للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قصة قصيرة

[حنكة رجل]

لبابة محمد زهير أبو صالح

[email protected]

كان عليه أن يفكر منذ زمن بمصارحتها.. عليه أن يقول ما يشعر به ويُحسُّه..

يجب أن يرمي بجملته «الأيام ستغيرها» خارج قاموسه اليومي.. لينفض

الغبار عن كلمات وجمل خبأها قبل أن يتزوج.. كم كان يتشدق أمام أصحابه

وإخوانه الذين تحكمت بهم زوجاتهم حتى صاروا كالخواتم في الأصابع..

«سترون غداً.. لا رجل سواي في العائلة» ..

ماذا الآن؟! .. وبعد سنوات من زواجه.. هل يذهب ليقول لها: «كفى!

أنا الرجل وأنت المرأة!» .

نعم! عليه أن يقولها.. فهو لم يعد قادراً على الاحتمال أكثر.. طيب

وبعدها.. ماذا؟! لا يدري!

خرج من عمله بعد أن رسم الخطة وهو يردد في داخله: «صار لا بد من

رسم الخطط لاستعادة الرجولة، زمن عجيب» ..

اتصل بهاتفه النقال: «عزيزتي.. جهزي نفسك.. سأدعوك الليلة إلى

العشاء خارج المنزل» .

(حالة تلطف سيضطر إلى الابتداء بها.. فهذه سياسة ناجحة كما يرى) ..

لكنها ذكرته باختفاء كلمته الأولى عندها كرجل:

- «لا.. آسفة.. أنا أتابع فيلماً على التلفاز.. (يوم آخر) » .

جملة مستفزة.. عاثت في نفسه.. فزادت تصميمه على مواجهتها بعيوبها..

خرج من عمله.. ركب سيارته وهو يردد بغضب: «في يوم آخر.. حتى تريد

هي.. فتأمرني.. فأقول: سمعاً وطاعة، لا يا» وداد «هذا الأسلوب سينتهي

الليلة..» .

عند الإشارة الضوئية.. شعر بالضجر.. صمتٌ مطبقٌ وجدالٌ منهكٌ

يصوغهما في عقله.. عجز عن التفكير.. زاد ضجره.. فتح مذياع السيارة.. أخذ

يضرب بأصابعه على المقود وهو غاضب.. أذاعت المحطة الإخبارية خبر سقوط

بغداد في يد الأمريكان..

حمراء.. فخضراء.. كاد ينسى أن الخضراء تعني أن يتحرك بسيارته إلى

الأمام.. لولا أبواق السيارات الصاخبة من خلفه.. بعد ذاك الخبر السيئ ازداد

حنقه..:

- «وكيف سقطت.. أين الرجال؟!»

استدرك:

- «ربما يضعون خططاً لصنع رجولتهم؟! ..»

أغلق المذياع بضربة من سبابته الحانقة هي الأخرى.. ثم عاد يتذكر عباراته

الحاسمة التي سيلقيها في وجه زوجته.. يتخيل كيف ستبدو.. حتماً ستطرق رأسها

إلى الأرض خجلة من تصرفاتها.. نعم.. وسيستعيد كامل رجولته حين تُقبل عليه

متوسلة السماح بصوت خفيض.. وتعده بأن تكف عن ممارسة العنجهية في نظراتها

وصوتها وحديثها..

- ( «يا سلام!» عندها ستكون حقاً رجل العائلة الوحيد) .

ابتسم تلقائياً بعد أن حقق انتصاره في خياله.. دس مفتاح الباب في القفل

بثقة.. أطبق الباب خلفه بقوة:

- «سأتغدى بها قبل أن تتعشى بي» .

فوجئ بالأنوار مطفأة.. أين هي..؟

دخل حجرة النوم ليجدها تغط في نوم عميق..

- وداد!!

أجابته بانزعاج:

- أفّ، ماذا تريد؟!

- أريد أن أحدثك..

- نم الآن وحدثني في الغد..

- حسناً..

خلع عقاله.. ارتدى ثوبه.. واستلقى بجانبها على الفراش يبحث عن دفء لا

يجده..