للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منتدى القراء

[السفينة الماخرة]

شعر:علي بن جبريل

من خلفِ باقة الأيّام والكثُبِ ... خلفِ تلٍّ من الأمواج مضطربِ

سفينةٌ برزتْ تسعى على مَهلٍ ... تداعبُ الريحَ في رفق وفي دأبِ

تجيء ترقصُ من فرحٍ ومن أملٍ ... ومن حنينٍ ومن حُبٍّ ومن طرَبِ

تسيرُ سيراً حثيثاً في مكابَدةٍ ... تجُرّ هيكلها المضْنِيّ في تعبِ

ربّانها ثغرُه للموج مُبتسمٌ ... يقودُها بثباتٍ، غير مكتئبِ

لا يرعوي لخطوبٍ قد تُلِمّ به ... ما دام معتصماً بالله، ذا أدبِ

تسير في جَلَدٍ رغم العوائق في ... طريقها، لم تخفْ يوماً ولم تهَبِ

سفينة.. لو رأتْ عيناك ملعبها ... وسط البحارِ، وبين الموجِ والصّخبِ

لخالتا -عندها- أن لا نجاة لها ... وأن ركّابها لا شكّ في كُرَبِ

رأيتُها.. والأسى لفّ الرّداء على ... نفسي، وقلبي، ووجداني، ومُطّلبي

ولألأت حينها الأنوارُ طافحةً ... والبشرُ في مُهجتي، والنّورُ شعْشَع بي

واغرورقتْ مقلتي بالدّمعِ في فرحٍ ... وأطلقت عبراتٍ أذهبَتْ وصَبي

فيا سفينتنا.. سيري ولا تقفي ... وأبحري في خضم البحر لا تَهبي

وأيقظي أمتي من طولِ رقدتها ... وحرِّكي الركب من عُجمٍ ومن عربِ

وبيّني سنّة الأسلافِ واضحةً ... وفنّدي كلّ قولٍ جَدّ في لَعِبِ

فقد حُبيتِ بياناً ساحراً سلساً ... يسيرُ حذوَ بيانِ المصطفى العربي

بيانُكِ الحلوُ أرضى كلّ ذي خُلُقٍ ... وذي صلاحٍ، وذي تقوًى، وذي أدبِ

أسيرُ بين روابيكِ التي حسُنتْ ... أنقِّلُ الطّرف من شِعْبٍ إلى شِعَب

فأستلِذّ بيانَ الحقِّ يُطربني ... يا بهجة الروح بين الدين والأدبِ

فشمّري.. شمّري عن ساعدٍ قوِيَتْ ... وأبحري.. أبحري وسط الضبابة بي

تشبّثي عروةَ الرحمن جَاهدةً ... فعُروَةُ الله سلوى كل مغترِبِ

وعروةُ الله أمضى ما نسيرُ به ... وعروةُ الله لا تُبتاع بالذّهبِ