أهمية العقيدة والدعوة إليها
أم زياد المالكي
أرسل الله سبحانه رسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره
الكافرون وجاءوا من عند الله مبشرين ومنذرين متحدين على هدف واحد ويدعون
إلى عقيدة واحدة التي هي محور دعوة جميع الرسل من نوح عليه السلام إلى
خاتمهم وأفضلهم محمد -صلى الله عليه وسلم-، الذي بعث رحمة للعالمين، ليخرج
الناس من الظلمات إلى النور، وسار على نهجهم السلف الصالح، يستلهمون سر
وحدتهم من صفاء العقيدة الخالصة التي لم تشبها شائبة، فأصبحوا بذلك سادة الدنيا
وفتح الله لهم أبواب الخير في كل مكان ورفعوا راية التوحيد في مشارق الأرض
ومغاربها، لأن الذي بدءوا به هو الأهم قبل المهم، وانطلاقهم في دعوتهم من
تحقيق كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) لأن ذلك هو الأساس الذي
أمروا أن يبدءوا به.
قال الله تعالى: [قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا ومَنِ اتَّبَعَنِي
وسُبْحَانَ اللَّهِ ومَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ] وقال تعالى: [واعْبُدُوا اللَّهَ ولا تُشْرِكُوا بِهِ
شَيْئاً] والعقيدة مهمة جداً لنيل المقصود في الآخرة، أساس كل عمل وتكفر الذنوب
والكبائر إذا صدرت عن إخلاص وقوة إيمان يدل لذلك ما رواه الترمذي وغيره عن
عبد الله بن عمرو بن العاص من حديث صاحب البطاقة حيث ينشر له تسعة
وتسعون سجلاً كل سجل مد البصر، ثم يأتي ببطاقة فيها (أشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمداً عبدوه ورسوله) فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فتطيش السجلات، وتثقل البطاقة.
فالعقيدة هي رأس الأمر كله والجسد لا يستقيم بلا رأس، ولكن الأمر اليوم قد
تبدل في أهمية العقيدة والدعوة إليها، فقد يرتكز الداعي إلى أمور لا تستقيم إلا
بالعقيدة، فبعضهم يدعو إلى مكارم الأخلاق أو يدعو إلى السياسة الصحيحة ...
وبعضهم يدعو إلى صفاء النفوس وطهارتها، لكن لا أهمية لهذه الأمور إن لم يكن
الأساس قد وضع لها، وهي العقيدة الصافية الخالصة من كل شائبة فتراهم يبدءون
بالدعوة إلى بعض الفروع، ويزعمون أنها متى أقيمت فسوف يأتي الأمل تلقائياً..
إن الدعوة الصحيحة هي التي تقام على ما قامت عليه دعوة السلف الذين
جعلوا الدين وحدة متكاملة ينطلق في السياسة والأخلاق وجميع الأمور من العقيدة
الإسلامية المستمدة من الكتاب والسنة، وعند الهتاف بأن الدعوة لا بد أن تكون على
العقيدة لا يعني إهمال الجوانب الأخرى أنما يعني وجوب التأسيس وتكون أعمالنا
من منطلق العقيدة.