للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

الأصولية الغربية

(٢)

المنظمات الإنجيلية وصناعة السياسة الخارجية

بقلم: ياسر قارئ

تحدثت الحلقة الماضية عن نشأة ومضمون المذهب البروتستانتي الذي تدين به

الغالبية الحاكمة في أمريكا، وشرحت آثار ذلك على السياسة وصنّاعها، ثم تطرقت

إلى الحديث عن بدايات العمل السياسي النصراني المنظم، وفي هذا الجزء من

البحث سوف أعرض إلى أهم المنظمات الإنجيلية المعاصرة وأهدافها وعوامل

انتشارها ودورها في صناعة السياسة الخارجية.

يقول إدوارد تيفنن في كتابه (اللوبي) : إن إسرائيل قبل أن توجد كدولة

وجدت كلوبي سياسي أولاً في عواصم أوروبا ثم واشنطن، وهذا التعبير يشخص

حقيقة وجود الكيان الصهيوني وسر بقائه وهيمنته على المنطقة، وكذلك يفسر

السياسة الأمريكية المنحازة فيما يتعلق بقضية المسلمين الأولى في فلسطين السليبة،

ولئن كان دور اللوبي اليهودي في توجيه السياسة الخارجية حقيقة ماثلة للعيان، فإن

هناك جهات أخرى أكبر أثراً لما تملكه من إمكانات روحية ومادية وأقل شهرة تعمل

لمصلحة إسرائيل (أرادت أم لم ترد) ليلاً ونهاراً، متخفية تحت عناوين مضللة،

وقد أصاب أوبرين عندما أشار إلى أن لجان العمل السياسي الثلاثة والثلاثين

المعروفة بتأييدها لإسرائيل لا تحمل في مسمياتها ما يشير إلى إسرائيل أو الشرق

الأوسط أو السياسة الخارجية ولو بصورة غير مباشرة منعاً لإثارة التلميحات إلى

المال اليهودي وشراء السياسيين [١] فيا ترى من يقف وراءها؟ وما هي أهدافها؟

إن البحث عن هوية تلك المنظمات يعيدنا إلى المذهب البروتستانتي والفرق

التي تشعبت عنه بسبب التزامها الحرفي بنصوص العهدين القديم والجديد للكتاب

المقدس، والمؤمنة بالعصمة الحرفية لهما، ولتشددها المفرط في مسائل العقيدة

والأخلاق، واقتناعها بأن الكتاب المقدس يحوي توجيهات ونبوءات سياسية تشير

إلى استعادة إسرائيل وعودة المسيح (عليه السلام) إلى الأرض ثانية، ولقد أطلق

على هذه الفرق مصطلح الأصولية [٢] . وبالنظر إلى الكنيسة في أمريكا نجد أن

طائفة البروتستانت الأنجلوسكسن البيض التي تعود في جذورها إلى التطهيريين

الأصوليين تمثل الخط العام، وإليها تنتسب النخبة الحاكمة والطبقة الأولى في

المجتمع، وتضم كذلك: صلب التيار الصهيوني النصراني الأصولي [٣]

ويشاركهم في هذا الشعور والحماس الديني بضعة ملايين من الكاثوليك ضاربين

بالموقف البابوي الرسمي من إسرائيل عرض الحائط!

ويستعمل زعماء تلك الكنائس سلطانهم الروحي في جمع الأموال وإقامة

الإمبراطوريات الإعلامية والتعليمية الضخمة من أجل الوصول إلى أكبر عدد ممكن

من الجمهور، ولحشد الرأي العام العالمي وليس المحلي فقط لتأييد إسرائيل،

بالإضافة إلى ذلك فقد استفادوا من قوانين تمويل الانتخابات المرنة جدّاً، ليفرضوا

أنفسهم وعقائدهم على البرامج السياسية للمرشحين بالمال تارة، وبإثارة الناخبين

عن طريق وسائل التأثير المختلفة كالرسائل والنشرات، بل والتهديد بغضب الرب

تارة أخرى، حتى غدى الأصوليون النصارى من أبرز المجموعات السياسية في

العقود الأخيرة وبالذات الثمانينات [٤] ، بل إن الإحصاءات الرسمية لمركز البحث

للرأي العام في أمريكا لسنة ١٩٨٨م تشير إلى أن ٣٤% أي ثلث الشعب الأمريكي

ينتمي إلى مجموعات ذات صلة بالكنيسة وأنشطتها [٥] .

وبترجمة هذه الدلائل إلى واقع ملموس: نجد أن سبعاً من أصل أكبر عشر

لجان عمل سياسي (لوبي) نشطة في جمع المال تعمل بدوافع عقائدية، وسوف

يستمر هذا النمط حتى يدرك الشعب مكاسب تلك اللجان، فإذا كانت هذه هي دوافع

اللجان السياسية والتي على رأسها الدعم المطلق لإسرائيل: فإننا نوقن أن العقيدة

المهيمنة على السياسة الأمريكية الخارجية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية هي

الأصولية النصرانية، ولمزيد من الإيضاح حول هذا التسلط الديني على النظام

الجمهوري العلماني فإن الإشارة إلى كيفية صناعة القرار داخل أروقة الكونجرس

ضرورة ملحة.

إن اللجان الفرعية التي تحال إليها الاقتراحات للنظر في جدواها تستفتي

أصحاب الخبرة والشأن وتفسح لهم المجال للإدلاء بآرائهم، وتستغل لجان العمل

السياسي هذه المدلولات لتفرض وجهة نظرها الوحيدة والمنفعية عن طريق تزويد

الشهود والإدارة الحكومية ذات العلاقة بالاقتراح بالمعلومات، وفي المقابل: فإن

اللجان تستخدم عملية تمويل الانتخابات لضمان وصول مؤيديها إلى الكونجرس أولاً، ثم إلى اللجان المرتبطة بمصالحهم ثانياً، وفي حالة الأصوليين فإن لجنة الشؤون

الخارجية هي الهدف الذي يسعون إلى الوصول إليه عن طريق مرشحيهم، وبهذه

الطريقة تصبح لجان العمل السياسي تتحكم في المعلومات والشهود والمقررين،

وينشأ عن ذلك ما يعرف في عالم السياسة الأمريكية بالمثلث الحديدي أو الحكومة

الفرعية، من أجل ذلك: فإنه لا يستغرب أبداً الزيادة الهائلة في تبرعات اللجان

السياسية للمرشحين من ٣٤ مليون دولار في سنة ١٩٧٨م إلى ١٣٤ مليون دولار

في سنة ١٩٨٥م [٦] فإذا علمنا أن المحرك لغالبية اللجان السياسية هو العقيدة، وأن

تبرعاتها المالية للمرشحين في ازدياد مضطرد: فإن أهدافها لا تحتاج إلى كثير بيان.

فمن ذلك: ما صرح به أحد الفقهاء السياسيين! بأن الوقت قد حان ليأخذ

الإنجيليون المبادرة ويحددوا مسار الولايات المتحدة، فإن لديهم الموارد المادية التي

يؤثّرون بها على البلاد، فهذا هو العقد الأخير من هذا القرن، وسيكون عقد أمريكا

كما قال الصوت المألوف بيلي جراهام [٧] ، وقد حدد هذا المرشد الروحي هدفين

رئيسين يجب على الإنجيليين تحقيقهما: أولاً: وهو قصير المدى، ويتعلق بتغيير

تفكير السياسيين عن طريق الإلمام والإمداد بالمعلومات لتثقيفهم، أما الثاني: فهو

طويل المدى، ويركز على التخلص من السياسيين أنفسهم بناءً على مواقفهم من

قضايانا المسجلة في أرشيف الكونجرس [٨] .

ثم إن الأحداث التاريخية القريبة وبالذات احتلال فلسطين ثم القدس زادت من

قناعة الإنجيليين بالإرهاصات السابقة لظهور المسيح مرة أخرى [٩] ، بالإضافة

إلى إشعال الحماس في قلوب الملايين من عامة النصارى بمختلف طوائفهم ولم

يطيقوا كتمان تلك العاطفة الجياشة تجاه موطن المسيح (عليه السلام) فأجبروا مجلس

الشيوخ في سنة ١٩٩٠م على الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة أبدية لدولة

إسرائيل، وما المزايدات الأخيرة في مؤتمر (إيباك) إلا دليل جديد يضاف إلى قائمة

طويلة من البراهين على نفوذ الإنجيليين واختراقهم للمؤسسات الوطنية!

ولم يقف الحماس الديني عند هذا، بل تعداه إلى التصاريح الرسمية والعمل

المنظم لإرضاء شعب اليهود؛ ففي سنة ١٩٧٢م أعلن المؤتمر الأول للمعمدانيين

الجنوبيين (نخبة أمريكا الدينية والسياسية) أن اللاسامية معادية للنصرانية [١٠] ،

وبعد ذلك بعقد من الزمان وفي مدينة (استوكهولم) بالسويد: تبرأ الاتحاد العالمي

للوثريين من آراء مارتن لوثر التي أصدرها في آخر حياته بعد أن فشل في

تنصيرهم، وقد تابعه في ذلك مؤتمر رؤساء الكنائس اللوثرية الأمريكية وأنكر

المجتمعون صلتهم بالملاحظات المتطرفة للوثر عن اليهود [١١] ، وفي بداية عقد

التسعينات: أصدر المجلس القومي لكنائس المسيح في الولايات المتحدة بيانه حول

سياسة الشرق الأوسط، مطالباً فيه جميع الدول العربية بالاعتراف بإسرائيل

وحدودها الآمنة والاتفاق على ضمانات دولية لحماية إسرائيل، وعلى أن يحدد

مستقبل وضع مدينة القدس حسب التركيبة السكانية لا على اعتبار الأماكن

الدينية [١٢] ، وهذا التنازل الذي يقدمه النصارى عن كنائسهم العتيقة ومولد المسيح يفسر لنا موقف أمريكا من سياسة الاستيطان التي تمارسها إسرائيل والسرعة المذهلة في تغيير هوية السكان في المدينة المقدسة.

بعد كل هذه المقدمة الطويلة الضرورية في نظري عن أسباب ووسائل نشأة

المنظمات الأصولية وأهدافها، أقدم فيما تبقى من هذا الجزء عرضاً لأهم وأخطر

تلك المنظمات وأثرها الفعال على قرارات الكونجرس والحكومة، ويكفي أن يشهد

أحد هؤلاء القائمين على الأنشطة السياسية الأصولية على أهميتها وجدواها، إذ

يقول روبرت دوجان: إنه بعد فشله في الانتخابات البرلمانية عُين مديراً لمكتب

رابطة الإنجيليين الوطنية للشؤون العامة، وبعد فترة في عمله الجديد: أخبره اثنان

من أعضاء الكونجرس بأن تأثيره على الدولة بواسطة مكتبه أكبر من كونه عضواً

في المجلس نفسه، وقد كان يظن دوجان أنهما يواسيانه بذلك إلا أنه أصبح

يشاركهما الرأي تماماً [١٣] .

لعل من أبرز الشخصيات التي تولت كبر الدعوة إلى دعم ومساندة إسرائيل

القس جيري فولويل زعيم الأغلبية الأخلاقية ورئيس جامعة الحرية التي يدرس بها

حوالي سبعة آلاف طالب اللاهوت من وجهة النظر اليهودية مكرساً بذلك عقيدة

المهاجرين الأوائل ومؤسسي الجمهورية، كما يشرف على جماعة سياسية نشطة

تضم حوالي ستة ملايين عضو، وله برنامج مشهور يذاع أسبوعيّاً من خلال

تسعمئة محطة إذاعية ومرئية، بالإضافة إلى ذلك الانتشار الشعبي: فإن مجموعته

تصدر تقريراً شهريّاً باسمها يرسل إلى الرئيس وأعضاء الكونجرس وحكام الولايات

وكبار الصحفيين ووكالات الأنباء والمحطات، ولقد ساهمت المنظمة في ترجيح كفة

مرشحين كُثُر، من أشهرهم: السناتور الجمهوري جيسي هلمز (وهو متعصب حاقد

يشغل الآن منصب رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ) . ولقد بلغ مجمل

ما أنفقته المنظمة على الدعاية والانتخابات في حملة سنة ١٩٨٤م مائة مليون دولار

متفوقة بذلك على المرشحين الرئاسيين مجتمعين، ونظراً لما يتمتع به من نفوذ

وشهرة؛ فقد استعان به رئيس وزراء إسرائيل الهالك بيجنلحشد الرأي العام لمصلحة

بلاده بعد ضربها المفاعل النووي العراقي. والذي حمل فولويل على كل هذا: هو

ما صرح به من أن مصلحة أمريكا تقتضي دعم إسرائيل لأنها تمثل رغبة الرب! ،

وهذا يعني فتح المستودعات العسكرية الأمريكية وبنوك المعلومات والمال لها [١٤] .

ويعاصر فولويل قسيس آخر يصرح بالعداء للإسلام وأهله ألا وهو بات

روبرتسون المرشح الرئاسي السابق ومدير شبكة الإعلام النصرانية الضخمة

والجامعة التي تحمل الاسم نفسه، ويصدر عنهما مجلات ونشرات دورية وبرامج

إذاعية ومرئية تصل إلى الملايين [١٥] ، ولشدة نفوذه وكذلك تحمس الساسة لأفكاره: كان يشترك في كل اجتماع يعقد في المكتب البيضاوي بخصوص الشرق الأوسط، فيوجه عملية اتخاذ القرار بما يتناسب مع النبوءات التوراتية والإنجيلية [١٦] ،

وهذا يفسر لنا سبب حثة المشاهدين على الكتابة للرئيس والنواب كي يشجعوا

إسرائيل في غزوها لجنوب لبنان حسب ما تراه ضروريّاً، وقد رافق نائبَ الرئيس

ريجان في رحلته إلى السودان لإبرام صفقة ترحيل يهود الفلاشا [١٧] ، وقيل: إن

الرئيس الأمريكي نفسه هو الذي طلب منه الانضمام إلى الوفد [١٨] ، ويبدو أن

القس روبرتسون متفائل جدّاً بمستقبل دعوته وأنشطته حيث يقول في كتابه الأخير

(الألفية الجديدة) بأن الصراع بين الإيمان والعلمانية في أمريكا سوف ينتهي في هذا

العقد (أي الأخير من القرن العشرين) بالنصر للأول، والسبب في هذا التفاؤل

المفرط هو بالإضافة إلى إرهاصات عودة المسيح المذكورة آنفاً: وجود رجل في

المكتب البيضاوي يعلن ولادته ثانية كنصراني مؤمن، ومساهمة الإنجيليين في

إيصال خليفته الذي يشاركهم اعتقادهم إلى المكتب ذاته [١٩] .

أما ثالث أهم المجموعات السياسية المؤثرة في العلاقات الخارجية: هي

مؤسسة التراث التي أنشأت سنة ١٩٧٣م للتأثير على الرأي العام والسماح للفكر

اليميني بالانتشار والسيطرة على السياسة العامة للدولة، وبفضل دعمها للمرشح

الرئاسي سنة ١٩٨٠م تمكن (٣٦) من أعضائها من تبوّؤ مناصب قيادية في إدارة

الرئيس، واختير رئيسها ديفيد فويلنز ليرأس اللجنة الاستشارية لتقويم الدبلوماسية

الأمريكية، وتجاوز دعم المنظمة المحيط الأطلسي ليشمل إنجلترا ودول غرب

أوروبا، والتعاون مع مئتي مؤسسة ومنظمة ومركز أبحاث ومؤسسات إعلامية

لتطوير برنامج عمل دولي لليمين تحت مسمى الاتحاد الديمقراطي العالمي الذي

يضم رؤساء أحزاب سياسية محافظة من ثلاثين دولة، ولقد ردّت رئيسة وزراء

بريطانيا السابقة الجميل للمؤسسة لدعمها لها بأن عينت أحد أعضائها مستشاراً

سياسيّاً لحكومتها، وهو الذي وضع البرنامج الانتخابي لحزب المحافظين في الوقت

الذي تزود المؤسسة جميع مساعدي أعضاء الكونجرس وحوالي أربعة آلاف صحفي

بملخص لجميع الدراسات الصادرة عنها [٢٠] .

هذه النبذة الموجزة عن أهم المنظمات السياسية الأصولية وأنشطتها تجد لها

تصديقاً في الواقع الفردي، إذ تشير الإحصاءات إلى أن حوالي ٤٠% من

الأمريكيين يحضرون إلى الكنيسة أسبوعيّاً مقابل ١٤% و١٢% في كل من بريطانيا

وفرنسا، وأن قرابة ٧٠% يؤمنون بالرب واليوم الآخر والبعث [٢١] ، كذلك: فإن

المعاهد الكنسية قد زاد عدد طلابها من ١٨ ألف في سنة ١٩٥٤م إلى حوالي

مليونين سنة ١٩٨٠م، وزاد عدد المحطات الإذاعية الدينية من ٤٩ محطة

إلى ١٤٠٠ محطة للفترة نفسها، وقد بلغ الإنفاق الإعلاني للكنيسة ٣٢ مليون دولار، بينما وصلتها تبرعات تجاوزت الستين مليار دولار لسنة ١٩٨٢م [٢٢] ، ولنا أن نتخيل ما وصلت إليه الكنيسة ومواردها ومؤسساتها بعد عقد من الزمن! كيف وقد اقترب القرن من نهايته وحملت صناديق الاقتراع منذ الرئيس الهالك نيكسون رؤساء يعلنون على الملأ ولادتهم الثانية بكل فخر رغم علمانية الدولة وانتفاء الصلة بين الاثنين نظريّاً لأن الصوت الديني أصبح بازدياد صوتاً إنجيليّا

خالصاً [٢٣] ، ولعل السبب الرئيس في فشل حملة المرشح الرئاسي مايكل ... دوكاكس سنة ١٩٨٨م هو غياب (كلمة الرب) من قاموسه السياسي ظنّاً منه أنها لا تتصل بالانتخابات [٢٤] .

بالرغم من كل تلك الجهود التي يبذلها الأصوليون النصارى، إلا أننا نجد أن

قطاعاً كبيراً من اليهود غير راض عن سياستهم لدرجة أن أحد الحاخامات ألّف

رسالة ينذر فيها بخطر منظمة الأغلبية الأخلاقية [٢٥] ، كما علق المدير السابق

للمؤتمر اليهودي الأمريكي على اقتراح رئيس الأغلبية في مجلس الشيوخ والمرشح

الرئاسي للحزب الجمهوري بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس بأن المجتمع اليهودي

يشعر بعدم ارتياح كبير إزاء الجمهوريين الذين يفعلون كل ما في وسعهم للتقرب

إلى الطوائف المحافظة والمتشددة [٢٦] .

ومن ناحية أخرى: نجد أن بنجامين فرانكلين وهو أحد رؤساء ومؤسسي

الجمهورية الأمريكية يحذر قومه من اليهود قائلاً: إنهم في كل أرض حلّوا بها

أطاحوا بالمستوى الأخلاقي وأفسدوا التجارة، من أجل ذلك يجب إبعادهم عن البلاد

وبنص الدستور وإلا سيلعنكم [أي: واضعو الدستور] أحفادُكم في قبوركم، لأن

اليهود سيقضون على مؤسسات الدولة بالطرق الملتوية ويسيطرون على الحكومة

في النهاية، وسوف يدمرون شعبنا ويغيرون شكل الحكم الذي فديناه بأرواحنا

وحرياتنا الفردية، وإنه خلال مئة عام سيعمل أبناؤنا في الحقول لإطعام اليهود في

مكاتبهم وبيوتهم المالية وهم يفركون أيديهم مغتبطين [٢٧] .

ثم إذا أضفنا إلى هذا العداء والنفرة بين اليهود والنصارى مواقف التلمود من

قدْح في نسب عيسى (عليه السلام) وتكذيب تعاليمه ونعتها بالهرطقة والوثنية،

واتهام النصارى بالزنا والفواحش والجنس، والنهي عن التعامل معهم أو إفادتهم،

والحض على الاحتيال عليهم وقتلهم، والسعي إلى تحطيم الدين ذاته.. يتضح من

كل ذلك العرض: أن الأصوليين النصارى في الوقت الذي يقومون فيه بدور

الحمير لليهود، إلا أنهم يسعون لأهدافهم الخاصة بهم التي وضعها لهم القس المصلح

مارتن لوثر، وهي بمثابة الأحلام التي يعيشون عليها، فإنهم وإن كانوا يقدمون

خدمة مجانية لإسرائيل إلا أن المحرك الرئيس لهم هو عقيدة العودة الثانية للمسيح

(عليه السلام) ، وقد صرح كبار الساسة بذلك، فلم يبق عليهم إلا تحقيق تلك النبوءة

على الخريطة السياسية للمنطقة.


(١) لي أوبرين: المنظمات اليهودية الأمريكية ونشاطاتها، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ص٢١٥.
(٢) البعد الديني في السياسة الأمريكية، ص١٠.
(٣) السابق، ص٥٣.
(٤) John Harrigan, Polities and Policy in States and Communities, ١٩٩٨, p ١١٠.
(٥) Roger Davidson and Walter Oleszek, Congress and Its Members, ١٩٩٠, p ٢٨٢.
(٦) The Interest Group Society, p ١٢٠.
(٧) Winning The New Civil War, p ١٨١.
(٨) المرجع السابق، ص٨٨.
(٩) الصهيونية المسيحية، ص٧٢.
(١٠) البعد الديني في السياسة الأمريكية، ص٥٣.
(١١) الصيهونية المسيحية، ص٣٠.
(١٢) المنظمات اليهودية الأمريكية، ص٢٧١.
(١٣) Winning The New Civil War, p ٢٧.
(١٤) البعد الديني في السياسة الأمريكية، ص١٠٠-١١٢ بتصرف.
(١٥) البعد الديني، ص١١٢.
(١٦) الصهيونية المسيحية، ص١٤٦.
(١٧) البعد الديني في السياسة الأمريكية، ص١١٥.
(١٨) الصهيونية المسيحية، ص١٤٦.
(١٩) Pat Robertson, The New Millennium P ٩٣.
(٢٠) Garry Wills, Under God, ١٩٩٠, p ١٦.
(٢١) البعد الديني في السياسة الأمريكية، ص٦٩-٧١ بتصرف.
(٢٢) Under God, p ٢٠.
(٢٣) المرجع السابق، ص٦١.
(٢٤) البعد الديني في السياسة الأمريكية، ص٢٨٦.
(٢٥) جريدة الحياة، ١٢/١٢/١٤١٥هـ.
(٢٦) شيريب سيريدوفتيش: حكومة العالم الخفية، مترجم، ص٢٩.
(٢٧) برانتس: فضح التلمود، ترجمة زهدي الفاتح، ١٤١٢هـ.