للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منتدى القراء

[تعاملنا مع الحقائق]

بقلم: سالم بن جروان الضوي

يقع الناس في تعاملهم مع الحقائق في أخطاء كثيرة، وتناقضات مثيرة.

والمفترض في العاقل أن يتعامل مع الحقائق التي تيقنها بما يناسبها ويلائمها.

والحقائق التي أعنيها هنا هي الحقائق الشرعية التي دل الكتاب والسنة على

أنها حقائق.

وقصدت الحقائق الشرعية بالحديث لسببين:

١- لأنها حقائق يقينية؛ فإن كل مسلم يؤمن إيماناً كاملاً ويوقن يقيناً تاماً

بالحقائق التي دل الكتاب والسنة عليها.

٢- لأن أمر غيرها يسير بالنسبة إليها، فإن غاية الضرر الحاصل نتيجة

التناقض في الحقائق التجارية مثلاً هو أن يخسر الإنسان المال، وخسارة المال أمر

هين فإنه يمكن تعويضه.

أما الحقائق الشرعية فإن أمرها صعب وخطير؛ لأنه قد يترتب على التناقض

فيها والتعامل معها بما لا يناسبها دخول النار. وها أنا ذا أسوق بعض الأمثلة

لبعض الحقائق الشرعية لنرى كيف يتعامل الناس معها:

من الحقائق الشرعية التي دل عليها الكتاب والسنة هي حقيقة الموت قال

تعالى: [كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ] [آل عمران: ١٨٥] وقال: [إنَّكَ مَيِّتٌ وَإنَّهُم

مَّيِّتُونَ] [الزمر: ٣٠] .

أيضاً لم يتعامل الناس مع هذه الحقيقة تعاملاً يناسبها خصوصاً أن هناك حقيقة

أخرى تقول: [فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَراً يَرَهُ] [الزلزلة: ٧، ٨] .

حتى إن الناس كأنهم بهذه الحقيقة يكذبون، وينظرون إليها بمنظار خاطئ هو

أن فلاناً كبير السن فالموت منه قريب، وفلاناً صغير السن فالموت منه بعيد.

والموت لا ينظر في أخذه للناس بهذا المنظار، ولكنه يتعامل معهم بحقيقة

[وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَاًخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ] [الأعراف: ٣٤]

كباراً كانوا أم صغاراً.

ولهذا قال بعضهم مبيناً خطأ هذه النظرة:

ولا تقل الصبا فيه امتهال ... وأبصر كم صبياً قد دفنا

وتعجّب آخر من تعامل الناس مع هذه الحقيقة فقال:

ولم أرَ مثل الموت حقاً كأنه ... إذا ما تخطته الأمانيّ باطل