آخر يوم في حياة الداعية
سعيد بن محمد القحطاني
إن الدعاة إلى الله لهم منزلة من أعلى المنازل، ذلك لأنهم لا يستوحشون من
قلة السالكين ولا يغترون بكثرة الهالكين، عرفوا أن الأمة الإسلامية جاء دورها
لتحقيق ما أراده الله منها، وإذا كان الداعية بهذه المثابة فما هو آخر يوم في حياته؟
إنه اليوم الذي يتخلى فيه عن أعز ما يملك، يتخلى عن دعوته إنه يوم مظلم قاتم،
لأن سقوط الداعية سيتعدى ضرره إلى غيره ويثقل كاهل الدعوة ويزيد من أعبائها،
عدا ما تحدثه هذه الظاهرة من شروخ وتصدع في بنية العمل الإسلامي، ولعلي
أذكر سبباً من أسباب هذا النكوص فمنها:
١- ضعف في الجانب التربوي حتى تطغى الجوانب الإدارية والسياسية على
كل شيء مما يجعل الإداريين مقطوعي الصلة بالتربية والشؤون التربوية نظرياً
وعلمياً.
وهنا يبرز صنف يقال عنهم بأنهم فوق التربية إنهم تجاوزوا مرحلة التربية،
وهذا غير صحيح.
٢- عدم وضع الفرد المناسب في المكان المناسب مما يؤدي إلى الفشل أو
الخسارة.
٣- عدم متابعة التأهيل التربوي إما تكاسلاً أو أن القاعدة العريضة من
الجماهير أكبر من الإمكانيات.
٤- طبيعة غير انضباطية، فهو لا يطيق القيود، ويريد المحافظة على كيانه
وشخصيته كما هي وما فيها من عيوب ونقائص.
٥- الوهن والخوف على الرزق، أو حب الدنيا والتكالب عليها.
٦- حب الظهور وقديماً قيل «حب الظهور يقصم الظهور» وهذا الغرور
يقوده إلى التطلع للرئاسة ويرى أنه أفضل الموجودين.
٧- ضغط المحن والأهل والأقربين.
وأخيراً لابد من ذكر بعض القواعد الهامة:
١- إن الداعية لا يسوغ له أن يمنح نفسه إجازة من العمل للدعوة.
٢- إن من سن سنة الله عز وجل أن هذا الدين لا يتحقق في واقع البشرية إلا
بالجهاد البشري، وذلك يجعلنا نسعى دائبين لتحقيق هذه السنة الربانية.
٣- إن هذا الدين عزيز وغال لا ترتقي إليه همة الضعفاء العاجزين.
٤- إن الله تكفل بحفظ هذا الدين ولو كره الكافرون، طال الزمن أو قصر.
٥- إن نكوص البعض عن الدعوة لا يزيد النفوس المؤمنة إلا مضاء وثباتاً،
وهذه هي طريق الأنبياء.