حديث طاغية في القبر
مروان كجك
مضى العهد الذي يعد ... وجاء الهم والنكد
ولم أعلم بأن يدي ... غداة الروع ترتعد
وبتّ اليوم منفرداً ... فلا خلٌّ ولا ولد
أجيل الطرف ملتمساً ... فألقى الكل قد بعدوا
ويذهب بي حصاد الأمس ... مثل البرق يتَّقد
إلى ما كنت أنكره ... وأزعم أنه الفند
فأين الآن من زعموا ... بأني الخالد الفرد
وأني الفارس المقدا ... م والعمدان والوتد
وأني صانع الأمجاد ... وي أم أنهم جحدوا
أراني كنت منخدعاً ... على الأوهام أعتمد
فكم أمسيت منتفشاً ... كأني في الوغى الأسد
وكم أصبحت منتشياً ... لأن القوم قد سجدوا
فقلت لعلهم صدقوا ... بأني الموئل الصمد
ولولا ذاك ما هتفوا ... لِتَحي الدهر يا أحد
وكانت صيحة أخذت ... بلُبِّي والحجا شرد
فلم أعبأ بنصح أخٍ ... ولم أنصت لمن نقدوا
ودارت بي كؤوس الطي ... ش والآثام والمضد
فلم ألمس ولم أبصر ... ولم أسمع لمن وفدوا
فيا ليت الذي بيني ... وبين الأمس مفتقد
وأمثالي وإن عظموا ... بهذي الأرض ما ولدوا
فهذي الحفرة التعسا ... ءِ في الإيذاء تجتهد
لظاها سابغ اللمسا ... ت في أنحائها الزرد
لها فَيحٌ شديد الوط ... ء في الحلقوم ينعقد
نسيت لهوله أمسي ... وضقت لفرط ما أجد
ودالت دولة الطغيا ... ن والأذناب قد رقدوا
هنا وحدي أسير القب ... ر ضاع الزهو والغَيَد
سيوفي كنت أحسبها ... تعيش الدهر تحتَصِدُ
فخانتني وما صدقت ... وكانت دائماً تعد
فأين الآن حاشيتي ... وذاك الجمع والعدد
أراهم كلهم دخلوا ... جحور الذل واختُضِدُوا
أو ارتدُّوا على الأعقا ... ب فليجدوا الذي أجد