نص شعري
لحظة.. لا تغب
سلمان بن فريد الجربوع
لحظةً لا تغب.. وجوه الليالي ... كاسفاتٌ تفيض حُزناً وثكلا
وحناياك روضةٌ من رياض الذك ... ر أشهى من أن تُملَّ وأحلى
وفتاواك في شفاه المري ... دين اشتياقٌ على المشوَّقين يُملى!
ومُصلاَّك ضارعٌ يتلوَّى ... هل تناهى إليك شوقُ المصلَّى؟
لو رأيت القصيم في حُلَّة العُر ... س كئيباً.. يصيحُ بالنعش: مهلا!!
وحواليه من بنيهِ جموعٌ ... تزرعُ الأفق ياسميناً وفُلاَّ
كان يزدانُ للقاء بُيوتاً ... وحقولاً.. طفلاً غريراً وكهلا
وتغنت بك البطاح ربيعاً ... أنت أشهى منهُ مَراحاً وظلا
كلُّهم كان في انتظارك.. عيناً ... تتملَّى، وخاطراً يتسلَّى
يتنادى بكَ المدى فننادي ... طائرات القدوم (أهلاً وسهلاً)
القصيمُ الذي عهدتَ حنينٌ ... يغتلي حُرقةً ويلتاعُ ويْلا
كلُّنا كان بين مدٍّ وجزرٍ ... وحبالُ القضاء تُفتل فتلا
ها هنا اصطفَّت القلوب تُناغي ... أملاً من كُوى الغيوب أطلاَّ
لفَّنا باليقين بَرْداً ونوراً ... ونمانا لِسِدْرةِ الحبِّ أصلا
ودعانا لعالمٍ من مجالي الخُلْ ... د أغلى من أن يُنالَ وأعلى
عالِمٌ مبُهرٌ، فلمْ ترَ عينٌ ... قبله مثله دياراً وأهلا
وتراءى لنا على البعد طيفٌ ... أيُّ حُسنٍ بدا ونورٍ تجلَّى؟ !
إنه حُسنُه المهيبُ ووجه ... يستثير الرؤى جلالاً ونُبْلا
أهُنا يرقد الحبيبُ مُلِمّاً ... بشتات العلم السنيِّ مُدِلاّ؟ !
أهنا يرقد الحبيب.. أفيقي ... يا يد الحلم، فالجمال تدلَّى
قال قد رُمت وصفَه، قلتُ مَنْ لي؟! ... قال وفَّيت حقَّه، قلتُ كلاَّ
واستفقنا، فمُ الزمان رثاءٌ ... يُهجَر الأنسُ في ذُراه ويُقلى
والعثيمينُ رحلةٌ ما توانت ... تملأ الخافقين علماً وبذلا
والعثيمين صفحةٌ من كتابٍ ... في يد الموت قدْ طواها وولَّى
والدُّنا دمعةٌ تُعزِّي زماناً ... كُنتَ فيه السِّفْرَ العظيمَ الأجلاَّ
شفَّك السقم يا طهور السجايا ... واحتوتك الدروبُ وعراً وسهلا
وتساميت راضياً مطمئناً ... ينبت البؤسُ في شفاهك فَأْلا
ثابت القلب في يمينك سيفٌ ... من يقينٍ يفلُّ سقمك فلاَّ
يا خَدِينَ العلومِ لُحتَ رياضاً ... تتمشَّى نَهْراً، وتختال نخلا
كنتَ تتلو الصباح غضاً ندياً ... ما عرفتُ الصباح قبلك يُتلى
والليالي تنام في صدرك الرح ... ب؛ فليست تحسُّ حقداً وغلاَّ
ضمَّك الليل عالماً من خشوعٍ ... يُغسل القلب في مجاليه غسلا
أين لا أين دمعةٌ منك تروي ... عطش القلب؟ كم شكا القلب مَحْلا!
أين لا أين حلقة منك تشفي ... عِلَّة العقل؟ كم شكا العقل جهلا!
قد فقدناك، والأماني انتطارٌ ... فالمساءاتُ بالمسرَّاتِ حُبلى