الصفحة الأخيرة
حتى لا تكون نهايتنا كنهاية الموريسكيين [*]
عبد القادر حامد
تتوالى على المسلمين نكبات وضربات متنوعة في مناطق مختلفة من العالم،
وعلى الرغم من عنف هذه الضربات ودمويتها إلا أن العالم لا يعيرها الاهتمام الذي
يعيره لفرد غير مسلم يعتدي عليه، بل الاهتمام الذي يعيره لبعض أصناف
الحيوانات التي تشتغل أجهزة الإعلام بإثارة الخوف عليها من الانقراض كما هو
حاصل بالنسبة للفيلة والحيتان والحيوانات الأخرى..
بل إن هذه المذابح التي تنفذ ضد المسلمين هنا وهناك إن ذكرت تذكر مخففة
مشوهة في زاوية منسية من مجلة أو صحيفة، ثم سرعان ما ينساها ليس المعنيون
بحقوق الإنسان فقط؛ بل المسلمون أنفسهم.
ولاشك أن مما يميت ما يحدث للمسلمين من ويلات وما يُخفي ما ينزل بهم من
قهر وإرهاب هو فقدان جو الحرية الذي تنتقل فيه المعلومات، وتتجاوب أصداؤها
في جنبات العالم محدثة أثراً.
وأمام هذا الواقع فإن المطلوب من كل مسلم يشهد تعدياً لا مسوغ له على
حرمة مسلم أو مسلمة؛ أو ظلماً يقع على هذه الفئة المسلمة أو تلك؛ أن يسجل ذلك
بأي وسيلة تمكنه: كتابةً أو تصويراً أو تسجيلاً صوتياً، ولا يستهين في شيء من
ذلك ولا يستثقله، ولا يقل في نفسه: ما الفائدة؟ لا يمكنني أن أنشر أو أذيع ما
أعلم، فرب يوم يأتي سيتاح له أن ينقل شهادته للناس، وإذا كان قد سارع بكتابتها
حين وقعت، فلن يضير مضي الزمن ما كتب، حيث ستنتقل هذه الحادثة بحرارتها
إلى الأذهان وكأنها حدثت الساعة، ولا يستصغر شأنه وليكتب بأي أسلوب يحسنه،
فالصدق صدق بأي لغة نقل وبأي أسلوب قيل.
وكم من مصائب وقعت على المسلمين من قبل أعدائهم ذهب أثرها أدراج
الرياح بسبب استهانة المسلمين بالتسجيل والحفظ، وما خبر الموريسكيين عنا ببعيد.
(*) الموريسكيون: هم المسلمون الإسبان الذين تعرضوا لأبشع أنواع القهر والتعذيب ومحاكم التفتيش وأجبروا على اعتناق المسيحية، بعد القضاء على الحكم الإسلامي في إسبانيا، وعلى الرغم من استمرارهم بممارسة الشعائر الإسلامية سراً إلا أنهم أخيراً ذابوا في المجتمع الإسباني المسيحي.