شؤون العالم الإسلامي ومشكلاته
[هل يعود ظاهر شاه لحكم أفغانستان؟]
عبد الرحمن نموس
وصلنا هذا التقرير من بشاور يلقي فيه كاتبه نظرة على وضع الجهاد الأفغاني
وبعض الأحداث التي تتفاعل على الساحة هناك ونحن إذ نشكر للأخ هذا الجهد
الطيب كان بودنا لو أنه توسع في بسط وجهة نظر قادة المجاهدين في هذه المشكلة.
- التحرير -
برزت للوجود من جديد احتمالات عودة ظاهر شاه وبقوة واضحة أكثر من أي
وقت مضى، فقبل ثلاثة أسابيع تكلم المهندس حكمت يار عن مؤامرة ثلاثية
الأطراف تهدف لعودة ظاهر شاه، والأطراف الثلاثة هم:
١ - ظاهر شاه نفسه.
٢- بعض المنتسبين للجهاد (جماعة جيلاني) .
٣- النظام الحاكم في كابل ممثلاً بمحافظ قندهار الجنرال (عبد الحق علومي) .
ولقد سألت المهندس حكمت يار عن تفاصيل الخطة فقال لي: تبدأ الخطة بأن
يهاجم هؤلاء المنتسبون للجهاد مطار قندهار ولا يبدي المطار إلا مقاومة ضعيفة
في هذه الأثناء أيدٍ خفية توزع الأموال من أجل تحريك الناس للقيام بمظاهرات
بحيث يسقط في أيديهم وهو صالح للاستعمال. ويستمر هؤلاء في التقدم نحو مدينة
قندهار بالاتفاق مع علومي الذي ما يلبث أن يعلن استسلامه لهؤلاء، وتكون هنالك
تطالب بعودة ظاهر شاه. وفعلاً تقوم المظاهرات وتبدأ المرحلة الثانية بالتمهيد
لاستقبال ظاهر شاه في مطار قندهار بشكل يشبه مجيء الخميني إلى إيران.
وعلى إثر ذلك توجه حكمتيار عن طريق مدينة (كويتا) الباكستانية إلى
قندهار ليدير العمليات الجهادية بنفسه ويبذل جهده في وأد المؤامرة الخبيثة، وبقي
هناك حوالي أسبوعين يحرض المجاهدين على الجهاد وينبههم على خطورة
المؤامرة المذكورة، كما وجه خطاباً إلى المدنيين يطلب منهم فيه إخلاء المدينة حتى
يتمكن المجاهدون من شن هجومهم الشامل دون المزيد من سفك الدماء.
ولكن بالرغم من كل ذلك ما تزال احتمالات عودة ظاهر شاه قائمة ولا تزال
كل الأطراف تتحرك مؤيدة لهذه العودة، وقد وصف حكمت يار الوضع أثناء عودته
من قندهار - بأنه خطر؛ حيث وقفت عدة قوى في وجه المجاهدين - سواء بشكل
مباشر أو غير مباشر - لتشكل عوامل مساعدة في عودة ظاهر شاه، وتبدو هذه
العوامل في شق منها داخلية، وخارجية في الشق الآخر.
أولاً: العوامل الداخلية:
١- إلى الآن لم يتفق قادة الائتلاف السباعي على مستقبل البلاد وعلى مَن
يحكم البلاد، فبينما أغلب القادة يرون أنهم خضَّبوا تراب أفغانستان بدماء أكثر من
مليون من أبناء شعبها لإعادة الحكم الإسلامي فيها (حكمت يار، سياف، خالص،
رباني) يرى قسم آخر أن هذا الهدف لا يتعارض مع عودة ظاهر شاه الرجل
المناسب الذي يمثل الاعتدال عندهم؛ فهو رجل مسلم أفغاني وله خبرة سياسية
طويلة في الحكم، وقد عاشت البلاد في ظل حكمه فترة آمنة ورغدة (محمد نبي
محمدي، مجددي) ويميل بعضهم إلى استشارة ظاهر شاه في كل حركة وسكنة،
وقد ساعد هؤلاء في إنشاء بيت في مدينة (كويتا) الباكستانية القريبة من جنوب
أفغانستان، ومنطقة قندهار سموه (بيت ظاهر شاه) ، وقد بدأ هذا البيت نشاطه
كمركز إعلامي للملك، فمنه توزَّع صور الملك بالزي العسكري وفيه تُصنع أعلام
أفغانستان التي كان معمولاً بها في العهد الملكي (جيلاني) .
وقد تحدث السائق عبد الحي التابع لجماعة جيلاني إلى مراسل A. M. R. C. عن هذا البيت قائلاً: (لقد قمنا بتوزيع منشورات من هنا تؤيد ظاهر شاه) ، ويضيف المراسل: لقد حصلت على واحد من هذه المنشورات كُتب بالفارسية
وفيه هجوم على قادة المقاومة، كما هاجمت منشورات أخرى من نفس المصدر
حكومة المجاهدين المؤقتة، إضافة إلى ذلك فقد نشط أتباع ظاهر شاه بإغراء بعض
المهاجرين بالعودة إلى مناطقهم الأصلية في قندهار، وقد رجع حوالي (١٠٠٠)
عائلة - حسب نفس المصدر - إلى قندهار، وأكد هذا الخبر أيضاً مصدر مسؤول
في الاتحاد الإسلامي (مكتب كويتا) ، وذكر مصدر الاتحاد أن المجاهدين لا
يهاجمون مناطق الدولة التي يستقر هؤلاء العائدون بالقرب منها، وذكر تقرير
إعلامي - يصدر عن هيئات دبلوماسية غربية في إسلام آباد - أن ما بين مائة إلى
مائتي عائلة أفغانية تقفل عائدة من مخيمات الهجرة في بلوشستان إلى كل من قندهار
وهلمند ونيمروز في الجنوب الأفغاني.
٢- بعض قادة المجاهدين فوجئوا بنتائج الانتخابات التي حصلت ضمن
مجلس الشورى بمدينة الحجاج في إسلام آباد من أجل اختيار حكومة المجاهدين
المؤقتة؛ إذ جاءت الأحزاب الأكبر حجماً والأكثر قوة في مراتب متأخرة بالترتيب
بنتيجة هذه الانتخابات؛ الأمر الذي جعل هذه الأحزاب تعدل رأيها حول موضوع
إجراء الانتخابات العامة وتنتقل من موقف المعارض لها إلى موقف المطالب بها
وبإلحاح، وبدأت مثل هذه الأحزاب بالسعي مسبقاً لكسب تأييد شعبي وسياسي
يضمن لها النجاح مستقبلاً؛ مما اضطرها إلى إعطاء وعود جعلت جهات أخرى
تطمع في المزيد من الامتيازات أو المكاسب من الحكومة.
٣- لقد اعتمد التحالف الثماني الشيعي المقيم في إيران على المكاسب المادية
فقط في تقديره للمواقف وتقييمه للمستقبل السياسي للبلاد، فقد رفض هذا الائتلاف
مشاركة حكومة المجاهدين المؤقتة في أي وزارة كما رفض الاشتراك في مجلس
الشورى الذي اختار هذه الحكومة. وعلق أي تقارب بينه وبين ائتلاف الأحزاب
السبعة والحكومة المؤقتة على تطبيق ما وعد به مجددي بصفة شخصية لهذا
الائتلاف أثناء زيارته لطهران في أواخر يناير وأوائل فبراير عام ١٩٨٩م. وكان
وعد مجددي بإعطاء الائتلاف ١٠٠ مقعد في مجلس الشورى، وسبع وزارات -
وهي نسبة تساوي حوالي ٢٠% من كامل نصاب مجلس الشورى، و٢٥% من
كامل نصاب الحكومة. علماً أن نسبة الشيعة إلى مجموع سكان أفغانستان لا تتعدى
٨% ورغم تعدد المحاولات وتكرار جنسيات المفاوضات بين ممثلين عن الائتلافين
إلى أن أي تقدم لم يحصل حيث لم يرضَ الائتلاف الثماني بكل المقترحات التي
عرضت عليه. وأصر على حقه بمائة مقعد وسبع وزارات، ثلاث منها وزارات
مهمة، في هذه الأثناء كانت هنالك محادثات سرية تدور بين ممثلين عن التحالف
الثماني وبين سلطات نظام كابل وقد وردت تقارير تفيد أن نجيب الله رئيس نظام
كابل وعد الشيعة بإعطائهم الحكم الذاتي (في مناطقهم وأهمها منطقة (هزاراجات)
كما وعد بتعيين كريم خليلي الناطق الرسمي باسم الائتلاف الشيعي في حينه رئيسا
للوزراء، وعندما سئل حكمتيار عن المفاوضات بين الشيعة والنظام أجاب:
وصلتنا تقارير بهذا الخصوص ولكننا نفضل الانتظار.
كما أن عبد الحق (أحد القادة العسكريين التابع لحزب يونس خالص في منطقة
كابل) أصدر بيانا أكد فيه حصول مثل هذه المفاوضات بين نظام كابل وممثلين عن
الشيعة برئاسة كريم خليلي.
ولما لم يحقق هذا التحالف ما يصبو إليه من مكاسب رفض الاعتراف بحكومة
المجاهدين واعتبرها لا تمثل المجاهدين كافة وبالتالي لا يمكن اعتبارها حكومة
شرعية من وجهة نظره.
٤- بعض القادة في الداخل لهم تحفظات حول هذه الحكومة، فقد أعلن أحمد
شاه مسعود (قائد قوات الجمعية الإسلامية التابعة للأستاذ رباني في بانشير والشمال)
للتلفزيون البريطاني - أن الأسس التي قامت عليها هذه الحكومة لا تمثل العدل؛ إذ
كيف تتساوى الأحزاب الصغيرة والأحزاب الكبيرة بنفس عدد الأصوات، حيث تم
تعيين ستين عضواً عن كل حزب من الأحزاب السبعة، ويعلق أحمد شاه مسعود:
ولكن رغم ذلك سنطيع هذه الحكومة ونساعدها ريثما تنتهي مدتها وتبدأ الانتخابات
العامة لاختيار حكومة أفغانستان.
كما سمعت من بعض المصادر المسئولة هنا أن بعض القادة الصغار في
الجبهات بدأوا يفكرون بترك أحزابهم والانضمام للأحزاب المؤيدة لعودة ظاهر شاه،
وفي الغالب أن اثنين من هؤلاء نفذوا ما فكروا به.
ثانياً: العوامل الخارجية:
بالإضافة إلى العوامل الداخلية التي ذكرت هنالك عوامل خارجية تساعد على
عودة ظاهر شاه، ومنها:
١- ظاهر شاه نفسه:
حيث يرى هو ومَن معه أن حكومة المجاهدين الحالية لا تمثل قطاعات الشعب
كافة، ولم يتم تأسيسها على قاعدة واسعة، ويدعو إلى ضرورة عقد (لوياجركا) في
البلاد لاختيار حكومة المستقبل وتقرير مصير البلاد، وهو موقف مضاد لموقف قادة
المجاهدين الذين يرون أن اللوياجركا - المجلس القومي الكبير - تقليد بالٍ مضى
وقته وانتهى عهده أمام النهضة الثقافية الإسلامية والحضارية.
كما دعا أحد كبار مؤيدي ظاهر شاه - وهو المدعو دكتور يوسف (رئيس
الوزراء في عهد ظاهر شاه) في موضوع كتبه لإذاعة لندن باللغة الفارسية ضمن
برنامج متسلسل تعده الإذاعة عن مستقبل أفغانستان - إلى عقد هذه اللوياجركا كحل
أمثل للقضية الأفغانية، ولوضع حد لما وصفه بالاقتتال بين الأهل بعد انسحاب
القوات الروسية.
ورغم عدم أهمية موقف ظاهر شاه ومَن معه إذ لم يشاركوا في يوم من الأيام
في هذا الجهاد حتى يكون لهم القسط الأوفى من قطف ثماره - إلا أن الجهات
الدولية تعول على هذا الموقف وترى ضرورة اعترافه بالحكومة حتى تكون محل
اعترافهم هم.
فقد أوضحت باكستان ضرورة إشراك الائتلاف الثماني الشيعي وظاهر شاه
في حكومة المجاهدين حتى تكون محل اعترافها. وهذا الموقف ينسحب على دول
أخرى في المنطقة.
٢- موقف حكومة نجيب:
ترى إدارة النظام الحاكم في كابل أنها آيلة إلى السقوط لا محالة بغض النظر
عن طبيعة وماهية النظام المستقبلي القادم؛ لذا فهي تسعى إلى أن يكون لها نصيب
في هذه الحكومة المستقبلية، وبما أن المجاهدين قد أعلنوا رفضهم وبشكل قاطع
لمشاركة الشيوعيين في الحكم - فكان لابد لهؤلاء أن يسعوا لتسليم السلطة إلى أي
قادم يضمن لهم المشاركة، وهذا الأمر متحقق بقدوم ظاهر شاه الذي لا يرى مانعاً
من تشكيل حكومة واسعة تشارك فيها كل الأنشطة السياسية في البلاد؛ لذا أعلن
نجيب الله - في افتتاحه جلسة اللوياجركا، التي انعقدت خلال يومي ٢٠، ٢١/٥/
١٩٨٩م - أن حكومته تبذل ما تستطيع من جهد لعودة ظاهر شاه إلى أفغانستان
ووصفه بأنه رجل المرحلة، وأشار نجيب أيضاً إلى أنه لابد لحزب الشعب
الديمقراطي من أن يشارك في أي حكم مستقبلي.
وكرر هذه الإشارة في معرض رده على بيان بوش وبوتو بعد زيارة الأخيرة
لأمريكا والذي طالبا فيه بتنحي حكومة نجيب عن الحكم.
وتأكيداً لمساعي نظام كابل في العمل على عودة ظاهر شاه تم تكليف الجنرال
(عبد الحق علومي) محافظ قندهار بلعب دور مهم في هذه المسألة، وبدأ الأخير فعلاً
تحركه في هذا المجال، فقد كان دوره في المؤامرة المذكورة - كما ذكرنا -أن
ينضم بسرعة للقوات المنتسبة إلى المجاهدين ويدفع زبانيته لتحريك الناس بالتظاهر
مطالبة بعودة ظاهر شاه، كما بدأ علومي يوظف مخابراته بدفع الأموال للمهاجرين
واستقدامهم إلى قندهار والمحافظات الجنوبية القريبة منها ليكونوا درعاً من أي
هجمات متوقعة لإفشال المؤامرة، وأداة في التظاهر لعودة الملك المخلوع، وعمل
نوعاً من المصالحة عندما سمح لبعض أدعياء الجهاد بالنزول إلى المدينة وزيارة من
يشاءون والتحرك بمنتهى الحرية شريطة عدم حمل السلاح، ومازال علومي
وأتباعه يدرسون هذه المؤامرة خصوصاً في مجال استقدام أكبر عدد من المهاجرين
إلى داخل أفغانستان.
٣- موقف باكستان:
بدأت باكستان تميل - منذ بداية عهدها الجديد (ما بعد ضياء الحق) - نحو
حل سياسي يرضي أكثر من طرف، وقد تجلى هذا في العديد من النقاط البارزة في
السياسة الباكستانية تجاه القضية الأفغانية.
وأولى هذه النقاط تخفيف الدعم عن المجاهدين بنسبة كبيرة، وقد ذكر بعض
القادة أن الدعم الحالي يساوي خُمس الدعم الذي كان المجاهدون يتلقونه سابقاً،
وذكر قسم آخر له علاقات أقوى مع الباكستان أن الدعم انخفض إلى الثلث.
كما عمدت الحكومة الجديدة إلى إقالة حميد غول - رئيس المخابرات
الباكستانية - الذي يمثل التيار الأكثر تأييداً ودعماً للمجاهدين، ووافقت على وجود
نقاط مراقبة تابعة لهيئة الأمم المتحدة على حدودها مع أفغانستان بينما لم تطالب
بمثل هذه النقاط على الحدود الأفغانية الروسية!
وترى الإدارة الباكستانية نفس رؤية الغرب بأن حكومة المجاهدين الحالية لا
تمثل كل فئات الشعب، ولابد أن تكون الحكومة مبنية على قاعدة واسعة، وقد ذكر
غلام إسحق ضرورة إشراك الائتلاف الثماني الشيعي وضرورة إشراك المستقلين
في أوربا (ظاهر شاه) - حتى يمكن الاعتراف بهذه الحكومة.
كما توقف وزير الخارجية الباكستانية صاحب زاده يعقوب خان في روما -
أثناء رحلته إلى أمريكا - وقابل ظاهر شاه وناقش معه بعض المسائل المتعلقة
بالقضية الأفغانية، كما قابل قبيل سفره بعض الزعماء الأفغان المؤيدين لعودة ظاهر
شاه في مدينة (كويتا) الباكستانية.
وأخيراً صرحت بي نظير بوتو في أمريكا أنها تريد تسوية سياسية في
أفغانستان حتى يستطيع ٣.٦ مليون مهاجر أفغاني في باكستان أن يعودوا إلى بلادهم، ونقلت مجلة (نيوز ويك) - الصادرة بتاريخ ٤/٦ - عن بوتو قولها: أنها لا
ترغب في حكومة أفغانية يتحكم فيها الأصوليون، ودعت إلى مفاوضات لإيجاد
حكومة موسعة، ونقلت نفس المجلة عن صاحب زاده يعقوب خان - قوله: إن
الحل العسكري غير مرغوب فيه، وإن على الأمم المتحدة أن تساعد في إنجاز
انتقال سلمي للسلطة.
٤- الموقف الأمريكي:
لم تكن سياسة أمريكا في يوم من الأيام لصالح قضية إسلامية - مهما صغرت
أو كبرت - حتى تقف لصالح الجهاد الأفغاني الذي يمكن أن يؤدي إلى قيام دولة
إسلامية - بإذن الله - لكن هذه السياسة هي اليوم أشد وضوحاً في الوقوف ضد
الخيار الإسلامي، فموظفو الإدارة الأمريكية يرون وجوب تعديل سياستهم تجاه
القضية الأفغانية وانتهاج خطة جديدة تتمحور حول كيفية إيصال نظام غربي
يسمونه (بالاعتدال) إلى السلطة وبطريق سياسي لا عسكري (نيوز ويك ٤/٦) .
كما أن الرئيس الأمريكي - الذي أعلن عن اتفاقه في وجهات النظر مع
السياسة الباكستانية تجاه حل سياسي للقضية الأفغانية - قال في مؤتمره الصحفي
الذي عقده مع بي نظير برتو: إن قضية أفغانستان لم تنتهِ بعد، ولقد تحدثنا أنا
ورئيسة الوزراء الباكستانية عن طرق وأساليب تشكيل برلمان أفغاني غير منحاز
لإحياء الأمن وتغيير الحكومة غير الشرعية في أفغانستان، كما أكد همايون خان
وكيل الخارجية الباكستانية وحدة المواقف الأمريكية الباكستانية عندما أجرى راديو
صوت أمريكا بالفارسية حواراً معه فقال: إن الولايات المتحدة والباكستان تحملان
نفس المواقف منذ البداية بخصوص مشكلة أفغانستان، وتتفقان على حل سياسي
لها ...
إضافة إلى ذلك فإن موقف الإعلام الأمريكي يعكس حقيقة الوضع في
واشنطن؛ فصحيفة (نيو يورك تايمز) - الصادرة بتاريخ ٢٢/٥/١٩٨٩ ترى أن مواصلة الدعم للمجاهدين عبارة عن مجازفة كبيرة خصوصاً بعد الانسحاب السوفييتي، وترى الصحيفة أن الأحزاب الأقوى التي يقودها مَن وصفتهم بالأصوليين يملكون أهدافاً على النقيض تماماً من أهداف أمريكا، كما دعت (نيو زويك) إلى وقف الدعم عمن وصفتهم بالثوار؛ لأن الدعم الأمريكي حقق - حسب الصحيفة - الانتصار بجعْل - القوات الروسية تنسحب من أفغانستان، أما الآن فإن هذا الدعم لا مبرر له وقد ينقلب ضد مصلحة أمريكا!
٥- موقف هيئة الأمم المتحدة:
بدأت هيئة الأمم المتحدة بزيادة نشاطها من جديد فيما يخص القضية الأفغانية، فبعد فشل كوردوفيز في حل القضية ووضوح عدائه للمجاهدين هدأت الأمور فترة
ثم عادت لتبدو بشكل اقتراحات عجيبة من قبل هيئة الأمم المتحدة.
فبعض أركان هذه الهيئة يدعو إلى عقد مؤتمر دولي لبحث مستقبل أفغانستان، ولقد كان الأَوْلى أن تتم الدعوة لمثل هذا المؤتمر أيام تواجد القوات الروسية في
أفغانستان لبحث مسألة احتلال هذه القوات لأرض الغير بشكل غير شرعي، أما
اليوم فالمسألة غدت مسألة داخلية بين حكومة غير شرعية جاءت على ظهر الدبابة
الروسية لتحكم البلد، وبين مجاهدين معهم الملايين من الشعب المهاجر من جراء
القمع الوحشي الذي يمارسه العملاء في داخل البلاد، وهؤلاء المجاهدون يطالبون
- وبحق - بتنحي الحكومة الشيوعية وقيام حكومة إسلامية تفي بمتطلبات شعب
مسلم هاجر من أجل دينه ومعتقده.
كما حاول ديكويلار ومن خلفه صدر الدين آغا خان مبعوث هيئة الأمم المتحدة
لشؤون المهاجرين سحب ورقة المهاجرين من أيدي المجاهدين باقتراح إنشاء أماكن
محايدة في أفغانستان يتم ترحيل المهاجرين إليها، وتشرف هيئة الأمم المتحدة على
أمورهم المعيشية فيها. وقد رفض المجاهدون هذا الاقتراح الذي أيدته باكستان لأنه
لا يمثل حلاً حقيقياً لمشكلة خمسة ملايين وثمانمائة ألف مهاجر يعيشون في باكستان
وإيران، ولأن المهاجرين لا يأمنون غدر الحكومة بقصف هؤلاء المهاجرين.
وأمام هذه العوامل فإنه من الواضح أن الأعداء يتكالبون على هذا الجهاد من
كل حدب وصوب يريدون له أن يكون قتالاً ضد روسيا، ويريدون له أن يكون
حرباً وطنية لطرد محتل ثم لطرد عملاء هذا المحتل، ويريدون له أن يكون كل
شيء إلا أن يكون جهاداً إسلامياً ضد إحدى أكبر قوى الطاغوت في الأرض وعمل
على رفع الراية الإسلامية وحرص عليها بكل إمكاناته.
إن استمرار الجهاد هو الذي يحبط هذه المؤامرات والهدف الأول والأخير هو
مرضاة الله - سبحانه - على كل الأحوال فإذا أخلصت النيات وصدقنا التوجه
وتسلحنا بمزيد من الصبر وتلاحم الصفوف فإن الله - سبحانه وتعالى -
[ولينصرن الله من ينصره] والحمد لله رب العالمين.