الهيئة الدولية. وقد دارت اجتماعات مكثّفة مع عضو الإدارة الأميركية (وليد معلوف) ورئيس الجامعة (جو بعيني) ، ورئيس التحالف (جوزف جبيلي) ، ورئيس الاتحاد الماروني الأمريكي (طوم حرب) وآخرين من الزملاء حول أمرين: صياغة المشروع من ناحية، وهندسة التحرك في سبيله من ناحية أخرى.
وموضوع الصياغة شمل العناصر الفكرية الاستراتيجية، أي النقاط التي سوف يرتكز عليها المشروع وأسبابه، وقد كتبت المذكرة التي تطالب بهذا القرار، باسم الجامعة الثقافية. وشمل مشروع نص قرار وضعه فريق من «اللوبي» ضم أعضاء التحالف وقيادة الجامعة، ومستشاراً ديبلوماسياً للمجموعة، تُعلن أسماءهم لاحقاً. والتسويق اعتمد أولاً على فتح الأبواب في واشنطن. وقد تولى (وليد معلوف) تدبير الاجتماعات في البيت البيض ووزارتي الخارجية والدفاع ومجلس الأمن القومي. وقد تألف الوفد إلى هذه الاجتماعات من مسؤولين كبار في الجامعة الثقافية وهم (جو بعيني) ، (طوم حرب) ، (جون حجّار) و (وليد فارس) . وقد انضم إلى الوفد رئيس التحالف الأمريكي ـ اللبناني (جوزف جبيلي) . وقد حضر (وليد معلوف) كل الاجتماعات. توزعنا فكان نصيبي أن اشرح البند الاستراتيجي للمشروع والمصلحتين الأمريكية والدولية. بينما شرح كل عضو في الوفد نقاطاً خصصت له. وقد شكلت هذه الاجتماعات في شهر آذار ٢٠٠٤م محور التحرك الذي وفّر للإدارة الأمريكية البعد اللبناني الاغترابي للمشروع. وكان «حضور» المجتمع المدني اللبناني في تلك الاجتماعات عبر تقارير صادرة عن هيئات حقوق الإنسان في لبنان، شرحت فيه معاناة اللبنانيين، وقد ركّزت شخصياً على أهمية لبنان إذا تحرر، في الحملة العربية الإعلامية ضد الإرهاب. وقد لعب حضوري الإعلامي في الولايات المتحدة دوراً وإن كان صغيراً في إقناع من اجتمعنا بهم بأن «حرب الأفكار» هي الأهم، وإن دور لبنان بعد التحرير، سيكون مهمّاً في المنطقة.
ولعل أهم ما جاء في الطلب، بالإضافة إلى مشروع النص الذي صاغه فريق من خبرائنا، أمران:
الأول: العمل من ضمن القانون الدولي، مما أثبت حسن خيار المؤسسة الاغترابية اللبنانية بأن تعمل كمنظمة غير حكومية دولية.
الأمر الثاني: كان مجموع النقاط الفكرية والديبلوماسية التي تمت مناقشتها مع أعضاء مجلس الأمن؛ فهم كانوا يطرحون كل الأسئلة الممكنة لكي يطمئنوا إلى أن «القضية جدية» وأن اللبنانيين في مجتمعهم المدني، سيقفون مع القرار» .
وبعد صدور القرار ١٥٥٩ من قِبَل الأمم المتّحدة في ٢/٩/٢٠٠٤م أصدر التحالف الأمريكي اللبناني بياناً كشف فيه عن الخطوات التي تمّ اعتمادها والتي تكلّلت في النهاية بالنجاح في صدور القرار في الأمم المتّحدة:
«في ٢/٩/٢٠٠٤م، اعتمد مجلس الأمن في الأمم المتحدة القرار ١٥٥٩ الذي أعاد بموجبه «تأكيد دعمه الكامل لسيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي تحت السلطة الوحيدة والحصرية لحكومة لبنان على كامل الأراضي اللبنانية» ، ودعا إلى «انسحاب كل القوات الأجنبية من لبنان، وحل كل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها» . جاء هذا القرار نتيجة الجهود الحثيثة التي بذلتها المجموعات اللبنانية الأميركية في الولايات المتحدة بالتنسيق مع مجموعات لبنانية في العالم بأسره ولا سيما في أوروبا.
منذ أيار/مايو ٢٠٠٠م، تحاول المنظمات الأعضاء في «التحالف الأمريكي اللبناني» دفع الأمم المتحدة إلى معالجة الوضع في جنوب لبنان بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي وسيطرة «حزب الله» على المنطقة. وشملت الاتصالات مكتب الأمين العام ومندوبي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وسفراء من الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية. وكان الهدف الحصول على دعم المجتمع الدولي للتوصل إلى تسوية شاملة للوضع اللبناني المفجع.
في أيلول/سبتمبر ٢٠٠٣م، ومع تعيين السيد (وليد معلوف) مندوباً لبعثة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة، بدأ «التحالف الأميركي اللبناني» سلسلة اتصالات مع مندوبي مجلس الأمن، الدائمين والمنتخبين (غير الدائمين) ، بغية التوصل إلى قرار شامل جديد حول لبنان يتطرّق إلى المسائل الأساسية التي يواجهها الشعب اللبناني ويدعو إلى:
١ - انسحاب كل القوات السورية.
٢ - نزع سلاح كل الميليشيات، ولا سيما «حزب الله» والفلسطينيين.
٣ - دعم سيادة لبنان واستقلاله وسلامته الإقليمية.
٤ - إطلاق كل السجناء السياسيين في لبنان واللبنانيين المحتجزين في السجون السورية.
أعد «التحالف الأميركي اللبناني» مسودّة القرار المقترح بمساعدة خبراء قانونيين، وقد عُرضت المسودة في سلسلة اجتماعات في مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك في شهر تشرين الأول/ أكتوبر ٢٠٠٣م؛ حيث نوقشت مع سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن، بدءاً بالسفير الأميركي (جون نغروبونتي) وفريقه الذي يضم السيد (وليد معلوف) .
كما اجتمع «التحالف الأميركي اللبناني» مع سفير المكسيك للحصول على دعم مندوبي دول أمريكا الجنوبية، ومع سفير الجزائر بغية إشراك المندوبين العرب، وعقد جلسات مفصّلة مع سفير الاتحاد الأوروبي (جون ريتشاردسون) حول القرار البرلماني الصادر عن الاتحاد الأوروبي في كانون الثاني/ يناير ٢٠٠٣م الذي تطرّق إلى موضوع سيادة لبنان والاحتلال السوري، ووجود الميليشيات المقلق، والانتهاكات في مجال حقوق الإنسان.
على إثر هذه الاجتماعات والمشاورات، قرر «التحالف الأمريكي اللبناني» مواصلة العمل على تحسين نصّ القرار، بينما يعمد في الوقت نفسه إلى:
١ - متابعة المناقشات مع مجلس الأمن، ولا سيما مع الأعضاء الأميركيين والأوروبيين للتوصل إلى صيغة مقبولة.
٢ - ممارسة ضغوط بالتعاون مع منظمات لبنانية اخرى لمتابعة «قانون محاسبة سوريا واسترجاع سيادة لبنانية» .
٣ - انتظار انتهاء ولاية سوريا كعضو منتخب في مجلس الأمن.
بعد كانون الثاني/ يناير ٢٠٠٣م، ومع تبدّل الأعضاء المنتخبين في مجلس الأمن، جدّد «التحالف اللبناني الأمريكي» جهوده من خلال:
٤ - حملة رسائل بالبريد العادي والإلكتروني وبالفاكس إلى البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية ومجلس الأمن القومي تطلب من الإدارة الأمريكية أن تتبنّى رسمياً مشروع قرار حول لبنان وترفعه إلى الأمم المتحدة لإقراره. جمعت الحملة أكثر من عشرة آلاف توقيع، وهي من أكبر الجهود التي بذلها الأمريكيون اللبنانيون في هذا الصدد.
٥ - جولات من الاجتماعات والمناقشات مع مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى في وزارة الخارجية ووزارة الدفاع ومجلس الأمن القومي في آذار/ مارس ٢٠٠٤م.
٦ - زيارات عدة إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك وعقد اجتماعات مع سفراء ومندوبي الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة والاتحاد الروسي والصين والبرازيل ورومانيا.
٧ - حملة أطلقتها المنظمات اللبنانية في أوروبا باتجاه الاتحاد الأوروبي والحكومة الفرنسية، وأعقبتها اجتماعات في حزيران ٢٠٠٤م مع مسؤولين في الاتحاد الأوروبي وفرنسا، في كل من بروكسيل وباريس.
٨ - خطاب رسمي أمام قادة العالم في قمة «مجموعة الثماني» عام ٢٠٠٤م.
نتيجة لهذه الجهود المكثفة، حصل «التحالف الأمريكي اللبناني» على التأكيدات المناسبة من المسؤولين الأميركيين والأوروبيين أن مشروع قرار جديد وشامل حول لبنان يستند إلى المسودة التي رفعها التحالف ويتم التنسيق بشأنه مع الحكومتين الفرنسية والأميركية على وجه الخصوص، هو في طريقه إلى الأمم المتحدة. كان الرئيس (جورج دبليو بوش) في مقدمة الداعمين الأساسيين لسيادة لبنان، وقد تطرق في شكل محدد الى الوضع اللبناني أثناء اجتماعه مع الرئيس شيراك في باريس في حزيران/ يونيو ٢٠٠٤م وكذلك مع زعماء آخرين في قمة «مجموعة الثماني» في سي آيلاند في جورجيا.
في الأسبوع الأخير من آب/ أغسطس ٢٠٠٤م، وُضعت اللمسات الأخيرة على مشروع القرار، ثم وُزّع ورُفع إلى مجلس الأمن للتصويت النهائي عليه، وتم اعتماده.
هذا ويعتبر «منذر سليمان» المختص بشؤون الأمن القومي الأمريكي ومن أصل لبناني أنّه لا تجوز المبالغة في تقدير قوّة «اللوبي اللبناني» فهناك وهم في اعتبار أن المجموعة اللبنانية في الولايات المتحدة هي التي حققت القانون والقرار أو ساهمت مساهمة حاسمة في الانتخابات الأميركية (في إشارة إلى القرار ١٥٥٩) ، وإذا كانوا حازوا فعلياً بعض القرارات والتصريحات؛ فلأن بعض الاتجاهات العامة في السياسة الأميركية الحالية انسجمت مع رؤيتهم لمستقبل لبنان؛ إذ إن هذه السياسة لا تدار بالعواطف أو بنفوذ بعض الأفراد أو الجماعات.
من ناحية أخرى فإن الجالية اللبنانية ليست متفقة فيما بينها. وهناك من يسير في قافلة اللوبي الصهيوني، ويحتجب خلف عضلات القوى النافذة فيه، ويتوهم خطأ أنها عضلاته.
في النهاية يبدو أنّ ما يسمّى بـ «اللوبي اللبناني يلعب دوراً شبيهاً بدور المؤتمر الوطني العراقي بقيادة (أحمد شلبي) في العراق؛ إذ لا يتوقف دوره على تغيير طبيعة لبنان، بل يتعدى ذلك إلى قلب النظام السوري» .
لكن هل سيكون مصير هذا اللوبي هو مصير (المؤتمر الوطني العراقي) بقيادة الحلبي؟ هذا ما ستسفر عنه الأيام لا سيما بعدما ظهر أن ما يعرف بالموالين للحكومة استعرضوا قوتهم في بيروت، وجعلوا البلد على صفيح ساخن ربما سيؤدي إلى النزاعات الطائفية البغيضة التي جرَّت على لبنان الخراب والدمار.
(*) كاتب وباحث أردني مقيم في لبنان.