[حول الفساد الإعلامي في شهر رمضان]
إعداد: خباب بن مروان الحمد
لأهميَّة هذا الشهر وما يبذله بعض الإعلاميين من جهود كبرى للتضليل والصدِّ عن ذكر الله، ناسب بيان موقف أحد الإعلاميين المتخصِّصين، والذين يجمعون بين التخصص الإعلامي والثقافة الإسلامية، فكانت إجابة الأستاذ الدكتور: محمد بن سعود البشر، التي نأمل أن تعكس الواقع، ونرجو من الله أن يهدي من ساهموا في ترويج الفساد، في شهر البر والإحسان، وأن يردَّهم إلى الحقّ ردّاً جميلاً.
الدكتور: محمد بن سعود البشر ـ أستاذ الإعلام السياسي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية:
الإعلام العربي في رمضان: فُحش المشهد وبذاءة العرض:
شهر رمضان لكثير من المؤسسات الإعلامية في الوطن العربي، وبخاصة القنوات التلفزيونية، موسم للتنافس في جذب الجماهير وإشباع حاجاتهم، مثله مثل موسم جني الأرباح للمضاربين في السوق المالية.
المضاربون في الأسهم يتحيَّنون أوقات الهبوط المالي للشركات، حتَّى إذا ارتفع المؤشِّر أقبلوا زرافاتٍ ووحداناً على البيع؛ فمنهم المقلُّ، ومنهم المستكثر.
رمضان موسم لجني الأرباح المتمثِّل في تقديم كلِّ ما سبق إعداده والتخطيط له لجذب أكبر شريحة من الجماهير، وإذا أقبل الجمهور على الوسيلة الإعلامية، أقبل معه المُعلن، طوعاً أو كرهاً، للتعريف بسلعته، أو الترويج لها، أو ـ في أقلِّ الأحوال ـ تسجيل الحضور الاجتماعي في ذاكرة المشاهد.
وتزايد الإعلان في هذه الوسيلة أو تلك يعني زيادة في إيرادات الوسيلة، وارتفاع المؤشر المالي لوضعها الاقتصادي.
كلُّ ذلك عمل احترافي ومهني مشروع إذا كان ما يقدمه للناس مباحاً، في أقلِّ أحواله.
هذه المقدمة تقودنا إلى التساؤل الفصل:
هل كل ما يقدمه الإعلام العربي في رمضان يرقى إلى مرتبة (المباح) ؟
الإجابة تحتاج إلى دراسة شاملة موثَّقة بالحقائق والأرقام والإحصائيات، وتتطلب جهداً مضنياً، إن لم يكن مستحيلاً؛ إذ يتعذَّر دراسة كل وسائل الإعلام العربية في بحث علمي يقود إلى نتائج صحيحة ودقيقة.
لكن (الملاحظة) منهج علمي يقود إلى وصف الظاهرة بطريقة تحقق درجات عليا من الصواب.
فعمّا تنبئ الملاحظة؟
مجمل الاستقراء التتبعي لما يقدم لجماهير المشاهدين المسلمين، في شهر العبادة، لكثير من وسائل الإعلام العربية، ونخص بالذكر القنوات الفضائية: «صدود عن ذكر الله والصلاة» :
١ ـ موسيقى تختلط بمكبِّرات الصوت في المساجد الذي يُرفع فيها الأذان، والحديث، وصلاة الفريضة والتراويح.
٢ ـ مسلسلات يُخدَش فيها الإيمان والحياء.
٣ ـ برامج منتظمة يتلبَّس فيها (الفنِّي) بـ (الشرعي) ، يُلمز فيها أهل التقى والصلاح، ويُتطاول فيها على السنَّة، ويتقمَّص فيها أهل الفجور شخصيات من التاريخ الإسلامي، ورموز أئمة العلم في الأمَّة.
٤ ـ توظيف باطل للقضايا التي تعاني منها المجتمعات الإسلامية بدعوى الإسهام في معالجتها ـ كقضية الإرهاب في هذا العام والذي سبقه ـ ففيها تشويه لحقائق الدين، وتعزيز للصورة المشوَّهة التي روَّج لها الغرب عن أهل الصلاح والالتزام في المجتمع.
٥ ـ مشاهد تلفزيونية، تزني بها العين، وتنقدح في عقول الناشئة ـ على وجه الخصوص ـ بطريقة تبالغ في فحش المشهد وبذاءة العرض.
هذه بعض ملامح إعلامنا العربي في رمضان، مضامينه تنقص الإيمان، وترفع مكاييل الإثم، وموازين الخطيئة.
سئل بعض الصالحين عن قوم يتعبَّدون الله في رمضان ويجتهدون، فإذا انسلخ رمضان تركوا، فقال: (بئس القوم لا يعرفون الله إلاَّ في رمضان) !!
فكيف بمن يجتهد في رمضان للصدِّ عن الذكر والعبادة؟
هذا هو حال جلِّ إعلامنا في رمضان.