المسلمون والعالم
بعد الحرب:
اليمن يمر بأخطر مرحلة
أيمن بن سعيد
بعد أن توقف الاقتتال في اليمن، ووضعت الحرب أوزارها، بدأ الكثيرون
في الحديث عن مستقبل اليمن في ظل الوضع الراهن الذي أفرزته (الأزمة) ،
ونحاول في هذه المعالجة استشراف المستقبل حيالها وإلقاء الضوء على معطياتها
سواءً أكان ذلك فيما يتعلق بالوضع الداخلي اليمني، أو فيما يتعلق بالموقف
الخارجي.
من معالم المستقبل اليمني:
لقد أفرزت هذه الحرب العديد من الافرازات، ستشكل بمجموعها المستقبل
اليمني، ولعل من أبرز معالم تلك المرحلة في ضوء المعطيات المتوفرة ما يلي:
* ازدياد ثقل الحركة الإسلامية، وكسبها للمزيد من التأييد الشعبي في الشارع
اليمني، بالإضافة إلى تعاطف بعض القادة العسكريين معها، وتحسن النظرة إليها
لدى كثير من الرموز الاجتماعية المؤثرة، وفي مقابل ذلك ازدياد الضغوط
الخارجية على الرئيس اليمني للعمل على تحجيم دور الإسلاميين وعدم السماح لهم
بالسعي إلى التفرد بالشارع اليمني وحصد الكثير من المكاسب بعد سقوط الحزب
الاشتراكي المنافس العقدي المنظم لهم، وعدم القابلية لدى جل اليمنيين للكثير من
رموزه.
مما يعني والله أعلم أن من أبرز معالم المرحلة القادمة الصراع بين الحركة
الإسلامية والقيادة الحالية عند رضوخها للضغوط المتوالية عليها، مما سيؤدي إلى
انحسار شعبيتها وعدم استقرار الوضع الداخلي.
وإذا سلكت القيادة اليمنية هذا المسلك، فإنها ستعمل على إبراز الكثير من
الرموز العلمانية في الداخل ذوي العداء الصارخ للتوجه الإسلامي، من أجل مزيد
من الاستفزاز لشباب الحركة الإسلامية، وبالتالي جرهم إلى ممارسات يريدها أولئك
لتكون ذريعة لضرب المكتسبات الإسلامية الحالية في كثير من المجالات.
وربما تكون الخطوة الأولى في هذا الاستفزاز تحجيم الوجود السياسي للحركة
الإسلامية وسلوك العديد من الخطوات القانونية للتضييق عليها، ومنها القيام بالدعوة
إلى انتخابات نيابية مبكرة من أجل التخلص من الوجود الإسلامي المميز في
البرلمان الحالي، والإتيان ببرلمان جديد يساعد على تمرير تلك التوجهات للتأثير
على الشارع اليمني.
أما في حالة عدم الرضوخ لتلك الضغوط، فإن من أبرز معالم المرحلة القادمة: وجود تماسك داخلي بين الدولة وعامة الشعب، وربما يؤدي ذلك إلى تحريك
المعارضة في الخارج عن طريق كوادرها في الداخل للقيام باضطرابات داخلية،
مما سيؤدي إلى توجيه بعض التهم للنظام كانتهاك حقوق الإنسان ودعم التطرف
ورعاية الإرهاب.. الخ، وفي نظري فإن القيادة ستحاول الإمساك بالعصا من
الوسط من أجل القيام بإجراء شيء من التوازن بين الضغوط الخارجية والداخلية،
وستجد لها مؤيدين في هذا الاتجاه من القوى الدولية المؤثرة كالولايات المتحدة على
سبيل المثال.
وفي حال اضطرار القيادة اليمنية إلى اتخاذ قرار لمصلحة إحدى الجهتين فإن
من المؤكد أنه سيكون لمصلحة الضغط الخارجي، مما يعني الدخول في صراع
ومواجهة مع الحركة الإسلامية.
وقبل إنهاء الحديث عن هذا المعلم المحتمل، لابد من تسجيل ظاهرة برزت
بعد الحرب وبقوة وهي تداعي العلمانيين من ساسة وإعلاميين في داخل اليمن
وخارجه، لإثارة المخاوف لدى القيادة اليمنية من بروز التيار الإسلامي الذي كان له
دور مؤثر في هذه الحرب، ولعل أبرز المخاوف التي يبثها أولئك:
التخويف من ازدياد شوكة الإسلاميين مما قد يفقد القيادة الحالية نفوذها
ويحرمها من التفرد بالكلمة الأولى في البلاد.
أن ذلك سيؤدي إلى عدم استقرار اليمن لأن العلمانيين في الداخل ومن خلفهم
في الخارج سيقلبون الطاولة، وسيستمرون في المعارضة وبقوة مما يعني إحراجاً
شديداً للدولة.
إيهام القيادة اليمنية بأن حاجتها إلى الإسلاميين قد ضعفت إن لم تكن قد انتهت
بعد ضرب قوة الحزب الاشتراكي.
التهديد بأن التحالف مع الإسلاميين سيعني خنق البلد اقتصادياً والتضييق عليه
سياسياً، واتهامه بدعم الإرهاب والتطرف وانتهاك حقوق الإنسان.
ومع أننا لا ننتظر من التيار العلماني غير هذا التحريض والمكر والخداع إلا
أنه لابد من القول بأن عدم إعطاء الإسلاميين المكاسب التي يستحقونها سيؤدي إلى
عدم الاستقرار في اليمن، وسيكون الأمر كما هو موجود في دول أخرى كالجزائر،
نظراً لطبيعة البلد الجغرافية والاجتماعية ولا نتشار السلاح مع الشعب بشكل قد لا
يكون له نظير في أي بلد من بلدان العالم.
* من المتوقع أن يكون من أبرز معالم المرحلة القادمة إضعاف وإسقاط الكثير
من الرموز السياسية والاجتماعية التي أيدت الحزب الاشتراكي وتحالفت معه،
بالإضافة إلى بعض من القيادات والشخصيات غير المرغوب فيها وبخاصة التي
وقفت مع الإنفصاليين وأيدتهم.
* بروز قيادات جديدة في المحافظات الجنوبية والشرقية خلفاً لقيادات الحزب
الاشتراكي، والغالب أنها ستكون من أتباع الرئيس السابق «علي ناصر» الذي
يُلَمّع بشكل ملفت للنظر.
* وجود مزيد من الحريات وبالأخص لأصحاب الفكر غير المعارض للحكومة
سواءً أكانوا محسوبين على الإسلام أو علمانيين، ووجود نوع من التنافس بين
أصحاب الاتجاهات الفكرية المختلفة وبخاصة في المحافظات الجنوبية والشرقية بعد
الفراغ العقدي والنفسي الكبير الذي أحدثه سقوط قوة الحزب الاشتراكي.
* ازدياد تردي الوضع الاقتصادي كاستمرار انهيار العملة، وازدياد أسعار
السلع الأساسية، وارتفاع معدلات البطالة، وقلة فرص العمل، وتوقف الكثير من
المشاريع التي كانت قائمة وبالأخص في محافظتي عدن وحضرموت، نظراً لأن
دخول البلاد ستصرف على الأقل في المنظور القريب على قادة الجيش وبعض
الشخصيات السياسية البارزة من أجل كسب ولائها للرئيس ولحكومته، بالإضافة
إلى انصراف الجزء الأكبر منها على فوائد المديونية الكبيرة على اليمن، وتوقف
بعض أصحاب رؤوس الأموال عن تقديم الدعم نتيجة عدم رضاهم عن النتائج التي
أفرزتها الحرب.
* سعي القوى الانفصالية في الخارج والداخل إلى تعميق روح «المناطقية»
بين أبناء الشمال والجنوب، وإثارة النعرات المذهبية، وإثبات أن أبناء الشمال
يريدون إلغاء الوجود البارز لأبناء الجنوب، وأنهم يعاملونهم كمواطنين من الدرجة
الثانية أو الثالثة، من أجل كسب التعاطف معهم ضد قوات الحكومة والرموز
الوحدوية المختلفة.
* من المعالم المهمة في مستقبل الأوضاع اليمنية، وضع التراتيب الإدارية
من قبل الحكومة لتثبيت ودعم الوحدة في اليمن، بعدما زالت أكبر العقبات في سبيل
ذلك.
نظرات في مستقبل الحزب الاشتراكي:
حين قرر الزعيم الاشتراكي علي سالم البيض ومن حوله اتخاذ قرار الانفصال، انقسم قادة الحزب الاشتراكي في المكتب السياسي واللجنة المركزية إلى مؤيد
لقرار الانفصال ومعارض له، والذين قاموا بتأييد قرار الانفصال ساروا مع البيض
إلى النهاية، وبعد الهزيمة التي حلت بهم فر من بقي منهم إلى خارج البلاد، أما
الذين عارضوا قرار الانفصال فقد أعلن بعضهم تأييده للوحدة، وهؤلاء كان غالبهم
في صنعاء فيما بقي بعضهم معتكفاً في منزله ومنهم من غادر البلاد والتزم الصمت.
وبين يدي الحديث عن مستقبل الحزب الاشتراكي لابد من الحديث عن كل من
الإنفصاليين والوحدويين كلاً على حدة.
أولاً مستقبل الانفصاليين:
لم يبقَ أحد من هؤلاء داخل اليمن بل فر من بقي منهم على قيد الحياة إلى
خارج البلاد، ومستقبل هؤلاء مرتهن بنوايا الدول التي ساندتهم أثناء الأزمة فإن
رأت أن من مصلحتها التوقف عن مساندتهم أو أن الوضع لا يسمح لهم بالقيام بمثل
ذلك، فإن هذه الفئة ستختفي وستعتبر هزيمتها العسكرية بمثابة نهاية حياتها
السياسية، أما إذا رأت تلك الدول أن من مصلحتها الاستمرار في رفض نتيجة
الحرب وأن بإمكانها استخدام هذه الفئة كورقة ضغط لتحقيق بعض المكاسب، فإن
الإنفصاليين في الحزب الاشتراكي سيكونون في دائرة الضوء لمعارضة النظام القائم، وعنذ ذلك يمكن لهم أن يقوموا بأمور عدة منها:
القيام بحرب استنزاف عن طريق العصابات المختلفة، مثل تفجير المنشآت
واغتيال بعض الرموز الوحدوية، واحتجاز وقتل بعض الأجانب الذين تسمح
الظروف بممارسة ذلك ضدهم.
شراء ذمم بعض القبائل لتسمح للعصابات بالعمل من أراضيها والاحتماء بها
بعد انجاز مهماتها التخريبية.
شراء ذمم بعض الرموز السياسية لتأييد موقفها بأي شكل، هذ من جهة ومن
جهة أخرى ليتسنى للمعارضة كشف استراتيجية الحكومة في مواجهة نشاطاتها
المختلفة.
الاستمرار في إثارة النزاعات العرقية والقبلية، وإثارة المذهبية والمناطقية في
سائر الأراضي اليمنية.
استخدام قراري مجلس الأمن ٩٢٤ و ٩٣١ مدخلاً لنظامية المعارضة
الخارجية، لكونهما ينصان على ضرورة الحوار بين طرفي النزاع وعدم حسم
الصراع بالقوة لمصلحة طرف واحد والقول بأن إنهاء الأزمة عسكرياً لن ينهيها
سياسياً، والوضع في الجزائر خير مثال.
عودة المعارضة المسلحة ستدمر البلد اقتصادياً بوسائل عديدة لا تخفى على
المتابع الحصيف، وضرب البلد سياسياً عن طريق التأثير على موقف بعض الدول
العربية والإسلامية، وإيهام صناع القرار في الدول الغربية أن مصالحهم تكمن في
عدم الاستقرار في اليمن وأن تمكنهم من استنزاف خيرات البلاد لن يتم إلا عن
طريق المعارضة في الخارج في حال وصولها إلى الحكم.
ثانياً مستقبل الوحدويين:
وهذا الجناح هو الذي ستسمح له القيادة بأن يكون المتحدث باسم الحزب
الاشتراكي، وأعتقد بأن هناك خيارات عدة أمام هؤلاء في حالة رغبتهم الاستمرار
في الحياة السياسية ولعل من أبرزها:
بقاؤهم متحدثين باسم الحزب الاشتراكي، وارثين لمواقعه في السلطة وعند
ذلك من المتوقع أن يكون بعضهم ممثلاً للمؤتمر الشعبي العام داخل الحزب، كما أن
الآخرين سيبقون على ما كانوا عليه من فكر وسلوك سياسي، ولكن بشرط عدم
مجاوزتهم للخطوط الحمراء التي لا يُسمح بتجاوزها، وهذا هو والله أعلم أقوى
الخيارات.
من المحتمل أن يعلن هؤلاء عن حزب جديد يقوم على أنقاض حزبهم البائد،
من أجل التخلص من اسم الحزب ذي الدلالات العقدية من جهة والتبرؤ من الانتماء
للحزب الذي تسبب فيما تسبب فيه من خراب ودماء ولتفادي السخط الجماهيري
ضده.
أن ينضم أولئك الوحدويون في الحزب إلى بقية الأحزاب السياسية الأخرى
وبالأخص حزب المؤتمر الشعبي العام.
حرب اليمن بين المصالح والمفاسد:
لا يخلو كثير من الأمور من وجود خير وشر، إلا أن الأزمة اليمنية أثمرت
العديد من الجوانب الخيرة، كما أنها أدت إلى الكثير من الآثار السيئة وسنحاول هنا
إيضاح أهم ما تحقق أو يمكن أن يتحقق من مصالح وإيجابيات ومن مفاسد وسلبيات:
أ -من المصالح والإيجابيات:
* سقوط قوة الحزب الاشتراكي وكبار قياداته، مما يعني تحرر المحافظات
الجنوبية والشرقية من هيمنته، وحصولها على مزيد من الانفتاح والحريات.
بروز قوة الإسلاميين في الساحة اليمنية، وكسبهم السمعة الحسنة وتعاطف
الكثيرين من أبناء الشعب اليمني معهم.
* انفتاح مجالات جديدة للدعوة إلى الله تعالى أحدثها السقوط الكبير لقوة ونفوذ
الحزب الاشتراكي، التي يمكن للدعاة والمصلحين الاستفادة منها وجني ثمارها.
* تهيؤ الفرصة للنظام للتمكن من توحيد الجيش والعملة وكثير من مؤسسات
الدولة، ومركزية الدخل العام للدولة مما يعني تحسناً اقتصادياً متوقعاً بعد زوال
بعض آثار الأزمة.
* ضعف الأفكار البدعية من رافضة وصوفية والتي ارتبط رموزها بالحزب
الاشتراكي وسقوط بعض الرموز النفعية والمتسترين بالدعوة إلى الله من ذوي
الهوى والنزعات الطائفية.
ب -من المفاسد والسلبيات:
* خسائر الحرب البشرية والمادية الكبيرة وما سببته الأزمة من ضعف
وإنهاك للاقتصاد ومن معاناة لأبناء اليمن وبخاصة في محافظات عدن ولحج، وأبين.
* آثار الحرب العقدية والنفسية، حيث برزت المناطقية، وظهرت ولاءات
جديدة غير إسلامية كالولاء والتقديس للوحدة أياً كانت، والتأييد لما يسمى
بالديمقراطية، والتعددية السياسية والشرعية الدستورية.
* إبراز حزب المؤتمر الشعبي العام لبعض كوادره المنحرفة عقدياً، وعودة
ما كان يعرف بـ «الزمرة» أنصار «علي ناصر» إلى الحياة السياسية.
* زيادة فرص تحجيم دور الإسلاميين أو محاولة ضربهم من قبل النظام في
المرحلة القادمة، لما ألمحنا إليه.
* قتل وإعاقة الكثير من الكوادر الخيرة والشجاعة في الشعب اليمني سواء
أكانت داخل الجيش أو في القوى المساندة له أثناء الحرب.
المطلوب من الإسلاميين في هذه المرحلة:
* إدراك خطورة المرحلة:
لقد بذل الإسلاميون كل ما يستطيعون من أرواح ودماء وأموال ومواقف وآراء
من أجل التأثير على الرأي العام اليمني، لدرء أعظم المفاسد والتقليل من مخاطر
هذه المرحلة، إلا أن الأعداء قد رموهم عن قوس واحدة محاولين تحجيم دورهم
والتقليل من شأنهم، وحرمانهم من قطف الثمار التي يستحقونها وبالتالي لابد لهم من
إدراك خطورة المرحلة المقبلة وإعداد العدة لذلك حتى لا يتمكن الأعداء من تطبيق
قاعدتهم الشهيرة «الإسلاميون: تضحيات بدون مكاسب ولن يتحقق للإسلاميين ...
ذلك إلا باجتماعهم على كلمة سواء ومعرفة أن الأعداء قد يسعون إلى ضرب فصيل
منهم اليوم وتحييد الفصائل الأخرى ليجهزوا عليها غداً الواحد تلو الآخر (إنما أكلتُ
يومَ أكلَ الثور الأبيض) .
وليعلم الجميع أن كيد الأعداء لا يستهدف شخص أو فصيل وإنما المراد به
الإسلام ذاته، وبالتالي فلابد من إجراء خطوات سريعة من الإسلاميين لرأب الصدع
وإصلاح الأوضاع فيما بينهم عن طريق التحاكم إلى نصوص الشرع وتناسي الإحن
والأحقاد الناتجة عن آراء اجتهادية أو مواقف شخصية لهذا الداعية أو ذاك، وفي
حال عدم التوصل إلى شيء من ذلك فلابد من تأخير النقاش فيها قليلاً والتوجه إلى
مواجهة الخطر الأكبرالذي قد يجتاحهم.
* التأني والواقعية:
سقوط قوة الحزب الاشتراكي وقياداته لا يعني التهاون في الإعداد للمرحلة
المقبلة، وبالتالي فإن على دعاة الإسلام في اليمن أن يتبصروا في أمرهم وأن يتأنوا
وأن يلتزموا بالانضباط بالقواعد الشرعية، حتى لا يقعوا في منزلقات خطيرة.
* المزيد من المكاسب للدعوة الإسلامية:
في هذه المرحلة التي برزت فيها مكانة الإسلاميين، يمكن لهم تحقيق العديد
من المكاسب، ومنها على سبيل المثال:
* تثبيت المعاهد العلمية ومدارس تحفيظ القرآن رسمياً، وزيادة أعدادها
وميزانياتها، والمبادرة إلى فتح أعداد كبيرة منها في المحافظات الجنوبية والشرقية، مع السعي إلى إعطائها استقلالاً إدارياً كما كان الوضع في السابق.
* المطالبة بالإشراف على قطاع التربية والتعليم واخراج الكوادر والقيادات
ذات الفكر المنحرف منها، وإصلاح المناهج المصادمة للإسلام عقيدة وشريعة
وسلوكاً.
* السعي إلى إجراء إصلاحات واضحة في مجال التعليم العالي، وتنحية
الرموز المشبوهة القائمة عليه.
* تربية شباب الصحوة وعامة الشعب على إنكار المنكرات العامة المنتشرة
في اليمن، والسعي إلى توجيه أهل الجرأة من العلماء والدعاة والأعيان لتكوين نواة
لهيئات رسمية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
* استغلال الفرصة لإصلاح السلك القضائي ومعالجة ما فيه من سلبيات
كانتشار الفساد والرشوة لدى بعض القضاة، ووجود من لا يجوز توليه هذا المنصب
وبخاصة النساء.
* إجراء مزيد من الإصلاحات في جوانب الاقتصاد والإعلام والصحة
والسعي إلى أسلمة هذه الجوانب وإشراف الكوادر الصالحة من أبناء الصحوة أو من
غيرهم عليها.
* التخلص من علماء السوء والفتنة من أهل الرفض والتصوف ومنعهم من
الصعود على المنابر لإفساد عقائد المسلمين واستبدالهم بمن يخاف الله ويتقيه.
* المبادرة بإلغاء القوانين المخالفة للشرع حتى لا تكون حجة لأعداء الدين
وذريعة إلى إفشاء الفساد والمنكرات بين المسلمين.
* الضغط في سبيل الحصول على قناة تلفزيونية ومحطة إذاعية للبرامج
التربوية، ومعالجة القضايا الإسلامية التي يحتاجها أبناء الشعب اليمني.
* التخفيف من الآثار السيئة للأزمة:
كانت للأزمة اليمنية آثار سيئة في جوانب مختلفة سواء ما كان منها متعلقاً
بالشعب اليمني ذاته أو ما كان متعلقاً بعلاقة الشعب اليمني ببعض شعوب المنطقة
وسنذكر بعض الآثار التي تعقد فيها الآمال على الإسلاميين في إصلاحها أو التخفيف
منها بعد توفيق الله عز وجل:
* المساعدة في التخفيف مادياً على من أصيب أثناء الأزمة بإصابات جسدية.
* السعي إلى ضبط أوضاع الدولة إدارياً، وإصلاح الفساد المستشري فيها.
* العمل على تخفيف الآثار التي سببتها الأزمة في نفوس اليمنيين من إحن
وأحقاد نتيجة إعلام الأزمة.
* محاربة الآثار السيئة التي نشرها المغرضون بين أبناء الشعب اليمني
كالمناطقية والقبلية، والسعي إلى تجاوزها عن طريق غرس الإيمان وإذكاء روح
الانتماء للإسلام.
* محاربة الآثار العقدية السيئة والممارسات الخاطئة التي لا يقبلها الإسلام
والتي نتجت عن الأزمة، من مثل تمجيد الوحدة وتقديسها حتى أصبحت لدى الكثير
غاية في ذاتها، مع أنها على الحقيقة وسيلة إلى تحقق مقاصد شرعية ولذا وقف
الإسلاميون معها، أما لو كانت وسيلة لتحقيق مفاسد شرعية كاجتماع أهل الشر
والعلمنة وكيدهم للدين والخير، لتغيرت النظرة ولكان العلماء والدعاة من أوائل من
يقف ضدها، ومن ذلك تمجيد ما يسمى بالشرعية الدستورية، ولا يخفى على
الجميع تنديد علماء اليمن في بداية قيام الوحدة بالدستور الحالي من جهة، كما لا
يخفى أن هذا السلاح قد يستخدم لضرب الصحوة نفسها إن لم يكن اليوم فغداً،
وعليه فالواجب بيان هذا الجانب للناس وأنه لا يجوز تقديس سوى النص الشرعي
الصحيح، أما ما سواه فهو عرضة لأن يكون حقاً أو باطلاً والمسلم يقبل الحق ويرد
الباطل، ومن ذلك أيضاً تمجيد الوحدويين بشتى فصائلهم مع أن منهم الاشتراكي
والبعثي والناصري ... الخ وفي الشرع لا فرق بين من كان من أولئك وحدوياً أو
انفصالياً، والواجب الشرعي مناصحة الجميع حتى يعودوا إلى الله عز وجل،
صحيح أن المصلحة الشرعية قد تقتضي غض الطرف عن فريق دون فريق، إلا
أن الولاء والبراء القلبي تجاه الجميع يجب أن يكون واحداً.
* الاهتمام بالعلم الشرعي والتربية العميقة:
لقد شغل الدعاة إلى الله عز وجل في اليمن منذ بداية الوحدة إلى اليوم بأزمات
ومحن من قبل أعدائهم ابتداء بمعركة الدستور، ومروراً بالانتخابات البرلمانية ...
وتشكيل الحكومة وانتهاء بهذه الأزمة التي استمرت شهوراً طويلة وختمت بهذه
الحرب المأساوية، ولذا فإنا نؤكد على دعاة الإسلام في اليمن وعلمائه الأفاضل،
ونأمل منهم الاعتناء بنشر العلم الشرعي من مصادره الأصيلة، والمبادرة إلى تعليم
الناس العقيدة الصافية الصحيحة التي كان عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وصحابته الكرام، وأن يحرصوا على الاهتمام بالجوانب التربوية وإدراك بأن
المرحلة في اليمن مرحلة العلم والتربية وأنه لا يجوز إهمالها في خضم المعتركات
السياسية، مع أن عليهم بذل كل ما يستطاع من جهد لتعميق الإيمان وترسيخه في
نفوس العامة الذين يقدرون العلماء والدعاة، وأن يبادروا إلى إعداد رجال ربانيين
يقومون بأمر هذا الدين في صفوف القبائل حتى يتفرد ولاؤها للدين.
وأخيراً:
نهيب بعلماء الأمة وقادتها ودعاتها والخيرين من أبنائها في كل مكان أن يقفوا
مع إخوانهم في اليمن في هذه المرحلة العصيبة بكل ما يستطيعون من نصيحة ورأي
ودعم، فإن الوقت وقتهم والواجب واجبهم، نسأل الله أن يكتب لليمن من أمره رشداً، وأن يجعله ذخراً للإسلام وعزاً للمسلمين.