للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقفات

[رسالة على لسان مجاهد شيشاني]

أحمد بن عبد الرحمن الصويان

افعلوا ما شئتم أيها الروس.. فإنكم مهما قتلتم من الشيب والشباب، أو رمّلتم

من النساء ويتمتم من الأطفال، فاعلموا أن ذلك لن يضرنا بإذن الله تعالى.

افعلوا ما شئتم.. وكيدوا ما شئتم، واستخدموا ما أردتم من الأسلحة الفتاكة،

والقنابل المدمرة؛ فإن الله تعالى معنا، قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار.

افعلوا ما شئتم.. انتفشوا وتبختروا ولا تأخذكم بنا رأفة لا شفقة، لا ترحموا

طفلاً رضيعاً، ولا شيخاً كبيراً، ولا امرأة ضعيفة؛ فإن الله تعالى لن يضيعنا.

عجباً لكم! ماذا تنقمون منا؟ !

ألأننا عدنا لديننا واعتصمنا بكتابنا؟ ! ألأننا نهضنا من سُباتنا ورحنا نبحث

عن هويتنا؟ ! ألأننا بدأنا نستنشق نسائم الحرية، ونزيل تراب الشيوعية من فوق

رؤوسنا..؟ !

أرأيتم تبختركم وطغيانكم وجبروتكم وظلمكم، أتظنونه سوف يستمر؟ ! لا

والله؛ فإن الله هو القوي العزيز، وإنَّا لنبصر فجر الخلاص بين راحتي هذه المحن

بإذن الله تعالى.

كم فسقتم وطغيتم وزلزلتم الأرض من تحت أقدامنا، وصبَّحتمونا بالقنابل

المدمرة، ومسَّيتمونا بالصواريخ الحارقة.. كم.. وكم؟ ! ولكن: [أَأَمِنتُم مَّن فِي

السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإذَا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ

عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ] [الملك: ١٦، ١٧] .

انظروا إلى فلول المهاجرين من الشيوخ والنساء والصبيان والعَجَزة كيف

راحوا يهربون زرافات ووحداناً فراراً بأنفسهم وأعراضهم من جبروتكم

وتسلطكم..؟ ! يا سبحان الله! ما أقسى الذلة والمهانة! وما أصعب الشتات والتفرق! وما أشد ألم المرأة العفيفة التي انتُهِكَ عِرضها! وهل تعرفون أشد حرارة من دموع ذلك الشيخ الذي هدّه الألم وفجعته الكارثة..؟ !

تأملوا في نظرات ذلك الصبي التائهة، يتلفت هنا وهناك في تلك الأفواج

المهاجرة لعله يجد أمه أو أباه أو أخته فيرتمي في أحضانهم.. ولكن.. هيهات

هيهات..! !

ها هو ذا شيخ طاعن في السن يضم رأسه بين راحتيه مقعياً حزيناً يتجرع ألم

الحسرة والفراق فقد هُدِّم بيته، وأُحرق زرعه، ودُمِّرت أملاكه، وتخطفت قنابل

النابالم المحرقة زوجه وولده، فانزوى حزيناً يدفن مرارته وحزنه، ويكفكف دمعه

وعبرته، وهكذا حال بقية الناس من حوله يُظلِّل وجوههم الفزع، ويحوطها

الهلع.. ولكن ما زادنا ذلك إي والله إلا قوة وثباتاً وإصراراً على طريق الجهاد في سبيل الله.

نعم صبَّ طغاتكم علينا أقسى أنواع الظلم، فأحاط بنا الألم من كل مكان،

نأرق ونحزن، وتتصدع قلوبنا على أهلينا وأبنائنا، لا تهنأ لنا عين بنوم، ولا يرقأ

لنا دمع، نرى أبناءنا ونساءنا وإخواننا يُتَخَطَّفون من حولنا، وربما قدرنا على

مواراتهم بالتراب، وربما عجزنا عن ذلك.. ولكن واللهِ الذي لا إله إلا هو إن

قلوبنا العامرة بالإيمان مطمئنة ساكنة يملؤها البِشْر والراحة والشوق للقاء الله،

وتحدوها أطايب الجنة إلى التسابق في التضحية وملاقاة الكفرة الملحدين، ولا نجد

في نفوسنا قوة وثباتاً وشجاعة كما نجدها الآن، ولله الحمد والمنَّة.

أيها الروس: إننا نقاتلكم برجال نحسبهم والله حسيبهم يحرصون على الموت

أكثر من حرصكم على الحياة، ارتفعت رؤوسهم الشماء اعتزازاً بدينهم، وشمخت

أفئدتهم الكريمة ثباتاً وصلابة، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، استعانوا

بربهم، وعضوا على دينهم بالنواجذ.

إننا نقاتلكم برجال يصدق فيهم قول الشاعر العربي:

عُبّاد ليل إذا جنَّ الظلام بهم ... كم عابد دمعه في الخدِّ أجراه

وأُسْدُ غاب إذا نادى الجهاد بهم ... هبُّوا إلى الموت يستجدون رؤياه

أيها الروس: هَبُوا أنكم دمَّرتم ديارنا وقتلتم رجالنا؛ أتظنون أن الله مخلفٌ

وعَده رسُله..؟ ! افعلوا ما شئتم؛ فإننا نرى بناءكم المترهل بدأ يتساقط ويتمزق

بإذن الله، [وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ] [الحج: ٠٤] . ...

ماضٍ وأعرفُ ما دربي وما هدفي ... والموتُ يرقصُ لي في كل منعطَفِ

وما أبالي به حتى أحاذرَه ... فخشيةُ الموت عندي أبردُ الطُّرَفِ