للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلمة صغيرة

[إما الحرب.. وإما الحرب]

نشرت صحيفة نيويورك تايمز في (٢٧/١/٢٠٠٣م) بياناً بعنوان: (ليس

باسمنا) وقعه ٤٥ ألف أمريكي ينددون بالحرب المحتملة ضد العراق، وطالب

الموقعون الشعب الأمريكي بمقاومة الحرب والسياسات التي تتبناها الحكومة

الأمريكية منذ ١١ سبتمبر ٢٠٠١م، التي وصفوها بأنها غير قانونية أو أخلاقية أو

عادلة..!

ثم تصاعدت الأصوات والمظاهرات المناهضة للحرب حتى شملت أكثر من

٦٠٠ مدينة داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها، حتى عُدت هذه المظاهرات

أكبر مظاهرات يشهدها العالم بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن صحيفة النيويورك

تايمز في (١٦/١/٢٠٠٣م) تؤكد أن: (العسكرية الأمريكية ستظل هي اللاعب

المركزي في إدارة شؤون البلد!) .

لقد وضعت الإدارة الأمريكية أمام المجتمع الدولي خيارين لا ثالث لهما:

(فإما الحرب.. وإما الحرب!!) ، ومنذ أن صدر قرار الأمم المتحدة رقم

(١٤٤١) القاضي بإرسال لجنة التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل في العراق

(أنموفيك) برئاسة (هانز بليكس) ، والحشود العسكرية الأمريكية الهائلة تسبق

باستعدادتها فرق التفتيش، وتفرض أجواء الحرب في المحافل الدولية والوسائل

الإعلامية، وعندما سئل (رامسفيلد) وزير الدفاع الأمريكي عن احتمالية اعتراض

بعض الدول في مجلس الأمن الدولي أو الاتحاد الأوروبي قال بكل تجبر: إن

الإدارة الأمريكية هي وحدها المخوَّلة باتخاذ قرار الحرب! وعلقت (كونداليزا

رايس) مستشارة الأمن القومي على المظاهرات المنددة بالحرب قائلة بكل

استخفاف: إن هذه المظاهرات لن تثنينا عن المضي في الطريق الذي اخترناه

لتحقيق مصالحنا! وكما أدار الإعلام الأمريكي حرب أفغانستان بلغة تعتمد على

التهويل والتضليل وتزييف الحقائق، فإنه يدير حرب العراق مستنداً إلى اللغة نفسها.

ولئن تساءلت أمريكا في بداية أزمة ١١ سبتمبر: لماذا يكرهوننا؟! ولم

يجب ساستها وكثير من مفكريها بصدق عن هذا السؤال، فإن حدة الكراهية

تضاعفت كثيراً خلال هذه الأشهر القلائل، وهي مرشحة لمزيد من الاتساع

والتصاعد، وقد أظهر استطلاع للرأي أجرته مجلة تايم الأمريكية بموقعها الأوروبي

على شبكة الإنترنت أن ٨٣.٤% يرون أن أمريكا تشكل الخطر الأكبر على السلم

العالمي، بينما اعتبرت نسبة تقل عن ٩% فقط أن العراق هو الذي يشكل هذا

الخطر!

ونحسب أن هذا الصلف والطغيان الأمريكي لن يستمر كثيراً؛ فقد كتب الله

تعالى نهاية سريعة للظالمين.

وإن من أوجب الواجبات على الأمة في هذه المرحلة الحرجة: استثمار هذا

الواقع في إحياء عقيدة البراءة من الكافرين فكراً وثقافة وسلوكاً، وإبراز الهوية

الإسلامية القائمة على الاعتزاز بالدين، وتعظيم كتاب رب العالمين، والتمسك بسنة

سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: [وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ

إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ] (الحج: ٤٠) .