للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسائل جامعية

[الانحراف العقدي في الأدب العربي المعاصر]

(دراسة نقدية)

عبد العزيز بن محمد المسلم

كتب الشيخ سعيد بن ناصر الغامدي أطروحة علمية لنيل درجة الدكتوراه بهذا

العنوان: (الانحراف العقدي في الأدب العربي المعاصر) (دراسة نقدية) .

والباحث صاحب عطاء علمي متميز وإنتاج دعوي أصيل؛ حيث ألَّف رسالة في

حقيقة البدعة، كما أعدّ مؤلفاً عن حزب البعث، ونشر كتاباً عن زغل الدعاة

وغيرها من المشاركات العلمية والفكرية النافعة.

وتأتي هذه الرسالة ضمن الجهود المباركة التي قام بها أهل السنة حكاماً

وعلماء تجاه الزنادقة والمارقين، فإذا كان الخليفة المهدي مثلاً قد تتبع الزنادقة في

عهده بالسيف، فإن الدكتور سعيداً قد تتبع زنادقة هذا العصر بقلمه بالتعرية

والتحذير من شرورهم.

وتتكون الرسالة من مقدمة وتمهيد وأربعة أبواب وخاتمة وفهارس، وقد زادت

صفحات الرسالة عن ألف وسبعمائة صفحة.

ذكر الباحث في مقدمة الرسالة عظم انحراف الحداثيين وشدة وطأتهم، فكان

مما قاله: (قضيتهم الكبرى استيراد الآراء النظرية المتناقضة، وتخدير إحساس

الأمة بآلاف الدواوين والمسرحيات والرسوم والمقالات النقدية وغير النقدية، من

خلال الإثارة والجاذبية والمتعة الفنية في الشعر والرواية والقصة، وتهريج للمسرح

وأصباغ الرسوم، وإذا بنا نرى كل طائفيٍّ يحمل أحقاده التاريخية على الإسلام

يخفي دمامة معتقده تحت فلسفة الحداثة والعلمنة، ويخرج سمومه القاتلة من أكمام

الثوب الأدبي الفضفاض) .

وتحدث الكاتب عن اهتماماته ومتابعاته لهذا الموضوع قائلاً: (هذا وقد بدأتُ

بهذا الموضوع معتنياً بجمع الكتب فيه منذ أيام الدراسة الجامعية، يوم شعرتُ أن

بعض الطلاب قد تأثرت عقائدهم بشكوكٍ قادت بعضهم إلى الانحراف الصريح،

وبعضهم إلى الشك في وجود الله تعالى والنبوات والمعاد، وكانت لي معهم جولات

في القضايا الكبرى.

وفي عام ١٤٠٧هـ سجلت على شريطين مادة علمية في هذا الاتجاه

بعنوان: (الحداثة حقائق ووثائق) وكانت ذات أثر بالغ بينت فيها حقيقة هذا الاتجاه وفضحته؛ ولله الحمد.

وفي أثناء هذه المسيرة الطويلة من المرحلة الجامعية وحتى تسجيل هذا البحث

جمعت كميات كبيرة من كتبهم ومجلاتهم وقصاصات كثيرة من صحفهم وملاحقهم

الأدبية، ولما جئت لكتابة هذا البحث وجدت أمامي ركاماً هائلاً مما هو في ملكي،

فضلاً عما في الأندية الأدبية الكبيرة، فعمدت إلى كتب وروايات ودواوين أكابر

عتاة هذه النِّحلة، وأعرضت عن التلاميذ الصغار، وقد قرأت بعد تسجيلي لهذا

البحث ما يزيد على خمسة عشر ألف صفحة من كتبهم) .

وبيّن الباحث أن عنوان البحث في موضوعه يتجه لمعالجة الحداثة، وبداية

الحداثة العربية على يد السيّاب أو نازك الملائكة حسب اختلاف الحداثيين وكلاهما

ظهر في حقبة واحدة ما بين ١٣٦٦ ١٣٨٠هـ.

ورتب الباحث فصول رسالته على ذكرٍ إجمالي لمعتقد أهل السنة في القضية

المتناولة، ثم يذكر الجذور الفكرية للانحرافات العقدية عند أهل الأدب العربي

المعاصر، ثم يورد أوجه الانحرافات والشواهد عليها ويعقب ذلك بالنقد والنقض،

أو يتركها من غير تعقيب لظهور انحرافها للعيان.

وذكر الباحث الأوصاف التي يستحقها أولئك القوم مثل أوصاف: الضلال،

والزيغ، والإلحاد، والسخف، والانحدارات الغثائية.

وساق الباحث في المقدمة الدراسات السابقة لهذا الموضوع؛ حيث عرّفها

ونقدها، وتحدث في تمهيد البحث عن شمول الإسلام لكل أعمال الإنسان ومناشطه

رداً على تمرد الحداثيين على شرع الله تعالى زعماً منهم أن هذا الشرع المنزّل ليس

شاملاً لكل الأعمال والمناشط الحياتية، وتحدث أيضاً عن علاقة الأدب بالاعتقاد،

وقرر الباحث بعد دراسة واستقراء أن كل عمل أدبي لا بد أن ينشأ من عقيدة،

وينتج من فكر معيّن وفلسفة معينة للكون والحياة والإنسان والخالق سبحانه وتعالى.

ثم سطّر الباحث نبذة عن الانحرافات العقدية المعاصرة في مجال الثقافة والفن

والأدب، وأشار في ثنايا هذه القضية إلى الخطوط العامة في مسيرة الانحراف

الثقافي والأدبي: كالحملة الفرنسية، والتخلف الاعتقادي والحضاري، وسلطة

محمد علي باشا وأثرها، والاحتلال البريطاني الاستعماري.

وأما الباب الأول فعنوانه: (الانحرافات المتعلقة بالله سبحانه وتعالى) ،

ويتكون من أربعة فصول؛ ففي الفصل الأول تحدّث الباحث عن الانحرافات

المتعلقة بالربوبية، ولخّص هذه الانحرافات بما يلي:

١ - نفي وجود الله تعالى والتشكيك فيه.

٢ - نفي كون الله تعالى رباً خالقاً مدبراً.

٣ - نسبة الأبدية للمخلوق والقول بأزلية العالم.

٤ - الزعم بأن الوجود عبث.

٥ - نسبة الخلق إلى غير الله تعالى وتسمية غير الله خالقاً.

٦ - نسبة الربوبية إلى غير الله تعالى.

٧ - السخرية والاستخفاف بالخالق جل وعلا.

ثم بسط الباحث تلك الانحرافات بالأمثلة والشواهد من كتابات الحداثيين،

وأتبعها بالمناقشة والتعقيب، واستنفد هذا الفصل قرابة مائة وخمسين صفحة.

وأما الفصل الثاني فعنوانه: المؤلفات المتعلقة بالألوهية؛ حيث كشف المؤلف

تلك الانحرافات من خلال عدة مظاهر ومن أبرزها:

١ - نفي ألوهية الله تعالى مطلقاً.

٢ - نفي بعض خصائص الألوهية.

٣ - جحد حق العبودية لله والسخرية بالعبادة ومظاهرها.

٤ - العبودية لغير الله تعالى.

٥ - تأليه غير الله ووصف غيره بالألوهية.

٦ - الحيرة والشك في الغاية من الحياة ووجود الإنسان والزعم بأن وجوده

... عبث.

٧ - السخرية والاستخفاف بألوهية الله تعالى.

٨ - معاداة السماء ويريدون بها الله جل جلاله والوحي والدين والشريعة.

٩ - احترام الكفر والإلحاد والوثنية والماركسية والعلمانية وامتداحها، ونحوه

من نِحَل الكفر والاعتراف بالانتماء إليها، وبلغت صفحات هذا الفصل ما يربو على

مائة وسبعين صفحة.

والفصل الثالث؛ حيث كان موضوعه عن الانحرافات المتعلقة بالأسماء

والصفات ومظاهرها، ومن ذلك: وصف الله وتسميته بأسماء وأوصاف النقص،

ووصفه بما لم يصف به نفسه، ووصفه بما نفاه عن نفسه، والسخرية بأسماء الله

وصفاته ومخاطبته بما لا يليق بجلاله.

ومما يحسن ذكره في هذا المقام ما قاله الباحث: (إن من عبث الكلمات

والتلاعب بالمصطلحات وغبش المضامين أن يُمتدح المستهزئ بالله والساخر من

دينه؛ فإذا قال غيور على دين الله: لِمَ هذا؟ قالوا: نثني على جماليات أدبية،

وتراكيب إبداعية.

فليس الإبداع أو الجمال أو التجديد خيراً لذاته، وليس دليلاً على العبقرية؛

لأن الذي يُبدع أو يأتي بعمل من الفن ليس ممدوحاً لذاته، بل إن كان إبداعه

وجمالياته على وجه الحق ومن أجل الحق والخير والتوحيد أساس كل ذلك فهو

محمود، وإن كان إبداعه وجمالياته في صفة الباطل والشر، وتنطوي على الإلحاد

والكفر فهو مذموم مخذول.

وسطّر يراع المؤلف الفصل الرابع من التصورات المتأثرة بالوثنيات

والديانات المحرفة، وأطال النفس فيه؛ حيث دوّن أكثر من مائتي صفحة في هذا

الفصل، ومما قاله في مقدمة هذا الفصل: (قضية تأثر الحداثيين العرب بالعقائد

الوثنية واليهودية والنصرانية من أوضح الواضحات، وأجلى المضامين الحداثية في

الشعر والدراسة والنقد والرواية) .

وتتبُّع كل شواهد هذه القضية مما يعسر ويصعب؛ ولكن نقول قولاً إجمالياً،

ثم نتبعه بشيء من التفصيل:

أما الإجمال فإنه يمكن القول: إنه لا يخلو حداثي من التأثر بهذه العقائد

الباطلة، إمّا في مجمل اتجاهه وفلسفته، وإما في جزئيات عباراته.

وقد قسم المؤلف الحداثيين العرب إلى ثلاثة أقسام:

١- النصارى العرب.

٢ - الطائفيين ممن لهم نزعة باطنية أو رافضية.

٣ - الشعوبيين؛ حيث أثبت المؤلف أن الحداثيين هم الامتداد الحقيقي

للشعوبية؛ إذ أظهروا بغضهم للعرب أمة وجنساً ولغة، مع بغض سافر للإسلام،

وإلحادٍ مكشوف.

ومما حرره الكاتب في هذا الفصل: (المسألة الجوهرية أن الحداثيين يسعون

جاهدين لتبديل دين الأمة وتحويلها من أمة موحدة إلى أمة وثنية، ومن أمة صاحبة

رسالة ودين إلى أمة بلا دين ولا رسالة) .

وساق الباحث الشواهد والأمثلة على الوثنية الصارخة في فكر الحداثة

والحداثيين، ومن ذلك أن عصابة (شعر) قد اتخذت في سبيل مشروعها

الأسطوري الوثني مصطلح الشعراء التمُّوزيين؛ حيث إن (تمُّوز) وثن أسطوري

استخدم عند الآشوريين على اعتباره رباً للمحاصيل! !

ومما يجدر نقله في هذا الصدد ما قاله الكاتب: (من آثار اعتناقهم للأسطورة

وارتوائهم من آبارها، مع وجود أرضية شاكّة في الدين أو جاحدة له: عمدوا إلى

الحقائق الثابتة في الوحي المعصوم في القرآن والسنة الصحيحة فجعلوها من

الأساطير، أو من الفلكور الشعبي! !) .

وقد تحدث المؤلف عن التصورات الحداثية المتأثرة باليهودية، وبالنصرانية،

وبالفرق المنتسبة إلى الإسلام من الباطنية والصوفية الفلسفية والخوارج والمعتزلة

والشعوبية والزنادقة، وكشف الباحث بالحقائق عن باطنية طائفة من الحداثيين

كأدونيس النصيري، وتوفيق زياد الدرزي، كما بيَّن الباحث الأثر الباطني في شعر

البياتي ونزار قباني، وخلص المؤلف في شأن الشعر الصوفي إلى (أن للصوفية

تأثيراً واضحاً في أدب الحداثة، وخاصة التصوف الفلسفي المنحرف، وما فيه من

عقائد وحدة الوجود والاتحاد وغيرها من الانحرافات الصوفية، ونجد أن أشهر

رموز هذا الاتجاه ينالون الحظوة الكبرى عند الحداثيين وخاصة ابن عربي وابن

الفارض والحلاج والسهروري والنفري) . واستوعب هذا الباب ثلاثمائة صفحة.

وشرع المؤلف في الباب الثاني تحت عنوان: الانحرافات المتعلقة بالملائكة

والكتب المنزلة والأنبياء، وكانت الانحرافات المتعلقة بالملائكة عليهم السلام

موضوع الفصل الأول، ويتمثل انحراف الحداثيين في شأن الملائكة بما يلي:

١ - نفي وجود الملائكة.

٢ - وصف الملائكة بما لا يليق بهم والتهكم والسخرية بهم.

٣ - إلحاق أسماء وأوصاف الملائكة بغيرهم.

يقول الباحث في شأن سخرية الحداثيين من الملائكة عليهم السلام: (ومن

أساليب أهل الحداثة أنهم يستعيضون عن الأفكار الصريحة بالسخرية والتهكم

والاستهزاء، كما أنهم يستخدمون أسلوب الأوصاف الهابطة وغير اللائقة بالشيء

الذي يريدون جحده أو التشكيك فيه تحت شعار: (تدنيس المقدس) الذي يعتبرونه

أحد أهم إنجازات الحداثة وأهم مشاريعها) .

وأما الانحرافات المتعلقة بالكتب المنزلة عامة وبالقرآن خاصة فكانت موضوع

الفصل الثاني؛ حيث ذكر الباحث أوجه الانحرافات التي اقترفها المصابون بداء

الحداثة حول قضية الوحي، وأنها تدور على ثلاثة محاور:

١ - انحرافات متعلقة بالتلقي.

٢ - انحرافات متعلقة بالفهم.

٣ - انحرافات متعلقة بالتطبيق.

وبسط الباحث الحديث عن جحد الوحي عند الحداثيين والتشكيك في ثبوته،

أو ثبوت بعضه، وإرادة القضاء عليه، ومثَّل لهذه القضية مع التفصيل بكلٍّ من:

حسن حنفي، وأركون، ونصر أبو زيد، وجابر عصفور، ونزار قباني،

وأدونيس، وعبد الرحمن المنيف.

وأما موضوع الفصل الثالث من هذا الباب فعنوانه: الانحرافات المتعلقة

بالرسل عليهم السلام؛ حيث ذكر أوجه انحرافهم على النحو الآتي:

١ - جحد الرسالات والتشكيك في وجود الرسل وفي صدقهم.

٢ - البغض والاستهانة والسخرية بالرسل وأعمالهم وأقوالهم.

٣ - جعل الرسل والرسالات مناقضة للعقل وسبباً للتخلف.

٤ - اتهام الرسل بأقوال الديانات المحرفة.

٥ - إطلاق أسماء الرسل وأوصافهم وخصائصهم على غيرهم.

وعرض الباحث في الباب الثالث الانحرافات المتعلقة باليوم الآخر والقدر،

وبلغت صفحات هذا الباب أكثر من مائتي صفحة. وكشف في الفصل الأول منه

عن انحرافاتهم المتعلقة باليوم الآخر؛ حيث لخّصها في ثلاثة مظاهر رئيسة:

١ - جحدهم لليوم الآخر، وما وراءه، ونفي البعث، واعتبار موت الإنسان

فناءاً لا شيء بعده.

٢ - قولهم بأبدية الدنيا أو بعض ما فيها.

٣ - سخريتهم واستخفافهم باليوم الآخر وما وراءه.

ومما كتبه الباحث في المظهر الأخير قوله: (إن عبارات السخرية

والاستهزاء التي يطلقها هؤلاء ليس في حقيقة الأمر إلا عجزاً يلبس ثوب القدرة،

وضعفاً يرتدي رداء القوة، وخوفاً من غلب الحق يأخذ شكل الاستهانة والتحدي

والاستخفاف، وهالة مصطنعة تأتي في ألبسة التقريرات الجوفاء والشتائم

الهابطة) .

وأما الفصل الآخر فقد تحدث الباحث فيه عن الانحرافات المتعلقة بالقدر،

ومن انحرافاتهم فيه:

١ - نفي وجود القدر، ونفي قدرة الله، وجعل القدر خرافة وكذباً.

٢ - ذم القدر والاعتراض عليه، وجعل الإيمان به سبباً للتخلف والتحجر

... والمهانة والسذاجة.

٣ - التهكم بالسخرية بالقضاء والقدر وبالمؤمنين به.

٤ - نسبة التقدير والقدر إلى غير الله تعالى، وزعم القدرة على تغيير مجرى

القدر المكتوب.

٥ - نسبتهم الشرك إلى الله تعالى وتسويغ الرذائل والانحرافات بالقدر.

وتحدث الباحث في الفصل الثالث عن الانحرافات المتعلقة بالغيبيات الأخرى.

وأشار الباحث إلى واقعية الحداثيين التي أوقعتهم في شذوذٍ وجنس وصراع

حيواني ونهم وجشع دنيوي هابط؛ وهربوا من الروح الرقراقة التي تميز الإنسان

عن الحيوان، لقد أصبحوا واقعيين، نعم! ولكن على مستوى الحيوان. لقد كان

فرارهم من كل ما له علاقة بالغيب والروح جعلهم يرتكسون في هذا الخوض

الآسن) .

وتتجلى انحرافاتهم في هذا الموضوع في عدة أوجه:

١ - جحد الغيبيات الحقيقية الثابتة التي جاء بها الإسلام.

٢ - جعل الإيمان بالغيبيات الحقيقية تخلفاً ورجعية.

٣ - السخرية بالغيبيات الحقيقية وبالمؤمنين بها.

٤ - الإيمان بغيبيات تناسب أهواءهم وضلالاتهم.

وتحدّث الباحث في الوجه الأخير عن الإيمان بما وراء الحس وأنه حاجة

فطرية في الإنسان، ولما أعرض الحداثيون عن الإيمان الحق وعن الإقرار

بالغيبيات الثابتة اشتغلوا بغيبيات خرافية وتصورات وثنية، كما هو ظاهر في

رواياتهم وأشعارهم، وكما بسطه الباحث في الفصل الرابع من الباب الأول

(التصورات المتأثرة بالوثنيات والديانات المحرفة) .

وختم الباحث أبواب الرسالة بالباب الرابع تحت عنوان: (الانحرافات المتعلقة

بالأحكام والسلوك ونظام الحياة) ، واستوعب هذا الباب قرابة مائتين وخمسين

صفحة، وتحدّث الباحث في الفصل الأول منه عن عبثهم بالمصطلحات والشعائر

الإسلامية، ثم بيّن محاربتهم الحكم الإسلامي والدعوة إلى تحكيم غيره كما في

الفصل الثاني حيث بيّن أوجه محاربتهم الحكم الإسلامي من خلال ما يلي:

١ - رفض حكم الإسلام ورَدُّه جملة وتفصيلاً.

٢ - زعمهم بأنه لا حكم في الإسلام.

٣ - زعمهم بأن أحكام الإسلام لا تلائم العصر ولا يمكن اعتماد الإسلام

... نظاماً للحكم.

٤ - الزعم بأن حكم الإسلام سبب للتخلف وعائق في وجه التقدم.

٥ - زعمهم بأن أحكام الشريعة بشرية وليست إلهية.

٦ - قولهم بوجوب فصل الدين عن الدولة وعن الحياة.

٧ - تفسيرهم الإسلام تفسيراً عصرياً.

٨ - السخرية بأحكام الإسلام.

وأورد الباحث في الفصل الثالث سخرية الحداثيين من الأخلاق الإسلامية

والدعوة إلى الانحلال والفوضى الخلقية.

وساق الباحث في الفصل الرابع انحرافات الحداثيين في القضايا الاجتماعية

والنفسية كالسعي في إفساد المجتمع، وإسقاط مفاهيم الأخلاق من المجتمع، ونفي

قيام مجتمع على أساس ديني، والمضادة للأسرة ونظام العائلة.

وختم الباحث هذا الباب بفصل خامس عن انحرافات الحداثيين في القضايا

السياسية والاقتصادية؛ حيث استقرأ جملة من انحرافاتهم في القضايا السياسية

والاقتصادية فذكر دعوتهم إلى تطبيق النظم السياسية والاقتصادية الجاهلية وإخضاع

الأمة لها كالماركسية والليبرالية الديمقراطية الرأسمالية، ثم بين انتماء الحداثيين

لأعداء الإسلام والمسلمين ومؤسساتهم مثل مؤسسة فرانلكين وأثرها في الاتجاه

الحداثي، ومجلة شعر وعمالتها للغرب، ودور الجوائز الأدبية والثقافية في اجتذاب

أصحاب القلوب المريضة.

وفي خاتمة الرسالة ذكر الباحث نتائج البحث، وبيان أسباب الانحراف العقدي

في الأدب العربي المعاصر، ومقترحات لمعالجة الانحراف العقدي في الأدب

العربي المعاصر مثل: تحصين أبناء المسلمين بالعلم النافع، والاهتمام بالأدب

الإسلامي، وقيام العلماء بدورهم في كشف زيوف تلك الانحرافات، وفضح الرموز

المنحرفة، وترسيخ مبدأ الولاء والبراء والمناقشة والحوار مع المغرَّر بهم،

والحصول على فتاوى من علماء الإسلام البارزين عن حكم الإسلام في تلك

الانحرافات.

لقد تميزت هذه الرسالة بسعة اطلاع كاتبها وتمام نضجه وكمال إدراكه لهذه

النازلة المترامية الأطراف، كما أن الرسالة ذات أسلوب أدبي رفيع، ولغة فصيحة

وقد أجاد الباحث في وصف هؤلاء الزنادقة بما يستحقونه من أوصاف الضلال

والزيغ. وليت الباحث تقدّم خطوة أخرى فبيّن حكم الله تعالى في مقالاتهم، وهل

يُستتابون أم لا؟

وقد وُفق الباحث في منهجه؛ حيث سار على طريقة منضبطة، وعُني بحشد

الشواهد الكثيرة والأمثلة المشهورة لكل مسألة يوردها، ولو أن الباحث أعطى

خلاصة في نهاية كل مسألة كما فعل ببعضها لكان أرفق بالقارئ وأيسر، وكذا لو

عمد إلى ترتيب بعض الفصول إلى مباحث ومطالب لكان أنفع وأكمل، وليت

الباحث عقد بحثاً مستقلاً عن العقوبات والمثلات التي حلّت بالكثير منهم [وما هي

من الظالمين ببعيد] [هود: ٨٣] .

إن هذه الرسالة لا تعد تصوراً مهماً ومرجعاً ثرياً في رصد فكر الحداثيين

فحسب، بل هي وثيقة علمية رصينة في تاريخ الأدب العربي المعاصر، كما أنها

مصدر نافع في التعريف بجملة هائلة من المصطلحات الفكرية والأدبية والتراجم

الموثقة لأدباء الحداثة، كما أبدع الباحث في مناقشة الذين يحسنون الظن بالحداثيين، والذين يجادلون عن الذين يختانون أنفسهم.

وأخيراً:

فهذه الرسالة قُدِّمت إلى قسم العقيدة، والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام محمد ابن سعود سنة ١٤١٧هـ، ثم نوقشت هذا العام ١٤٢٠هـ عن طريق

كوكبة من أهل العلم والاختصاص؛ حيث كان سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله

آل الشيخ مفتي عام السعودية مقرراً، وكان أعضاء المناقشة كلاً من: فضيلة الشيخ

صالح بن عبد الله بن حميد، وفضيلة الشيخ ناصر بن عبد الكريم المشد، وسعادة

الدكتور حسن بن فهد الهويمل.

فجزى الله الباحث كل خير على ما قدّم، وأعانه الله على المبادرة في نشرها

بأقرب فرصة، وبالله التوفيق.