مصطلحات إسلامية
[الشهيد]
عادل التل
المعنى اللُّغوي:
شهد، يشهد، فهو شاهد وشهيد، والجمع أشهاد وشهود، والشهداء جمع شهيد، وأصل الشهود والشهادة: الحضور مع المشاهدة، إما بالبصر أو بالبصيرة،
والشهيد من أسماء الله الحسنى، وهو من صيغ المبالغة بوزن (فعيل) فإذا اعتبر
العلم مطلقاً، فهو العليم، وإذا أضيف إلى الأمور الباطنة، فهو الخبير، وإذا
أضيف إلى الأمور الظاهرة فهو الشهيد..
المعنى الاصطلاحي:
التعريف: (الشهيد هو الذي يقتل مجاهداً في سبيل الله، مخلصاً مقبلاً غير
مدبر) ومصطلح الشهيد الذي يدل على المقتول في سبيل الله - هو مصطلح
إسلامي صرف لم تستعمله العرب في الجاهلية بهذا المعنى، وإنما كان معروفاً
عندهم بمعناه اللغوي فقط.
عناصر التعريف:
أولاً: تسمية الشهيد:
ذكر العلماء أقوالاً كثيرة توضح السبب في تسمية الشهيد شهيداً نختار منها:
- لأن الشهيد حي فكأن أرواح الشهداء شاهدة: أي حاضرة.
- لأن الشهيد يشهد له الله بحسن نيته وإخلاصه.
- لأنه يشهد عند خروج روحه ما أُعد له من الكرامة.
وقد أطلق لفظ الشهيد على خصال وأعمال في غير القتل في سبيل الله، ولكن
إذا ذُكر هذا اللفظ مطلقاً دون قرينة - فإن فهم الناس يتجه إلى أنه المقتول في سبيل
الله. فقد روى أبو هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما
تقولون في الشهيد فيكم؟ قالوا: القتل في سبيل الله قال: إن شهداء أمتي إذاً لقليل! ، من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، والمبطون
شهيد، والمطعون شهيد» . صحيح أخرجه ابن ماجه.
والمبطون هو الذي يموت بداء البطن، والمطعون هو الذي يموت بمرض
الطاعون، وقد عدَّد العلماء أكثر من عشرين خصلة وردت في الأحاديث الصحيحة
مثل الحرق والغرق والنفساء وذات الجنب وغير ذلك. قال ابن التين: هذه كلها
ميتات فيها شدة، تفضل الله على أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - بأن جعلها
تمحيصاً لذنوبهم وزيادة في أجورهم، يُبلّغهم بها مراتب الشهداء.
قال ابن حجر في فتح الباري:
والذي يظهر أن المذكورين ليسوا في المرتبة سواء، ويدل عليه ما رواه أحمد
وابن ماجة «أن النبي سئل أي الجهاد أفضل؟ قال: من عُقر جواده وأُهريق دمه» حديث صحيح.
ثانياً: القتال في سبيل الله:
يجب أن يتحقق القتل في سبيل الله بسبب الجهاد، فمن جاهد حياته كلها -
ولم يحدث القتل أثناء الجهاد وبسببه - فلا يكون شهيداً وإن كان له أجر المجاهدين
وثواب الشهداء، فقد أخرج ابن ماجة في باب الجهاد عن النبي - صلى الله عليه
وسلم -: «من سأل الله الشهادة بصدق من قلبه بلَّغه الله منازل الشهداء، وإن مات
على فراشه» .
ولا يشترط أن يتحقق القتل في خضم المعارك وخلالها، وإنما يكفي أن يكون
القتل في الجهاد وبنِيته، وهذا يشمل مرحلة ما قبل المعركة وما بعدها.
وقد أصيب سعد بن معاذ يوم الخندق بسهم في الأكحل، ومات منه بعد مدة
فكان شهيداً. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضاً:
(سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه
فقتله) حسن أخرجه الحاكم والضياء.
ثالثاً: صلاح النية:
وهو أن يكون القصد من الجهاد، والغاية من الخروج إلى القتال هو إعلاء
كلمة الله، والنية أمر خفي؛ لذلك كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - عن حقيقة الجهاد.
أخرج البخاري عن أبي موسى قال:
«جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذِّكْر، والرجل يقاتل ليُرى مكانه، فمَن في سبيل الله؟ قال: من
قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله» .
وقد أنكر الإسلام دواعي القتال في الجاهلية وأبطلها، فكان الفخر، والثأر،
وحب الرياسة، وطلب المغنم، والتعصب للقبيلة تمثل أكثر الأسباب التي تؤدي إلى
نشوب المعارك والحروب، وليست أيام العرب في الجاهلية عنا خافية.
من أحكام المصطلح:
للشهيد خصائص وميزات عند ربه لا تكون لغيره:
- الشهيد حي عند ربه؛ قال - تعالى -: [ولا تَقُولُوا لِمْن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ ولَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ] [البقرة: ١٥٤] .
- الشهيد يرزق في برزخه؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«إن أرواح الشهداء في جوف طير خضر لها قناديل معلقة تحت العرش
تسرح في الجنة حيث شاءت» أخرجه مسلم والترمذي وابن ماجة وغيرهم.
- الشهيد يتمنى الرجوع إلى الدنيا للجهاد مرة ثانية؛ لذلك تمنى رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - أن يُقتل شهيداً فقال:
«والذي نفسي بيده لوَدِدتُّ أني أُقتل في سبيل الله ثم أَحيا، ثم أقتل ثم أحيا،
ثم أقتل ثم أحيا، ثم أقتل» أخرجه البخاري.
- الشهيد يغفر الله له ذنوبه؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «
يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدَّيْن» . أخرجه أحمد ومسلم.