للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القوى العظمى تعد لحرب

في الشرق الأوسط كحل للمسألة العربية

بقلم: (Josef Brewda)

مجلة (Eir Feature)

بتاريخ ٢٠ من يوليو عام ١٩٩٠م

(هذا المقال الذي ننشر ترجمة لبعض فقراته كُتب في مجلة أمريكية قبل ... أحداث الخليج، وفيه إشارات مهمة لبعض الأحداث التي يتوقعها الكاتب، وقد لا نوافقه في بعض توقعاته وبعض تحليلاته، ولكننا ننشر المقال لما فيه من النذر ... بالأخطار التي تهدد الأمة وخاصة من دولة يهود. وبعض نذرها قد هُيئت وندعو ... الله أن لا يتم ذلك، بل نقول: إن شاء الله لن يتم ذلك؛ لأن مقادير الأمم والدول ليست بيد هؤلاء كيف يشاؤون، فقد يخططون لشيء ولكن الرياح تجري بما لا يشتهونه) . ... ... ... ... ... ...

... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... (التحرير)

تخطط الحكومات البريطانية والأمريكية والسوفياتية لقيام حرب عربية -

إسرائيلية جديدة في الشرق الأوسط، وذلك بهدف فرض ورعاية قيام تحالف

عسكري سياسي بين (إسرائيل) وسورية حتى يصبح أمراً واقعاً وقوة لا تُبارَى في

المنطقة، ولعل القناعة السائدة التي تدور في أذهان الساسة الأنجلو أمريكيين

والسوفيات أن الحرب هي أفضل السبل لبناء مثل ذلك التحالف وتأسيسه كقوة

إقليمية تهيمن على المنطقة، وبالرغم من الإشارات والدلالات المغايرة فإن ...

السياسات الأنجلو أمريكية والسوفياتية ظلت تستهدف - ولفترة طويلة - قيام دولتي ...

(إسرائيل) الكبرى وسورية الكبرى وتهيئتهما لتصيرا قوة إقليمية كبرى في منطقة ...

الشرق الأوسط.

إن قيام حرب شرق أوسطية على طاولة الأحداث لأمر يشير إليه تكوين

مجلس الوزراء الإسرائيلي الأخير الذي ألفه رئيس الوزراء الإسرائيلي وزعيم

الليكود إسحق شامير في الحادي عشر من يونيو الماضي، وما الحكومة الائتلافية

الجديدة إلا حكومة حرب يسيطر عليها الجنرال أريئيل شارون وزير الإسكان،

ورفاقه ديفيد ليفي وزير الخارجية، وإسحق موداعي وزير المالية، وموشي أرينز

وزير الدفاع، وجميعهم توسعيون يرغبون في ضم الضفة الغربية المحتلة رسمياً

وطرد السكان الفلسطينيين متى ما رأوا ذلك ممكناً.

وبلا شك فإن شارون هو رجل النظام القوي وقد سبق له العمل كوزير دفاع

في عام ١٩٨٢م، وقاد حينها عملية الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان. ورغم أن

منصب شارون الحالي كوزير للإسكان قد يبدو في ظاهر الأمر ليس بالمهم إلا أنه

ليس كذلك، هنا سيقوم شارون بالإشراف على توطين مئات الآلاف من اليهود

السوفيات المهاجرين إلى (إسرائيل) ، وقد بدأ ذلك بالفعل منذ العام الماضي، هذا

بالإضافة إلى قيامه بالإشراف على تنسيق وتسليح حركات الاستيطان اليهودية

السرية التي تنتشر بين غلاة المستوطنين في الضفة الغربية، وستوكل لهؤلاء

المتطرفين مهمة طرد الفلسطينيين من الضفة الغربية.

أزمة بترولية جديدة:

بينما نعرف أن مقصد القوى العظمى الرئيسي من هذه الحرب هو تدعيم

المحور السوري - الإسرائيلي، فإننا نجد كذلك أن القوى العظمى ترغب في أزمة

بترولية جديدة كتلك التي حصلت في عام ١٩٧٣م، وذلك لأن ارتفاعاً سريعاً في

أسعار النفط سيعطي السوفيات فائدة كبرى خاصة وهم يعتمدون على النفط ضمن

بعض المنتجات القليلة الأخرى في توفير احتياجاتهم من العملات الصعبة، وسيؤدي

هذا الارتفاع المفاجئ في أسعار الزيت إلى جعْل تطوير وتنمية حقول الزيت

البريطانية في بحر الشمال أمراً ذا جدوى اقتصادية مربحة، إلا أنه سيضع في نفس

الوقت ضغوطاً هائلة على ألمانيا واليابان المستوردين للنفط.

هذا وربما كان أحد أهداف هذه الحرب ومراميها هو خلق سابقة في استخدام

الأسلحة الكيميائية والنووية، وهنا يجب ألا نتجاهل المؤسسات العنصرية السوفياتية

والبريطانية والأمريكية التي تنظر بقلق شديد نحو التكاثر السكاني العربي، وتعتبر

هذه الحرب الناشبة حرباً سكانية ذات تأثيرات مأساوية مفجعة خاصة ما يصيب منها

السكان المدنيين عقب الحرب. والطريقة التي خطط بها الإنكليز والأمريكان

الحرب الأهلية اللبنانية كوسيلة لتفتيت تلك الأمة - تقدم لنا نموذجا جزئياً أو

مصغراً لطريقة تفكيرهم في استخدام الحرب كوسيلة لتخفيض عدد السكان. وفي

هذا المجال يمكننا أن نطلق على هذه الحرب المدبرة (حرب الشمال والجنوب) .

بدأت حكومة شامير الجديدة أعمالها باستهلال مفاوضات سرية مع السوريين

توسطت فيها السفارة الأمريكية بدمشق، واستهدفت هذه المفاوضات التي بادرت بها

(إسرائيل) التأكيد بأن سورية تعلم أنها لن تكون أحد أهداف الحرب الإسرائيلية

العربية القادمة في الأساس، بالإضافة إلى تحديد الأهداف السورية الإسرائيلية

المشتركة. هذا وقد كانت الأرضية المشتركة لهذه المفاوضات أن لإسرائيل وسورية

نفس الأعداء كما أن لهما نفس الأصدقاء.

ويحدد هؤلاء الأصدقاء والأعداء المشتركون الأهداف العسكرية بالإضافة إلى

الطريقة التي قد تندلع بها الحرب، فمثلاً:

منظمة التحرير الفلسطينية:

وهذه لم يعد وجودها مرغوباً فيه سواء من قبل الولايات المتحدة، أو روسيا،

أو (إسرائيل) وسورية، وأن عملية إسرائيلية محدودة في جنوب لبنان أثناء

المرحلة الأولى من الحرب أو قبلها - لَكفيلة بإبادة جيش المنظمة (١٢) ألف رجل

المتمركز في منطقة شرق صيدا. هذا وربما تقوم وحدات من الدروز - الذين

تسيطر عليهم سورية في جنوب لبنان - بمساعدة القوات الإسرائيلية في إبادة جيش

المنظمة. وحتى ولو لم تقم هذه الحرب في النهاية فإن نفس هذه (العمليات التنظيفية

التي تقوم بها سورية و (إسرائيل) ستؤدي إلى اتفاق سلام إسرائيلي سوري منفرد

بشكل رسمي ويتضمن نزع سلاح الجولان التي تحتلها (إسرائي) حالياً.

العراق:

يعتبر العراق واحداً من الدول الموجودة في المنطقة ولا تتناسب سياساتها مع

السياسة الإقليمية الثنائية، ويقول الكثيرون إنه من المحتمل أن يكون العراق مكاناً

لحرب شاملة. هذا ومن جهة أخرى قد تختار (إسرائيل) توجيه ضربة إلى حقول

النفط في كركوك شمال العراق تتزامن مع انتفاضة كردية في الإقليم، وستوفر هذه

الضربة ذريعة لزيادة جديدة في أسعار النفط وذلك أحد أهداف دعم بوش لخطة

الحرب، بالإضافة إلى أنه أحد طموحات البريطانيين الذين يسيطرون على متمردي

الأكراد. وجدير بالذكر أنه - ولزيادة الضغط على العراق - تقوم المخابرات

البريطانية بمحاولات لإساءة العلاقات بين تركيا والعراق.

الأردن:

وصلت علاقات الأردن مع أمريكا إلى أدنى مستوى لها، وقد تذرع بوش في

موقفه الخشن ضد الملك حسين بعلاقات الأخير الوثيقة مع صدام إلا أن السبب

الحقيقي هو حل (المسألة الفلسطينية) نهائياً وإلى الأبد. من الممكن دوماً إيجاد

ذريعة للحرب، وفي حالتنا هذه يمكن لإسرائيل بالتعاون مع سورية - صنع أحداث

إرهابية فظيعة ضد السكان الإسرائيليين مما يبرر الحرب كرد فعل. وقد بُرر

الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام ١٩٨٢م بذريعة مناسبة فقد وقعت محاولة

لاغتيال دبلوماسي إسرائيلي في لندن وقامت بتنفيذها منظمة أبو نضال الإرهابية،

وإنه لأمر بالغ السهولة أن تقوم (إسرائيل) بتنفيذ عمل إرهابي دموي كهذا ضد

شعبها.

وعند إلقاء نظرة عابرة على الصحافة الأمريكية والبريطانية نجد أن الأساس

الدعائي للحرب قد تم بناؤه، وقد قامت وسائط الإعلام الغربية بالعزف على

تهديدات صدام حسين لإسرائيل بينما قامت في نفس الوقت بإخفاء التهديدات

الإسرائيلية لمختلف الدول العربية، وقد بدأ هذا السد الإعلامي منذ مارس الماضي

بعد تنفيذ حكم الإعدام بالجاسوس الإسرائيلي البريطاني فارزاد بازوفت من قبل

العراق.

الصفقة الإسرائيلية السوفياتية السرية:

في الحروب وأثناء الاستعداد لها هناك دائماً أدوار داخل أدوار، ولعل أبرز

مثال على تلك الظاهرة في التطورات الجارية هو المفاوضات السرية الجارية الآن

بين (إسرائيل) والسوفيات. وتأخذ هذه المفاوضات السرية شكلاً أكثر تحديداً من

المفاوضات الجارية بين (إسرائيل) والولايات المتحدة. وتدور هذه المفاوضات

حول المواضيع التالية:

(١) التدفق المتواصل لليهود السوفيات على (إسرائيل) .

(٢) التعاون الاستخباراتي بين (إسرائيل) والسوفيات في شرق أوربا

وأمريكا الجنوبية.

(٣) تقليل أو إنهاء الارتباطات الإسرائيلية السرية بالخاصرة الجنوبية لحلف

الناتو. وقد وافق السوفيات الآن على جعل الإسرائيليين القوة العسكرية

والاستخباراتية المهيمنة في المنطقة، واشترطوا لموافقتهم على الدور العسكري

الإسرائيلي إنهاء ارتباط (إسرائيل) بحلف الناتو. أما موافقة موسكو على جعل

(إسرائيل) القوة الاستخباراتية المهيمنة في المنطقة فيرجع إلى أن الروس سيكسبون

كثيراً من المخابرات الإسرائيلية في شرق أوربا وأمريكا الجنوبية على وجه

الخصوص. ومن الشخصيات المهمة التي ستلعب دوراً رئيسياً في هذا التنسيق

الاستخباراتي ماركوس وولف الرئيس السابق للعمليات الخارجية في الاستخبارات

الألمانية الشرقية، وسوف يتم تنسيق عمليات مشتركة خارج فنلندة والمجر

بالاعتماد على ترتيبات يقوم بها تاجر الخمور سي جرام ورئيس المؤتمر اليهودي

العالمي إدجار برونغمان.