كلمة صغيرة
[تحسبهم جميعا]
لقد تحول البابا من حاكم مطلق يمنح أو يبيع صكوك الغفران، ويسير
الحملات الصليبية إلى مجرد منصب ديني يمثل الكنيسة الكاثوليكية بعد تحول
المجتمع الأوروبي عن الدين وتبنيه العلمانية أو الادينية.
لقد تحول دور الكنيسة من القيادة إلى المشاركة الفعالة في تنفيذ المشاريع
الاستعمارية، فعلى مدى قرون كانت الكنيسة فيها طليعة الاستعمار وأداته في تثبيت
النفوذ الغربي وتكوين جاليات نصرانية محلية تكون أداة للغرب في تنفيذ أغراضه.
إن الكنائس الغربية هي المسؤولة عن أحداث نيجيريا، وجنوب السودان
وتيمور الشرقية وجزر الملوك، وكلما نجحت الكنيسة في تكوين تجمع نصراني فإن
الدول الغربية تتولى مهمة الرعاية والحماية. ومن اللافت للنظر حرص البابا على
الظهور بمظهر زعيم العالم المسيحي وتعدد زياراته لبلدان فيها جاليات نصرانية
غير كاثوليكية في محاولة لدمجها في المشروع الغربي، ولهذا كانت زياراته
لجورجيا والصين والهند والسودان وأخيرا لمصر.
لقد قوبل البابا في الهند رسميا بحفاوة، لأنه يمثل الغرب؛ لكن الهندوس
قابلوه بالمظاهرات التي تندد بالنشاط التنصيري في الهند. أما في مصر فقد كانت
الزيارة مناسبة لإبراز عمق الخلافات بين النصارى، وعدم ترحيب الكنيسة القبطية
بهذه الزيارة؛ لأنها تهدد سلطة الكنيسة على رعاياها، ولهذا فإن الحكومة التي
أفلحت في جعل شيخ الأزهر على رأس المستقبلين لم تنجح في إقناع البابا شنودة
بالمشاركة في الاستقبال، بل وتم منع البابا يوحنا من دخول أحد الأديرة في سيناء،
مما أكد عمق الخلاف الديني، والسياسي أيضا؛ حيث إن الكنيسة القبطية تحس أن
هناك نشاطا كنسيا غربيا بين الأقباط في مصر ومحاولة إثارة القلاقل مع المسلمين
ليكون ذلك ذريعة للتدخل الغربي في مصر عند الحاجة، بدعوى حماية الأقلية
النصرانية المضطهدة! !