للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الشيخ نافذ عزام القيادي بحركة الجهاد الإسلامي للبيان:]

أبو مازن غير مفوض بتقديم تنازلات حتى لو كانت نسبة المشاركة ١٠٠%

نائل نخلة

جرت انتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية يوم التاسع من يناير ٢٠٠٥م، لتكون بذلك ثاني انتخابات رئاسية فلسطينية، وقد فاز محمود عباس أبو مازن مرشح حركة فتح، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية بالانتخابات، بحصوله على نسبة ٦٢.٣٢% من بين الذين شاركوا في الاقتراع، والذين لم تتجاوز نسبتهم في أحسن الأحوال الـ ٤٥% من بين الذين يحق لهم الاقتراع، حسب القانون الفلسطيني.

فوز محمود عباس أبو مازن، المعروف بمعارضته لـ «عسكرة الانتفاضة» وصاحب الدور الأبرز في التوصل لاتفاقية أوسلو، يطرح الكثير من التساؤلات حول طبيعة تعامله مع فصائل المقاومة، لا سيما التي قاطعت الانتخابات الرئاسية، وامتلاكه للتفويض من الشعب الفلسطيني بعد انتخابه رغم تدني نسبة المشاركة بالانتخابات. وفي محاولة للإجابة عن الأسئلة وغيرها، التقت «البيان» بالشيخ نافذ عزام القيادي البارز بحركة الجهاد الإسلامي.

البيان: بدايةً.. كيف تنظرون لانتخابات الرئاسة الفلسطينية التي جرت؟

- نحن سبق أن أعلنا موقفنا الواضح بمقاطعة الانتخابات الرئاسية، وعدم المشاركة فيها، ولا نرى من المناسب أن نخوض في جدل حول ما جرى في الانتخابات، لكن بشكل عام نحن نتصور أننا أمام انتخابات جرت بشكل سليم، وسنتعامل مع السيد محمود عباس على أنه الرئيس الذي أفرزته الانتخابات، وسوف نعامله كما كنا نتعامل مع الرئيس عرفات ـ رحمه الله ـ فسنحاول من خلال هذا التعاون تعزيز وحدة شعبنا، وحماية حقوقه ومصالحه.

البيان: هل لديكم ملاحظات حول مدى نزاهة الانتخابات الرئاسية التي أجريت؟

- لا توجد لدينا أي إثباتات أو أدلة على حدوث تزوير، بل ربما سارت العملية الانتخابية بشكل سليم، ربما كانت بعض التجاوزات البسيطة هنا أو هناك، لكن بشكل عام نحن نتصور أنه لم تحدث عمليات تزوير.

البيان: كيف تقيِّمون نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية؟

- كما تحدثت التقارير، وكما أعلنت لجنة الانتخابات ذاتها؛ فإن نسبة المشاركة لم تكن كبيرة، ربما هناك اعتبارات وأسباب عديدة لتدني نسبة المشاركة.

البيان: ما أسباب تدني المشاركة في الانتخابات حسب اعتقادك؟

- بالتأكيد مقاطعة بعض القوى والفصائل للانتخابات كانت أحد الأسباب، إضافة للجو العام؛ فالناس تشعر أن العدوان الإسرائيلي مستمر، وأن تجربة التفاوض السابقة، كانت تجربة عقيمة، والواقع الذي يعيشه شعبنا واقع مؤلم ومر، ومن ثم فإن كثيراً ممن قاطعوا أيضاً لم يجدوا تشجيعاً للمشاركة في ظل يقينهم بأن إسرائيل لا تغير سياساتها أبداً، وبأنها غير جادة في التعامل مع أي رئيس فلسطيني، وأنها غير جادة أبداً في مسألة ما يسمى بمسيرة التسوية.

البيان: هل انتخاب أبو مازن رئيساً للسلطة الفلسطينية يعطيه تفويضاً من الشعب الفلسطيني لتطبيق رؤيته المتعلقة بوقف عسكرة الانتفاضة والبدء في عملية السلام؟

- حتى لو كانت نسبة المشاركة ١٠٠%، وحتى لو فاز السيد محمود عباس بنسبة ١٠٠%؛ فهذا لا يعني أبداً تفويضاً بالقيام بمفاوضات، أو اتخاذ خطوات وإجراءات؛ فنتيجة الانتخابات لا تعني تفويضاً أبداً، وخاصة أن الأمر يتعلق بقضايا حساسة جداً، وقضايا مصيرية بالنسبة للشعب الفلسطيني. نتيجة الانتخابات لا تعطي تفويضاً للقيام بأية خطوات أو اتخاذ أية سياسات، خاصة فيما يتعلق بقضايا ما يسمى الحل النهائي.

الأمر الآن يحتاج إلى حوار معمق، وأتصور أن هذه مهمة كبيرة تواجه أبو مازن بحيث يتم تعزيز وحدة الشعب الفلسطيني، وأن يتم تكثيف الحوارات بين الفلسطينيين لمحاولة الخروج ببرنامج سياسي مشترك لمواجهة المرحلة المقبلة.

البيان: لكن قادة حركة فتح شددوا في تصريحاتهم قبل الانتخابات على أن اعتبار انتخاب أبو مازن من قِبَل الشعب، يعني الموافقة على ما يدعو إليه؟

- حتى لو قيل مثل هذا الكلام؛ فنحن نتصور أن الحديث عن قضايا خطيرة مثل حق العودة للاجئين وقضية القدس ومسألة المستوطنات ومسألة الحدود، هذه كلها قضايا خطيرة وقضايا حساسة جداً، ولا يمكن على الإطلاق أن يكون هناك تفويض من الشعب الفلسطيني حول هذه المسائل. نحن لا نظن أن الانتخابات كانت أن يصوِّت الناس على المقاومة والانتفاضة أو التفاوض مع إسرائيل. لم تكن الصورة بهذا الشكل أبداً. نحن نعرف أن كثيراً ممن شاركوا بالانتخابات شاركوا على أنها نوع من التحدي للاحتلال، ونوع من التحدي لإجراءاته، وحتى الذين صوَّتوا لأبو مازن لم يصوتوا ضد المقاومة وضد الانتفاضة، أو مع الاتفاق بأي شكل مع إسرائيل، وحتى الإخوة من أبناء فتح الذين صوَّتوا لأبو مازن لم يصوتوا له على هذا الأساس.

ومن ثم نتصور أن الأمر الآن يتطلب تكثيف الحوار بين الفلسطينيين جميعاً، وأن يسعى أبو مازن للخروج ببرنامج مشترك، وتأكيد الشراكة السياسية؛ حيث من الضروري أن تتمثل كل القوى الفاعلة في الساحة في هذا البرنامج.

البيان: الأراضي الفلسطينية تشهد استعدادات لإجراء الانتخابات التشريعية، واستكمال مراحل الانتخابات البلدية؛ فهل قررت المشاركة في هذه الانتخابات؟

- نحن سنشارك في الانتخابات البلدية، ولدينا قوائم تقدمت فعلاً في المرحلة التي ستجري فيها انتخابات بلدية في قطاع غزة، وربما كانت بعض العوائق الفنية هي السبب في عدم المشاركة في المرحلة التي جرت في الضفة الغربية (*) .

أما بخصوص الانتخابات التشريعية، فموقفنا معلق على طبيعة القانون الذي ستجري وفقه هذه الانتخابات؛ فإذا ظل القانون القديم نفسه الذي جرت بناءً عليه انتخابات كانون الثاني / يناير ١٩٩٦م سارياً، فنحن لن نشارك، لكن إذا توافق الفلسطينيون على قانون جديد، وإذا أُدخلت التعديلات، فنحن سندرس الأمر بشكل جدي.

البيان: هل تتوقعون أن يطلب منكم أبو مازن الموافقة على هدنة جديدة؟

- لم يطلب أبو مازن هذا الأمر في اللقاءات التي حصلت معه قبل أسابيع، وقبل الانتخابات، ولا نعرف ما الذي سيطلبه، لكن نتصور أن المشكلة هي لدى إسرائيل، وليست لدينا كفلسطينيين.

نحن نقول إن الحديث عن الهدنة الآن سابق لأوانه، وأبو مازن أصلاً لم يطلب منا هذا الأمر، إضافة إلى أن إسرائيل هي الطرف المعتدي، وهي التي تحتل الأرض، وهي التي تستخدم القوة، ونقول إنه من غير المنطقي أن يطالَب الفلسطينيون الذين يتعرضون للعدوان ويتعرضون للقتل وتُهدم بيوتهم، أن يطالَبوا بالقيام بخطوات، بينما تظل إسرائيل طليقة اليد تفعل ما تريد ضد الفلسطينيين.


(*) مراسل مجلة البيان في فلسطين.
(*) كان هذا الحوار قبل إجراء الانتخابات البلدية في غزة التي فازت فيها حماس فوزاً ساحقاً