المسلمون والعالم
[الحالة الجزائرية الفصل الثالث]
ثم ماذا؟!
د/ يوسف الصغير
إن ما يجري في الجزائر اليوم امتداد لما سمي بحرب الجزائر، فالصراع كان
بين تيارين أساسيين هما تيار الفرنسة والتيار الإسلامي، وعلى الرغم من تغير
الأسماء فإن المسمى واحد، فالحرب الأولى كانت بين الجيوش الفرنسية
والمجاهدين الجزائريين واستمرت من عام ١٨٣٩م لمدة نصف قرن، ارتكبت
خلاله الجيوش الفرنسية أبشع صور الإبادة، وتم لهم في النهاية إخضاع الشعب
الجزائري، وبدأت مرحلة المسخ بعد مرحلة الإبادة، وخلال هذه المرحلة قام
الفرنسيون بجهود جبارة لإعادة صياغة الشعب ثقافياً، وضُمّت الجزائر إلى فرنسا،
فتم تشجيع الفرنسيين على الاستيطان في الجزائر، واستعمارها وسموا بالمعمرين،
وأعطوا أحسن الأراضي، وتمتعوا بحقوق المواطنة من الدرجة الأولى أما الشعب
فهو فرنسي من الدرجة الثانية، وتم فرض الخدمة العسكرية عليهم، ولكن لم يترقوا
في الرتب، أما سياسياً فقد نشأت فروع للأحزاب الفرنسية في الجزائر وكانت
أقصى أماني الأحزاب الوطنية أن ينال مواطنوا الجزائر حقوق الفرنسي، وفي هذه
الأثناء قام الشيخ عبد الحميد بن باديس بإنشاء جمعية العلماء وكان لها دور كبير في
المحافظة على الهوية الإسلامية، مما مهد لقيام حرب التحرير التي كان الإسلام هو
مرتكزها المعنوي، وكان الناس يقاتلون لإخراج الفرنسيين الكفار من الجزائر التي
يجب أن تبقى حرة ومستقلة عن فرنسا، وبالطبع كان هناك كثير من الجزائرين
يقاتلون في صفوف الفرنسيين وهؤلاء انقسموا إلى قسمين، قسم بكر في اتخاذ
القرار وانضم إلى جيش التحرير قبل انسحاب فرنسا ويمثلهم كثير من الضباط
السابقين في الجيش الفرنسي، وهم الذين يحكمون الجزائر اليوم باسم فرنسا وعلى
رأسهم خالد نزار ويعرفون بجنرالات فرنسا، أما القسم الآخر فقد خرجوا مع
الفرنسيين وعاشوا في فرنسا يعانون من التهميش والإهمال فهم لا يعامألون معاملة
الفرنسي على الرغم من تضحياتهم، حيث يعانون إحباطاً لا مزيد عليه فهم
منبوذون من الجالية الجزائرية في فرنسا إضافة إلى إحساس الفرنسيين بأنهم عبء
عليهم، غير أنه يتوجب عليهم إيواؤهم لأسباب أدبية.
وبعد إنسحاب فرنسا العسكري من الجزائر تولى مقاليد السلطة بدعم دولي
وإقليمي رجل يخطب في الناس بالفرنسية، ويحكمهم بالاشتراكية (أحمد بن بله)
وبينما قام النظام الجديد بتقريب الشيوعيين الذين كانو يؤيدون لاستعمار الفرنسي،
قام بايذاء وسجن شيوخ جمعية العلماء.
وعلى الرغم من تغير الحكام فإن سيطرة المتفرنسين كانت واضحة وتكونت
منهم مافيا عسكرية وسياسية غرقت في الفساد ونهبت ثروات البلاد بل وحاولت بيع
ثروات البلاد مقدماً وأوقعتها في ديون خارجية كبيرة حتى إن دخل البلاد لا يكاد
يغطي ربا الديون فكيف بوفائها؟ ! وفي المقابل قامت هذه العصابة بالوقوف أمام
التوجه الإسلامي بل وحتى نشر التعريب.
وعن طريقهم استمرت فرنسا في حكم الجزائر وكانت الأحداث الحالية دليلاً
واضحاً على أن الجزائر لا تزال أسيرة الاستعمار الفرنسي حتى إن الشيخ رابح
كبير صرح في حديث إذاعي أن وزير الداخلية الفرنسي يتحدث كأنه وزير داخلية
الجزائر، وذلك تعليقاً على حادثة المجمع السكني الفرنسي في الجزائر.
ولهذا فإنه لا داعي لتحليل مواقف الحكومة الجزائرية لأنها وإن كان أركانها
سواءً أكانوا البارزين أو المتوارين لهم مصالح يحاولون الحفاظ عليها إلا أن بقاءهم
مرهون بمواقف أسيادهم، فهم بين منفذ لسياسات الدولة الداعمة أو لاجئ إليها.
إن الحكم العسكري في الجزائر يحاول الحصول على دعم من أي جهة لديها
استعداد، ولها مصلحة في دعم الوضع الحالي في الجزائر ويمكن تقسيم تلك
الجهات إلى ثلاث: عربية وغربية وفرنسية.
أولاً: الموقف العربي:
إن نظام الحكم في الجزائر يحظى بدعم الدول العربية التي تشعر بخطر تنامي
الصحوة الإسلامية وخوفها من قيام دولة إسلامية تعبر عن آمال شعبها في تطبيق
الإسلام في كل مجالات الحياة، ولكن مظاهر هذا الدعم تتفاوت فبلاد المغرب
العربي في وضع حرج: فهي من جانب علاقاتها متوترة مع الجزائر فهناك مشاكل
حدودية ساخنة مع المغرب، وأخرى تحت الرماد مع تونس وليبيا، ومن جانب
آخر تخشى وصول الإسلاميين للحكم مما يجعل الدعم الواضح للحكومة مغامرة غير
محمودة العواقب، ولهذا فالمغرب تارة يغض الطرف عن نشاط الجماعات المسلحة
على جانبي الحدود، وتارة أخرى يتشدد معها حتى أنه سلم أمير الجماعة الإسلامية
المسلحة (عبد الحق العيايدة) إلى حكومة الجزائر التي حكمت عليه بالإعدام، أما
تونس فإنها لزمت الصمت عند فوز الجبهة في الانتخابات، ثم انحازت بصورة
واضحة للنظام مما أدى إلى قيام الجماعات المسلحة بعمليات انتقامية داخل تونس،
أما ليبيا فهي كالعادة مواقفها متباينة وغير ثابتة والحكومة الجزائرية أحياناً تتهم ليبيا
بإيواء المجاهدين، وأحياناً أخرى تشيد بالتعاون الأمني وتتحدث عن دعمها اللفظي
طبعاً لليبيا في وجه الحصار المفروض عليها.
أما الدول البعيدة فمنها من يتراوح تأييده بين دعم مادي وبين تعاون أمني
وثيق عن طريق إرسال ضباط وخبراء في التحقيق والتعذيب وعلى أي حال فإن
وضع النظام الميئوس منه لا يشجع على التورط معه في علاقة قد تؤثر على
مستقبل العلاقة مع تلك الأنظمة في حال سقوطه.
ثانياً: موقف الدول الغربية:
وهي تنقسم إلى دول من الدرجة الثانية، وهذه الدول همها المنافع المادية
المجردة بغض النظر عن طبيعة نظام الحكم فمثلاً إيطاليا يهمها بقاء العلاقات
الاقتصادية الحالية، ولكنها لا تتبنى النظام السياسي، ولهذا فهي تدعوا إلى حوار
يشمل جميع الأطراف، بل وتقول: إن النظام يعاني من مشكلة الشرعية أما الدول
القوية وبخاصة أمريكا وألمانيا فإن لهما مصالح اقتصادية وأهداف سياسية مستقبلية
في الجزائر: فمثلاً أمريكا لها مصالح حالية كبيرة في الجزائر وهي تأمل في تأمين
هذه المصالح، وتسعى إلى ملأ الفراغ الذي يتوقع أن يشغر بخروج فرنسا النهائي
من الجزائر ولهذا فهي تسعى إلى بناء علاقات مع كل من الحكومة الحالية، ودعمها
مالياً ولو بصورة محدودة نظراً لإحساس أمريكا بعدم جدوى الدعم للنظام وأن
سقوطه مسألة وقت ومن جانب آخر تحرص على ربط علاقات ببعض الأطراف
ممّن يمثل الجبهة الإسلامية للإنقاذ وبخاصة تيار الجزأرة، ويلاحظ أن موقف
أمريكا الرسمي هو تفضيل بقاء النظام الحالي كما هو مع علمها باستحالة ذلك،
ودعوة النظام من جهة أخرى إلى الحوار الجاد مع الأطراف الأخرى التي لا تمارس
العنف، مما قد يعني ضمناً استبعاد جبهة الإنقاذ، وهذا يتوافق مع الموقف الفرنسي، ولكنه لا يتوافق مع الموقف الفعلي الأمريكي في محاولتة لربط خيوط الاتصال مع
جميع الأطراف ويبدو أن الموقف الأمريكي يحاول الجمع بين أمرين متناقضين
وهما استبعاد الإسلاميين عن الحكم وأن تحل أمريكا محل فرنسا في الجزائر، وهذا
الجمع مما يصعب تصوره فإبعاد الإسلاميين يقتضي ترسيخ الدور الفرنسي،
وخروج فرنسا يعني سقوط النظام في يد الإسلاميين، وبالتالي فإن أمريكا تصرح
بأن هناك اتفاق في وجهات النظر مع فرنسا، ولكن ليس هناك تطابق فيها، وقد
شرح أحد الدبلوماسيين الأمريكيين الوضع في الجزائر في لقاء له مع وسائل الإعلام، ومما نشرته «الحياة» في ٨/٢/١٤١٥هـ نقتطف ما يلي:
«قال: إن الوضع المتدهور في الجزائر مقلق» ، ونفى أن تكون بلاده
تنازلت عن الجزائر أو أنها مقتنعة بأن حكومة إسلامية هي المستقبل الوحيد فهذا
ليس الواقع «لقد أيدنا جهود الإصلاح الاقتصادي عبر إعادة جدولة ديونها ...
الخارجية في نادي باريس وصندوق النقد الدولي وحضضنا الحكومة على توسيع
قاعدتها السياسية الضيقة جداً عبر الحوار مع كل القوى السياسية التي ترفض العنف
والإرهاب» في البلد.
إلى أن قال: «أما النتيجة الأكثر ترجيحاً في حال استمرار التدهور فهي
اتجاه البلاد نحو نوع من البلقنة، وهذا سيكون تطوراً سلبياً يشجع بعض المناطق
الأخرى مثل مناطق البربر لأن تصبح أكثر ميلاً للانفصال هذا هو السيناريو
المرجح في حال استمرار التدهور» .
ثالثاً: الموقف الفرنسي:
إن فرنسا تعاني من عقدة الشعور بأن هناك انحساراً سريعاً في النفوذ الفرنسي
في العالم وتراجع على جميع المحاور أمام الزحف الإنجلوسكسوني فهناك مشكلة
تراجع اللغة الفرنسية سواءً أكان ذلك على مستوى أوربا أو على مستوى العالم،
وحتى في فرنسا يعاني الفرنسيون من زحف الثقافة الأمريكية الناطقة بالإنجليزية،
أما في إفريقيا فإن التراجع مستمر ويحاول الفرنسيون باستماتة الحفاظ على آخر
مناطق نفوذهم فأنشأوا الرابطة الفرانكفونية وتورطوا في النزاعات الداخلية لحماية
مصالحهم، وقد تمت هزيمة فرنسا في رواندا وحلت محلها أمريكا بدون جهد كبير،
ويمثل الوضع في الجزائر أكبر التحديات أمام الحكومة الفرنسية فهناك داخل
الحكومة تنافس كبير بين وزيري الداخلية والخارجية حيال الملف الجزائري مما
يوحي بحالة التردد في التعامل مع الجزائر بين عقليتين، عقلية أن الجزائر ما تزال
ينظر لها على أنها أمتداد لفرنسا أو أنها بلد لها فيها مصالح مهمة، أما الشعب
الفرنسي فهو يعيش بين مشاعر العنصرية والمكابرة إزاء المطالبة بالتدخل في
الجزائر وبين الإحساس بالعجز ومطالبة الحكومة بالكف عن سياستها الخرقاء في
الجزائر والعمل على عدم الغرق في أتون المشكلة الجزائرية، ويبدو أن الحكومة
الفرنسية متورطة في دفع فاتورة ليس لها حد من أجل حماية النظام ومحاولة منع
سقوطه مع إحساسها بعدم جدوى الدعم حتى إن وزير خارجيتها يتساءل عن مصير
مساعداتهم ولا شك أن ارتكابها لأعمال استعراضية مثل عمليات التفتيش والتدقيق
التي ليس لها عائد سوى إحساس المسلمين بالغبن والإذلال مما يزيد من تفاقم
الوضع ويدل بالتالي على حالة التخبط التي تعيشها فرنسا مع إحساسها بأن هناك من
يسره تتالى أخطائها لأنه يعد العدة للعب الدور التالي الذي قد ينجح فيه، وقد يناله
ما نال فرنسا، وما أعنيه أن أمريكا دأبت على وضع رجلها في موضع قدم فرنسا
الخالي، وللذكرى فإن أمريكا حاولت أن تنجح فيما فشلت فيه فرنسا في فيتنام حيث
إنه بمجرد خروج فرنسا مكسورة الجناح دخلت أمريكا بكل خيلائها وجبروتها فنالها
ما نال فرنسا، والذي لا شك فيه أن مستقبل الجزائر يحدد داخل الجزائر نفسها،
ولن يستطيع أحد من الأعداء التأثير عليه إلا من خلال ثغرة موجودة في صفوف
القوى الإسلامية المؤثرة، ولا يمكن إخفاء أن هناك ثغرات يحاول العدو النفاذ منها، فهل نعمل على سد هذه الثغرات؟ ونعمل بجد على الوصول الى الهدف المعلن
وهو إقامة دولة إسلامية تحاول أن تسير على منهاج النبوة، أم نضيع في خضم
الخلافات والأهداف القريبة التي قد تجعل من الخطوات الأخيرة أصعب الخطوات؟
وإذا كان جهاد الشعب الجزائري قد سرق منه قبل أكثر من ثلاثين سنة، فهل نكرر
الخطأ، ونجعل غيرنا يحقق أغراضه على حسابنا، ففرنسا تريد أن تفشل المشروع
الإسلامي في بدايته وإذا كانت أمريكا ترى استحالة ذلك فلا يعنى أنها لا تحاول
إفشاله في مرحلة قادمة، فالحذر الحذر والبدار البدار إلى تحديد الأهداف وإعداد
الوسائل ودراسة الواقع بإيجابياته وسلبياته،. من أجل الخروج بتصور لحل
المشاكل الداخلية التي تعترض سبيل الجهاد لإعادة الوجه الإسلامي المشرق لأرض
المليون شهيد.
الساحة الجزائرية والنظام العالمي الجديد:
إن ما يجري في الجزائر قد فضح ما يسمى بالنظام العالمي الجديد وتبجح
الغرب بالديمقراطية ودفاعه عنها حتى لقد بلغ بهم الأمر أن يصدروا قراراً في
مجلس الأمن يخول أمريكا تشكيل قوة لغزو دولة (هاييتي) مدعين أن هذا لمجرد
إعادة الرئيس المنتخب ديمقراطياً وإسقاط النظام العسكري الحالي، ومن جانب آخر
يحذر القس والسياسي الأمريكي جيكي جاكسون «نيجيريا» من فرض حصار
اقتصادي عليها إذا لم يسلم العسكريون الحكم لرجل الأعمال (مسعود أبيولا) الذي
يعتقد أنه فاز في الانتخابات النيجيرية الأخيرة، ولا ينتهي العجب عندما نرى الدول
الغربية تدعم في الوقت نفسه زمرة من العسكريين الذين قاموا بإنقلاب عطل المسار
الانتخابي وشن حرباً على الذين فازوا في الانتخابات الجزائرية، ويبدو لي أنهم
يرون أن الشعب الذي يعتمد في طعامه على المعلبات المستوردة يجب عليه أيضاً
أن يحكم بأفكار معلبة مستوردة من الخارج أيضاً، ولما كان المسؤولون الفرنسيون
يتبجحون بأنهم يسعون إلى محاربة الإرهاب في الجزائر حتى إنهم أخيراً أرسلوا
ألف مظلى فرنسي بكامل سلاحهم إلى الجزائر مما يشكل بداية التورط الفرنسي
المباشر فإنه من المستحسن عرض بعض الممارسات والوسائل التي يتبعها النظام
في محاربة الشعب المسلم، وسنكتفي بمقتطفات من رسالة كتبها المحامي الفرنسي
المعروف بدفاعه عن الجزائريين أيام حرب التحرير وبعلاقاته الحميمة مع أركان
النظام «جاك فرجس» وقد أختتم رسالته بكلمات يتبرأ فيها من أصدقائه القدامى
الذين تخلوا عن المبادئ ومارسوا ضد الشعب نفس ممارسات المستعمر الفرنسي،
فقال «لهؤلاء الذين ارتدوا على أنفسهم أقول: وداعاً للجزائرين إلى الأبد، جزائر
المخلصين والمضطهدين، والضعفاء»
وحيث إن الرسالة طويلة ومليئة بالتفاصيل أختار منها لقطات معبرة منها
شهادة إسماعيل منصوري الذي يقول:
جَرّدَنا رجال الدرك من ملابسنا تماماً، وأوثقونا من أرجلنا وأيدينا وأحرقونا
بنافثة لهب، وحقننا أحدهم بمادة في «القضيب» ، لم نكن نملك أي جواب على
أسئلتهم، فقد الكثير منا استخدام عضو من أعضائه، وقد أورد المؤلف لائحة طويلة
بمن ماتوا تحت التعذيب نختار منم ما يلي:
١- محمد عمروش: سبعة وعشرون سنة، مؤذن بمسجد النصر، أغتيل من
قبل الشرطة أمام المسجد بينما كان رافعاً يديه إلى فوق.
٢- سيد مقيرش: يلقب ب (محمد لَماَنَهّ) من كل سكان حي المدينة بالجزائر
العاصمة لأمانته وثقته، تم إيقافه من طرف رجال الدرك «بوزريعه» تحت إمرة
(رئيس رقباء مساعد) توفي تحت التعذيب، تم فتح تابوته رغم منع السلطات لذلك
فوجدوا أن أعضائه قد قطعت بالمنشار الكهربائي.
وقد تطورت أساليب النظام حيث عمدوا في الفترة الأخيرة إلى أسلوب العقاب
الجماعي والتصفية العشوائية حيث إن قتل أحد عناصر الأمن في شارع أو في قرية
يعني قيام قوات الأمن الخاصة «الننجا» باعتقال وتصفية مجموعة من الشباب
حتى الذين لم يكن لهم دور في الحادث، وهذا يدل على الطريق المسدود الذي
وصل إليه النظام حيث يعتبر أن كل الناس ضده، وبدون تمييز ومن الملاحظ أن
قوات الأمن يقومون بتغطية وجوههم خوفاً من كشف شخصياتهم، وهذا ليس
بمستغرب فإنه إذا كان الحكام الفعليين في الجزائر غير معروفين تماماً: فكل من
(بن جديد «و (بو ضياف) و (علي كافي) و (زروال) واجهات يتم إجبارها على
الاستقالة أو قتلها أو تنحيتها من قبل (المافيا الخفية) ، فإنه من الطبيعي أن يكون
المرتزقة حريصين على عدم معرفتهم لحرصهم على حفنة من النقود التي تعطى لهم
من المساعدات الدولية مع العلم أن المجند العادي في الأمن يتقاضى أجراً أكثر من
الطبيب مع انتشار البطالة حيث لم يعد أمام الشباب سوى الاضمام إلى قوات الأمن
أو البقاء عاطلين ومعرضين للاعتقال أو الخروج إلى الجبال للانضمام إلى
المجاهدين الذين نجحوا في إخراج النظام من كثير من المناطق حتى إن العاصمة
بها مناطق محرمة على أعوان النظام، وتدل عملية مهاجمة سكن السفارة الفرنسية
التي كان يحرسها الدرك الفرنسي ومقتل خمسة من الدرك والدبلوماسيين وخروج
المهاجمين بدون أي خسائر على الرغم من أن الحراسة مشددة في هذه المنطقة مما
تدل على مقدار الفشل الذي يلاقيه النظام في إصراره ومن ورائه فرنسا على الحل
الأمني، أي القضاء على المجاهدين، وكما يصرح المسؤولون الفرنسيون أخيراً
أنهم يحضون الحكومة على إجراء الانتخابات في الوقت المناسب أي بعد تصفية
الإسلاميين أو تحجيمهم.
ولكن أنّى لهم ذلك وكيف يثق بهم أحد بعد ما تسببوا في إدخال البلاد في نفق
مظلم، بتعطيلهم المسار الانتخابي ورفض خيار الشعب، والله نسأل أن يعلي كلمته
وينصر جنده إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.