للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

في اليمن:

هل يستوعب الدعاة طبيعة المرحلة؟ !

بقلم: أيمن بن سعيد

مرت اليمن في السنوات الأخيرة في دوامة من الصراعات بين الرئيس اليمني

وقيادات الحزب الاشتراكي انتهت بحرب السبعين يوماً الأخيرة، ولقد اضطرت

تلك الحرب بإرهاصاتها الكثيرة طرفي الصراع إلى التحالف مع مختلف القوى

الموجودة في الساحة اليمنية، وقد كان من أبرزها التحالف بين التجمع اليمني

للإصلاح وبين الرئيس اليمني، الذي تمكن الإسلاميون بواسطته من الوصول إلى

بعض مراكز النفوذ والمسؤولية، وتحقيق بعض المكتسبات، والمحافظة على بعض

الجوانب الإيجابية في الساحة اليمنية، ويبدو أن ذلك التحالف لم يكن هدفاً

استراتيجياً عند الرئيس اليمني، وإنما كان خطوة مرحلية اقتضتها ضرورة الموقف؛ إلا أن ذلك لم يعجب صناع القرار في العواصم الغربية والاتجاهات العلمانية

العربية في الداخل والخارج، ولذا تتابع ضغطها على الحكومة اليمنية للإسراع في

فك ذلك التحالف، فبدأت الحكومة بعد أن استقرت الأحوال لها نسبياً؛ بهزيمة

الحزب الاشتراكي، وحصول نوع من الانتعاش في علاقاتها الدولية بمحاولة سحب

البساط من تحت أقدام الإسلاميين، وذلك بالسعي الجاد لتشويه صورتهم، وتهميشهم

تمهيداً كما يبدو للبدء في ممارسة سياسة تجفيف المنابع في مرحلة لاحقة قد تكون

قريبة أسوة بمن سبقها من بعض دول عالمنا الإسلامي.

وفي ظني أن الإسلامين في اليمن من خلال هذا الدور الذي تقوم به الحكومة

سيدخلون مرحلة جديدة.

وسأحاول في هذه المقالة تسليط الضوء على أبرز ملامح تلك المرحلة:

أولاً: صنع أصحاب النفوذ والسلطة بعض الأحداث المتهورة عن طريق

بعض المندسين من كوادرهم داخل شباب الحركة الإسلامية.

ثانياً: قيام بعض أحزاب المعارضة التي عملت أيام الحرب اليمينة الأخيرة

لصالح بعض الجهات الخارجية والتي أخذت على عاتقها مواجهة الصحوة الإسلامية

تمويلاً وتنفيذاً ببعض الحوادث غير المنضبطة بالضوابط الشرعية عن طريق

الشباب العامل لصالحها داخل الحركة الإسلامية.

ثالثاً: الاستفادة من بعض الحوادث الجنائية التي تحصل في المجتمع اليمني

ويكون بعض أطرافها من شباب الحركة الإسلامية (التجمع اليمني للإصلاح أو

التيار السلفي) .

رابعاً: الاستفادة من بعض الحوادث والمواقف المتشنجة لبعض الشباب المسلم

الذين لاتوجد لديهم مرجعية علمية أو دعوية يشاورونها وينطلقون وفق توجيهها،

وقد توجد لدى بعضهم مرجعية علمية ودعوية لكنها غير مدركة لطبيعة المرحلة التي

تمر بها الحركة الإسلامية إدراكاً جيداً.

خامساً: القيام بإلصاق جل تلك الحوادث بحزب الإصلاح، وماتبقى يلصق

بالتيارات السلفية التي توصم بالتشدد، رغبة في تحقيق الأمور التالية:

١- تشويه سمعة الإسلاميين الحسنة في أوساط الشعب اليمني بعد الحرب

الأخيرة وإلصاق تهمة التشدد والتكفير والتبديع لطبقات كثيرة من المجتمع اليمني

بهم.

٢- التفريق بين التيار القبلي والتيار الإسلامي داخل التجمع اليمني للإصلاح، وإلصاق صفة الاعتدال والواقعية بالتيار القبلي، وقد يتم إلحاق بعض العناصر

الإسلامية من التيار العقلاني بالتيار القبلي وإلصاق تهمة التشدد واللجوء إلى العنف

تخطيطاً وتمويلاً إن لم يصل الأمر إلى حد الاتهام بالتنفيذ للتيار الذي يوصم بالتشدد

داخل الإصلاح وعلى رأسه بعض العلماء والدعاة الذين يبدو أنهم مستهدفون من

خلال الحملة الإعلامية المحلية والخارجية بدرجة كبيرة.

٣- القيام بغرس خطورة التيار الإسلامي في أذهان الشعب اليمني، وأنه لابد

من مواجهتهم قبل أن يستفحل أمرهم، ويصل أمر البلاد في ظل نفوذ بعضهم إلى

ماوصلت إليه في عهد النفوذ الاشتراكي! !

٤- المتوقع أن يبدأ أصحاب السلطة والنفوذ في ظل ضغط خارجي في عملية

تجفيف المنابع الإسلامية، وأن يستمروا في ممارسة التضييق على المكتسبات

والمواقع الإسلامية، ولتلك الممارسات مجالات أبرزها ما يلي:

أ- المعاهد العلمية الإسلامية ومحاولة إلغائها.

ب- المناهج الدراسية في التعليم العام وبالأخص مواد التربية الإسلامية

والمواد الاجتماعية.

ج- الوصاية على المساجد وتقييد حرية الخطابة والكلمة والتدريس فيها،

ويبدو أن الحملة في هذا الجانب ستصل الذروة في مرحلة الإعداد للانتخابات المقبلة.

د- التخلص من بعض الإسلاميين والمتعاطفين معهم داخل المؤسسات

العسكرية والأمنية أو السعي إلى تهميشهم.

هـ- التخلص من الإسلاميين والمتعاطفين معهم والمتواجدين في المراكز القيادية داخل مؤسسات الدولة، وبخاصة بعد الانتخابات القادمة والتي يبدو والله أعلم أن صناع القرار اليمني يهيئون لإخراج أولئك وأمثالهم من الذين ينعتونهم بالتشدد من الحكومة القادمة.

و التضييق على مصادر الدعم للأنشطة الإسلامية وبخاصة في ظل تنسيق

مع أعداء الصحوة.

ز- ضبط التدريس غير النظامي وإغلاق المراكز العلمية غير المحتواة من

قبل الدولة.

ح- الإيذاء بالسجن والتشويه وغير ذلك لبعض الشخصيات والجهات المؤثرة

التي من الممكن أن تقف عقبة أمام مضايقات أهل السلطة والنفوذ.

٥- عمل أصحاب السلطة والنفوذ الاجتماعي على توظيف واستغلال حالة

الفرقة والتشرذم بين فصائل الحركة الإسلامية (الإصلاح السلفيين) ، وكذلك العمل

على زيادة الفجوة فيما بينهم عن طريق إيصال نقد كل منهم للآخر، وإبراز

وتضخيم بعض التضييق الذي يمارسه بعض الإسلاميين تجاه بعضهم بعضاً،

ومحاولة احتواء بعضهم، أما من لايمكن احتواؤه من أبناء الحركة الإسلامية سواء

أكان من الإصلاح أو التيارات السلفية فإنهم سيكونون مستهدفين في هذه الحملة على

حدٍ سواء.

٦- تقليل نسبة الإسلاميين في البرلمان القادم لإخراجهم من الحكومة

بمسوغات مقبولة أمام الرأي العام، والمتوقع أن يبذل أصحاب السلطة والنفوذ

قصارى جهدهم لتحقيق ذلك مستخدمين وسائل شتى من أهمها وأبرزها:

* إظهار بعض أخطاء الوزارات والمؤسسات التي يقف على رأسها بعض

المنتسبين إلى التجمع اليمني للإصلاح، وإغفال محاسنها والخطوات التي قامت بها

في المعالجة والتصحيح رغم المضايقات والعوائق الكثيرة أمامهم.

* قد يُستغل موقف كثير من رموز التيار السلفي من دخول الإسلاميين في

البرلمان والمجالس المحلية.. إلخ.

وهو موقف يبدو أنه لن يؤثر على غير الإخوة في التجمع اليمني للإصلاح

الذين يعتمدون على أصوات أبناء الحركة الإسلامية والمتعاطفين معها، وبالتأكيد

فإن خسارتهم لأصوات التيار السلفي تعد خسارة كبيرة.

٧- الموقف المتشنج لبعض رموز التيار القبلي والعقلاني داخل التجمع اليمني

للإصلاح من التيار السلفي بعامة دونما تفريق بين الأفراد المتهورين والرموز غير

المنضبطة في مواقفها وآرائها بالضوابط الشرعية وبين أغلب كوادر الدعوة السلفية.

وفي نظري: أن المطلوب من الإخوة في الحركة الإسلامية في اليمن عموماً

هو التأمل العميق في الموقف الشرعي الصحيح حيال التعامل مع هذه المرحلة

الحرجة التي تمر بها الدعوة الإسلامية في اليمن، والمقترح لذلك:

١- أن يبادر الإسلاميون جميعاً إلى تشكيل لجنة تنسيق في المواقف تضم

مجموعة من العلماء والدعاة من الطرفين؛ على أن لا يكون هدفها هو توحيد جميع

المواقف والآراء واحتواء كل فصيل للآخر، بل هدفها توحيد المواقف العملية التي

تتطلبها المرحلة في القضايا والأحداث المتفق بشأنها، وتحرير محل النزاع في

المواقف المختلف فيها، ونصيحة كل فصيل للآخر بما يرى أنه الحق الذي يدين الله

(تعالى) به في ذلك، بشرط أن لايؤدي هذا الأمر إلى القطيعة والتباعد بين الفصائل، مع تفهم الجميع أن الاجتماع لايعني عدم التصارح والوضوح في الطرح والانتقاد

البناء.

٢- أن يبادر الجميع إلى تشكيل لجنة مهمتها رصد الحملات الإعلامية

والمواقف العملية التي يتخذها المعادون للحركة الإسلامية وكتابة ردود مناسبة عليها، وتشجيع بعض الرموز العلمية والدعوية على كتابة ردود علمية موضوعية متأنية

منضبطة بالشرع الحنيف عليها، ويفضل مدافعة كل فصيل عن الآخر بالحق،

وإثبات أنه لاعلاقة للتيارات العلمانية والبدعية بالخلافات داخل الحركة الإسلامية

لاختلاف مقاصد النقاش، وكشف دور التيارات العلمانية وما ترمي إليه من تعميق

الخلاف واستثماره لتحقيق أهداف ومصالح خاصة بها، بينما هدف فصائل الحركة

الإسلامية الوصول إلى الحق وتعبد الله (تعالى) به.

٣- أن يقوم الجميع بالتخطيط للقيام بحملة موجهة عن طريق الخطب

والمحاضرات والكتيبات والمقالات؛ لاستجاشة روح شباب الصحوة ممن يتسمون

بالفردية في المواقف، وعدم وجود مرجعية علمية مدركة لطبيعة المرحلة عندهم،

وفي نظري أن هذا الشق يتأكد في حق علماء ودعاة التجمعات السلفية، باعتبار أن

توجيههم لهم أقرب إلى القبول والتأثير من غيرهم، مع أهمية أن يكون ذلك بالرفق

واللين والمجادلة بالتي هي أحسن، والتذكير بالله (تعالى) واليوم الآخر، ومتى تم

التأثير على مثل هؤلاء وأُقنعوا بأهمية الرجوع إلى بعض طلبة العلم والدعاة

المعتبرين؛ ممن يحيط بظروف المرحلة، وأبعاد الأحداث الجارية ليصدروا في

المواقف العملية عن رأيهم فإن في ذلك خيراً كثيراً إن شاء الله.

٤- أن يقوم الجميع بمناصحة ومصارحة الرموز العلمية والدعوية الذين

يقعون في أخطاء منهجية وتجاوزات كبيرة للضوابط الشرعية: سواء في تناولهم

للأحداث والقضايا الموجودة في الساحة، أو في مواقفهم تجاه إخوانهم العلماء

والدعاة العاملين في الجمعيات الخيرية والتجمعات الدعوية، ومن الممكن

مصارحتهم بالهفوات والزلات التي يقعون فيها والقيام ببيان الآثار السيئة لتلك

الأخطاء والتجاوزات على مستقبل الدعوة الإسلامية في اليمن، وتحميلهم المسؤولية

في ذلك أثناء الوقوف بين يدي الله (عز وجل) ، ومطالبتهم بمواقف عملية تساعد

على جمع الشمل وتوحيد الكلمة، وتهدي شباب الصحوة الذين يصدرون عن آرائهم، وتخفف من التهور الموجود لدى بعضهم، ويفضل أن يكون ذلك ابتداء في السر،

فإن لم يجدِ ذلك فلا بد من الدفاع عن المنهج الحق والذود عنه؛ لأن المسلم الحق

مهما عظمت مكانة الرجال لديه إلا أن الحق أحب إليه منهم، وما أعظم رسول الذي

كان الحق أحب إليه من الصحابي الجليل أبي ذر رضي الله عنه مع أنه من الإيمان

بمكان عالٍ، حيث قال له عندما عيّر بلالاً رضي الله عنه بابن السوداء: (أعيرته

بأمه؟ ! إنك امرؤ فيك جاهلية) [١] .

٥- مع أهمية الدور الذي يقوم به حزب الإصلاح والمتمثل في محاولة حماية

الصحوة ومكتسابتها من داخل مجلس النواب ومؤسسات الدولة التنفيذية والدور الذي

تقوم به التجمعات السلفية في التعليم والتربية في محيطها الذي تعمل فيه إلا أن

الواجب أن لايَقْصُر أحد منهم دوره على ذلك إذ إن أمامهم ميداناً فسيحاً ومضماراً

رئيساً وهو دعوة ستة عشر مليون مسلم يمثلون الشعب اليمني بسائر فئاته، وأنه

لايسوغ قصر الخطاب الدعوي على الشباب القريب من الدعاة والمتعاطف مع

الإسلام بطبعه. وبخاصة أن جل فصائل العمل الدعوي معتمدة بدرجة كبيرة على

رموزها الكبيرة وتعاني من نقص ملحوظ في القيادات المتوسطة المؤهلة للقيام

بواجب الدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعلم وبصيرة.

٦- الاتفاق على موقف موحد من بعض المحسوبين على الحركة الإسلامية

وأحسب أنهم معروفون لدى الجميع! والذين يعملون على اختراق الصف الإسلامي

وضرب مسيرة الصحوة وجر شبابها إلى مواقف تكون مبرراً لضربها وقصقصة

أجنحتها والتأثير سلبياً على كثير من منجزاتها.

٧- أن يعمل الإخوة العلماء والدعاة المنتمون إلى التجمع اليمني للإصلاح

على تحسين النظرة السيئة للمنتمين إلى التجمعات السلفية والتي قد تصل إلى حد

العداء لدى كثير من كوادرهم، ولدى قيادة الجناح القبلي منهم بخاصة، وبعض

رموز التيار العقلاني بوجه أخص داخل التجمع، وأن يقوموا على تفريق القيادات

القبلية بين فصائل التيار السلفي، وبمطالبة التيار العقلاني داخل التجمع بالانضباط

أكثر بالضوابط الشرعية في مواقفه وآرائه حتى تتقارب وجهات النظر ما أمكن

ويبدو أن مسؤولية حماية الصحوة ومنجزاتها وتحسين صورتها تقع على الإخوة في

التجمع اليمني للإصلاح أكثر من غيرهم؛ نظراً لموقعهم داخل الائتلاف الحكومي

وانتشارهم الجماهيري.. إلخ

٧- أن يعيد الإخوة العلماء والدعاة داخل التيار السلفي دراسة موقفهم من

الانتخابات النيابية سواء أكان من جهة الدخول في البرلمان أو على الأقل إعطاء

الأصوات للإخوة الصالحين الداخلين فيه، ومع أنني من أكثر الناس إيماناً بعدم

إمكانية التغيير عن طريق اللعبة البرلمانية وفي تجربة الجزائر خير شاهد إلا أنها

في مثل هذه المرحلة التي يمر بها إسلاميو اليمن قد تخفف بعض المفاسد وتقلل من

بعض الآثار السيئة، ونحن لانطالب التجمعات السلفية بالدخول في اللعبة البرلمانية

ولكن نطالبهم بإعادة الدارسة للموقف دراسة متأنية في ظل تغيير الدستور، والتأمل

العميق في المصالح والمفاسد المترتبة على كلا الموقفين.

إن الذي نطالب به فقط هو الدراسة الجادة المنضبطة بالضوابط الشرعية

والمتحررة من التأثر بالقناعات والمواقف السابقة، أو من قوة النقد الموجه من

بعض أصحاب الآراء المعارضة حيال هذه القضايا داخل التيار السلفي.

وفي حال وصولهم إلى موقف شرعي يمنعهم من الدخول في البرلمان القادم،

أو التصويت لمن يرى من الإسلاميين جواز الدخول فإنهم مطالبون حينها بالوقوف

بقوة للآراء التي ترى الحكم في هذه المسألة قطعياً لا اجتهادياً، وأن يخافوا الله في

ذلك، وأن يكون الحق رائدهم انطلاقاً ودفاعاً.

إن الواجب على الإخوة في الإصلاح أن يتفهموا الموقف الشرعي الذي يمنع

إخوانهم من الدخول في اللعبة البرلمانية مادام أن هذه قناعتهم الشرعية، وأنه

لايسعهم شرعاً الوقوف بجانبهم والتقرب إلى الله تعالى بأمر يرون فيه مخالفة

ومعصية له سبحانه، وأن يكفوا عن التشنيع عليهم واتهامهم بالقعود والتخلف

والوقوف في جانب الأحزاب العلمانية بسبب موقفهم ذلك.

٩- أن يتم تشكيل لجان من العلماء والقضاة والدعاة والوجهاء من داخل

التجمع اليمني للإصلاح، والتيارات السلفية ومن خارجها لإثناء أصحاب السلطة

والنفوذ عن مواقفهم المعادية للتيار الإسلامي ومكتسباته، وتذكيرهم بأن دينهم

وبلدهم وأبناء جلدتهم أنفع لهم وأبقى من اتباع القوى المختلفة المعادية للتوجهات

الإسلامية في اليمن، والضاغطة على أصحاب السلطة والنفوذ لتحجيم دورهم وأن

التوجه المعادي للإسلام الذي يريد أن يوقع بالتيار الإسلامي في هذا البلد إنما هدفه

ضرب إخوة أشقاء لهم، وإشاعة التنافر والشقاق بين أفراد المجتمع اليمني المسلم

لصالح توجهات دولية معادية للإسلام، يسوؤها إسلامية المجتمع اليمني وتعاون

أبنائه ليكونوا يداً واحدة على من سواهم من أعداء أمتنا المسلمة.

١٠- على العلماء والدعاة في اليمن أن يستوعبوا التغيير النوعي الذي حصل

في حزب المؤتمر الشعبي العام بعد عقده لمؤتمره الخامس؛ والمتمثل بخروج التيار

الميثاقي القريب في طروحاته من الحركة الإسلامية من قيادة المؤتمر وتفرد التيار

الليبرالي بها، وسيطرة كثير من كوادر الحزب الاشتراكي سابقاً سواء من أنصار

الرئيس علي ناصر محمد، أو ممن ترك الحزب بعد الحرب الأخيرة على كثير من

مقاعد اللجنة الدائمة للمؤتمر، وإيكال قيادة فروع المؤتمر في المحافظات الجنوبية

والشرقية إليها، وهو تغيير أحسب أنه بالإمكانات الضخمة المتوفرة له إمكانات دولة

مؤهل لتحول المؤتمر من مجرد كونه مظلة يجلس تحتها تيارات متباينة إلى حزب

بدأ يخطو خطوات ملحوظة في سبيل ذلك، وبخاصة أنه يملك أمانة عامة محيطة

بطبيعة المرحلة التي تمر بالمنطقة، ولها صلة بصناع القرار في العواصم الدولية

مع كونها مدركة لطبيعة اليمن الاجتماعية بما فيها الحركة الاسلامية بجميع فصائلها

ومتسمة ببعد النظر والدهاء؛ مما يوجب على أبناء الصحوة الاسلامية أخذ الحيطة

والحذر.

١١- إن مايخطط له من تلك المؤامرة التي بدأت بوادرها في الأفق إنما هي

في الحقيقة ثورة ضد الإسلام وضد دعاته ورموزه وهذا يعني التنكر لأصالة

المجتمع اليمني المسلم المتمثلة في عقيدته الإسلامية، وتنكر لتاريخه وتقاليده

المستمدة من الإسلام وحينما يحصل ذلك سواء بمكر الأحزاب العلمانية أو بضغوط

دولية؛ فإنما يعني ذلك في النهاية الثورة على الإسلام وهو منذر شر سيؤدي ولاشك

إلى غضب الله ومقته الذي يعم كما جاء في الحديث: (يا رسول الله! أنهلك وفينا

الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث) [٢] .

١٢- لقد جربت أمتنا الإسلامية في جل أقطارها أن المنطلقات الوضعية

والتوجهات العلمانية لن تكون ثمارها سوى الصاب والعلقم، والخير كل الخير في

العودة إلى الإسلام والحكم بشريعته وموالاة أولياء الله ومعاداة أعداء الله، ومازلنا

نرى في واقعنا في كثير من دول العالم العربي والإسلامي أنهم ما صبوا جام حقدهم

على دعاة الإسلام وأذاقوهم سوء العذاب إلا وكان عاقبة ذلك الجزاء الوفاق من

الحروب الأهلية وسوء الأوضاع الاقتصادية وتسلط أعداء الله عليهم [فليحذر الذين

يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم] (النور: ٩٣) .

١٣- الحذر من الوقوع في مصيدة العنف والمواجهة فإن ذلك بعيد كل البعد

عن الحكمة وعن وضع الأمور في نصابها ولم تجن بعض الجماعات من العنف

المسلح سوى الحرب الضروس، والمصادرة لمكانتها، وتجييش الرأي العام ضدها، بما لامبرر له.

وأخيراً لايسعنا إلا أن نذكر إخواننا العلماء والدعاة في اليمن من سائر

الفصائل الإسلامية أن المكاسب التي تحققت في بلادهم ليست حكراً على الإخوة في

التجمع للإصلاح وإن كان لهم النصيب الأوفى، وبالتالي فإن مسؤولية تعزيز تلك

المكاسب وتصاعد مدها ليست مسؤوليتهم وحدهم، وعلى العقلاء من العلماء والدعاة

والمصلحين من أي اتجاه إسلامي كان أن يحافظوا عليها لأن القضية ليست قضية

حزب أو فصيل دعوي بعينه، وإنما هي في النهاية إما الإسلام وإما العلمانية.


(١) البخاري مع الفتح ١/ ١٠٦ح٣٠.
(٢) مسلم ح (٢٨٨٠) .