[رئيس المحاكم الإسلامية في الصومال شيخ شريف أحمد للبيان:]
لا وجود لمتطرفين في المقاومة.
وأين موقف العلماء ممّا يجري في الصومال؟!
بسبب تصاعد المدّ الجهادي المقاوم للاحتلال الأثيوبي وذيوله العميلة في الصومال، والأحداث المتلاحقة في ذلك البلد المسلم العربي الشقيق، توجَّهت مجلَّة البيان إلى رئيس المحاكم الإسلاميَّة في الصومال شيخ شريف شيخ أحمد ليتحدَّث لنا عن الوضع الراهن في الصومال، حيث أدلى للمجلَّة في زيارة له عابرة لدولة قطر بالحديث التالي:
تصاعد المقاومة في الصومال ناشئ عن وضوح رؤى جميع الصوماليين بأنَّ ما يجري هو احتلال غاشم للصومال من قِبَل القوات الأثيوبيَّة، وقد تمَّ تخطيطه من قَبْل، ويتمُّ تنفيذه في هذه الفترة عبر أجزاء تليها أجزاء متوالية، وذلك على يدي القوات الأثيوبيَّة وبتآمر مع الدول المركزيَّة الكبرى الأخرى.
لقد اتَّضح للشعب الصومالي أنَّ ما يجري هو إبادة جماعيَّة يأخذ أشكالاً وأدواراً عديدة، فرأوا أنَّ الطريقة المثلى هي الانضمام تحت المقاومة، وأنَّه لا حلَّ إلاَّ بالجهاد والمقاومة، ولهذا تطوَّرت المقاومة لكي تكون مقاومة شعبيَّة بالتزامن مع مقاومة المجاهدين المسلَّحة.
وفي حقيقة الأمر لا يوجد هناك حكومة، بل هي اسم لا أثر له؛ لأنَّ الحكومة لها معانٍ ومواصفات وواجبات تجاه شعبها، وليس هناك حكومة تتشكَّل من قِبَل أعداء الشعب، فهي إذاً ليست حكومة شعبيَّة ولا شرعية، حتَّى إن من يعمل بهذه الحكومة ـ كبعض المسؤولين فيها ـ ليس راضياً عن هذه الحكومة، ويعلم أنَّها تسير على خطأ، وأنَّ الأمر ليس بيدها، وأنَّ القوات الأثيوبيَّة هي التي تملك الأمر.
وبخصوص ملابسات الحديث عن وجود مصالحة وطنيَّة أو وقف إطلاق النار فإنَّ الذي يجري الآن من وقف لإطلاق النار هو من المقاومة الشعبيَّة العامة، وما يقال عن مصالحة شعبيَّة من قِبَل الحكومة هو أمر غير واضح؛ لأنَّ المشكلة أنَّ الحكومة الأثيوبيَّة نفسها لا تتعامل مع هذا النظام كونه حكومة انتقاليَّة، بل تتعامل مع الشعب متجاوزة تلك الحكومة.
وأمَّا ما يقال عن وجود مفاوضات بين المحاكم الإسلاميَّة والحكومة الانتقاليَّة فهذا أمر غير صحيح فلا توجد مفاوضات بيننا وبينهم.
نعم؛ بعض القيادات القبليَّة اتصلت بالحكومة لوقف إطلاق النار، وكذا الحكومة تتصل بهذه القيادات الشعبيَّة لكي تكسب الوقت، لأنه قد تبين لها أن التخطيط الذي أتت به قد فشل، حيث إن الحكومة وكذا القوات الأثيوبيَّة كانوا يتوقعون أنَّهم يستطيعون احتلال العاصمة بكاملها بدون صعوبات. والآن هناك تخطيط ونيَّة مبيَّتة لتخطيط جديد.
وحول ما تداولته وكالات الأنباء بأنَّ (عمرو موسى) الأمين العام لجامعة الدول العربية أعرب عن ضرورة عزل من وصفهم بـ (المتطرفين) عن أي دور في المصالحة الوطنية المزمع إجراء مباحثات حولها في الصومال؛ قال شيخ شريف: نأسف أن يخرج هذا الكلام من (عمرو موسى) ، وأنا أقول بأنَّ الحقيقة المرَّة أنَّ كثيراً من إخواننا العرب لا يفهمون ما بداخل الصومال؛ حيث إنه لا وجود لمتطرفين أو إرهابيين هناك كما يزعمون، وإنَّما هناك شعب واعي يريد أن يقاوم الاحتلال الغاشم.
وأمَّا عن عناصر المقاومة فهم منظَّمون، وتمَّ تخطيط مواجهة الاحتلال قبل بدء الاحتلال الأثيوبي للصومال، ولا يوجد من يسمَّون بالمتشددين وغيرهم من المقاومة، بل هذه إشاعات يطلقها الأعداء ليفرقوا الصفوف بين المجاهدين، فكيف يكون هناك اختلاف في المقاومة والناس كلهم يعرفون بأنَّ الحل هو المقاومة.
نعم؛ هناك وجهات نظر متباينة في بعض القضايا بين المجاهدين، فكل واحد يعطي اهتماماً لما يراه ذا أولوية من جانبه، وهذا يثمر عن رأي سديد في مواجهة الاحتلال، وهذا ليس اختلافاً مذموماً، وهذا ما يفسِّر سر تصاعد المقاومة في الصومال؛ فالشعب الصومالي معروف بنضاله ومعرفته لفنون القتال وحتى على الآلات الحديثة، وهو الآن يمارس حرب المدن، وحرب العصابات، وحين أتت القوَّات الدوليَّة عام ١٩٩٣م ـ وهي مكونة من (٣٥) دولة أجنبيَّة ودوليَّة ـ فشلت في مهمَّتها؛ لأنَّها رأت قوَّة وشكيمة الصوماليين في مقاومة الاحتلال، والصوماليون لا يريدون الكثير، هم يريدون حلاً سياسياً سلمياً لقضيتهم، أمَّا أن يتدخل الاحتلال ليفرض خياره فإنَّ خيارنا هو المقاومة.
وبخصوص ما أدانته منظمة (هيومن راتس ووتش) لحقوق الإنسان عن وجود برنامج دولي للاعتقال السري لصوماليين يشتبه في دعمهم المقاومة الإسلاميَّة وعلى رأسها قوات المحاكم الإسلاميَّة؛ فنحن سمعنا مثل ما سمعتم، ولا ندري عنه، وما نعلمه أنَّ هناك جهات عديدة وكثيرة تسعى إلى الإضرار بالشعب الصومالي المسلم وقياداته الإسلاميَّة، وهذه خطَّة من الخطط التي تُعدّ بطرق معينة ومختلفة، والقادم من الخطط قد يكون أكثر!
ووجَّه الشيخ شريف كلمة أخيرة للعلماء بأن يسارعوا إلى قول كلمتهم تجاه ما يجري في الصومال من إبادة جماعيَّة، وأن يشاهدوا ما يجري في الصومال ويتابعوا أخبار إخوانهم، فيجب أن يقفوا مع الشعب الصومالي؛ لأنَّ المسؤولية الكبيرة تقع عليهم في ظلِّ هذه الظروف، وخصوصاً إن علمنا بأنَّ هذا الشعب عانى قرابة (١٦) سنة والعالم كله لم يحرِّك ساكناً، وحين انبعثت الهمم في نفوس الصوماليين من جديد وقامت المحاكم بتوفير الأمن وكانت تتعاون مع من يريد الإصلاح؛ انقلب الأمر عليها من الأعداء القريبين والبعيدين، فنحن نريد من العلماء كلمتهم ووقوفهم إلى جانبنا.